قلّد موسيقاهم كبار موسيقي العالم، كما كانوا مدرسة رائدة في تطويع الأغاني خدمة
جنود مجهولون وراء نجاح أسطورة بوليوود
لسياق الفيلم، تستطيع سماع أغانيهم في شوارع مومباي آناء الليل كما ستسمعها من عمال البناء والمزارعين في الصباح بكشمير أو دلهي؛ حين يقطفون ثمار الأمل ويتغنون بها من تلك البذور التي غرسها رواد الموسيقى في بوليوود.
لحّنوا لأنجح الأفلام كما انشهرت بعض الأفلام عبر أغاني وضعوا موسيقاها، فمن منا لا يتذكر أغنية سوكو سوكو من فيلم جنكلي أو أغنية أوارا هون من فيلم أوارا، إنها تجارب أثرت الساحة السينمائية في بوليوود وكانت وراء نجاحاتها عبر وصفة سحرية تتمثل في تشكيل الفرق الذهبية والانسجام والتناغم بين هذا الفريق لتقديم الرسالة السامية للفن.
حسن لال و بهجت رام : أول ثنائي موسيقي في تاريخ بوليوود
يعتبر أول ثنائي موسيقي في مسيرة السينما الهندية، وأول من وضعا مبادئ إدارة الموسيقى من فريق يضم مديري موسيقى في تاريخ بوليوود، قلّدهم الكثيرون وسطع نجمهم وسط نجوم كانت تتلألأ في سماء السينما الهندية آنذاك أمثال كل من مديري الموسيقى : نوشاد، أنيل بيسواس، وسي رام تشاندرا.
كما تتلمذ على يديهما عمالقة الموسيقى ،الثنائي الموسيقي شنكر حيكيشان، والمطرب مهندرا كابور، والموسيقار خيام.
ولد حسن لال وبهجت رام في إحدى قرى البنجاب عام 1920، وتوفي حسن عام 1968 أما بهجت فرحل عام 1973.
في عام 1944، حطم فيلمهما ” تشاند ” شباك التذاكر، وخاصة بأغنية “Do dilon ko yeh duniya milne bhi nahin det” بصوت المطربة مانجو، كان حسن لال عازفا بارعا على آلة الأرغن، أما بهجت رام فكان مطربا كلاسيكيا ذا صوت آثر وجميل وعازفا رائعا على آلة الكمان،
تتلمذا على يد المعلم الكبير للموسيقى الهندية الشعبية والملحن الشهير في حقبة الأربعينات بانديت أمار ناث، فكانا مساعدين له، لاحقاً، وبعد سلسلة نجاحات، كان النجاح الأكبر لهم بأغنية ’Ek Dil Ke Tukde Hazaar Huye’ بصوت المطرب الراحل محمد رافي حيث شكلت هذه الأغنية منعطفا في مسيرة الأغاني الهندية ذات الطابع الكئيب.
عمل الثنائي الموسيقي مع أشهر الشعراء الغنائيين في تلك الفترة، شيوان ريزفي، أرزو لوكنافي، كيف عرفاني، أسد بهوبالي، راجيندرا كريشان، قمر جلال آبادي.
كما تعاونا مع عدد من المطربين الكبار؛ أمثال كيشور كومار، شمشاد بيجام، غيتا دت، ثريا، ولاتا مانجيشكار، افترق الثنائي الموسيقي في نهاية الستينات من القرن الماضي، وبقي بهجت لال في مومباي، أما حسن لال فآثر بالاستقرار في دلهي مع عائلته.
شنكر جيكيشان أشهر ثنائي موسيقي
من أشهر الثنائيات الموسيقية في مسيرة بوليوود، والنموذج الذي انبثق منه أيقونات وثنائيات موسيقية بقيت راسخة في ذاكرة الفن الهندي، تميزت موسيقاهم بالمزج الرهيب بين الإيقاع والموسيقى الخفيفة .
ولد شنكر سنغ راغوفانشي عام 1922 في شمال الهند ، نشأ في مدينة حيدر آباد ، وتتلمذ على يد الأستاذ بابا نصير خان صاحب، وتعلم أصول الإيقاع و العزف على الدف والطبلة ، وانتسب إلى أوركسترا الموسيقار الكبير خواجة خورشيد أنور،
أما الانقلاب الجذري في حياته؛ كان عندما انضم إلى مسرح برتيفي كعازف للطبلة في الفرقة، إلى جانب تمثيله عدة أدوار صغيرة في المسرح، قبل أن يصبح مساعدا لأول ثنائي موسيقي في تاريخ بوليوود حسن لال و بهجت رام.
