قال الناقد السينمائى طارق الشناوى إن فيلم “الهروب” من أيقونات السينما المصرية فى التسعينيات، وعرض سنة ٩١، وهو واحد من أهم الأفلام التى تؤرخ لجيل الثمانينات فى السينما المصرية ، وهو من إخراج عاطف الطيب، سيناريو مصطفى محرم، بطولة أحمد زكى، هالة صدقى، عبد العزيز مخيون.
وأضاف الشناوى خلال حواره فى برنامج ( مسرح الأحداث ) أن عاطف الطيب جذوره صعيدية، وانعكس هذا على شخصية بطل الفيلم الشاب الصعيدى الذي هرب من السجن أثناء المحاكمة، وكان هذا الحادث مسار اهتمام الصحافة والإعلام فى ذلك الوقت، متابعا ” وهذا يذكرنى بنجيب محفوظ عندما كتب فيلم ” اللص والكلاب ” مع الفارق لأن المجرم كان سفاحا حقيقيا فى الإسكندرية وهى واقعة لها جذور”.
وأردف قائلا “إن هذا العمل الفنى إحساس ملحمى فى إضافة الأغانى الصعيدية التى هى أقرب للفلكلور، وتمكن محمود الإمام من التعبير عنها موسيقيًا، وهناك اختلاف فى القيم بين الصعيد الذى يسمى ” الجوانى” بكل تفاصيله وبين القاهرة كمجتمع ينتمى إلى المدينة له تفاصيل وقيم متغيرة، خاصة فى الفارق الزمنى فى ذلك الوقت الذى يعبر عنه الفيلم”.
وأكد الناقد السينمائي أن الشخصيتين عبد العزيز مخيون وأحمد زكى كان كلا منهما يعبر عن توجه، فمخيون عبر عن قوة القانون وقوة السلاح، وفى نفس الوقت هناك تعاطف مع ” منتصر ” أو المجرم، الذي جسد دوره أحمد زكي، لأنه يعانى من الظلم؛ وهنا نرى التقابل بين سلطة تملك كل شيء بما فيها من تلاعب فى الأوراق وبين مواطن من الشعب لا يملك أى شيء، ولكنه أمام القانون وليس روح القانون وفى اللحظة الأخيرة يموت الأثنان وكأنها دلالة شاعرية .
وأشار الشناوى إلى أن فيلم “الهروب” يمثل في عمقه وروحه “التراچيديا السوداء” ففيه الظلم والموت والقتل والدماء وكل سلبيات الحياة، وكان عاطف الطيب يتميز بانتقاء هذا اللون وكان أيضاً هناك مدير تصوير مبدع هو محسن نصر من أكثر مديرى التصوير إلمامًا بكل التفاصيل، وفى النهاية ينعكس هذا العمل على المتلقى لمخرج استثنائى فى تاريخ السينما المصرية.
وأضاف” أريد أن أصحح معلومة فى “التترات” أنه لا وجود لبشير الديك، لكن يوجد اسمه في “الموسوعة”، وقال الديك فى حوار له إنه كتب “من الباطن”، وهذا لا يعترف به القانون وشهود العيان غير موجودين الآن معنا، ولكن علميًّا وقانونيًا الفيلم لمصطفى محرم”.
وفي الختام لفت الشناوي النظر إلى أنه كانت هناك نظرة للمخرج عن ظهور “الإسلام السياسى” لأنه بدأ منذ الثمانينات وازداد بعد ذلك وقبل وضع السينما يدها على هذا الخيط اكتشفه عاطف الطيب لأنه كان يبرز التناقض بين إظهار الدين وحقيقة الدين وعمقه وجوهره وكلها تناقضات شغلت المخرج عاطف الطيب.
يذاع برنامج ( مسرح الأحداث ) عبر أثير البرنامج الثقافى ليوم الخميس فى تمام الساعة ١١ مساء، إعداد وتقديم رامى شفيق.