فى خان المغربى بالزمالك يقام حالياً معرض بعنوان “حوار متباين” يجمع بين الفنان سعيد العدوى ، والخزاف محمد مندور .
وتؤكد فكرة المعرض هذا الحوار المتباين ، فيأخذنا سعيد العدوى (1938-1973) فى رحلته التجريبية ولوحاته ذات اللونين الأبيض والأسود التى إتسم بها أسلوبه الفنى الفريد.
لقد إلتحق “سعيد العدوى” بأول دفعة فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية حين إنشائها عام 1957، وأسس مع محمود عبد الله ، ومصطفى عبد المعطى جماعة التجريبيين ، حيث أقاموا أول معارضها عام 1965 .
فى حى بحرى بالإسكندرية – كان ميلاده – بدروبه وطرقاته وبيوته وكائناته المظلمة وصياديه ، ووجوه شخوصه وحيواناتها التى نراها فى لوحاته ، وقد أضفى هذا الميلاد هذه الأجواء المفعمة بالصمت والسكون والظلمة والأبدية التى تغمر لوحاته ، كل هذه الكائنات متراصة متلاحمة ومتجاورة فى سكون ، وفى زمان لانهائى نراها فى اللوحات .
لقد إستطاع العدوى أن يشق لنفسه أسلوباً فريداً متميزاً . فهل أثرت الإسكندرية بشواطئها وبحرها الهادر حيناً ، والهادئ حيناً آخر ، وشخوص صياديها وحركاتهم فى تلك الأزقة ، وهذا الحس الشعبى وظلمة البحر الساكن مع ضوء قوارب الصيد فى ظلمات الليل الساجى . هل أثرت الإسكندرية برمالها وصخورها التى يرتطم بها البحر بقوة فى ليالى الشتاء الباردة . هل كان له أثر على سعيد العدوى حين إختار مشروع تخرجه عن البحر والصيادين
لقد جنح الفنان إلى هذه العوالم المدهشة ، تحاورنا ، تهمس إلينا ، كائنات فى لحظات صمت وعزلة ساكنة ، وكأنه إنتزعها من واقعها ، هذا العالم المبهم الغامض لتسرى فى أوصاله هذه التكوينات المغمورة باللون الأسود لون الليل والظلمه .
و يقول عنه “إسماعيل عبد الله” فى الكتيب التذكارى لبينالى الإسكندرية العشرون لدول حوض البحر المتوسط حيث كان العدوى من ضيوف الشرف “.. كان الرسام المناضل الذى حرث أرض التجريب بقوة البدائيين – لم تزد سنوات الإبداع الحقيقية فى حياة العدوى عن عشر سنوات- ، وكانت السنوات الثلاث الأخيرة منها .. تمثلت فيها الرمزية إلى الحد الذى دفعه لأن يتوحد معها لقد ذهبت أعمال العدوى إلى مرحلة – لم يبلغها فنان آخر- من الناحية العددية فى إتجاه تجريب ذاتى صامت ، لقد أسفرت تجربة العدوى عن العديد من المريدين و الناقلين و العابثين بأعماله. ولكن من الصعب أن نجد أحداً يضارعه . .. لقد كان العدوى صريحاً فى ملامستة لحقائق الحياة الحارة. .”
أما الفنان محمد مندور ، المقيم فى الفسطاط ، مدينة الفخار والخزف ، حيث صدى الزمان وصوت التاريخ . يحيا الفنان وينثر أعماله الخزفيه متأثراً بالمعمار المصرى– الذى يسكن روح الفنان – قد يكون فى سموق مئذنه ، أو فى قباب بيت يسرى الضوء عليها فى تناغم .
كما تأثر أيضاً بتشكيل الأوانى المصرية القديمة فالتراث لدى “مندور” منبع للإلهام والرؤية الفنية ، و تتسم أعماله بالشخصية المصرية . وتقول “ميرفت السويفى” عنه : لقد إستلهم من التراث الإناء وطوره ، وأبدع من خلاله أشكاله التى تميزت بالتقنيات العالية . بالتحكم فى بناء أشكال الآنية على الدولاب ، و أوانيه ذات طابع إسلامى شرقى مصرى مميز ، وقد ركز إبتكاراته فى شكل الإناء وتقنياته، أما الطلاءات الزجاجية فتأتى كمكملات للشكل الخزفى” .
بقلم/ا.د ماجده سعد الدين
المعهد العالى للنقد الفنى
اكاديمية الفنون
المصدر/جريدة القاهرة 13/4/2010
نماذج من اعمال….. سعيد العدوى