تعتبر حرفة التصوير السنيمائي من أكثر حرفيات صناعة السينما تعقيدا حيث أنه يركز على المحتوى الجمالي و التكنولوجي للصورة. ولكي يكون التصوير السينمائي ناجحا يجب أن لا يقتصر على مجرد تسجيل اللقطات , بل يجب أن يكون قادرا على:
1- توصيل المشاعر والجو النفسي العام للمشهد .
2- توجيه اهتمام المتفرج إلى ما يحتويه الكادر .
3- التأكيد على المتغيرات في المشاهد كالمكان, والحقبة الزمنية أو الزمن اليومي.
ويتم ذلك بدون افتعال ومن خلال المحافظة على قاعدة التتابع من لقطة لأخرى. كما يتضمن فن التصوير أيضا متابعة تكوين الصورة وغالبا ما تكون تلك مسئولية المخرج أولا في مرحلة تصميم اللقطات.
Attributes of the VisualImage
تتكون الصورة المرئية من تفاعل عدة عناصر فوتوغرافية متغيرة. ومن المهم أن نعرف ما هي تلك المتغيرات وكيفية استخدامها في السرد الروائي البصري.
يمكن أن تختلف الصور المرئية في درجة نصوعها ، والتي تستخدم للتدعيم والتأكيد على الإحساس الذي ينبع من المشهد. وعموما تعطى الإضاءة القوية High Key درجة نصوع عالية للصورة،فيحين تعطى الإضاءة الخافتة Low Key درجة أقل نصوعا . أما الإضاءة المتوسطة Mid Key فتعطى درجة نصوع وسط بين الاثنين.
وتعتمد درجة نصوع كل لقطة على المحتوى الدرامي لها. فعادةً تجد أن درجة الإضاءة القوية مفضلة في المشاهد المبهجة، بينما تستخدم الإضاءة المنخفضة في مشاهد التوتر الدرامي .
وعلى الرغم من أن الإضاءة القوية أو الخافتة تؤثر عموما على درجة نصوع الصورة، إلا انه يمكن إضاءة أجزاء من الكادر بطريقة مختلفة، لجذب انتباه المتفرج، أو لمتطلبات تكوين الصورة. فمثلا يمكن إحداث درجة نصوع عالية لأجزاء معينة من الكادر وذلك بهدف التأكيد على عنصر معين داخله. كما يمكن خفت النصوع في بعض أجزاء لقطة بها إضاءة قوية، بهدف خلق تكوينا أكثر تشويقا وإثارة.
يعبر التباين هنا عن الدرجات المتفاوتة ما بين الأبيض الخالص والأسود الخالص. وتعبر درجة التباين المنخفضة عن تداخل واسع بين درجتي الأسود والأبيض، فيظهر ناعما أمام العين.فيحين أن درجة التباين العالية، تعبر عن تفاوت صغير بين درجتي الأسود والأبيض فيظهر صارخا شديد الوضوح.
تعبر طبيعة الإضاءة عن مدى حدتها أو نعومتها . فالنوعية الحادة هي التي تحتوى على الكثير من الظلال الغامقة ذات الحواف المحددة , بينما تحتوى النوعية الناعمة على ظلالا أقل إضاءة وأكثر تشويشا .
تعبر البؤرة عن مدى وضوح الصورة ككل ، ويمكن أن تتفاوت ما بين عدم الوضوح أو الهلامية إلى الوضوح الشديد.
وهو يعبر عن مدى عمق الوضوح الذي تستطيع أن تصله البؤرة Focus داخل اللقطة . فإذا كان عمق الميدان ضيقا ، يكون موضوع التصوير شديد الوضوح و الخلفية غير واضحة blurry ، بينما يكون لعمق الميدان الأوسع درجة وضوح حادة لموضوع التصوير وللخلفية.
ويعبر ذلك عن سعة وعمق الميدان الذي يمكن التحكم فيه من خلال اختيار عدسة الكاميرا. حيث يمكن ضغط خلفية ومقدمة الصورة معا، بحيث تظهر المسافة بينهما قريبة ، أو إزالة الضغط بحيث تظهر بينهما مسافة كبيرة.
ويمكن أن يؤثر عمق المنظور على إدراك المتفرج لسرعة الحركة داخل المشهد. فيمكن أن تظهر الحركة بطيئة حين يكون العمق مضغوطا، أو أن تظهر سريعة حين يكون العمق غير مضغوطا .
