قبلة لكبار الشخصيات في العراق.. ذاكرة 100 عام لمقهى “الشابندر” في بغداد
وخلال فترة تواجده في العراق، أراد النشيط، أن يقصد شارع المتنبي، كونه مهتماً بشراء الكتب. ولكن، لفت انتباهه مقهى “الشابندر”، الذي يتبع تصميم الطراز المعماري القديم.
وللوهلة الأولى، عاد النشيط بذاكرته إلى الروايات والقصص التي تتحدث عن طبيعة المقاهي الشعبية في العراق والبلدان العربية. وهنا، شدته حركة المرتادين إلى المقهى، وأحاديثهم، ونوافذ المقهى القديمة.. المشهد الذي يعد بمثابة “إغراء لا يقاومه أي مصور يعرف قيمته”، على حد وصف نشيط.
واستذكر المصور البحريني حديثه مع مالك المقهى، محمد الخشالي، الذي روى تاريخ المقهى، حيث كان بداية مطبعة للكتب، تحمل اسم “الشابندر”، وتعود إلى موسى الشابندر، الذي تولى منصب وزير الخارجية عام 1941.
وفي عام 1917، أسس محمد سعيد الجلبي مقهى “الشابندر”، حيث كان مقصداً للسياسيين، مثل نوري السعيد، وعبدالكريم قاسم، بسبب قربه من المؤسسات الحكومية بالبلاد.
وليس ذلك فحسب، وإنما كان المقهى بمثابة محطة ثقافية لمختلف الأدباء والشعراء والكُتّاب أيضاً.
ولكن، في شهر مارس/ آذار 2007، تسب انفجار سيارة مفخخة، كانت بجوار “الشابندر” إلى حرق جزء كبير من المقهى والمحلات التجارية الأخرى المجاورة له.
ونتيجة لذلك، أوضح المصور البحريني أن 68 شخصاً كان ضحية هذا الانفجار، من بينهم 4 من أبناء صاحب المقهى وحفيده. وأعيد بناء المقهى، بتمويل من الدولة والتجار والزبائن. وإلى جانب اسم مقهى “الشابندر”، بات يُعرف أيضاً بـ “مقهى الشهداء”.
ولا يزال يجمع المقهى العديد من الطبقات الثقافية من شعراء ورؤساء عشائر، ومحامين، وكُتّاب، وعامة الناس.
ولا يزال يحافظ المقهى على مظهره الخارجي، بعد عمليات الترميم والتجديد، حيث تطل نوافذه العديدة على مكتبات شارع المتنبي. كما تجد جدرانه مكسوة بالصور، والشهادات، وقصاصات الصحف، التي تبعث الحياة في نفوس زواره.
وكانت صور المقهى، قد نالت إعجاب العديد من الأشخاص، خاصة الذين لم يعرفوا عن وجود مثل هذا التراث التاريخي النابض بالحياة، حتى يومنا هذا.
واليوم، يعمل المصور البحريني على توثيق تاريخ مدينة المنامة ومبانيها، قبل زوالها في البلاد. كما يسعى النشيط أيضاً إلى رصد الجانب “المنسي” من عادات وتقاليد وتاريخ بلاده.