توفي هنري كارتييه بريسون، أحد رواد فن التصوير الفوتوغرافي في القرن العشرين، قبل عيد ميلاده السادس والتسعين بأيام قليلة.
وعرف بريسون في حقل الفوتوغرافيين بسبب صوره التي أخذها من واقع الحياة في الشارع الفرنسي في النصف الأول من القرن العشرين.
وكانت جنازته التي أقيمت في بلدة سيريست، جنازة متواضعة ولكنها كانت حميمية إذ حضرها أصدقاؤه وأفراد أسرته.
وكان هنري شابا خجولا منطويا على ذاته حين أسس وكالة مانيوم للصور سنة 1947.
ويعتبر بريسون كذلك شيخا للمصورين الصحفيين وتزهو أكبر قاعات العرض العالمية بتعليق أعماله في موقع الصدارة منها.
وألقى زميل عمره وصديقه المصور اللورد سنودون كلمة رثاه فيها قائلا “كان عبقريا، سأفتقده كثيرا”.
وأضاف “لقد صور لحظات وأزمنة لن يتمكن إنسان من تصويرها ثانية مطلقا، ولا أعتقد أنه فنان عادي، إنه شخص أعلى من أن يؤطر أو أن يبوب”.
وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك “لقد فقدت فرنسا الكثير بوفاة كارتييه بريسون”.
وقال شيراك “لقد فقدت فرنسا مصورا عبقريا، ومعلما ورائدا بمعنى الكلمة، وواحدا من أكثر فناني جيله احتراما على مستوى العالم أجمع.
وولد هنري في بلدة شونتيلو القريبة من باريس سنة 1908 ودرس الفن التشكيلي قبل أن يتخصص في التصوير الفوتوغرافي في منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي.
وساهم في تحويل التصوير الفوتوغرافي من مجرد هواية مكلفة يمارسها الأغنياء، إلى مهنة حقيقية راسخة لها تطبيقات في الحياة اليومية للإنسان الحديث.
اللحظة الحاسمة
ويرجع له الفضل في تعريف الـ”لحظة الحاسمة” في التصوير الفوتوغرافي، وهي تلك الجزء من الثانية التي تفرق بين الصورة الجميلة والصورة العبقرية.
ولنضرب مثلا على ذلك برجل يقع من فوق حصانه.
فالصورة الجيدة هنا هي أن تصور لحظة الوقوع، ولكن الصورة العبقرية هي التي تصور تعبيرات وجهة ونظرة عينيه وهو ينظر إلى الأرض الصلبة التي سترتطم رأسه بها بعد جزء من الثانية.
في المثال السابق، الفارق هو جزء من الثانية، سواء كان قبلها أو بعدها، سيجعل الفارق بين صورة تعيش في التاريخ وصورة جيدة على المستوى السطحي الاستهلاكي.
تزهو أكبر القاعات بعرض صور بريسون
وليس من الحقيقي أن الصور الصحفية هي صور للاستهلاك اليومي فقط، بل لقد كانت هناك صور صحفية رائعة ما زالت تعيش إلى اليوم بسبب عبقرية المصور واحساسه باللحظة، ومن تلك صور أونري كارتييه بريسون.
فقد عاش بريسون في أفريقيا كصياد لمدة عام كامل سنة 1931 بعد تخرجه من كلية الفنون الجميلة وافتتانه بالسوريالية ليس فقط في الفن، بل كأسلوب تفكير.
وحين عاد إلى باريس قرر أن يعيش حياة بوهيمية وأن يصور لحظات الحياة الباريسية العادية في الشوارع بأول كاميرا تعمل بفيلم 35 مليمترا، وهي كاميرا “لايكا” القديمة.
وسجنه النازيون سنة 1940 ولكنه تمكن من الفرار وعاد في لحظة التحرير ليسجلها بعدسته السحرية.
وأسس جمعية مانيوم الفوتوغرافية سنة 1947 مع زميليه روبير كابا ودافيد سيمور.
وكانت الجمعية توفر صورا صحفية للمجلات والصحف في ذلك الوقت، ومن خلال عمله غطى انتصارات ماو تسي تونغ في الصين وموت المعلم الأكبر غاندي في الهند.
وصور أغلب الشخصيات العامة والتاريخية في عصره، ولكنه لم يكن يحب الأضواء إلا التي يسلطها هو على شخصياته.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
BACHIR FOURAR·الخميس، ٢٦ مايو ٢٠١٦·زمن القراءة: دقيقة واحدة