مسابقة عالمية للأفلام السينمائية، تقام سنويا، وتقدم جائزة السعفة الذهبية للأعمال الفائزة، كانت انطلاقتها الرسمية سنة 1946 بعد مخاض عسير.
مخاض صعب
يعتبر الفرنسيون أن الانطلاقة الحقيقية لمهرجان كان السينمائي كانت سنة 1939، على الرغم من أن اندلاع الحرب العالمية الثانية حال دون إتمام الاستعدادات التي كانت جارية على قدم وساق لإنجازها.
وجاءت المبادرة ردا على تدخل مباشر من الزعيم النازي أدولف هتلر ورفيق دربه بينيتو موسوليني لتوجيه لجنة التحكيم في المهرجان السينمائي لمدينة البندقية الذي انطلق عام 1932.
فقد رأى هتلر سنة 1937 أن الأفلام الألمانية خرجت خاوية الوفاض من مهرجان المدينة الإيطالية، فقرر في العام الموالي ـبتنسيق مع موسوليني- التدخل بشكل مباشر وفرض على لجنة التحكيم اختيارات محددة، ففاز الشريط الوثائقي الألماني “آلهة الملعب” والفيلم الإيطالي “لوشيانو سيرا.. الربان”.
تسبب ذلك في غضب الشخصيات المشاركة، وكان من بينهم الديبلوماسي الفرنسي فيليب إرلانجي الذي بادر إلى تقديم مشروع بإنشاء مهرجان سينمائي للسلطات الفرنسية وافق عليه في نهاية المطاف وزير التربية الوطنية جون زاي، ووزير الداخلية ألبرت سارو.
غير أن أفرادا آخرين من الحكومة الفرنسية بدوا مترددين إزاء المبادرة الجديدة لعدم رغبتهم في توتير العلاقات أكثر بين باريس وروما، في ظل الأزمة التي كانت تعصف حينئذ بأوروبا، والتي لعبت فيها النازية دورا بارزا.
وكان القرار النهائي لصالح تنظيم المهرجان وفي اليوم نفسه الذي ينطلق فيه مهرجان البندقية.
وشرعت السلطات الفرنسية في التواصل مع دول العالم للمشاركة في المهرجان، وكان طبيعيا أن يكون الرفض موقف كل من ألمانيا وإيطاليا اللتين رأتا فيه إجراءً عدوانيا ضد مهرجان البندقية، كما رفضت اليابان بدورها المشاركة.
في حين عبرت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي وبريطانيا وبلجيكا وهولندا والمكسيك والدنمارك والسويد وتشيكوسلوفاكيا عن استعدادها للمساهمة في إنجاح المهرجان الدولي الفرنسي.
اختيار كان
خلال فترة الاستعدادات، طفا مشكل جديد على السطح يتعلق باختيار المكان المناسب لتنظيم المهرجان السينمائي، فطغيان شهرة مدينة البندقية بمعالمها الجغرافية المتميزة، وتاريخها الفني العريق، شكل تحديا أمام فرنسا التي بدت ملزمة باختيار مكان ينافس شهرة وقيمة البندقية.
ظهرت عدة مقترحات كانت بينها “كان” وبياريتز وإكس-لي-بان وتوفيل وحتى الجزائر العاصمة التي كان المحتل الفرنسي يعتبرها ولاية فرنسية.
غير أن مسؤول المشروع فيليب إرلانجي قرر حصر الاحتمالات في كل من كان وبياتريز، لتختار الحكومة الفرنسية مدينة كان بعد إجراء الدراسات اللازمة.
أنشئت لجنة للإشراف على تنظيم المهرجان تحت إشراف وزارة الخارجية وهيئة الفنون، وقدرت الميزانية التي يحتاجها المهرجان بنحو 970 ألف فرنك فرنسي (174 ألف يورو). وقد تعاونت بلدية كان مع الحكومة لتوفير المبلغ.
الحرب العالمية
وبينما كانت الاستعدادات جارية على قدم وساق لإطلاق مهرجان كان في بداية سبتمبر/أيلول 1939، اندلعت المعارك في أوروبا بعد اجتياح النازية لمناطق مجاورة، ما دفع دولا كثيرة لإعلان تراجعها عن المشاركة في المهرجان الذي تشبثت تسع دول فقط بحضوره. غير أن تدهور الأوضاع الأمنية بسبب اشتعال الحرب، دفع السلطات الفرنسية إلى تأجيل المهرجان.
