ما هي الساعات الذرية وكيف تعمل؟

ساعة ذرية

الساعة الذرية وتعمل بالسيزيوم-133 “بإدارة الفيزياء والتكنولوجيا الفدرالية الألمانية” في مدينة براونشفايغ.

الساعة الذرية FOCS 1 في سويسرا. وهي تعمل منذ عام 2004 ويبلغ الخطأ في قياسها 1 ثانية كل 30 مليون سنة.

الساعة الذرية (بالإنجليزيةatomic clock)‏ هي ساعة إخترعها العالم الأمريكي وليام ليبي في عام 1948 والتي تعتمد على تردد الرنين الذري لضبط الوقت وتستخدم لمعايرة الثانية وتعتبر الساعات الذرية أدق ساعات توقيت حتى الآن حيث يصل مقدار الخطأ ثانية كل 30 مليون سنة تقريبا وفقا للإحصائيات الحديثة، الأمر الذي جعل منها معيارا للتوقيت العالمي.[1][2][3]

التاريخ

ان فكرة استخدام الانتقال الذري لحساب الوقت اقترح أول مرة من قبل العالم كلفن في عام 1879.الرنين المغناطيسي ،اكتشف من قبل العالم أزيدور اسحاق رابي في عام 1930 , أصبحت طريقة عملية للقيام بذلك. في عام 1945 اعلن رابي بان الشعاع الذري بالرنين المعناطيسي يمكن ان يستخدم كاساس للساعة.أول ساعة ذرية كانت الجهاز امونياك مايزر بنيت في 1949 في الولايات المتحدة،كانت أقل دقة من الساعات الكوارتز الحالية.أول ساعة ذرية دقيقة، هي المعيار السيزيوم التي تستند إلى الانتقال المعين للذرة السيزيوم 133، بنيت من قبل لويس إيسن في عام 1955 في مختبر الفيزياء الوطني في المملكة المتحدة.

طريقة عملها

تعتمد فكرة عمل الساعات الذرية على الإشعاع الراديوي ضمن نطاق الميكروويف للذرات وليس كما يعتقد البعض على النشاط الإشعاعي. تنتج هذه الإشارات الراديوية عند تغير مستويات الطاقة في ذرة السيزيوم-133 . وبالتحديد عند انتقال الإلكترون في تلك الذرة من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى للطاقة .

مضخم إشارات هيدروجيني يستعمل في الساعة الذرية.

يعتبر عنصر السيزيوم-133 من أوائل العناصر التي استعملت في الساعات الذرية حين تم الاتفاق على تعريف الثانية عام 1967 على أنها الفترة اللازمة لـ9,192,631,770 ذبذبة كاملة (دورة) من الإشعاع الذي يصدره انتقال الإلكترون بين مستويين معينين للطاقة في ذرة السيزيوم-133. مع أن هذا التعريف قد تم الاستعاضة عنه بالتعريف الضوئي للثانية بسبب النظرية النسبية إلا أن التعريف التقليدي لا زال صحيحا كون القياسات مستخدمة في إطار المجموعة الشمسية (نفس الإطار مرجعي).

يمكن فهم الجزء المبسط في عمل الساعة الذرية كما يلي:

تحتوي الساعة الذرية على فجوة معدنية تتناسب مع موجات الميكروويف، بها غاز. هذه الفجوة قابلة للضبط بدقة عالية بحيث تتناسب مع أضخم إشارة تردد ناشئة داخل الفجوة ويبدأ الرنين المتذبذب بالنمو. تستغرق هذه العملية بعض الوقت حتى تستقر عملية الرنين الترددي وتصبح الساعة الذرية جاهزة للعمل على الدوام.

في الواقع هناك تعقيدات كثيرة في تصميم دوائر التحكم في الساعة الذرية ومالشرح السابق إلا تلميح بسيط لمبدأ العمل.

أشهر أنواع الساعة الذرية هي ساعة السيزيوم، ساعة الروبيديوم وهي أقل دقة من ساعة السيزيوم ولكن بالمقابل أرخص بكثير. تصل قيمة الساعة الذرية المصممة بالسيزيوم إلى آلاف الدولارات بينما يمكن للساعة الذرية المصممة من الروبيديوم أن تتوفر للشركات بمبالغ تصل إلى 200 دولار أميريكي. تطورت دقة الساعة الذرية منذ الستينات حتى اليوم. كان الخطأ في الستينيات من القرن الماضي 1 ثانية كل 300 سنة واصبح 1 ثانية كل 3 ملايين سنة مع بداية الألفية الثانية . أما الأحجام فما زالت كبيرة نوعا ما حيث أن أصغر الأحجام الممكنة حوالي (10سم×10سم×10سم). من ناحية أخرى، تستهلك هذه الساعات قدرة لاتتجاوز المائة ميلي وات.

دقة الساعة الذرية

في المتوسط تبلغ دقة الساعة الذرية بحدود 1 نانو ثانية في اليوم أي ما يعادل خطأ مقداره ثانية كل 2.7 مليون سنة.

في سويسرا، بدأت الساعة الذرية FOCS 1 والمصنوعة من السيزيوم المبرد باستمرار عملها رسميا عام 2004 ويقدر مقدار الخطأ بحدود ثانية واحدة كل 30 مليون سنة

ما هي الساعات الذرية وكيف تعمل؟

أطلقت وكالة ناسا منذ أيام قليلة ساعةً ذريةً جديدةً متطورةً على متن صاروخ فالكون، أُطلق عليها اسم Deep Space Atomic Clock. طور مختبر الدفع النفاث في ناسا هذه الساعة، وتعتبر تطويرًا لكل من الساعات العادية في الفضاء (كتلك المستخدمة في نظام GPS) والساعات الذرية الأرضية. بحسب ناسا، ستساعد هذه الساعة على جعل الرحلات الفضائية العميقة المستقبلية (كالرحلات المستقبلية إلى المريخ) أكثر استقلالًا وكفاءةً؛ لأنها ستسمح بحساب موقع المركبات الفضائية بدقة هائلة، دون الحاجة للاتصال بالأرض.

