خليل حاوي
خليل حاوي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 1919[1] لبنان[2] |
الوفاة | 6 يونيو 1982 (62–63 سنة)[3] بيروت |
سبب الوفاة | إصابة بعيار ناري |
مواطنة | لبنان[4] |
الحياة العملية | |
المدرسة الأم | الجامعة الأميركية في بيروت |
المهنة | شاعر، وأستاذ جامعي |
الحزب | الحزب السوري القومي الاجتماعي |
اللغات | العربية، والإنجليزية |
خليل حاوي (1919-1982) شاعر من لبنان ولد في عام 1919 في الشوير في لبنان، وتوفي عام 1982. عمل بناءً وانتسب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وعضو مجلس بلدية الشوير. تعلم اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والفيزياء والكيمياء والرياضيات، وأتم تعليمه الثانوي والتحق بكلية الشويفات الوطنية. نشر أولى أعماله الشعرية في مجلة (العروة الوثقى) التي كان أحد القائمين على إصدراها.[5] له 6 دواوين شعرية وغنى له من المطربين المعروفين مارسيل خليفة. عمد إلى إنهاء حياته عقب الاجتياح الإسرائيلي لبيروت في عام 1982، وقد سبق الحادثة 6 محاولات انتحار فشلت وأدخل على إثرها المستشفى أكثر من مرة.[6]
عن حياته
درس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشر حين مرض والده، فاضطر إلى احتراف مهنة البناء ورصف الطرق، وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف كان كثير القراءة والكتابة ونَظَم الشعر الموزون والحرّ بالفصحى والعامية.
علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية حتى تمكن من دخول المدرسة ثم الجامعة الأمريكية في بيروت التي تخرج منها بتفوق مكنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية، فنال شهادة الدكتوراه وعاد بعدها إلى لبنان ليعمل أستاذًا في الجامعة التي تخرج فيها واستمر في هذا العمل حتى وفاته.
شاعر الرموز
منذ بداياته بدا شعر خليل حاوي وكأنه قد (أدخل رعشة جديدة على الشعر)العربي، كما قال فكتور هيغو عن شعر بودلير، فقد ابتعد حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية، والمعاني والصور المستهلكة في شعره، واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية، وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.
كانت الرموز قوام شعره، وهي رموز حسية ونفسية وأسطورية وثقافية. كما عرف شعره الرموز المشهدية التي ضمت في قلبها رموزًا متعددة ومتوالدة.
أشهر قصائده
قصيدة “يعبرون الجسر” التي سارت على ألسنة آلاف اللبنانيين والفلسطينيين بشكل خاصّ، وذلك حين لحّن مارسيل خليفة مقطعًا قصيرًا منها:
يعبرون الجسر في الصبح خفافًاأضلعي امتدت لهم جسرًا وطيدْ
من كهوف الشرق من مستنقع الشرق إلى الشرق الجديد أضلعي امتدت لهم جسرًا وطيدْ |
انتحاره
مع دخول قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى بيروت في يونيو عام 1982، لم يتحمل الشاعر خليل حاوي ما رآه فأطلق النار على رأسه في منزله في شارع الحمراء في بيروت وفارق الحياة.
كتب تناولت سيرته
- نُشرت سيرته الذاتية تحت عنوان: رسائل الحب والحياة في العام 1987.
- تناول شعره وثقافته ورمزيته الدكتور محمد جابر الانصاري في كتابه انتحار المثقفين العرب[7]
من دواوينه
ولد الشاعر اللبناني خليل حاوي عام 1919 في (الشوير), ودرس في المدارس المحلية حتى سن الثانية عشرة حين مرض والده; فاضطر إلى احتراف مهنة البناء ورصف الطرق. وخلال فترة عمله عاملاً للبناء والرصف, كان كثير القراءة والكتابة, ونَظَم الشعر الموزون والحرّ, بالفصحى والعامية.