ومع حلول عام 1945، تقدم إرلانجي مجددا بمشروعه غير أن الحالة الاقتصادية والسياسية الصعبة التي كانت عليها فرنسا بعد سنوات الحرب عجلت برفض استئناف إجراءات تنفيذ المشروع، وتأجيله إلى العام الموالي.
موعد عالمي
وطيلة عشر سنوات (1946-1956) حاول مهرجان كان فرض نفسه كموعد بارز للسينما على مستوى العالم، سواء من خلال إلغاء كل قيود الرقابة، أو من خلال استضافة المشاهير.
غير أن الظروف السياسية المتقلبة التي كانت تعيشها فرنسا أثرت سلبا على المهرجان وحرمته من استقرار هو في أمس الحاجة إليه لإيجاد موطئ قدم له على الساحة العالمية، وكان من بينها الإضراب الكبير الذي شل فرنسا كلها عام 1968.
ومع حلول عقدي السبعينات والثمانينات، وحالة استقرار نسبي عرفتها الحياة السياسية والاقتصادية في فرنسا، تنفس مهرجان كان الصعداء، ونجح في استقطاب مشاهير السينما العالمية، منتجين وممثلين، وكرس المهرجان نفسه كحل بديل للأفلام الممنوعة في بلدان أخرى، في ظل طفرة فنية عالمية كبرى حولت السينما إلى صناعة قائمة بذاتها.
وقد احتفل مهرجان كان السينمائي عام 1997 بمرور نحو خمسين عاما على بدايته الفعلية الأولى.
وقد عرفت مدينة كان تطورا سريعا بعد انتظام فعاليات المهرجان، فبعد أن كانت منطقة صغيرة خاصة بالصيادين تحولت إلى منطقة لا تهدأ بسبب كثرة الأشغال، كما تضاعف عدد السكان، وصارت المدينة والمنطقة قبلة للأثرياء.
ومع مرور السنين، كرس مهرجان كان السينمائي مكانته كواحد من أشهر المهرجانات السينمائية في العالم التي يتسابق المنتجون ومشاهير صناعة السينما للمشاركة فيها والمنافسة على جوائزها. وصار بذلك منافسا شرسا للأوسكار الأميركي الذي تسيطر عليها الصناعة السينمائية الأميركية، فيما يتميز مهرجان كان بأنه مفتوح أمام الجميع.
السعفة الذهبية
إلى حدود 1954، كانت اللجنة المنظمة للمهرجان تمنح للفائز بالمسابقة “الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم”.
ومع نهاية 1954 بادر المنظمون للإعلان عن مسابقة لاختيار تصميم جديد لجائزة المهرجان تركز على سعفة النخيل كموضوع لها. وقتها فاز تصميم للوشيان لازون، وكان عبارة عن سعفة مغروسة في قلب. وقد منحت الجائزة الأولى لدلبريت مان صاحب فيلم “مارتي”.
وخلال عشر سنوات كاملة (1964-1974) رجع المنظمون إلى صيغة الجائزة الكبرى التي بدأ بها، قبل أن يعودوا لموضوع السعفة عام 1975 التي قرر منحها لمخرج الفيلم الفائز، على أساس تكون هي الجائزة الأخيرة ضمن الجوائز المقدمة للفائزين.
وتغير شكل السعفة مع بداية الثمانينيات ثم مرة أخرى عام 1992، قبل أن تأخذ شكلها الجديد، حيث تقدم في مايو/أيار من كل عام للفائز الأول، فردا أو مجموعة.
وإلى جانب السعفة الذهبية، تخصص جائزة كبرى لأحسن فيلم، وجوائز لأفضل مخرج وأفضل سيناريو وأفضل ممثل وأفضل ممثلة، وذلك إلى جانب جائزة لجنة التحكيم. كما تخصص جوائز لأفضل الأفلام القصيرة.
وعلى امتداد تاريخ المسابقة، برزت أفلام عديدة كإنتاجات مبدعة استحقت الجائزة الأهم.
فقد فاز فيلم سبات الشتاء للمخرج نوري بيلج سيلان بجائزة السعفة الذهبية عام 2014، فيما فاز عبد اللطيف كشيش مع الممثلتين ليا سيدو وأديل إكساركوبولوس، بالجائزة ذاتها عن فيلم حياة أديل عام 2013.