أما جيكيشان ديابهاي بانشال ولد عام 1929 في ولاية غوجارات، كان بارعا في العزف على الأرغن، ويتردد إلى مكتب الموسيقار الغوجارتي تشاندرافادن بهات، أثناءها وعده بأن يكون مؤلفا لموسيقى أحد أفلامه، التقى شنكر بجيكيشان عدة مرات أمام مكتب تشاندرافادن، وتحدثا عن عوالم الموسيقى وكشفا عن طموحهما، كان جيكشان عازفا للأرغن وقتها ويبحث عن عمل في مكتب الموسيقار تشاندرافادن،
أعجب شانكر بجيكشان وضمّه إلى مسرح برتيفي دون أن يستشير مالك المسرح الممثل برتيفراج كابور؛ ولكن بعد ذلك أثنى برتيفراج على اختياره، وتشكل الثلاثي الذهبي راج كابور وشنكر وجيكشان في مسرح برتيفي، حين كان يعمل راج كابور مساعدا للمخرج كيدار شارما ويشق طريقه إلى حلمه الفني.
طرح راج كابور فيلمه الإخراجي الأول ” أج ” عام 1948، بموسيقى رام غانغولي وكان مساعداه حينها شنكر جيكيشان، وبعد خلافات بين راج كابور والموسيقار رام جانجولي، استعاض عنه راج في فيلمه الجديد ” برسات ” بالموسيقار شانكر الذي لم يرض إلا أن يكون معه جيكيشان شريكا في تأليف الموسيقى، وبذلك تشكل الثنائي الذهبي شنكر جيكيشان وليكون ” برسات ” باكورة أعمالهم السينمائية ،
شكّل راج كابور في هذا الفيلم الشلة الذهبية للسينما الهندية؛ الثنائي الموسيقي شنكر جيكيشان، والشاعران شيلندرا وحسرت جابوري؛ والذي كان يعمل مفتشا للحافلات وقتها.
وبناءاً على إصرار الثنائي الموسيقي أصبح المطرب موكيش الصوت الخلفي ” بلاي باك” لراج كابور في فيلم “برسات”، كما اكتشفا سيدة الغناء الهندية لاتا مانجيشكار.
احتوى الفيلم على أغنيتين تعتبر من كلاسيكيات الأغاني في السينما الهندية ” برسات مين” و ” باتلي قمر هي”.
تلا هذا التعاون، سلسلة من أجمل الأفلام التي وضع موسيقاها الثنائي الموسيقي شنكر جيكيشان أبرزها؛ “يهودي” ، ” أوارا” ، ” شري 420 ” وغيرها.
تعاون الثنائي الموسيقي بشكل أساسي مع الشاعرين شيلندرا و حسرت جابوري، كما رافقهم طوال مسيرتهما الموسيقية المساعدان لهم في ضبط الإيقاع داترام وادكر، و سيباستيان دي سوزا، كما عمل معهما بشكل أساسي المطرب موكيش الذي كان مطرب بلاي باك لراج كابور، والمطرب مانا دي الذي غنّى أفضل أغانيه مع هذا الثنائي، وبقي راج كابور المخرج المفضل الذي تعاونا معه.
بزغت نجومية شنكر وجيكيشان على الرغم من التنافسية العالية في تلك الحقبة بوجود أساطير الموسيقى أمثال روشان ، أو بي نايار، و مادان موهان.
بقي الشاعر الغنائي شيلندرا وحسرت جابوري الخيار المفضل لهما ولكن بعد رحيل شيلندرا، تعاون الثنائي مع كبار الشعراء أمثال، أنديفار، أنجان، نيراج، ماجروح سلطان بوري، جولشان باورا.
وبعد رحيل الموسيقار جيكيشان، أسند راج كابور معظم أفلامه للثنائي الموسيقي لاكشيمكانت بياريلال، و رافيندرا جين، وبقي المساعدان للمايسترو أنفسهم داترام وسيباسيتان اللذين برعا في وضع الأوركسترا وخلفيات الموسيقى لهم.