علَّم حاوي نفسه اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية, حتى تمكن من دخول المدرسة, ثم الجامعة الأمريكية التي تخرج منها بتفوق مكَّنه من الحصول على منحة للالتحاق بجامعة كامبردج البريطانية; فنال منها شهادة الدكتوراه. وعاد إلى لبنان ليعمل أستاذًا في الجامعة التي تخرج فيها, واستمر في هذا العمل حتى وفاته يوم الأحد السادس من حزيران عام 1982 وبتحديد أدق الساعة العاشرة ليلاً بعد أن تجول وحيداً دون هدف واضح في شوارع بيروت وحاراتها التي فرغت من الناس من جراء الاجتياح الإسرائيلي المباغت لجنوب لبنان
حيث كان يسمع من بعيد صدى أصوات الانفجارات الغامضة والأعيرة النارية المجهولة المصدر التي تنذر بكارثة قادمة لا محالة. يصعد الدرجات الرخامية التي توصله إلى شقته بريبة ودون أن يثير ضجة لكيلا يسترعي انتباه جيرانه، ويدخل إلى شرفة غرفته التي تطل على البحر، حاملاً بندقيته الشخصية، ويطلق رصاصة يتيمة على رأسه المبدع .
ابتعد خليل حاوي عن ارتياد الموضوعات الوصفية والمعاني والصور المستهلكة, واستضاء دربه الشعري بثقافته الفلسفية والأدبية والنقدية, وجعل النفس والكون والطبيعة والحياة موضوعَ شعره.
كانت الرموز قوام شعر خليل حاوي: رموز حسّية, ونفسية, وأسطورية, وثقافية. وقرب النهاية, عرف شعره الرموز المشهدية, التي ضمت في قلبها رموزًا متعددة ومتوالدة.
من دواوينه المنشورة:
(نهر الرماد) (1957), (الناي والريح) (1691), (بيادر الجوع) (1965), (ديوان خليل حاوي) (1972), (الرعد الجريح) (1979), و(من جحيم الكوميديا) (1979). وبعد وفاة الشاعر, نُشرت سيرته الذاتية بعنوان (رسائل الحب والحياة) (1987).
إعداد : محمد عزوز
الشاعر والأديب خليل حاوي :حياته وشعره
من قلم فاطمة فائزي
1- حياته:
“خليل حاوي شاعر لبناني، ولد في بلدة الشوير عام 1925 م و فيها نشأ و ترعرع و تعلّم، حتى أنهى دراسته المتوسطة. أما دراسته الثانوية، فقد أنجزها في كلية الشويفات الوطنية عام 1947. و أما دراسته الجامعية فكانت في الجامعة الأمريكية في بيروت حيث نال شهادة البكالوريوس في الأدب العربي و الفلسفة عام 1952، و شهادة الماجستير عام 1955. كان يظهر الى العمل في أثناء دراسته، فينقطع عنها حيناً ثم يعود إليها كما فعل قبل إنجاز دراسته الثانوية. و قبل تخرّجه في الجامعة الأمريكية، و في عام 1956، أرسلته الجامعة الأمريكية في بيروت على نفقتها الى إنكلترا، فإلتحلق بجامعة كمبريج و نال فيها شهادة الدكتوراه عام 1959، و عاد بعد ذلك الى بيروت فعُين أستاذاً للأدب العربي في الجامعة الأمريكية”[1].
“الشاعر خليل حاوي بالإضافة الى دراسته الفلسفة و إطلاعه على الأدب الإنجليزي والعربي و الفكر الغربي، كوّن لنفسه ثقافة واسعة نادراً ما إجتمعت لشاعر عربي”[2]. “و في 6/6/1982 إنتحر خليل حاوي في منزله في بيروت، بإطلاق ناري من بندقية صيد على نفسه، إحتجاجاً على إعتداء إسرائيل على وطنه، و تدنيس أرضه. كان خليل ينظر إلى هذا الاعتداء على أنّه إعتداء عليه شخصياً، و كان يستغرب سكوت العالم على هذه الجريمة”[3].
2 آثاره:
1- “«نهر الرّماد» 1957 م
2-«الناي والريح» 1961
3-«بيادر الجوع» 1964″[4].
