السينما الهندية والعالمـــية
مند زمن بعيد, لم تعد فقط هوليوود الامريكية العاصمة الوحيدة للسينما في العالم. لقد اصبحت الهند ايضا ” هوليوودها” او بالاحرى “بوليوودها” وهي مدينة بومباي الهندية التي زاحمت نظيرتها الامريكية, بل تفوقت عليها من ناحية كم الافلام السينمائية التي تنتجها في السنة. السينما الهندية اصبحت تنتج حوالي1000 فيلم روائي طويل سنويا وتبيع حوالي 800 مليون تدكرة لدخول الافلام الهندية عالميا.ويبلغ عدد صالات السينما في الهند 13 الف صالة تقريبا في الوقت الدي يقدر فيه عدد مشاهدي السينما الهندية بـ20 مليون مشاهد يوميا. كما لم يعد الاعجاب بالسينما الهندية حكرا على الهنود او الشعوب العربية التي تتماهى مع مواضيعها الرومانسية وتجد نفسها في شخصيات ابطالها, تبكي لبكائها وترقص لرقصها وتغني ايضا بلغتها, خاصة ان تقاليدها لا تكاد تختلف كثيرا عن عادات وتقاليد مختلف الشعوب العربية, بل وصل الاعجاب بهده الافلام الى امريكا نفسها وكندا ودول اروبية مثل المانيا وبريطانيا, اضافة الى مجموعة كبيرة من الدول الاسيوية. هدا الاعجاب بالافلام الهندية لم يأت عن فراغ, بل مرده الى تضافر مجموعة عناصر ابداعية تجعل مشاهدة هذه الافلام رغم تشابه مواضيعها وتواضع حبكتها السينمائية, متعة حقيقية,بدءاً من الوانها الخلابة الزاهية ومناظرها الطبيعية الجميلة وصولا الى استعرضاتها الموسيقية الغنائية الرائعة ومشاهدها الراقصة التي تبهج القلب وتفرح الروح. وتلعب السينما الهندية كثيرا على هده العوامل مجتمعة لتحقق عنصر الابهار في المشاهدة وتسبه بالمتفرج في عالم من الرومانسية والخيال الدافئ إد لا يكاد فيلم هندي يخلو من ذلك حتى ولو معززاً بمشاهد العنف والمطاردات أو كانت القصة تدور حول شبكة لترويج المخدرات أو لتهريب الاسلحة. ورغم ان السينما الهندية استطاعات على مر السينين ان تجدب اليها ملايين المشاهدين عبر العالم. وجعلت من هده المستعمرة البريطانية القديمة التي اسمها الهند بلد يتقن صناعة السينما بامتياز, إلا انها ” السينما الهندية” لم تفرض نفسها في الخارج وحضورها على مستوى المهرجانات الاجنبية العالمية الا في السنين الاخيرة, حين تم ترشيح فيلم ” الاغان” الى جائزة الاوسكار في 2002 ومشاركة رائعة “ديفداس في مهرجان كان السينمائي في السنة نفسها والتي عرفت ايضا تكريم الممثل الهندي الشهير” راج كابور” الملقب بــ ” ملك بوليوود” وبعدها توالى حضور السينما الهندية في العديد من المهرجانات العالمية الشهيرة منها مهرجان الفيلم بمراكش ومهرجان نيويوورك والبندقية ” مما مكنها من توسيع قاعدة جماهيريتها. من جهة اخرى, ساهم الانتاج السينمائي الهندي في تحريك عجلة الاقتصاد في هذا البلد الاسيوي الفقير, خاصة على مستوى إدخال العملة الاجنبية الى البلاد, وذلك من خلال تصدير الافلام الهندية الى اكثر من 160 دولة عبر العالم حيث يستقر عدد كبير من ” الدياسبورا” الهندية ( في2005 بلغ عددهم 20 مليون هندي 1.5 مليون في اروبا ومليوني هندي في افريقيا و 1.4 مليون في الشرق الاوسط ومليون في بلدان امريكا اللاتينية ومليوني هندي في شمال امريكا)..