كيف ذلك؟

يستخدم علماء الفلك الساعات لحساب موقع السفن الفضائية في الفضاء، إذ يرسلون إشارةً للسفينة، ثم تقوم السفينة برصدها وإعادة إرسالها، وباحتساب الزمن اللازم لإجراء العملية، ومعرفة أن الإشارة تسافر بسرعة الضوء، يمكننا تحديد موقع السفينة بعملية حسابية بسيطة، وبإرسال عدة إشارات، يمكن احتساب مسار السفينة.

ولكي نحدد الموقع بدقة كبيرة، يجب أن يتوفر لدينا ساعات دقيقة جدًا، يمكنها قياس حتى أجزاء من المليار من الثانية، كما يجب أن تكون هذه الساعات ذات ثباتية (Stability) عالية، وتشير “الثباتية” إلى مدى دقة الساعة في احتساب وحدة الزمن.

قد تظن أن الساعات التي نستخدمها في حياتنا اليومية تقيس الثواني بدقة متناهية، ولكن في الحقيقة فإنها تقيس فترات زمنية مختلفة على أنها ثانية، فكلما تقدمت الساعة، يزداد انحرافها لأن تحسب فترات زمنية أطول على أنها ثانية. ولاحتساب مواقع السفن الفضائية بدقة، يجب على علماء الفلك استخدام ساعات ذات ثباتية عالية، ودقة حتى أجزاء من المليار من الثانية، وأن تحافظ على ذلك لأيام وحتى أسابيع وتلك هي الساعات الذرية.

تعتمد الساعات المستخدمة حاليًا من تلك التي نلبسها، وحتى تلك المستخدمة في نظام الـ GPS غالبًا على هزازة بلورة الكوارتز، على حقيقة أن بلورات الكوارتز تهتز بتواتر ثابت عند تطبيق توتر كهربائي عليها.

ولكن بالنسبة للدقة الهائلة المطلوبة في مجال ملاحة السفن الفضائية لا تعتبر ساعات بلورات الكوارتز دقيقةً على الإطلاق؛ فهي تؤخر حوالي ميلي ثانية كاملة كل ست أسابيع، وهذا يعادل السفر مسافة 300 كيلومتر، لأن الإشارة تنتقل بسرعة الضوء. خطأ كهذا قد يؤثر بشكل كبير على تحديد مواقع السفن المسافرة بسرعة هائلة في الفضاء كما تقول ناسا.

الساعات الذرية هي ساعات كوارتز، مدموجة مع أنواع معينة من الذرات، ما يجعلها أكثر ثباتًا بشكل هائل. ستستخدم ساعة ناسا الجديدة ذرات الزئبق؛ كي تسمح لها بأن لا تؤخر أكثر من نانو ثانية واحدة بعد أربعة أيام، وأقل من ميكرو ثانية واحدة بعد 10 سنوات، وستحتاج الساعة لأكثر من مليون سنة قبل أن تؤخر ثانيةً كاملة، بحسب ناسا.

لتحقيق هذه الدقة العالية، تعتمد الساعات الذرية على بنية الذرة (نواة من البروتونات والنيوترونات محاطة بإلكترونات)، فلذرات كل عنصر بنية مميزة (عدد بروتونات وإلكترونات مميز)، ولكن تنتظم الإلكترونات في كل العناصر في مستويات طاقة محددة، وباستخدام كمية طاقة محددة يمكننا نقل أحد هذه الإلكترونات من مستوىً إلى أعلى، كمية الطاقة هذه مميزة لكل عنصر، وإن ثبات هذه القيمة هو ما يجعل الساعات الذرية دقيقةً لدرجة هائلة.

 

من حيث المبدأ، تقوم الساعات الذرية بتصحيح نفسها؛ إذ يُحوَّل التواتر الصادر عن هزازات بلورات الكوارتز إلى طاقة تُطبًّق على مجموعة من ذرات عنصر معين، فإذا كانت الطاقة مناسبةً (وبالتالي التواتر مناسب) ستنتقل الإلكترونات في مجموعة كبيرة من الذرات إلى المستوى التالي، أما إن لم تكن مناسبةً، فسينتقل عدد أقل من الإلكترونات، هذا يسمح للساعة الذرية بمعرفة أن هزاز بلورة الكوارتز يُصدر تواترًا خاطئًا، ويعرض القيمة اللازمة لتصحيحه. لذا، تُحسب قيم التصحيح اللازم في ساعة ناسا الجديدة، وتُطبق كل عدة ثوان.

بالإضافة لذلك، فإن ساعة ناسا تستخدم أيونات الزئبق بدلًا من ذرات الزئبق، وبطبيعة أن الأيونات مشحونة، يمكن احتجازها بحاجز كهرومغناطيسي، ما يمنعها من التفاعل مع جدران حجرة العزل، والتي هي مشكلة شائعة في الساعات الذرية التقليدية، إذ أن التفاعل مع جدران الحجرة يعرّض الذرات لمؤثرات خارجية، كالحرارة، ما قد يسبب تغيرات في التواتر المطلوب لنقل الإلكترونات لمستوى أعلى. ساعة ناسا الجديدة ستكون محمية من هذه التغيرات، وبالتالي أكثر “ثباتيةً” بحوالي 50 مرة من الساعات المستخدمة في الـGPS.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.