3 شعره:
أ . «نهر الرّماد» ؛أزمة الحضارة و الذاتية في شعر حاوي :
إن اطلاع خليل من الثقافات و الحضارات العالمية كان وثيقاً جدا، من ما قبل افلاطون الى آخر التطورات في الفكر الحديث، و كان فكره الفلسفي عمّق رؤياه الشعرية فتميزت شعره بفضل ثقافته الفلسفية من شعر الآخرين من روّاد الشعر الحديث.
ونشير بأن خليل حاوي كان عضواً بارزاً في الحزب السوري القومي الذي أسسه إبن بلدته أنطوان سعادة. لكنّه بعد إعلام زعيم الحزب أنطوان سعادة 1949 م، إختلف مع خليفته و ترك الحزب. و هذا الإنفصال كان موجعاً الى حد ما في شعره، فنري في «نهر الرّماد» تغلّب التعبير و الشعور بالتوحّد و الوحشة و مجابهة الوجود وحيداً في كيان الشاعر الذي إنتقل من الشعور بالعدمية في تلك الآونة الى إكتشاف قيم الحضارة العربية من جديد[5]. ـ “فحاوي إذن يثور على الواقع الحضاري العربي و يرفض ما فيه من القيم. فيحاول في نهر الرّماد أن يهدم عالماً قديماً و يعيد الأرض الى بكارتها الأولى، فتصبح صالحة لبناء عالم حي منظور لكنه لا يقف عند الهدم في «نهر الرّماد» لأنه يؤمن بأن «الشعر الذي ينطلق من الرفض و يستقر عليه، يصيبه العقم و التجويف، و يقصّر على مطامح الانسان، فيسقط عنه مسئولية الخالق للقيم». لذلك نراه يتطلّع الى الانبعاث الحضاري الذي جعله همّه ، فيصل الى شيء من رؤياه في الأناشيد الأخيرة من «نهر الرّماد»، و لاسيّما في قصيدة «الجسر» و هي خاتمة هذه المجموعة، حيث يدعو الأجيال الجديدة إلى التمرّد على الموت الحضاري الذي يقبع فيه آباؤهم و أجدادهم، و الخروج منه، و من بؤرة العدم، الى عالم جديد، نقي طاهر، يعانقون فيه الوجود الحقيقي عبر قيم الانسانية جديدة، تعيد الى الحياة براءتها و قدرتها على بعث الخير و الخصب”[6]
ـ وقد جاء في هذه القصيدة قوله :
أين من يفني و يحيي و يعيد
يتولّى خلقه طفلاً جديد
عسله بالزيت و الكبريت من نتن الصّديد؟
أين من يفني و يحيي و يعيد
يتولّى خلق فرخ النسر
من نسل العبيد؟
أنكر الطفل أباه، أمه
ليس فيه منهماً شبهٌ بعيد
ماله ينشقٌ فينا البيت بيتين
و يجري البحر ما بين جديد و عتيق؟
صرفه، تقطيع ارحام،
و تمزيق عروق
كيف نبقي تحت سقف واحد
و بحار بيننا … سور
و صحراء رماد بارد
و جليد؟
و متى نطفرُ من قبو و سجن
و متى ربّاه نشتدّ و نبني
بيتنا بيتنا الحر الجديد؟
يعبرون الجسر في الصبح خفاقا
أضلعي إمتدّت لهم جسرا وطيد
من كهف الشرق، من مستنقع الشرق
الى الشرق الجديد[7]
في هذا المقطع نرى تجلّي معاناة الشاعر من الضغوط النفسية العويصة واضحاً. ففي هذه المرحلة الأولي من مراحل حاوي الشعرية كان الشاعر يعاني ضغط أزمة مرهقة، ذاتية، حضارية، كونية في آن، يحاول فهمها و السيطرة عليها. لكنّ معاناته تقوده إلى الثورة والرفض عبر الكشف عن حقيقة الفطرة في الذات القومية العربية، و عن العناصر الحية في التراث العربي و تراث الانسان[8].