توابل السينما الهندية اللذيذة!!
تمثل الافلام الهندية 30 في المائة من الانتاج الوطني و85 في المائة من الصادرات. ويدفع الرواج المنقطع النظير منتجي الافلام الى تنويع اماكن التصوير حول العالم حيث تنتقل فرق التصوير بين اروبا وامريكا والولايات المتحدة. وتعتبر الهند اول بلد منتج للافلام السينمائية في العالم إد تصور كل عام اكثر من 1000 فيلم. تتميز بعقدها السادجة وأحداث لا تنتهي, وموسيقاها ورقصاتها اللتين تعدان لازمتين لا يحيد عنهما اي عمل سينمائي محترم. وحول بدايتها كتبت الصحافية الفرنسية فلورانس كافيه أن السينما الهندية ظهرت في في نهاية القرن التاسع عشر مع نفس بداياتها في الغرب, وصور الفيلم الروائي الاول في عام1913, وكان ملحمة ميثولوجية, وتطورت السينما تدريجيا حتى عام 1950, حيث بدأت تظهر في مدينة السينما في استوديوهات (بومباي) نوعية جديدة من الافلام. بين التيمة التقليدية, الرقص, والموسيقى, ظهر نوع جديد في السيتنات ما بين 1960 _ 1970 اثر بشكل ملموس في السينمائيين الهنود لتلك الفترة: من افلام هادئة, وموستوحاة من الحان رقيقة, الى افلام الحركة على خلفية موسيقى راقصة و قريبة من الديسكو الغربية. وهكذا ولدت الافلام المسماة “ماسالا” التي اخدت اسمها من مزيج البهارات المستخدمة في المأكولات الهندية. بالنسبة الى الممثلات, لم تتغير مواصفتهن كثيراً على مر السنوات, هن بريئات, بدينات قليلا, جميلات جداً, وبشكل عام, تتأرجح نظراتهن بين الصفاء, والتصنع من جهة وبين اللعب والغنج من جهة اخرى. ومن بين الاكثر شهرة منهن: كاجول, اشوريا راي (ملكة جمال الهند لعام 1994), كاريسما كابور, راني, بريتي زينتا, كارينا كابور, راني موخيراجي….. كما تمتلك شخصيات الافلام الهندية اصواتاً خارج المألوف عندما ينطلقون بالغناء فجأة, وفي الحقيقة, هي لسيت الاصوات الحقيقية للممثلين, ولكن, لا يهم لمن تكون, ما هو مهم بالنسبة الى الجمهور, الجادبية, والاختيار المناسب للمخرج الدي انتخب هذا الصوت لهذا الوجه. ما يمنح الشعبية, والنجاح للفيلم الهندي تكوينه, والمقادر المضبوطة لكل واحدة من مكوناته, بالتأكيد, تمتلك العقدة اهميتها, ولكنها لا تصنع كل شيء لوحدها, ولو نقصت بعض المقادر التي لا غنى عنها, يمكن ان تؤدي الى فشل الفيلم جماهيريا، اولاً وقبل كل شيء, يجب الاعتماد على قصة حب معقدة بمشاكل اجتماعية, مثل الفوارق الطبقية والدينية, مزينة بالقليل من الشهوانية المبطنة بين فتاة جميلة وبطل جداب. ولنقل, لا مانع بإضافة القليل من المشاهد المريحة, حيث توضع اعصاب المتفرجين في حالة اختبار قاسية, ومن ثم لا داعي للتذكير بالضرورة المطلقة بأن ينتهي الفيلم نهاية سعيدة, فالمتفرج لا يأتي الى السينما ليقضي فيها تلاث ساعات كي يخرج منها باكيا. تمتلك السينما في الهند قبل كل شيء وضيفة مسلية بالمعنى ” الباسكالي” للكلمة يجب قضاء