كلَّما قرأتُ لكِ نصَّاً شعريَّاً، أدبيَّاً، نقديَّاً، وجدْتُ نفسي محلِّقاً في فضاءاتِ حرفٍ مندَّى بأشهى مذاقِ التَّجلِّي، تحملُ نصوصُكِ تأمُّلاً عميقاً، تنقشينَ في عوالمِها صوراً وتحاليلَ مدهشةً وعميقةً كأحلامِ الصَّباحِ، ورموزاً شاهقةً كأشجارٍ وارفةٍ بثمارِ الخيرِ والمحبّةِ وأهازيجِ السَّلامِ.
ينضحُ شعرُكُ ألقاً وعذوبةً في آفاقِ معانيهِ المنبعثة من خصوبةِ الرُّوحِ، وأشبهُ ما يكونُ محتبكاً بالأزاهيرِ الممراحةِ في بساتينِ الجنّةِ، تنسابُ تدفُّقاتكِ برهافةِ عاليةٍ فوقَ رحابِ المخيَّلةِ، بإيقاعٍ صافٍ صفاءَ الرّوحِ وهي في أبهى تجلِّياتها، تكتبينَ فضاءاتِ الحرفِ بكلِّ شغفٍ وجموحٍ غامرٍ، وكأنّكِ في حالةِ ابحارٍ في مآقي زرقةِ السَّماءِ، توشِّحينَ رحيقَ الحرفِ، وأنتِ معتكفةٌ في محرابِ دنياكِ، تنسجينَ خيوطَ القصيدةِ وأنتِ في أوجِ الابتهالِ.
تولَدُ القصيدةُ بينَ يديكِ رهيفةً مطواعةً مثلما تبزغُ الشَّمسُ بإشراقةٍ بهيّةٍ من لدنِ الأعالي، في قلبِكِ أسرارُ انهمارِ المطرِ وما يكتنفُ هلالاتُ الغمامِ، تحملينَ بينَ جموحاتِ حرفِكِ، معانٍ وترميزاتٍ طافحةٍ بأسرارِ الرُّوحِ الظّمأى إلى أصفى الينابيعِ، كأنّكِ هديّةٌ منبعثةٌ من شهوةِ السّماءِ وأبهى آفاقِ الأحلامِ، تتألَّقينَ عالياً على مساحاتٍ فسيحةٍ في تجلِّياتِ حرفٍ مبلَّلٍ بماءِ الحياةِ!
تكتبُ أسماء غريب القصيدةَ فوقَ خدودِ الدّنيا كمَن تترجمُ حلمَاً منبعثَاً من خيالٍ رحبٍ رحابةَ الحنينِ إلى جغرافيّةِ المكانِ والزَّمانِ على مساحاتِ ذاكرةٍ متشرِّبةٍ بضياءِ الرّوحِ، شاعرةٌ مسكونةٌ بلغةِ البحرِ المكتنزِ بالأسرارِ والمطرِ الهتونِ ووهجِ الشَّمسِ المشرقة بدفءِ الحياةِ.
تُشبهُ غمامَ اللَّيلِ وضياءِ الصَّباحِ، وظلالِ القمرِ وهي في قمّةِ ابتهالاتِها لمذاقِ القصيدةِ، تحملُ رؤاها أسرارَ ارتعاشةِ الرّوحِ وانبهارَ القلبِ، كائنةٌ مسكونةٌ باخضرارِ الغاباتِ، وخيراتِ الدُّنيا، ترسمُ حرفَها مثلَ نحلةٍ هائمةٍ في أريجِ الزّهورِ كي تغدقَ عسلاً شهيّاً من انبلاجِ حرفِها وهو يتناثرُ فوقَ قبّةِ الحياةِ، الشِّعرُ ومضةُ عشقٍ مضيءٍ على وجهِ الدُّنيا.
تعانقُ الشّاعرةُ المبدعةُ أسماء غريب إشراقةَ الحرفِ بعذوبةٍ وروحانيّةٍ صوفيّةٍ قلّما نتلمَّسُها بهذهِ الرّهافةِ النّورانيّةِ عندَ شعراءِ اليومِ، ينبعُ حرفُها من تجلِّياتِ بوحِها العرفاني المشبّعِ بصفاءِ الرّوحِ والقلبِ والخيالِ، فتولدُ القصيدةُ هفهافةً مثلَ هبوبِ نسيمِ الصّباحِ وهو يناغي زقزقاتِ العصافيرِ، فيخفقُ قلبُ المتلقِّي ابتهالاً وغبطةً، ويهتفُ قلبُ القارئ والقارئة لتجلِّياتِ انبعاثِ الحرفِ في أوجِ حبورِهِ!
ستوكهولم: 16. 6. 2020
صبري يوسف
أديب وتشكيلي سوري سويدي مقيم في ستوكهولم