التقطت قبل 200 عام.. أولى الصور الموثقة لتاريخ مصر
من أهرام الجيزة وتمثال أبو الهول، إلى الأعمدة الكبرى في الكرنك. قد تبدو هذه الصور قديمة وليست واضحة مثل الصور الحديثة في القرن الحادي والعشرين، ولكن البعض قد يرى أنها تحمل طابعاً أكثر جاذبية، وذلك بسبب توثيقها في زمنٍ مشوق شهد بدايات التصوير الفوتوغرافي في مصر منذ 200 عام تقريباً.
واستكشف متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث (SFMOMA) ذلك الزمن المشوق من خلال معرض بعنوان “Signs and Wonders: The Photographs of John Beasley Greene”، والذي يركز على المشاهد التي صورها المصور وعالم الآثار الأمريكي المولود في فرنسا، جون بيسلي غرين.
وأما عن سبب تشجع غرين لزيارة مصر آنذاك، فقالت أمينة التصوير الفوتوغرافي في متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث، كوري كيلر، في حديث مع موقع CNN بالعربية: “أثار فك شفرة حجر رشيد في عشرينيات القرن التاسع عشر زيادة كبيرة في الاهتمام بالنصوص الفوتوغرافية، وكان يأمل الكثيرون أن يكون التصوير الفوتوغرافي الأداة المثالية لتكوين سجلات لتلك النصوص للدراسة”.
مشاهد تم توثيقها منذ 200 عام تقريباً
وكان غرين واحداً من أوائل من استخدم التصوير الفوتوغرافي في خدمة الآثار، إذ عمل في كل من مصر والجزائر بين عامي 1853 و1856، بحسب ما ذكرته كيلر.
ومن صوره، يمكن للمرء ملاحظة أن تركيز غرين كان يكمن في توثيق المواقع التاريخية الرئيسية، والتي كانت الكثير منها “لا تزال مدفونة في الرمال”، وفقاً لكيلر.
وأضافت كيلر: “سواءً كان ذلك الأمر بسبب تقنية التعرض الطويل، والتي كانت ستجعل الأشياء المتحركة تختفي، أو خياراً متعمداً، فإن الأمر ليس واضحاً تماماً”.
ومن صوره، يمكن للمرء رؤية مختلف المعالم مثل تمثال أبو الهول، وأهرامات الجيزة، وأحد تمثالي ممنون.
ومن أفضل صوره هي الصورة الضبابية التي تُظهر ضفاف النيل في مدينة طيبة المصرية القديمة، وتكاد تلك الصورة تتفتت لتعطي طابعاً تجريدياً، بحسب ما قالته كيلر.
وتُعد الصورة التي التقطها لمشهد التنقيبات الأثرية عند قاعدة أبو الهول مهمة أيضاً، وتؤكد قدرته على الاقتراب من الموقع مكانة المصور داخل دائرة مهمة ومعزولة من علماء الآثار.
ولذلك، قالت كيلر: “أعتقد أنه من المهم استعادة إحساس الاكتشاف والتساؤل الذي كان سيشعر به الزائر إلى المنطقة، والتفكير بكيفية اختيار إظهار (المنطقة) ولماذا”.
وكان والد غرين يمتلك أهم مصرف أمريكي في فرنسا، وسمحت له خلفيته بمتابعة اهتماماته في التصوير وعلم المصريات، والتي كانت اهتمامات باهظة الثمن آنذاك.
وتوفي غرين عندما بلغ الـ24 عاماً من عمره، ويُعتقد أنه كان مصاباً بالسل، ولذلك، من الصعب قياس مدى تأثير أعماله على الجيل الذي أتى من بعده.
ومع ذلك، أثبتت صوره التي التقطها لمعبد مدينة هابو أهميتها الكبيرة في وقت لاحق، إذ أنها شجعت علماء الآثار في توثيق النقوش الموجودة في الموقع، وهو جهد بدأه غرين بنفسه.
ودرس غرين التصوير الفوتوغرافي على يد أهم أستاذ تصوير في فرنسا، غوستاف لي غراي.
ورغم أن صور غرين تعود إلى أكثر من 160 عاماً، إلا أنها تعطي طابعاً عصرياً.
وبينما كان الهدف من صوره التوثيق، ولكنها بينت اهتمامه بتركيب الصور أيضاً، وشرحت كيلر قائلةً: “غالباً ما كان يتلاعب بالمساحة السلبية والإيجابية، وكان يضع خط الأفق بشكل منخفض جداً بحيث يغلب على الإطار سماء واسعة وفارغة”.
وتميل العديد من صوره إلى الجانب التجريدي، وذلك بفضل جهوده في توثيق التفاصيل عن قرب، والتباين بين المناطق المضيئة والمظلمة في أعماله.