أضفى الثنائي الموسيقي بعدا أخر للموسيقى في الأفلام الهندية، فإلى جانب معرفتهم وإتقانهم للموسيقى الكلاسيكية والمحلية، كانوا على دراية بالموسيقى الغربية والحديثة آنذاك؛ فمزحوا بين الحديث والغريب بوصفات موسيقية سحرية، كما برعوا في توظيف الأوركسترا الموسيقية في الفيلم ولم تكن مجرد حشو زائد كما كان متداولا على الساحة قبل ظهورهما، فكانت وسيلة للتعبير وتعزيز المعاني والمشاعر من الأغاني؛ يبدأ المزاج العام لأغانيهم بموسيقى تحضيرية تكون بوابة الولوج للبيئة العامة، تتعدد الطبقات الموسيقية في الأغنية الواحدة وتشكل تحديا للموسيقار والمطرب بحد ذاته.
استخدم شنكر جيكشان أسلوب الفالس في عدد من أغاني أفلامهم، وتأثروا بالموسيقى الغربية، كما أضفوا بعدا أخر للأغاني الحزينة من خلال إضفاء الإيقاع السريع والمتفائل بعض الشيء عليها.
كما كان لهم إسهام كبير في تطوير أسلوب الجاز في السينما الهندية من خلال ألبومهما الذي أطلقا عليه اسم راجاس جاز؛ استخدموا فيه مزيجا من الآلات الموسيقية ساكسفون، كونتر باص، سيتار ، الطرومبيت، والطبلة.
نال الثنائي الموسيقي جائزة الفيلم فير لأفضل موسيقى تسع مرات، وكانت أخر ثلاث سنوات بمثابة الهاتريك، حيث حازوا عليها لثلاث سنوات متتالية.
في عام 2013 أطلقت الحكومة طابعا بريديا خاصا عليه صورة الثنائي الموسيقي تخليدا لدورهم في مسيرة السينما الهندية، كما كرمتهم الحكومة الهندية عام 1968 بجائرة بادما شري، إضافة إلى عدد من الجوائز المحلية والإقليمية.
الخلاف الفني:
صرح جيكيشان إلى إحدى الصحف من غير قصد؛ بأنه هو من وضع موسيقى أغنية ” يه ميرا بريم باترا” ، فثارت حفيظة شنكر الذي اعتبر هذا الأمر بمثابة نسبة النجاح إلى طرف دون أخر، وأن هذا التصريح ما هو إلا مقدمة لبداية الانشقاق الفني، ومما أدى إلى استفحال المشكلة أكثر إصرار شنكر على الاستعاضة عن المطربة لاتا مانجيشكار بالمطربة الصاعدة شاردا.
تدخل المطرب محمد رافي لحل النزاع بينهما لكن جهوده باءت بالفشل، فانخفض مستوى موسيقاهما جدا، ويمكن ملاحظة ذلك في الأفلام الأخيرة التي لحناها في صفحات حياة جيكيشان الأخيرة.
دحض الشاعر حسرت جبوري و الثنائي الموسيقي جيكيشان وشنكر كل الادعاءات والشائعات بوجود خلاف بينهما، ويمكن ملاحظة التعاون في الأفلام الأخيرة من حياة جيكيشان، كفيلم أنداز عام 1971 و أنجاني 1971، وصرّحوا بأن وسائل الإعلام الصفراء قامت بتضخيم الموضوع وأعطته بعدا سلبيا كبيرا.
بعد فيلم سانجام عام 1967 ، اتجه شنكر نحو المطربة الصاعدة شاردا في محاولة لاستبدال لاتا بشاردا ، الأمر الذي روجت له الصحافة بأن لاتا بدت مستاءة من الموضوع ولن توقع مع شنكر أي عقد غنائي أخر، ولكت بعد فترة أنكرت لاتا هذا السبب وعوزته إلى إن الخلاف كان بينها وبين راج كابور وشنكر أثناء تسجيل أغنية ” بودها ميل غايا” في فيلم سانجام، حيث صرحت بأن كلماتها غير مناسبة ولا تبدو جيدة، مع ذلك استمرت بالتعاون مع جيكشان إلى يوم رحيله المفاجئ.
رحيل جيكيشان :
رحل جيكيشان عن عمر يناهز 42 سنة، وذلك عام 1971 بسبب تلف كبده جراء الإدمان على الكحول، ونظرا لما يتمتع به من شعبية حظيت جنازته بالآلاف من الحشود، كما أوقد مطعم تشارتشجيت شمعة على الطاولة التي كان يرتادها جيكيشان على الدوام لمدة شهر كامل ، تكريما لذكراه، وبقيت الطاولة لا تستقبل أحدا إلا طيف جيكشان.
