يعد النحت فرعاً من فروع الفنون المرئية وفي نفس الوقت أحد أنواع الفنون التشكيلية، كما أنه يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد.
ففي الأْصل، كان النقش ( أي إزالة جزء من المادة) و التشكيل (أي إضافة المواد كالصلصال). ويمارس هذا الفن على الصخور والمعادن و خزف و الخشب ومواد أخرى. عرف فن النحت منذ قديم العصور منذ نحو 4500 سنة قبل الميلاد. منذ عهد الحداثة أدت التغيرات في عملية النحت إلى الحرية في استخدام المواد والعمليات. ويمكن العمل بكثير من المواد المتنوعة من خلال عملية الإزالة كالنحت أو عملية التجميع كاللحام والتشكيل والصب. النحت هو فن تجسيدي يرتكز على إنشاء مجسمات ثلاثية الأبعاد لإنسان، حيوان، أو أشكال تجريدية. ويمكن استخدام الجص أو الشمع، أو نقش الصخور أو الأخشاب. فن النحت هو أحد جوانب الإبداع الفني كما ينتج مجسمات ثلاثية الأبعاد.
يعد فن النحت من الفنون القديمة قدم الإنسان فهو أقدم من فن التصوير مثلا. فالإنسان أقدر على التعبير النحتي عنه عن التعبير بالرسم. وفن النحت يتعامل مع المجسمات الثلاثية الأبعاد على العكس من الرسم والتصوير الذي يتعامل مع الأبعاد الثنائية.
ويمكننا أن نجد نماذج النحت في الحضارات القديمة باختلاف أشكالها ومنها في الحضارات الفرعونية والرومانية واليونانية التي نجد فيها فن النحت من أكثر الفنون انتشارا وتعبيرا عن الجو المحيط مع اختلاف غرض الاستخدام، وعادة ما كان المقصود من هذه النماذج هو النواحي الدينية للتعبير عن الآلهة المختلفة الخاصة بهم.
تعيش المنحوتات الصخرية أكثر بكثير من الأعمال الفنية المكونة من مواد أخرى قابلة للتلف، فأغلبية ما قد عاش من الثقافات القديمة -عدا عن الفخار- تتمثل في المنحوتات الصخرية على عكس الأساليب المستخدمة في المنحوتات الخشبية التي اختفت تقريبا. وقد كانت أغلبية المنحوتات القديمة تُصبغ بألوان زاهية ولكن تغير ذلك.
كان النحت لكثير من الثقافات أمرا أساسيا في العبادة الدينية. فإلى وقت قريب، كانت المنحوتات الضخمة -التي يعد صنعها باهظ الثمن على الأفراد العاديين- تعبر عادة عن الدين أو السياسة. فالثقافات التي عاشت كثير من منحوتاتها هي ثقافة البحر الأبيض المتوسط القديم وكذلك الثقافة الهندية والصينية، بالإضافة إلى الكثير في أمريكا الجنوبية وأفريقيا. و أيضاً نجد انتشار فن النحت في عصر النهضة والباروك ووجود نحاتين عظام. وان كان استخدام فن النحت في عصورنا الحالية الغرض منه أساسا الابداع الفني وتوصيل رسالة معينة الي الجمهور باختلاف الأسلوب المستخدم فيه مثل التجريدي والهندسي والأكاديمي.
بدأ التقليد الغربي للنحت في اليونان القديمة، فاليونان معروفة بإنتاجها الكبير للقطع الفنية الرائعة خلال العصر الكلاسيكي. فكان النحت القوطي إبان العصور الوسطى يعبر عن عذابات الإيمان المسيحي ومشاعره. وقد أدى التنافس في صنع النماذج الكلاسيكية إبان عصر النهضة إلى إنتاج منحوتات مشهورة كتمثال “داود” للفنان مايكل آنجلو وقد ابتعد النحت الحديث عن العمليات التقليدية وعن التركيز على تصوير جسد الإنسان، وركز على النحت التركيبي وعرض الخامات الموجودة والمكتشفة كأعمال فنية مكتملة.
أنواع النحت
بصرف النظر عن تشكيل التماثيل المجسمة، توجد عدة أنواع للنحت على الألواح، وهي:
- نحت بارز
- نحت غائر
- نحت بارز مجسم
النحت البارز
هو نحت على لوح حجري أو خشبي، يتم فيه إزالة المادة حول الجسم المراد تشكيله. فتصبح الصورة بارزة فوق مسطح اللوحة. مثال على ذلك نجده في لوحة نارمر من مصر 3100 سنة قبل الميلاد.