الوقت, وتغير الحالة النفسية خلال بضع ساعات, ونسيان حقائق الحياة اليومية, والله وحده يعرف فيما إدا كانت هذه الحقائق مؤلمة في ( الهند). يمكن القول إن الافلام الهندية تمتلك هدفا اوليا, بأن تجعل المتفرجين سعداء, راضين على الأقل, وعليها ان تشبع الجمهور في مستويات عديدة: اولاً, ترد على الهموم اليومية الاساسية للناس, وتقدم مشاكل تخصهم, بالخلاف مع ما يحدث غالبا عندما تدور القصص في أوساط الطبقات المرتاحة للمجتمع, الهندي: بيوت حديثة جداً, وفتيات مثيرات, ومن ثم,, يجب ان تتوفر كل المشهيات التي تحدثنا عنها: رومنسية, حركة تشويق, رقص,. ما يجعل المدة الزمنية لهذه الافلام لا تقل عن تلاث ساعات, ويجب القول إنه كلما كان الفيلم طويلا, كلما كان ذلك مستحباً, بحيث يمتلك المتفرج الإحساس بأنه شاهد على قدر ما دفع ثمنا لتذكرة الدخول. على المستوى الاجتماعي, تتضح أهمية السينما في الدور الهام الدي يلعبه الممثلون؟ بالإضافة الى تجسيدهم للشخصيات التي يقدمونها, كنمادج مثالية, بحيث يُعتبر البعض منهم أنصاف آلهة, ويحصل اخرون على اهمية؟ بسيطة, أو كبيرة في المشهد السياسي للبلاد.وكما ان معظم الافلام الهندية تنشر رسالة اخلاقية, فإن الابطال يمثلون,غالبا اصوات العقل, والمنطق, وفي داخل صالات السينما يمكن ان نستوعب حالة ” التأمل” هده, و “التقمص” الدي يعيشه المتفرجون مع الابطال. مازال امام بوليوود مستقبل زاهر. والشركات الامريكية الكبرى مثل ” وارنر بروس” و “فوكس” بدأو يفتحون مكاتب لهم في الهند, وربما ستجد بوليوود صعوبة في منافسة الافلام الهوليودية دات المؤثرات الخاصة الامر الدي سيدفعها حتما الى تطوير نفسها مع الحفاظ دائما على خلطتها السحرية وتوابلها الخاصة التي تجعل من بوليوود خزاناً لا ينبظ من الحب والحلم والمتعة..
شاروخانـ….” باشا بوليوود!!
رغم تجاوزه سن الاربعين بعامين, ولم يعد يصنف فتى الشاشة الأول,او ما يصطلح علي تسميته سينمانا بــ”جون برومي” إلا ان الزمن لم يستطع ان ينال قيد انملة من وسامة النجم الهندي شاروخان, بل زاده كاريزمية ووقاراً, كما أن الزمن لم ينل من شعبيته لدى الجماهير التي عشقته حد التقديس, تعود جدور عائلة الولد المدلل شاروخان الى مدينة بيشاور الباكسـتانية. والده تاج محمد خان الدي توفي بسبب مرض السرطان وعمر شاروخان لا يتزاوج 15 عاماً كان مقاولا.اما والدته التي كان شديد التعلق بها, فكانت اهتمامتها تنصب حول القضايا والانشطة الاجتماعية, ورغم انه كان مشاغبا في سنوات الدراسة الا انه كان تلميذا نجيبا وذكيا. وكانت الفرق الرياضية التي يرأسها في المدرسة تفوز دائما في المنافسات سواء كان دالك في كرة القدم او الكريكيت او الهوكي. غادر شاروخان صفوف الدراسة قبل ان يتمم تعليمه الجامعي في شعبة التواصل, وقد كان إغراء الفن وبريق الاضواء والشهرة أشد تأثيرا على نفسه من اي شيء اخر خاصة بعد