حمل شنكر لواء الموسيقى محاولا الحفاظ على نفس الوتيرة بعد عهد قطعه الثنائي على بعضهما برحيل أحدهما يبقى العمل مستمرا ويبقى ذكر اسم الثنائي الموسيقي، ولكن هيهات؛ فبعد رحيل الشاعر الغنائي المفضل لديه شيلندرا و شريكه الروحي في الموسيقى جيكيشان، واعتماد راج كابور على الثنائي الموسيقي لاكشميكانت بياريلال، باءت كل جهوده بالفشل و لم تستطع الأفلام التي لحنها شنكر بالارتقاء إلى سلالم النجاح.
حاول محمد رافي مساعدة شنكر، وذلك بالتقارب والتصالح مع المطربة لاتا مانجيشكار ، التي بدأت تغني في أفلامه من جديد بدءا من فيلم سانياسي، و تعاون مع عدة مطربين أمثال كيشور كومار، مانا دي، محمد رافي، وكان أنجح فيلم له في شباك التذاكر بتلك الحقبة السوداء من حياته سانياسي، حيث حققت الأغاني رواجا عاليا وكأن روح جيكشان كانت تلوح في الخلفيات الموسيقية وإيقاعات الفيلم.
بدأت مسيرة شنكر الفنية تمضي نحو الهاوية، حين فشلت سلسلة من الأفلام التي كان يضع موسيقاها كأفلام : ” دو تشوت” و ” أتما رام” …..الخ ، وبدأ يستجدي من شركات الإنتاج أفلاما كي يضع الموسيقى لها،
اقترح عليه النجم دهرم ايندرا بوضع الموسيقى لفيلمه المقبل بيجو، ولكن الموسيقار شنكر رفض ذلك بسبب اختلاف في وجهات النظر بين شنكر والموسيقار راج كمال حول الفيلم، ثم تخلى دهرام ايندرا عن المشروع بشكل كامل.
كان شنكر ينتظر أن يوقع معه راج كابور عقد تلحين فيلم ساتيام شيفام سوندرام، ولكنه تغاضى عن ذلك ووقع مع الثنائي الموسيقي لاكيشمكانت بياريلال عقدا ينص على تلحين أغاني الفيلم، ومن سخريات القدر أن المطرب موكيش وقف إلى صف الثنائي الموسيقي لاكيشمكانت بياريلال؛ على الرغم من أن شنكر وجيكيشان هما اللذان أطلقا الشهرة الصارخة لموكيش في قطاع صناعة السينما.
توقع شنكر أن يكون فيلم راج كابور القادم ” بارام فير تشاكرا “من نصيبه، بعد تأييد أولاد راج لشنكر ولكن الفيلم لم ير النور وبقي في رحم الورق، ولم يعد شنكر بعدها أبدا للعمل تحت مظلة راج كابور.
توفي شنكر عام 1987 ولم يحضر جنازته إلا عدد قليل من أقربائه وأصدقائه، حتى النجم راج كابور لم يحضر الجنازة، في دليل واضح على قلة الولاء في صداقات الوسط الفني.
سميت إحدى أهم تقاطعات الطرق في مومباي بشارع شنكر جيكيشان الذي يقع قرب مطعم تشارتشجيت، لم يخبر أحد عن وفاة شنكر ، فقط تم الإعلان في الجريدة الرسمية عن رحيل المايسترو شنكر، و تحدث أحد أصدقاء عمره – يعود رابط صداقتهما إلى عام 1945 حين تعرفا على بعض أثناء عمل شنكر كعازف للطبلة- عن ليلة وفاة شنكر؛ أنه في الصباح أوصله بسيارته إلى محطة القطارات ، وفي المساء كان موعدهما في تمام الساعة العاشرة مساء كي يتوجهوا إلى الاستديو، انتظره صديقه ساعات ولم يأتِ شنكر من شقته في شارع تشارتش غيت، فاتجه إلى الاستديو بسيارة أجرة وانتظره الموسيقيون ولم يحضر، ليقرؤوا في اليوم التالي خبر وفاته، فبقي البيانو وحيدا دون أنامل صاحبه في قاعة صامتة.