ب . «الناي والريح» ؛ إنهصار الذاتية و الموضوعية في شعر حاوي :
تطلعّ خليل حاوي إلى الإنبعاث ينمو و يتضح و يتأكد في «الناي والريح». أما الناي ؛ فرمز للهموم الخاصة التي كان الشاعر يعانيها على صعيد ذاتي، و أما الريح؛ فريح الثورة والإنبعاث التي تهدم العالم القديم ليبني على أنقاضه عالم جديد حي متنام متطّور. فبإجتماع الناي والريح تنصهر النزعتان: الذاتية والموضوعية في تجربة كلية شاملة.[9]
و عن الرمز في شعره، يقول الدكتور عزّ الدين إسماعيل:
“لنأخذ رمز الناي مثلاً، و هو رمز خلقه خليل حاوي و إرتبط به، فالناي هو آلة الموسيقية المعروفة، و مساق هذه اللفظة المألوف في التعبير الشعري يوحي دائماً بالمشاعر الرقيقة، لأنّ الناي بطبيعته لا يخرج إلاّ ألحاناً شجية. لكنّ الشاعر هنا لم يستخدم لفظة الناي رمزاً للأسى و الحزن ، لأنّه لو صنع هذا لظلّ إستخدامه للفظة هو الإستخدام المألوف، و انما جعلها رمزاً لأسباب الأسى الذي يعتصر نفسه . و كذلك جعلها رمزا للقيود العاطفية التقليدية التي تشلّ خطواته و تعوّقه الى آفاق التجربة البكر . ثمّ يصبح الناي رمزاً لكل القيود و التقاليد البالية”[10]ـ “بينما الشاعر كان يعتقد أن الناي يركز إلى ايقاع نفسي خاص هو الشعر”[11].
و من النماذج الشعرية لهذه المرحلة هي قصيدة «لعازر عام 1962» ، فقد تأثّر حاوي في هذه المرحلة بأزمة إعتداء اسرائيل على أراضي جنوب لبنان فيحسّ حاوي بالتشرد الأبدي و هذا الخوف يحتل أفكاره حتى يمتنع عن النوم ، فهو يحسّ بخيبة الأمل بسبب وقوع هذه المأساة الفظيعة التي كان إنتظارها أفظع من وقوعها. و قصيدته «لعازر عام 1962» ، فيها ما يؤشر الى كلّ هذا الظلام العربي[12] :
عمّق الحفرة يا حفّار
عمقها لقاع بلا قرار[13…
وهكذا في هذه المرحلة من حياة الشاعر الادبية قد تجلّت رموز تموز و البعث . و إنصهر الموضوع في شعر مع ذاته . و هو الذي يقول في ذلك أيضاً :
“إن الشعر يصل عبر معاناة نفسية غير عادية الى حالة من الرؤيا ، تتخطّى وسائل الادراك الحسّي و العقلي ، كما تتخطّى الشاعر نفسه من حيث هو ذات فردية و تصهره في حقيقة مطلقة تتمحى معه ثنائية الذات و الموضوع ، فما يبقى سوى شعور متوهّج بالوحدة و الانسجام التّام”[14].
“و قصائد هذه الفترة لها ذات طابع مأسوي و إنحلالي كما نراه في قصيدته «لعازر عام 1962» ، ففي هذه المرحلة كان الإنتحار هاجس الشاعر. و خليل في إنتحاره يقف موقفاً بطولياً بينهما إلا خطوة، فأقدم على خطوها . . . و إنتحار خليل كان نتيجة للتصادم بين الداخل و الخارج ، بين الواقع و المثال ، فكان إنتحاره رفضاً للهزيمة،رفضاً للواقع العربي[15”
ج. «بيادر الجوع»؛ الإلتزام في شعر حاوي :
المرحلة الثالثة في شعر خليل التي تمثّلها «بيادر الجوع» والذي يعنينا هنا، هو إظهار الإلتزام في شعر خليل حاوي و تبيان نوعه و إتجاهه، و هو واحد في المجموعات الثلاث تقريباً، سواء من حيث منطلقاته الفكرية، أو من حيث جوهره و مساره و من النماذج الشعرية في هذه المرحلة التي تمثّل هذا الإلتزام هي قصيدة «السندباد في رحلته الثامنة». و كثر إستعمال لفظ «السندباد» في الشعر العربي الحديث رمزاً للرحلة و المغامرة والغربة و إكتشاف الغرائب و العجائب، بعد أن تحدثت عنه حكايات ألف ليلة و ليلة في رحلات سبع كانت معيناً لا ينضبّ من الوحي للأدباء والشعراء والفنانين في بلاد الشرق و الغرب. لكنّ خليل حاوي قد إبتكر للسندباد رحلة ثامنة هي غير رحلاته السبع السابقة، و إتّخذ منه رمزاً يختلف عن سائر الرموز[16].
