“التاريخ الليبي منذ عهد هيرودوت وصولا إلى الأتراك والإيطاليين كانوا دائمي الاهتمام بمظهرهم وحلاقة شعرهم، وحتى إبان فترة الدولة العثمانية كان هناك اهتمام كبير بإضافة جماليات معينة لملابس وشعر الرجال. ولكن تغيرت هذه الصورة، وتحولت لصورة خشبية عن أنماط الأجسام وديناميكياتها الحرة، وتم حصر كل شخص بجنسه، وتم تقييم الناس عليه. ولكن هذا خطأ جسيم، لا يجب ربط الهوية الجندرية بالملابس وقصات الشعر وغيرها، الأمر أعمق وأعقد من ذلك.”
يتحدث عبد الوهاب من وجهة نظر ليست ببعيدة عن نظرة المجتمع الليبي الدونية لذوي البشرة السوداء. في ليبيا، لا تزال بعض المصطلحات العنصرية مستخدمة بشكل كبير مثل (عبد، أكحل، وصيف)، بل أن الكثيرين ممن يستخدمون هذه المصطلحات يتمسكون بفكرة أن هذه الكلمات هي غير عنصرية وأنها جزء من التاريخ: “هناك نظر دونية من المجتمع العربي والليبي بشكل خاص للسود، مثلاً واحدة من أهم معايير الزواج هي أن تكون بيضاء البشرة، وغالباً ما يربط البياض بالجمال، والسواد بالشر أو القبح كإستخدام كلمة قلبه أسود. ولكن خلال أقامتي في ألمانيا، اكتشفت أن الوضع مختلف، قطاعات الموضة والتصوير والأزياء بشكل عام تحبذ البشرة السمراء كقيمة جمالية متفردة. هذا ما شجعني على قبول العروض المرتبطة بإبراز جمال البشرة السوداء.”
يشير عبد الوهاب إلى أنه واجه العديد من ردود الفعل السلبية بعد نشره بعض الصور على حسابه الخاص على موقع إنستغرام، حيث اعتبر العديد من متابعيه أنه قام بتخطي الحدود والحرمات الجسدية: “بقاء الجسد مغطى هو بمثابة حفظ الشرف والكينونة الخاصة، وبالتالي التجرد من تلك الأغطية/الملابس هو بالضرورة حسب رأي البعض، تفسخ عن تلك القيم والمفاهيم. ولكن بالنسبة لي، الأمر مختلف. أنا مؤمن تماماً بأن الجسد هو ملكية فردية ووضعه ضمن أبجديات قديمة هو إجحاف كبير لهذه القيمة.”
الصورة النمطية لأجساد الرجال “القوية” راجت بشكل كبير في الأفلام والمسلسلات، منذ نهاية الخمسينات وحتى يومنا هذا، وقد ارتبطت بشكل ما بدور الرجل مجتمعياً وثقافياً كحامي ومقاوم، مما ساهم في زيادة هوس الذكور ببناء أجسادهم العضلية المبالغ فيها. هذه الصور، وضعت الرجال ضمن مفهوم بصري واحد، كأجساد خشنة وصلبة بعيداً عن أي إضافات جمالية وجسدية، كما يرى عبد الوهاب.
عبد الوهاب لا يتردد في محاججة المناهضين له بحجج تاريخية مبنية على أمثلة وأحداث فعلية سابقة- فحسب وجهة نظره والتي تستند إلى مراجعة تاريخية حقيقية ويقول: “إرتداء الكعب العالي، هو في الأساس صُمم الى الرجال وليس النساء. كما أن الباروكة التي يعتبرها كثيرون زينة نسائية، لا تزال إلى يومنا هذا إحدى أهم عناصر الملبس لدى القضاة والمحامين في المملكة المتحدة. المكياج أيضاً هو عادة فرعونية قديمة حيث يتزين الكثير من الرجال بالكحل والزيوت، وهذا يعكس إهتمامات الشعوب القديمة رجالاً ونساءاً بمظهرهم الخارجي. فكرة الإهتمام بالجسد والجماليات المرتبطة به ليست جديدة، وهذا ما ينساه البعض.”