من بعض المآخذ التي سجلت على الثنائي شنكر جيكيشان سرقت بعض الألحان منها أغنية Jis Desh Mein Ganga Behti Hai من فيلم Aa Ab Laut Chalen المأخوذة من أغنية سياو سياو بومبينا للمطرب دومينكو مودغونو ، وأغنية اجا صنم مادهور تشاندي من فيلم تشوري تشوري مستوحاة من أغنية ايطالية فولكلورية للمطرب تارناتيلا نابوليتانا.
كلينانجي – أنانجي صاحبا أغنية قدر إسكندر
من منّا لا يتذكر أغنية قرباني قرباني، ومن لم يطرب بسماعه أغاني السبعينات. إنه الثنائي الذي حقق نجاحات منقطعة النظير في تاريخ بوليوود، كما لحنا عدة أغاني لأفلام من بطولة إميتاب بتشان كانت وراء نجاحه؛ ولعل من افضل الأمثلة أغنية سكندر من فيلم مقدر كه سكندر.
ولد الأخوان كلينانجي وأنانجي من عائلة أرستقراطية؛ فكان الأب صاحب محلات بقالة ومخازن لبيع الحبوب، تلقيا تعليمهما الموسيقي على يد موسيقار متخصص بالموسيقى الشعبية الذي كان بدلا من أن يدفع ديونه لوالدهما يقوم بتلقنهما مبادئ الموسيقى،
اتقن كالينانجي العزف على آلة الكالفولين –تشبه الأورغ – وكما سنرى لاحقا أنه استخدمها في موسيقى فيلم ناجين عام 1954، بعدها شكّل الأخوان فرقة موسيقية وبدأا بعزف الموسيقى الحية على الجماهير
. دخل الأخوان عوالم بوليوود في وقت كانت فيه الموسيقى في السينما الهندية مكتنزة بعمالقتها من الجيل الذهبي؛ شنكر جيكيشان، نوشاد، هيمانت كومار، رافي، مادان موهان، وكان من العصي وسط هذه الجمهرة سلب قلوب وعقول الجماهير الهندية الذواقة للموسيقى.
في عام 1959 حقق فيلم كلينانجي “Samrat Chandragupta “مع الممثل بهارات بهوشان والممثلة نيروبا روي نجاحا منقطع النظير ولمع اسمه في تلك الحقبة، وخاصة أغنية ” تشاهي باس هو ” والتي قدّمها الدويتو الغنائي محمد رافي ولاتا مانغيشكار،
تلا هذا النجاح، تفوق فيلمه الأخر صندوق بريد رقم 999، قبل أن ينضم إليه شقيقه أنانجي كمساعد له وليشكلا الثنائي الموسيقي كالينانجي أنانجي في أول فيلم جمعهما ساتا بازار وماداري عام 1959، ولكن ضربة الحظ والنجاح الأكبر كان مع فيلم كاليا من إخراج مانموهان ديساي وبطولة راج كابور؛ هذا الفيلم جعل من منافسيهم يحسبون لهما ألف حساب.
كان لهما الفضل الكبير في إطلاق نجومية عدد من الأسماء الصاعدة التي أصبحت أشهر نجوم بوليوود لاحقاً من أبرزهم؛ المطرب مانهار أدهس، أدت ناريان، كومار سانو، ألكا ياغنيك، سادهنا سرجام، سابنا موخرجي، إلى جانب الثنائي الموسيقي لاكيشمكانت بياريلال اللذين عملا معهما كمساعدين للموسيقى، كما ساهما في إيصال قصائد كل من الشعراء إلى الجمهور والتعريف بهم؛ قمر جلال آبادي، أناند باكشي، غولشان باورا، آنجان، فيرما ماليك، و أم جي هامشات.
. وضع الثنائي الموسيقي الموسيقى لأكثر من 250 فيلماً، 17 فيلما في الحقبة الذهبية للسينما الهندية و 37 منها في الفترة الفضية، ولعل نجاحهما كان وراءه الموهبة ولكن قبل كل شيء العمل الشاق ووضع العمل المجتمعي نصب أعينهم؛ إذ ساهما في الكثير من الحفلات الخيرية التي كان يذهب ريعها إلى اليتامى والأرامل والمحتاجين. في نهاية تسعينات القرن الماضي قدما عدة ألبومات باللغة الإنجليزية إلى أن توفي كالينانجي عام 2000 عن عمر يناهز 72 عاما، وليتابع أنانجي مشواره الفني وحيدا.