وفي دورة 2012 فاز بالجائزة ذاتها فيلم “حب” للمخرج مايكل هانيكي.
أما سنة 1983 ففاز فيلم “بالاد أوف ناراياما” للمخرج شوهي إيمامورا بالسعفة الذهبية، وهي الجائزة التي حصل عليها فرانسيس فورد كابولا عن فيلمه “المحاورة” عام 1974.
وفي 1958 فاز بالجائزة ميخائيل كالاتوزوف عن فيلم “كرينز آر فلايينغ” (الكراكي تطير) فيما حصل تاينوسوك كينوغازا على الرتبة الأولى في المهرجان عام 1954 عن فيلمه بوابة جهنم.
أما عام 1951 فقد شهد فوز فيتوريو دي سيكا بالجائزة الكبرى للمهرجان عن فيلمه معجزة في ميلانو.
وتميزت أول انطلاقة فعلية للمهرجان عام 1946 بفوز جميع الأفلام المشاركة وكان عددها 11 فيلما بجائزة محددة، بينها الأسبوع الضائع لبيلي ويلدر، وروما مدينة مفتوحة لروبرتو روسوليني.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مهرجان كان السينمائي
إحداثيات: 43°33′03.10″N 7°01′02.10″E
مهرجان كان السينمائي | |
---|---|
السجادة الحمراء حيث يسير عليها مشاهير السينما في العالم
|
|
|
|
الاسم | مهرجان كان السينمائي |
|
|
الموقع الرسمي | festival-cannes.com |
مهرجان كان السينمائي (بالفرنسية: Festival de Cannes), هو أحد أهم المهرجانات السينمائية عبر العالم.[1][2][3] يرجع تأسيسه إلى سنة 1946. وهو يقام كل عام عادة في شهر مايو، في مدينة كان في جنوب فرنسا. يوزع المهرجان عدة جوائز أهمها جائزة السعفة الذهبية لأفضل فيلم. مركز إقامته قصر المهرجانات في شارع لاكروازييت الشهير على سواحل خليج كان اللازوردية.
تاريخ المهرجان
انطلقت الدورة الأولى من المهرجان في مدينة كان الفرنسية في اليوم الأول من شهر سبتمبر عام 1939. ولم يكد المهرجان يدخل يومه الثالث حتى نشبت معركة حربية بين فرنسا وبريطانيا من جهة وبين ألمانيا من جهة أخرى، ما أدى إلى تأجيل المهرجان وتعليقه إلى أجل غير مسمى؛ نظراً لظروف الحرب الدائرة.
تطورت المناوشات الحربية الدائرة بين فرنسا وألمانيا إلى احتلال ألماني لجزء من الأراضي الفرنسية؛ ما قضى على أي أمل قريب في أن يستكمل المهرجان بدايته المتواضعة التي لم تتجاوز من العمر يومين اثنين! وكما هو معلوم تطورت تلك الحرب واستمرت لتكون ما عرف فيما بعد بالحرب العالمية الثانية التي وضعت أوزارها نهاية العام 1945.
ولم يكن من المنطقي حينها أن تطرح فكرة إعادة تفعيل مهرجان سينمائي، لذا احتاج الأمر إلى سنة ليعود بعدها المهرجان للظهور من جديد في منتصف عام 1946، الذي يشكل الانطلاقة الحقيقية لمهرجان كان السينمائي.
لم يلبث المهرجان أن أعيد إطلاقه من جديد حتى توقف في دورة عام 1948، ثم توقف مرة أخرى في دورة عام 1950 وذلك لظروف تمويلية مادية، ومنذ انطلاقة المهرجان بعد ذلك لم يحدث أن توقف سوى دورة واحدة سنة 1968.
حضور سينمائي كبير
يتميز مهرجان كان السينمائي بالحضور السينمائي الكبير والمتنوع الذي يرافقه، فلا يلتقي هذا الكم من السينمائيين من جميع أنحاء العالم في وقت واحد كما يحصل في مدينة كان خلال المهرجان.
كما أنه يتميز بالتجديد والقدرة على مواكبة الموجات الفنية الجديدة، بل ودعمها، وربما خلقها في رحم المهرجان وأروقة الدورات المقامة.
كما يتميز المهرجان كذلك بتنوع جوائزه من عام لآخر مع استقرار الجوائز الأصلية للمهرجان، وهي:
- السعفة الذهبية: وتمنح هذه الجائزة لأفضل فيلم في الدورة على الإطلاق بحسب تقييم لجنة التحكيم.
