قرافة الغفير …
عرفت هذه الجهة بالغفير – والحديث للدكتورة سعاد ماهر فى القاهرة القديمة وأحياؤها – نسبة الى أن خفير نقطة تحصيل عوائد الدخولية كان يسكن بهذه الجهة فى قبة الملك الظاهر أبوسعيد قانصوه الأشرفى فى القرن السادس عشر الميلادى فاشتهرت به وعرفت باسم قبة الغفير .
والدخولية – والحديث لحسن عبدالوهاب فى تاريخ المساجد الأثرية – هى ضرائب أحدثت فى زمن الخديوى إسماعيل عام 1291هـ / 1874م لتحصيل رسوم على جميع مايدخل القاهرة من حبوب وخضراوات وفواكه وصناعات وتجارات .
يذكر د. محمد حمزة فى قرافة القاهرة ( كانت قبة السلطان قانصوه أبوسعيد تقع على رأس الدرب السلطانى فتمر عليها القوافل القادمة الى القاهرة ) . وفى الخطط التوفيقية يذكر على مبارك ( وقبل أن تدخل المدينة يجرى أخذ العوائد الدخولية عليها فى مراكز الدخولية المترتبة على رؤوس الطرق ’ وفى كل مركز مأمور وكاتب وبعض عسكر وقبانى لوزن مايلزم وزنه ) .
عرفت قبة السلطان قانصوه أبوسعيد بقبة الغفير كما عرفت ” بقبة العزب ” وكانت مسرحا للأستعراضات العسكرية والتدريبات الحربية وعن ذلك يذكر الجبرتى فى عجائب الآثار فى التراجم والأخبار ( وفى شهر شعبان عام 1230هـ / 1815م أمر محمد على باشا لجميع العساكر بالخروج الى الميدان لعمل التعليم والرماحة خارج باب النصر حيث قبة العزب فخرجوا من ثلث الليل الأخير ، وأخذوا فى الرماحة والبندقة المتواصلة المتتابعة مثل الرعود على طريقة الأفرنج وذلك من قبيل الفجر الى الضحوة ) .
أقام السلطان قانصوه أبوسعيد قبته عام 904هـ / 1498م آملا أن يدفن بها حين يأتى الأجل المحتوم الا ان العبد يدبر والرب يقدر، إذ امتد به الأجل الى أن أدرك خضوع مصر للحكم العثمانى وحبسه السلطان العثمانى سليم الأول بالأسكندرية ، ثم أمر بخنقه فى محبسه ليلا ودفن بالأسكندرية فى مستهل شهر صفر عام 923هـ . ولم يهنأ بقبته وتربته بصحراء المماليك بل وتعرض لمنتقديه فى أيامه وأيامنا ونحن نرى القبة تعترض الطريق العام فتحجب الرؤية وتعوق حركة السيارات .
يذكر إبن إياس الحنفى فى بدائع الزهور فى وقائع الدهور ( والتربة التى أنشأها السلطان قانصوه أبوسعيد بالصحراء ضيق بها الطريق على المار من هناك وأعمى ترب الناس التى بجواره ، وحصل للناس منه غاية الضرر بسبب ذلك ) .
حازت قبة السلطان قانصوه أبوسعيد وماعلى جانبيها من مدافن قديمة وحديثة على أعجاب وانبهار المستشرقين والمصورين فى ذلك الزمان فأخرجوا لنا درر ماوثقته أيديهم وماجعلوه أغلفة لمطبوعات عن مدينة القاهرة الساحرة التى لم تعد ساحرة بل ولم تعد مقابرها محمية تاريخية يجب صونها والحفاظ عليها ، وكما يقولون ” مايفعل العدو مايفعل الجاهل بنفسه فصارت ” قرافة الغفير ” بأيدينا أنقاض وتراب و …” كبارى علوية ” . …
أبو العلا خليل