أيضا من المآخذ التي تؤخذ عليهم بعض ألحان الأغاني المسروقة في تاريخهم الموسيقي مثل أغنية Laila Mai Laila من فيلم قرباني، مأخوذة من أغنية بلاك بوود لفرقة تشيكانو.
لاكشميكانت بياريلال الثنائي الموسيقي الأنجح
صنعا الموسيقى لأنجح الأفلام في مسيرة السينما الهندية، بدءا من حقبة الستينات وحتى نهاية الثمانينات، أزاحا الثنائي الموسيقي شنكر جيكيشان ليحلا محلهما ويصبحا الخيار المفضل للمخرجين، عملا مع أشهر مخرجي بوليوود كراج كابور وشاكتي سامنتا و ديف أناند ومانهمان ديساي وياش تشوبرا، فحصلا على سبع جوائز فيلم فير في تاريخهما الموسيقي بصناعة السينما.
ولد لاكشيمكانت كودلكار عام 1937 من عائلة فقيرة جدا، توفي والده مبكرا فاضطر لترك دراسته الأكاديمية، فنصحه صديق والده بتعلم الموسيقى وفعلا حذا خطوات أخيه الأكبر وتعلم الموسيقى وتتلمذ على يد الموسيقار حسن لال العزف على آلة الكمان، كما مثل في عدة أفلام طمعا بكسب لقمة العيش.
أما بياريلال رامبرساد شارما فولد عام 1940 من عائلة فنية؛ فوالده عازف البوق الشهير رامبرساد شارما، تتلمذ على يديه وهو في الثامنة من العمر وتعلم على عزف آلة الكمان من الموسيقار أنطوني غونزاليس وتعتبر أغنية اسمي أنطوني غونزاليس من فيلم عمر أكبر أنطوني عام 1977 بمثابة تحية لروحه، تأزم وضع العائلة المادي وهو ما زال يافعا، فتنقل بين الاستديو هات كعازف للكمان.
التقى بياريلال ولاكشميكانت في أكاديمية موسيقى الطفل، وكان لاكشيمكانت قد لفت انتباه المغنية لاتا مانجيشكار، التي كانت تغني وكان الطفل لاكشيمكانت يعزف على آلة وترية تشبه العود إلى حد كبير في حفلة لإذاعة الهند، لفت الطفلان انتباه عائلة مانجيشكار الفنية وأوصت العائلة أعمدة الموسيقى حينها بإعطائهما فرصا للعمل في موسيقى الأفلام نظرا لوضعهما المادي المتأزم؛ هنا نشأت الصداقة القوية بين الثنائي الموسيقي لاكشمكانت بياريلال اللذين بقيا متلازمين يقضيان الوقت سوية في العزف والتلحين، ويحاول كل منهما أن يجد فرصة عمل للأخر.
كان بياريلال مولعا بأوركسترا الحجرة، ولم يكن المزاج العام للموسيقى السائدة يروق للثنائي الموسيقي، فقد كان هواهم المزج بين الغربي والموسيقى الهندية الشعبية وصنع موسيقى جديدة على عكس السائد، انضما لعدة شركات كما غادرا إلى تشناي ربما يجدان ضآلتهما ولكن رجعا خائبين، قرر بياريلال السفر إلى النمسا – مسقط رأس موزارت وحلم الموسيقيين – ولكن بناءا على اصرار لاكشيمكانت بقي بياريلال في مومباي وعملا سوية كمساعدين لكل من عمالقة الموسيقى باستثناء أو بي نايار و الثنائي الموسيقي شانكر جيكيشان في حقبة الخمسينات وحظيا بسمعة طيبة.
في نفس الحقبة كان زميلان لهما يعملان في نفس المحيط والبيئة ويبزغ نجمهما بالتزامن معهما؛ الأول يدعى بانديت شيف كومار شارما والأخر بانديت هاري بارساد تشيروزيا ثم أصبحا فريقا واحدا وشكلا الثنائي الموسيقي شيف – هاري الذي عمل مع المخرج ياش تشوبرا في أكثر من محطة، عمل الثنائي الموسيقي لاكشيمكانت بياريلال كمساعدين للثنائي الموسيقي كالينانجي أنانجي من الخمسينات وحتى بداية الستينات،
احتفظا بصداقة دائمة وإبداعية مع الملحن ساتشين ديف بورمان ولاحقا مع ابنه راهول ديف بورمان، وعملا معهما كموزعين للموسيقى في أكثر من فيلم كما بقيت صداقتهما مع المغني والملحن راهول ديف بورمان صداقة متينة لا يشوبها الحسد ولا التنافس في علاقات الوسط الفني، فكان راهول يغني في الأفلام التي يضعان الموسيقى لها.
