لوحة النزوح السوري بـ”حجارة صافون” تبكي لجنة التحكيم والجمهور.. اللوحة ستتبعثر تماماً كما بُعثر السوريون في أصقاع الأرض
سناك سوري-رحاب تامر
لم يتمكن أعضاء لجنة برنامج “أرب غوت تالنت” من حبس دموعم وهم يشاهدون التشكيلي “نزار علي بدر” يبدع بحجارته لوحة نزوح السوريين وأطفالهم هرباً من الحرب التي مازال البعض يسعى لاستمرارها على أنقاض حياتنا.
“بدر” جسد بحجارته السورية التي اصطحبها معه من “اللاذقية” لوحة سرعان ما ستتبعثر كما بُعثر السوريون في أصقاع هذه الأرض، تعلق الفنانة “نجوى كرم” وهي عضو لجنة التحكيم على ماقدمه “بدر” بالقول: «ومين يلي قال الحجر مابينطق نحن يلي مامنعرف نسمع»، بينما علق الفنان “أحمد حلمي” قائلاً: «الحجر رح ينطق والبني آدمين ما بتنطقش .. أثرت فيّ ووجعت قلبي بحجرك»، مضيفاً: «والله ما عنديش فعل نفسي أعملو غير إني أبوس راسك»، وبالفعل هذا ما حدث وحقق “حلمي” ما تمناه مقبلاً رأس “بدر” على المسرح وسط تصفيق الجمهور.
اقرأ أيضاً: فنان سوري يقيم معرضاً على أسطوح منزله بنكهة “البرغل بحمص”
فنان سوري يقيم معرضاً على أسطوح منزله بنكهة “البرغل بحمص”
سناك سوري – فاديا بركات
بأطباق من البرغل مع الحمص استقبل الفنان “نزار علي بدر” زوار معرضه “حجارة صافون” الذي أقامه على أسطوح منزله في اللاذقية خارجاً عن كل العادات والتقاليد المعتادة في هكذا معارض.
“بدر” الذي يقدم فناً مميزاً على مستوى العالم وليس على المستوى المحلي فقط يصنع من الحصى أعمالاً فنيةً شهدت اهتماماً واسعاً من متابعي الفن في سوريا وخارجها وجعلت وسائل الإعلام تتهافت عليه سابقاً للإضاءة على هذا الفن.
يقول الفنان الذي يلقب نفسه “جبل صافون” لـ سناك سوري:«أنجزت خلال مسيرتي قرابة 25 ألف تشكيل وهي تشكيلات غير ثابتة، أنجزها وأصوّرها ومن ثم أعيد بعثرة الحصى، فقط 56 عملاً هي التي قمت بتثبيتها».
ويضيف:«أعمالي صوت الفقراء والمهجرين والمتضررين من هذه الحرب، وقد عملت من خلالها على تجسيد الوجع السوري إضافة للحب والطفولة والأمومة وعشقي لأوغاريت».
وختم حديثه بالقول:«نجتمع اليوم لتذوق الفّنّ الذي يعبر عن آلامنا وحياتنا».
حضر المعرض حشد من المتابعين والمهتمين بالفن يقول الصحفي “سجيع قرقماز” وهو صديق “بدر” المقرب:«خرجنا من فكرة المسارح والصالات ووجدنا أن المكان الحقيقي للمعرض هنا، بطريقة عفوية محملة ببساطة “نزار” وبعيداً عن الرسميات واخترنا البرغل كأكلة تراثية ليتناولها عشاق حجارة صافون وإحياء لعادات الريف من النواحي كافة، فالإنسان البدائي رأى الرموز والإشارات التي تتعلق بالفن كالموسيقى والرسم والنحت في الكهوف وهي أمور مرتبطة بالإنسان ومكان عيشه».
يذكر أن المعرض الذي يستمر من 21 وحتى مساء 22 تشرين الأول يضم 56 عملاً من الحصى و200 منحوتة تعبر عن أساطير سورية، ويتوسطه خارطة للبلاد صممت من حجارة صافون وإلى جانبها تمثال للإله بعل.
من هو “نزار علي بدر”؟
“بدر” فنان سوري من مدينة “اللاذقية”، يرسم بالحجر لوحات باسم “حجار صافون” (عرش الإله بعل)، حيث يجسد فيها قضايا إنسانية كثيرة بالإضافة لتخصيص جزء منها لتخليد حضارة “أوغاريت” كما يقول في لقاءات إعلامية سابقة.
الفنان التشكيلي يقوم بتصوير لوحاته بعد الانتهاء منها لتخليدها لاحقاً في معرض خاص، ويعتبر نفسه وريث “أوغاريت” ويحزن كثيراً لكونه لم يولد في زمن تلك الحضارة، يضيف في مقابلة سابقة له مع صحيفة “السفير”: «في داخلي شيء يقول إنَّ لأسلافي الأوغاريتيين أمانة تركوها في جيناتي (هي حجارة صافون) وأنا الآن أقوم بحفظ الأمانة، وإيصالها بصدق وعفوية إلى الأجيال».
“بدر” لا يمانع تعليم من يرغب لفنه في تشكيل الحجار “حجارة صافون” ويؤكد أنه لا يدخل أي ألوان على الحجارة فهو يفضلها على حالها كما ولدتها الطبيعة الأم، ليقدم بذلك نموذجاً فريداً في الفن خارج المدارس التقليدية، ومن يدري لربما بعد عقود من الزمن تصبح تجربته مع “حجارة صافون” مدرسة قائمة بحد ذاتها.