- الجائزة الكبرى: لأفضل فيلم (تختلف عن السعفة في كونها تعبر عن رأي لجنة التحكيم الخاص، ولا تخضع بالضرورة للمعايير السينمائية العامة).
- جائزة لجنة التحكيم.
- جائزة أفضل إخراج.
- جائزة أفضل سيناريو.
- جائزة أفضل ممثل.
- جائزة أفضل ممثلة.
- جائزة أفضل فيلم قصير.
- جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير.
ما عدا ذلك من الجوائز، والتي تتجاوز في بعض الدورات العشرين جائزة، فهي إما تتبع للجان وجمعيات سينمائية مختصة تمنح جائزتها عبر المهرجان، أو تكون موسمية غير دورية بحيث يرافقها مناسبة سينمائية خاصة.
وتمر عملية فرز الأفلام المرشحة لهذه الجوائز عبر مرشحات فنية دقيقة، حيث يتزايد عدد الأفلام المقدمة للمهرجان سنويًّا عن ألفي فيلم بقليل. وتقوم لجان مشاهدة متخصصة بفرزها والوصول بها إلى اثنين وعشرين فيلماً متنافساً فقط، يشترط فيها أن تعرض في المهرجان عرضاً عالميًّا أولًا.
فعاليات سينمائية كبيرة
ولا يقتصر دور مهرجان كان السينمائي على استضافة وعرض الأفلام المرشحة، بل يتجاوز ذلك بكثير من خلال إقامته لعديد من الفعاليات السينمائية المتزايدة كل عام، والتي تضمن عرض عدد كبير من الأفلام السينمائية من خلال تظاهرات عدة من أبرزها:
- أسبوع النقاد : وهو تظاهرة فنية تعنى باختيار أبرز أفلام السنة السينمائية من خلال جمعية نقاد معينة، وعرضها خلال فترة المهرجان لإتاحة الفرصة للمهتمين السينمائيين لمشاهدتها.
- نصف شهر المخرجين : وهي تظاهرة فنية تعنى باختيار أفلام سينمائية من قبل جمعية مخرجي سينمائيين.
- سوق الفيلم : وهي مجموعة من الصالات السينمائية التي تعنى بتسويق المنتجين والموزعين لأفلامهم من خلال دفع مبلغ مالي مقابل عرض الفيلم – بغض النظر عن مستواه الفني أو النقدي – خلال فترة عرض المهرجان اغتناماً لفرصة وجود عدد كبير من المهتمين السينمائيين العالميين.
- ركن الأفلام القصيرة : ويهتم هذا الركن بعرض الأفلام القصيرة من جميع أنحاء العالم، ويركز بشكل أساس على الأفلام التي تم استبعادها من اختيار لجان المشاهدة في مراحل التصفيات.
- سينما العالم : وهي تظاهرة سنوية تعنى باختيار نماذج مميزة من سينما إحدى الدول غير المشهورة سينمائيًّا، وعرض أفلامها لجمهور المهتمين السينمائيين.
يضاف إلى ما سبق ذكره من فعاليات وعروض سينمائية، كثير من الفعاليات السينمائية التي تصاحب المهرجان خلال فترة إقامته، ما يجعله وبجدارة العرس السينمائي الأبرز حول العالم، والذي ينتظره جمهور السينما بفارغ الصبر كل عام.
نتائج السعفة الذهبية
الجائزة الكبرى لمهرجان كان (1946-1954)
السعفة الذهبية (1955-الآن)
الفائزون أكثر من مرة
سبعة مخرجين تحصلوا على جائزة السعفة الذهبية أكثر من مرة وهم:
- بيل أوغوست: بيل الفاتح (1988) وأفضل النوايا (1992).
- فرانسيس فورد كوبولا: المحادثة (1974) والقيامة الآن (1997).
- الإخوة دردان: روزيتا (1999) والطفل (2005).
- مايكل هاينيكي: الشريط الأبيض (2009) والحب (2012).
- إيمامورا شوهيه: قصة ناراياما (1983) وثعبان البحر (1997).
- أمير كوستوريتسا: أبي في رحلة عمل (1985) وتحت الأرض (1995).
- الف سوبيرغ: إريس وقلب الملازم (1946) والآنسة جولي (1951).