كان تأثير الثنائي الموسيقي شانكر جيكيشان عليهما كبيرا فبدت موسيقاهما وكأنها موسيقى شانكر جيكيشان، وخاصة لاكشيمكانت كان معجبا جدا بموسيقاهم، أول فيلم قاما بوضع الموسيقى له كان فيلما دراميا بعنوان باراس ماني عام 1963؛ أغاني الفيلم حققت شعبية هائلة بين الناس،
طيلة فترة عملهم كمديرين لموسيقى الأفلام كانا يتعاملان مع مطربي الصف الأول؛ حتى في أول فيلم لهما تعاقدا مع المطرب الكبير محمد رافي الذي رضي بأجر بخس جدا تشجيعا لهما، كما اتفقا مع المطربة لاتا مانجيشكار وأحيانا كانا يقفان ضد رغبة المخرجين بعدم التعاون مع المطرب المشهور كيشور كومار.
نقطة التحول في مسيرتهما السينمائية كانت مع فيلم دوستي عام 1964؛ والمثير للسخرية أن هذا الفيلم أطلق نجوميتهما ولكنه لم يطلق نجومية الممثلين الرئيسين في الفيلم ” سوديل وسوشيل كومار “، وحصد الفيلم جائرة الفيلم فير متغلبا على فيلم الثنائي الموسيقي شانكر جيكيشان “سانغام” والموسيقار مادان موهان بفيلمه ” وه كون ته” ، تلا ذلك فيلمهما لوتيري؛ والذي تقف وراء نجومية أغانيه المطربة لاتا مانجيشكار.
في منتصف الستينات من القرن الماضي بدأت أغاني أفلامهما تحقق شهرة عالية تصدح في كافة أرجاء الهند، بغض النظر عن النجوم الذين يمثلون بالفيلم إن كانوا نجوم صف أول أو نجوم ثانويين، كما في أغنية Sultana Sultana Tu Na Ghabarana من فيلم Shriman Fantush ، أو أغنية Mere Mehaboob Quayamat Hogi من فيلم Mr. X in Bombay من بطولة المطرب كيشور كومار.
في عام 1967 أصبح اسم الثنائي الموسيقي نارا على علم وحققا سلسلة من النجاحات المتتالية، مما جعل المنتجين يتهافتون عليهما لنجاح أفلامهم واسما يتراهنون عليه، كانت هذه بداية المرحلة الجديدة في تاريخ بوليوود على صعيد الموسيقى؛ أزاحت عدة أسماء وأحلت محلها أسماء أخرى؛ جيل موسيقي قادم بقيادة كالبنانجي أنانجي و راهول ديف بورمان و لاكشيمكانت بياريلال وجيل يسدل الستار عليه شانكر جيكيشان و نوشاد وساتشين ديف بورمان ونوشاد وأو بي نايار .
كانت جائزة الفيلم الفير الثانية التي نالاها عام 1967 عن فيلم ميلان بدون أية منافسة تذكر من باقي الموسيقين؛ هذه الأمور جعلت من منتجين كبار – أمثال راج كابور مانموهان ديساي ومانوج كومار و سوبهاش غهاي …الخ – يستبدلون فرقهم الموسيقية بالثنائي الموسيقي لاكشيمكانت بياريلال.
لعل من الدروس المستقاة من صناعة السينما في الهند؛ طريقة تشكيل الفرق الذهبية التي تؤسس لنجاح الفيلم، فعند اجتماع الشاعر الغنائي أناند باكشي والثنائي الموسيقي لاكشيمكانت بياريلال والمخرج مانموهان ديساي حقق هذا الفريق نجاحات باهرة في مسيرة بوليوود، كما رأينا مع فريق راج كابور المؤلف من شنكر جيكيشان وشيلندرا وحسرت جابوري.
كتب أناند باكشي للثنائي الموسيقي ما يزيد عن 250 أغنية حققت نجاحات منقطعة النظير، وكانت كل جوائز الفيلم فير التي حصدوها من كلمات باكشي باستثناء الأولى منها.