يقول في مقدمة القصيدة: “كان في نيته ألا ينزعج عن مجلسه في بغداد لم يعرفها من قبل. فكان إن عصف به الحنين إلى الإبحار مرة ثامنة و مما يحكي عن السندباد في رحلته هذه أنه راح يبحر في دنيا ذاته، فكان يقع هنا و هناك على أكداس من الأمتعة العتيقة و المفاهيم الثرية، رمي بها جميعاً في البحر و لم يأسف على خسارة. تعرّي حتي بلغ بالعري إلى جوهر فطرته ثم عاد يحمل إلينا كنزاً لا شبيه له بين الكنوز إقتبضها في رحلاته السالفة و القصيدة رصيد لما عاناه عبر الزمن في نهوضه من دهاليز ذاته إلى أن عاين إشراقة الإنبعاث و تمّ له اليقين”[17].
من هذا الكلام نتبين أن رحلة السندباد الثامنة هي رحلة وجودية تقوم علة معاناة الشاعر من جفاف الحياة و موت الحضارة في العالم العربي؛ يبحر فيها السندباد إلى اعماق ذاته، و يجوب في دهاليز هذه الذات بغية تعريتها، و الكشف عما تعفّن فيها من جراء التخلّف والانحطاط والخمول، و الإستسلام للواقع الرديء، و انحلال الفكر و الاخلاق و القيم. و ليست التعرية مقصودة لذاتها، و إنما المقصود هو تطهير الذات، و الرجوع بها إلى براءة الطفولة لتبدأ حياة جديدة و مسيرة جديد يتحقق فيها الانبعاث الحضاري، و خضب العيش و رسالة الحضارة:[18]
تمتصني صحراءه الحزينة
و غرفتي ينمو على عتبتها الغبار
فأبتغي الفرار
أمضي على ضوء خفيّ
لا أعي يقينه
فتزهر السكينة
و أرتمي و الليل في قطار[19]
و ما ذات السندباد سوي ذات الشاعر نفسه، التي هي أيضاً في هذه القصيدة ذات الأمة العربية و ما رحلته سوي هذه الرحلة التي يقوم بها الشاعر في دهاليز ذاته لتكون نموذجاً لرحلة الأمة العربية في دهاليز ذاتها، و في وجودها الذي تعاني وطأته بقلق و حيرة و شقاء؛ و الإنبعاث الذي يتوخاه هو الإنبعاث الأمة العربية و عودتها إلى خضب الحياة و نضارتها و تألّقها في الوجود. و لقد توخي حاوي في هذه القصيدة أن يرسم للأمّة طريق إنبعاثها من خلال رؤياه الشعرية و السندباد في شعر حاوي هو الشخص الهائم على وجهه و الذي يحسّ في ذاته شيئاّ ولا يعيه. لذلك لا يملك العبارة التي تستطيع أن تعبر عنه، غير أنه يندفع وراءه،إندفاعه خلف مجهول ، و يعتريه القلق حين يكتشف أن كنوزه التي جمعها في رحلاته السبع لم تستطع أن يجلب له الإستقرار و الطمأنينة و سعادة العيش، فيشتدّّ أزمته، و يتخلي عن كنوزه، و يفرغ داره من كل ما تحويه، و يتخلّص من ماضيه و من تراثه ليفتح أبواب الدار علّها تستقبل الجديد المجهول الذي يبحر من أجل إكتشافه. فالدار إذا كانت رمزاً للوطن فهي أيضاً في شعر حاوي يرمز لذات الشاعر و ذات آلامه[20].
