الأغرب هنا، وكما سنعلم لاحقًا، أنها ذرة طبيعية… فقط هي قديمة للغاية، وتم إحياؤها بعناية واهتمام كبيرين!
بدأت قصة ذرة الجوهرة الزجاجية Glass Gem Corn بمزارع بسيط في ولاية أوكلاهوما الأمريكية يدعى كارل بارنز، والذي كان يتمتع بأصول أسكتدلندية وأيرلندية مختلطة من ناحية الأم، وأصول أخرى تنحدر لقبيلة شيروكي الأمريكية المندثرة من ناحية الأب. في سنوات شبابه المبكرة، بدأ كارل في تقصي جذوره الأمريكية القديمة، مستكشفًا علوم ومعارف أسلافه بالجلوس إلى جده الأكبر والاستماع إليه. كانت معظم تلك العلوم يتعلق بالطقوس المرتبطة بالزراعة، والحصاد، وتبيجيل البذور. ولإرضاء نهمه في تلك المسألة، حصل كارل على شهادة علمية في التربية الزراعية، ليقضي لاحقًا حياته في العمل في مزرعته الخاصة بأوكلاهوما بالتعاون مع زوجته كارين، ويؤسسا معًا أسرة مستقرة هناك.
وبينما كان يعمل على استزراع بعض الأصناف القديمة من الذرة والتي كانت لا تزال تزرع هناك في ذلك الوقت، بدأ كارل يلاحظ أن بعض السلالات الغريبة التي تعود لزمن أسلافه القدامى قد بدأت في الظهور بغتة مرة أخرى ضمن محاصيله! وعندما قام بعزل هذه السلالات المفاجئة، وجد أنها على اختلافها تطابق أصناف الذرة التي اندثرت من قبل والتي يعود أصلها للكثير من القبائل الأصلية للأمريكتين. كان الأمر يستحق العمل والكد لأقصى درجة، فلتلك القبائل كانت الذرة تحتل نفس أهمية اللغة، سلالات الدم، والهوية.
وهكذا، بدأ كارل في انتقاء، وحفظ وإعادة استزراع بذور معينة من ذرة ملونة بشكل لافت للنظر.
وبمرور الوقت، ظهرت ذرة قوس قزح الملونة Rainbow Corn.
في عام 1994، التقى كارل بصديق مزارع آخر يدعى كريج شوين في ملتقى نباتات الأسلاف المقام في أوكلاهوما، ليعرض الأول على زميله بعضًا من ذرته الخلابة الملونة. ذهل شوين لرؤية تلك الذرة الساحرة.
وفي العام التالي، يمنح كارل بعضًا من بذور قوس قزح إلى صديقه شوين، والذي يبدأ بدوره في زراعتها في الصيف التالي مباشرة وتتوطد علاقة الصداقة بينهما بمرور السنوات، ويتلقى فيها شوين المزيد من عينات بذور قوس قزح!
في البداية، زرع شوين كميات قليلة من الذرة الملونة في نيو ميكسيكو، والذي انتقل للعيش بها في عام 1999. لكنه بدءًا من 2005، باشر بزراعة مساحات أكبر بالذرة الملونة إلى جانب أصناف أخرى تقليدية من الذرة التي اعتدنا رؤيتها.
هنا، حدث أمر مدهش للغاية! فبخلطها بالسلالات المعاصرة، ظهرت سلالات جديدة غير مألوفة. وبمرور عام تلو الآخر، كانت الذرة تتخذ أشكالًا أكثر حيوية ولمعانًا عن سابقاتها!
وهكذا، بدأ شوين في ممارسة عادة لطيفة: إطلاق الأسماء على الأشكال والألوان الجديدة التي تظهر كل عام! مثل “ألوان السيرك” “قوس القزح النقي” “الأزرق الغامق”، وهكذا…
“الجوهرة الزجاجية”، هو الاسم الذي ابتكره شوين لوصف كوز الذرة المدهش بالأسفل بحبيباته الزرقاء والخضراء والوردية والأرجوانية والذي استزرع سلالته في 2007. وهذه هي نفسها الصورة الأصلية التي تم نشرها في عام 2012، لتثير الكثير من الإعجاب والهوس حول العالم، وليقع الكل مفتونين في حب هذه الذرة.
ثم يحدث أن يقوم شوين في عام 2012 بمنح كمية من بذور عدد كبير من السلالات المختلفة إلى من يدعى بيل ماكدورمان، والذي يمتلك شركة بذور محلها أريزونا وتدعى “سيد تراست”.
سيد تراست الآن مؤسسة محافظة لا تهدف للربحية. وبعدما أحضر ماكدورمان بذور ذرة الجوهرة الزجاجية إليها وقام باستزراعها، صار بإمكان أي فرد شراء تلك الذرة الأسطورية عبر الإنترنت.
لكن إذا افترضنا أن هناك من يملك الجرأة والقسوة لالتهام مثل هذه الشيء الساحر، كيف سيكون طعمها؟
للأسف، وعلى خلاف الذرة الحلوة، لا يفضل تناول ذرة الجوهرة الزجاجية من الكوز مباشرة كما نفعل مع الذرة التقليدية. فللذرة الزجاجية قشرة قاسية ستسبب لك الكثير من المعاناة في المضغ والهضم؛ مما تسبب في تسمية البعض لهذا النوع من الذرة بـ “ذرة حجر الصوان Flint Corn”.
مع هذا، يقوم الكثيرون بطحنها واستخدام الدقيق الناتج عنها في الكثير من المأكولات، نظرًا لأنها غنية بالنشاؤ. كذلك، يمكن صنع الفوشار منها، لكنك ستجده محبطًا للغاية لأنه لا يحتفظ بنفس الألوان الخلابة للأسف!
يمكنكم متابعة المزيد حول ذرة الجوهرة الزجاجية عبر هذه الصفحة على فيسبوك، حيث يمكنم مشاهدة السلالات الجديدة والأشكال التي يتحصل عليها المشاركون بشكل دوري.
كذلك يمكنكم شراء بعض البذور لتلك الذرة المدهشة بسعر معقول على هذا الموقع.