مشاركته في السلسة التلفزيونية الاكثر شهرة في الهند “فوجي” والتي فتحت له ابواب السينما على مصراعيها بعد ان أثار إهتمام احد المنتجين وإعجابه بتمثيله فمنحه دوراً في فيلم ” هاي اشينا أشينا ديل” الى جانب الممثلة الهندية الراحلة ديفيا هارتي التي لعب الى جانبها دورا اخر في فيلم “ديوان” لينفرد بعدها بدور البطولة في فيلم بازيغار الدي يعتبر انطلاقته الحقيقية والذي قلب من خلاله شاروخان وجه السينما الهندية بعد ان مثل دور البطل الشرير الدي كان غائبا او مغيبا في افلامها. الافلام التي مثلها شاروخان تشبهه كثيراً, فحياته سلسلة من المواقف والاحداث الدرامية, داق مرارة اليتم وهو في سن صغيرة بعد فقدان والده, وشكل فقدان والدته التي كان يحبها كثيرا صدمة كبرى هزت كيانه, كان دائما يردد ” الفضل في نجاحي يعود الى الله, هو من منحني إياه وهو الوحيد الذي يستطيع ان يأخد شيئا مني, مثلما اخد مني والدتي, اما قصة حبه الرائعة وزواجه فلا تكاد تختلف كثيرا عن قصص الحب التي شخصها في افلامه, تعرف على حبيبته جوري في احدى الحفلات ورقصا معاً. توالت اللقاءات وتطور الاعجاب الى حب جارف, لكن حين علم والد المعشوقة الجميلة بقصة الحب هاته, ارسل ابنته الى بومباي حتى تبتعد عن شاروخان وتنساه فإرتباطهما يكاد يكون مستحيلا, لأنه مسلم وهي من عائلة تدين بالهندوسية. لم ييأس شاروخان وسافر بحثا عن حبيبته في شواطئ بومباي الى ان وجدها وتعانقا وبكيا سويا ألم الفراق وفرحة اللقاء, قصة الحب الجميلة هاته ستكلل بالزواج على الطريقة الهندية التقليدية وسيرزق العاشقان بأريان وسوهانا. تنقل شاروخان بين الادوار الكوميدية والتراجيدية, بين ادوار الخير والشر, واثبت جدارته في اداء جميع انواع الشخصيات الممكنة ليستحق بالفعل كل الجوائز التي نالها واهمها جائزة افضل مواطن هندي والتي منحها له الرئيس الهندي سنة 1997. إنه يعبد عمله الدي يبدؤه في الثامنة صباحا ولا ينتهي منه الا في حدود الثالثة صباحا من اليوم الموالي ويصور اكثر من مشهد لخمسة افلام في اليوم الواحد, وتيرة خف منها بعد ان اصيب بمرض في دماغه مباشرة بعد انتهائه من تصوير مشاهده في رائعته ” ديفداس” التي استطاعت ان تصل بالسينما الهندية الى المهرجانات العالمية. وصفته مجلة ” جاد” الهندية في 2001 بالرجل الاكثر جادبية في اسيا, ورغم انه تجاوز الاربعين الا انه كلما ظهر في الشارع العام يخلق ” الهيستيريا” من حوله, صحيح أنه لا يشبه ديكابريو في شيء, لكن ملامحه التي تحمله بعضا من سحر الشرق وابتسامته الدافئة ونظرة عينه المميزة, اضافة الى شخصيته و” وكارزميته” جعلته يفوق ديكابريو وتوم كروز وبراد بيت جادبية وتألقا. اما السر في دالك فيعرفه فقط عاشقاته ومعجباته عبر العالم كله..
دمتم سالمين.
ملاحظة : كل المعلومات التي في الموضوع صحيحة وقد جمعتها من مواقع عالمية مختصة في السينما الهندية