ففي هذه المرحلة توصّل خليل إلى قناعة ثابتة، بأن الحضارة الشرقية الساكنة التي تمثّلها السندباد لا يمكنها لوصول إلى الحقيقة، فإن الخلاص الفردي بعيد عن المنال، رغم سعي الانسان لإدراك الحقيقة المثلي.
“هذا السندباد البحر أبداً في وطن النبوءة و الجحيم … أنه خليل حاوي، شاعر «لا يستعير أصابع الغير و لا يشرب من محابرهم» ـ كما يقول نزار قباني”[21]؛
“ذاك أن شعر خليل في كلّ حقبة من حقبات عمره، كان يتحرّى عن يقين نهائي، يوجد الانسان بذاته، يموت في ذاته و يولد منها. و ليس الموت سوي قشرة عزّارة لا تنال جوهر الانسان و الكينونة”[22].
و “نضيف بأن خليل حاوي يؤمن برسالة الشعر القائمة على الإلتزام و يعرّض بالشعراء الذين يجعلون الريشة «تجوّد التمويه و تخفّي الشح في العبارة». و ثانيهما أنه يعتبر الشاعر نبي قومه، كما يعتبر الشعر ضرباً من النبوّة و من الإشراق الذي يجعل الفطرة تحس ما في رحم الفصل و تراه قبل أن يولد في الفصول”[23].
—————————————
[1] أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 562.
[2] خليل جحا، ميشان؛ أعلام الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي الى محمود درويش، ص 218.
[3] م . ن ، ص 227.
[4] أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 562.
[5] أنظر: خليل جحا، ميشال؛ أعلام الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي الى محمود درويش، ص 218-219.
[6] أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 563 ، بتصرف.
[7] الحاوي؛ خليل، الديوان، ص 166-169.
[8] أنظر: أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 562.
[9] م. س، ص 564.
[10] عزّ الدين ، إسماعيل؛ الشعر العربي المعاصر ، ص 219.
[11] خليل، جحا؛ أعلام الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي إلى محمود درويش ، ص 20.
[12] أنظر : حاوي ، خليل؛ الديوان ، ص 339 .
[13] م . ن ، ص 307.
[14] خليل ، جحا ؛ أعلام الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي إلى محمود درويش ، ص 224.
[15] م . ن ، ص 225 ، بتصرف.
[16] أنظر: أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 565.
[17] الحاوي، خليل؛ الديوان، ص 225.
[18] أنظر: أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 566.
[19] الحاوي، خليل؛ الديوان، ص 255،256.
[20] أنظر: أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 566-567.
[21] خليل جحا، ميشال؛ أعلام الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي الى محمود درويش، ص 265، 266، بتصرف.
[22] م. ن، ص 226.
[23] أبوحاقة، أحمد؛ الإلتزام في الشعر العربي، ص 548 ، بتصرف
Khalil Hawi
Jump to navigationJump to search
Khalil Hawi (Arabic: خليل حاوي; Transliterated Khalīl Ḥāwī) (1919-1982) was one of the most famous Lebanese poets of the 20th century. In 1982, upon the Israeli invasion of Beirut in the midst of the Lebanese Civil War, Hawi committed suicide with a rifle in his apartment near the American University of Beirut. He was outraged by Lebanon’s inability to stand up to the Israeli army when the latter invaded on 3 June 1982, and he deeply resented the other Arab governments’ silence about the Israeli invasion of Lebanon in what was dubbed Operation Peace of Galilee, led by former Israeli Prime Minister Ariel Sharon.
In his lifetime he wrote five anthologies of poetry and regularly contributed to literary magazines such as Majallat Shiʿr (“Poetry Magazine”).
List of Works
Khalil Hawi wrote five anthologies of poetry.
- River of Ash (1957)
- Flute and Wind (1961)
- Threshing Floor’s of Hunger (1965)
- Wounded Thunder (1979)
- From Hell’s Comedy (1979)
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