يطلق علي اللون أيضا اسم Hue ويمكن التلاعب به من خلال الإضاءة ، وأثناء مراحل التحميض والطبع في المعمل . والتصوير بالألوان يضيف إلى الصورة محتوى جمالي متغير:
يمكن صبغ صورة المشهد بلون معين لإيصال الإحساس بالعواطف أو بالمكان والزمان للمتفرج . فالألوان الباردة تعطى إحساسا بالعزلة والبرودة، وتعطى الألوان الدافئة إحساسا بالرومانسية والدفء. ويأخذ اختلاف الوقت أثناء النهار ألوانا مختلفة، حيث يعبر الأصفر عن شروق الشمس، ويعبر الأحمر عن غروبها، والأزرق عن الليل. ويمكن أيضا أن تعبر الألوان عن تفاوت الفترات الزمنية، فمثلا قد تستخدم الألوان الصفراء البنية لمحاكاة شكل الصور الفوتوغرافية القديمة.
كما يمكن أن يؤدى تغيير اللون من مشهد لآخر، إلى مساعدة المتفرج على استقبال المتغيرات الأخرى الأعم بالمشهد .
تعبر درجة التشبع المستخدمة في الصورة عن مدى غناها بالألوان , فتعطى الألوان الغنية التشبع شعورا نابضا بالحياة، في حين أن الألوان القليلة التشبع تعطى صورة باهتة. ويمكن أن يعبر مدى غنى أو فقر الصورة بالألوان عن جوها النفسي أو زمانها. فمثلا لقطة الرجوع للخلف Flash Back يمكن التعبير عنها باستخدام أقل درجة تشبع من الألوان.
يكون لبعض الألوان القدرة على جذب العين إليها، اعتمادا على كيفية ترتيبها داخل تكوين الصورة. لذا فإن اختيار لونا معينا بعناية قد يستخدم للرغبة في التأكيد على عنصر أو مساحة معينة داخل الكادر.
يمكن استخدام الألوان المتباينة لتوصيل جوانب معينة في الشخصية، أو لخلق نوع مرغوب من التوتر في تكوين الصورة.
الحبيبات هي الجزيئات البلورية المتناهية الصغر التي تتكون منها الصورة الفوتوغرافية. وعادة ما تكون غير مرئية , ولكن يمكن أن تظهر تحت ظروف معالجة معينة. مما يعطى مظهرا حبيبيا للصورة، يستخدم أساسا للأغراض الجمالية.
عادة ما يعبر الإحساس البصري بالفيلم عن النسيج البصري للصورة texture (مثل الحبيبات أو البؤرة) ، ولكنه في الحقيقة يعبر عن معنى أوسع وأشمل من ذلك. فتأتى الأحاسيس البصرية المختلفة للصورة المرئية من خلال التلاعب المنظم لكل العناصر الفوتوغرافية المكونة للصورة، ويشمل ذلك التباين Contrast ,والبؤرة focus, والإضاءة lighting ,واللون color ,وعمق الميدان depth of field ,والبعد البؤري للعدسة lens focal length . ويمكن أن يكون هذا ظاهرا أو خفيا.
ويدعم الإحساس البصري العناصر الأساسية المحركة للفيلم. فعلى سبيل المثال، استخدم فيلم “The French Connection” الحبيبات والإضاءة القوية لإعطاء الفيلم شعورا بالواقعية، تقريبا مثل تصوير نشرات الأخبار، بينما استخدم فيلم “Rear Window” تباين عالي وألوان مشبعة لتوصيل الإحساس بالرومانسية والغرام.
ويمكن للإحساس البصري للفيلم أن يظل ثابتا، أو أن يتغير تبعا لعلاقته بمتغيرات معينة في القصة. فمثلا قد يكون ملائما التبديل بين احساسين بصريين مختلفين للتعبير عن تبدل في متغيرات القصة كالمكان، أو الفترة الزمنية. ويمكن أيضا للإحساس البصري ومتغيراته أن تعبر عن نمو الشخصية وتطورها.
Lighting
الإضاءة هي وسيلة المصور الأساسية التي تؤثر مباشرة على كيفية تسجيل وظهور الصورة على الشاشة. فعند إضاءة اللقطة، يكون الاهتمام الأساسي للمصور هو توزيع الإضاءة لإبراز الثلاثة أساسيات وهما موضوع التصوير modeling , والحركة movement , والحالة المزاجية Mood للقطة.