أبدعا بالموسيقى الكلاسيكية كما أبدعا بالموسيقى الغربية، ثم شكلا مزيجا يجمع الغربي بالشرقي فكانت موسيقاهما حركية حماسية عالية تحمل في خلفياتها الموسيقية آلات وترية هندية كلاسيكية . في فيلم شاجريد استخدما أسلوب الروك أند رول أما في فيلم كرز فاستخدما الديسكو في الموسيقى، كما استخدما قصائد الغزل في الفيلم على أوتار الموسيقى الغربية ويبدو ذلك جليا في أغنية Dard-e-dil Dard-e- jigar،
كانت إدارة الأصوات والأوركسترا تتم بطريفة حرفية عالية وذلك عبر خبرتهما الواسعة المتخمرة عبر السنين والتدريب الطويل على أيدي جهابذة الموسيقى الكلاسيكية، ولكن لا يخلو الأمر من السرقات الموسيقية الكبيرة التي استخدماها لعدة أغاني أجنبية وخاصة الأغاني الإيطالية والفرنسية، على سبيل المثال : أغنية Paayal Meri Jaadu من فيلم راج كومار مأخوذة من أغنية جورج مايكل ” فيث”، إلى جانب أغنيتي فيلم كرز “أوم شانتي أوم ” و ” إيك هاسينا تهي “، الأولى من أغنية المطرب لورد شورتلي بنفس العنوان والثانية من أغنية لجورج بينوسن بعنوان وي از لوف.
ربطت علاقة صداقة قوية بين الثنائي الموسيقي وملكة الغناء الهندي لاتا مانغيشكار ، غنت لهم ما يقارب 712 أغنية فكانت الخيار المفضل لهما في كل أفلامهما، بعلاقة عمل بدأت عام 1963 واستمرت 35 عاما، فغنت لهم بمختلف الطبقات والمزاجات؛ ولربما كانا أفضل من استثمر إمكانات وملكات الصوت عند مانغيشكار.
كما غنى لهم المطرب الكبير محمد رافي أغلب الأغاني بمعدل 388 أغنية ويعتبر أعلى رقم تعاون فيه رافي مع موسيقين في بوليوود، وبقي التعاون بينهما حتى لفظ رافي أنفاسه الأخيرة، إلى جانب رافي غنى كيشور كومار ما يقارب 402 اغنية لهما، حاولا ايجاد توازن بتوزيع الأغاني بين رافي وكومار، وتعد سنوات المجد لرافي مع الثنائي الموسيقي عام 1977 بأغاني فيلم عمر أكبر أنطوني وسارغام، على الرغم من نجاح فيلم أردانا وأغاني كيشور كومار حينها.
كذلك عملا مع عمالقة الغناء في تلك الحقبة أمثال موكيش ومانا دي وأشا بهسول ومهيندرا كابور وأميت كومار
؛ ابن كيشور كومار، شيلندرا سنغ، و أدت ناريان و أنورادها باودل و اس بي بالاسوبانيم، كما كان لهم الدور الكبير في اكتشاف عددا من الوجوه الجديدة واطلاق نجوميتهم أمثال : محمد عزيز الذي حاز على كافة أغاني فيلم مارد و الله ركا، مناصفة مع المطرب الصاعد حينها شابير كومار ، و كافيتا كوشنمورتي، و الشقيقان فينود وروب كومار راتود، وسوريش وادكر، وسوخفيندر سنغ.
أراد الثنائي الموسيقي على الدوام إشراك صاحب الصوت الذهبي طلعت محمود في أغاني أفلامهم، فألفا له عام 1971 أغنية لُحنت خصيصا له على أسلوب الميلودي مهبات كي كاهنيان من فيلم Wo Din Yaad Karo .
ولعل من أبرز الأحداث التي تحسب لهما أنهما جمعا أربع أساطير في أغنية واحدة كلاً من المغني موكيش ومحمد رافي وكيشور كومار ولاتا مانيغشكار بعنوان هامكو تومسي هوجاي من فيلم عمر أكبر انطوني.
بعد رحيل لاكشمكانت عام 1998 عن عمر يناهز الستين عاما، تابع بياريلال مشواره الموسيقي كمساعد للمايسترو كومار سانو، كما شارك بوضع بعض أغاني فيلم اوم شانتي أوم عام 2009 .