النحت الغائر
وهو نحت على لوح من الحجر أو الخشب تزال فيه المادة من داخل الشكل المراد تشكيله، بحيث يصبح الشيء غائرا تحت مسطح اللوح. استخدم قدماء المصريين النحت الغائر أيضا كنوع من الفنون ولتمثيل الحياة اليومية للناس في تلك العهود. كما استخدموه لتمثيل فراعنة مصر وآلهتهم في القديم.
النحت الغائر هو أيضا المستخدم في الكتابة في العراق القديم وفي مصر القديمة. مثال على ذلك عمود شريعة حمورابي.
النحت البارز المجسم
تتميز حضارة الإغريق والرومان بالنحت البارز المجسم. وهو نوع متطور للنحت البارز يشكل فيه الشيء مع مبالغة في تشكيل الشيء المجسم، ويصبح ملتصقا باللوح من ناحية واحدة وبأقل مساحة. في النحت البارز المجسم يظهر الشيء كما لو كان تمثالا ملتصقا على لوح.
يوجد فرق كبير بين أنواع النحت المستخدمة في صناعة التماثيل، فيكون الجسم فيها غير متصل بأي سطح إلا بالقاعدة. وأنواع أخرى من النحت البارز، يكون الشكل فيها متصلا جزئيا بالسطح الخلفي. ويصنف هذا النوع بحسب درجة بروزه عن مستوى اللوحة إلى النحت-البارز المنخفض أو الغائر والنحت-البارز المرتفع، وأحيانا إلى النحت-البارز الوسطي.
كان استخدام النحت الغائر مقتصرا على مصر القديمة. وعادة ما يُستخدم أسلوب النحت البارز عند صنع مجموعة مكونة من المنحوتات الضخمة وعند صنع منحوتات من المواضيع القصصية. لكن تنفيذ الشكل المجسم يعد أمرا مضنيا حيث يزال جزء كبيرا من مادة اللوحة، إلا أن نتيجته تكون جميلة وعلى الأخص أينما سقط الضوء عليها فهي تظهر واضحة. بدأ هذا النوع في بلاد العراق القديم نحو 600 قبل الميلاد، وعمل به الإغريق ثم الرومان. وهو النوع البارز المجسم المستخدم في النحت المعماري الجديث المتصل بالبنايات. والمستخدم في المنحوتات ذات الحجم الصغير التي تُستخدم في تزيين الأجسام الأخرى كما في تزيين الأخشاب والقطع المعدنية و المجوهرات بل و الفخار. وقد يُستخدم النحت البارز أيضا في تزيين اللوحات التذكارية واللوحات العمودية المصنوعة عادة من الحجر، فهي غالبا تحتوي على نقوش.
فن التشكيل وبناء العمل الفني من المادة يمتد إلى أساليب الصب والختم والقولبة، سواء كان ذلك باستخدام [الجص] أو صب المعادن. وبواسطة استخدام قالب متوسط الحجم يحتوي على التصميم يمكن انتاج العمل الفني عدة مرات، أي أن هذا الأسلوب يسمح بإنتاج نسخ متعددة من العمل الفني. يستخدم هذا في المباني على وجه كبير، سواء لتزيين الواجهات أو تزيين الحجرات بأشكال هندسية أو أشكال فروع أشجار وزهور.
أكبر التماثيل
يعتبر “تمثال معبد الربيع لبوذا” الصيني الضخم الذي اكتمل في عام 2002 أكبر التماثيل ويتمتع بجاذبية وفتنة. فهو مسجل كأكبر تمثال حيث يصل حجمه إلى 128م وارتفاعه إلى 420 قدم. كما أن “تمثال الفارس” (وهو عبارة عن راكب على فرس) يعد شكلاً ضخماً آخر من أشكال النحت الصورية. وقد أصبح نادرا في العقود الأخيرة. ومن أشكال النحت الصورية ذات الحجم الطبيعي هو تمثال “الرأس” أو التمثال النصفي، أي تصوير الشخص من الصدر فما فوق. وتشتمل أشكال النحت الصغيرة على التماثيل الصغيرة حيث لا يتعدى طولها 18 بوصة. كما تشتمل على أشكال النحت البارز وهي الصحيفة المعدنية والمعدن والقطع المعدنية.
وقد أضاف الفن الحديث والمعاصر عدداً من أشكال النحت غير التقليدية، وتشتمل على النحت الصوتي والنحت الضوئي والفن البيئي والنحت البيئي والفن الحركي (يشتمل على جوانب من الحركات الفيزيائية) وفن الأرض وفن الموقع المحدد. ويعد النحت شكلاً مهماً من أشكال الفن العام. ويمكن تسمية مجموعة من المنحوتات في حديقة ب”حديقة نحت“.