هو كيفية توزيع الإضاءة على موضوع التصوير( الممثل ) من حيث الظلال وتركيز الإضاءة. ويؤثر هذا التوزيع على مدى وضوح تفاصيل الصورة على الشاشة، خاصة تلك التفاصيل المتعلقة بتعبيرات الوجه. وحين يتم تحريك مصدر الضوء أفقيا ورأسيا حول الموضوع، عندها تتكون أنواع مختلفة من الإضاءة والظلال. فمثلا لو أن مصدر الضوء موجه مباشرة أمام موضوع التصوير، ستتكون كمية قليلة من الظلال ، في حين لو كانت الإضاءة جانبية، ينتج عن ذلك كمية كبيرة من الظلال .
وتستخدم تلك الإضاءة للتعبير عن معنى ما خاص بالشخصية أو المشهد. فمثلا الممثلة التي تسلط عليها الإضاءة من الأمام بحيث يوجد معها القليل من الظلال، يكون مظهرها ناعما وهادئا، مما يناسب المشاهد الرومانسية أو الكوميدية . أما الإضاءة الجانبية، فتعطى نتيجة مختلفة تماما. حيث تظهر تفاصيل الوجه وعيوبه من خلال تداخل الظلال على الوجه. وتساهم تلك الطريقة في معرفة شخصية الممثل، وهي مناسبة للمشاهد الدرامية. وتعطى الإضاءة من أسفل الإيحاء بأن شيئا سيئا على وشك الحدوث .
تختلف الإضاءة للحركة عن الإضاءة الموجهة لتكوين الظلال للشخصيات الثابتة من ناحيتين:
1- تتضمن الإضاءة للحركة إضاءة مساحات أكبر من موقع التصوير، لإعطاء مساحة كافية للحركة سواء الحركة الجسمانية , أو حركة الكاميرا .
2- تعتمد الإضاءة للحركة أساسا على المزاج العام للمشهد، أكثر من اعتمادها على الشخصية والتفاصيل.
الإضاءة للحركة
تهتم إضاءة الجو العام بتوصيل الإحساس بالزمان , والمكان , والمزاج النفسي إلى المتفرج . ويتضمن ذلك غالبا إضافة لمسات صغيرة للإضاءة لتحدث تأثيرا كبيرا في الشكل العام للمشهد. وتوجد ثلاث أساليب فنية أساسية مستخدمة:
ويتضمن ذلك إضاءة مناطق معينة داخل الكادر، مما يؤدى إلى جذب انتباه المتفرج لشيء معين داخله لكي تعزز التكوين البصري.
وهو تكرار أنماط للضوء والظلال داخل الكادر. ويمكن لهذه الأنماط أن تكون متحركة أو ثابتة. فأضواء عربة متحركة مثلا يمكن أن تكون أنماطا أثناء مرورها.
يمكن استخدام تغييرات الإضاءة داخل المشهد لإضافة جو عام مباشر . وتشتمل الأمثلة على ذلك، إزاحة الستائر في الصباح للسماح لضوء الشمس بالدخول، أو عندما يتبادل إطلاق النار وتطفئ رصاصة مصابيح غرفة الجلوس مثلا .
أما تغير الإضاءة من مشهد لآخر، فيمكن باستخدام التغيرات في الميل slant , وأصل hue , وكثافة intensity الإضاءة للإشارة إلى التحولات الكبيرة في عواطف الشخصية. وهي تعتبر طريقة ممتازة لإضفاء نوع من التنوع داخل الأماكن الضيقة . وقد استخدم هذا الأسلوب في فيلم “Rear Window”، حيث تقع كل أحداث الفيلم تقريبا داخل شقة صغيرة.
مثل كل شيء يظهر على الشاشة، فإن المضمون الحركي والدرامي في اللقطة هو الذي يحدد طريقة إضاءته. وعموما، سنعرف بالطبيعة أن اللقطات القريبة تهتم بالتفاصيل والإضاءة المباشرة التي تظهر الظلال وتعطى وضوحا أكثر لتفاصيل الوجه. بينما تهتم اللقطات العامة بالحركة والمزاج العام.
الموضوع تم نقله من: http://www.forum.topmaxtech.net/t105980.html#ixzz6GK3fRhu3