السينما الصينية أول ضحايا كورونا.. وهوليود تدفع الثمن أيضا
يبدو أن تداعيات انتشار فيروس كورونا الذي تفشي في الصين بداية من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد أن أثرت سلبا على قطاعات عديدة كالصحة والاقتصاد والطيران زادت حتى طالت صناعة الترفيه بأكملها، في تهديد صريح وقوي مجهول المدى والأبعاد.
الضحية الأولى
جرت العادة أن يتم إصدار أكبر أفلام العام الصيني خلال عطلة السنة القمرية الجديدة، باعتباره أكبر أسبوع في العالم بأسره حيث تتجاوز إيراداته المليار دولار، إلا أن المخاوف المتزايدة من الفيروس والتكتم بخصوص أعداد المصابين بالبدايات جعل الجميع يخشون التجمهر في الأماكن المزدحمة.
وهو ما نجم عنه قيام الموزعين بإلغاء طوعي أو تأجيل العديد من إصدارات الأفلام الرئيسية تزامنا مع إغلاق مؤق لسبعين ألفا من دور السينما والمسارح الصينية بل وإيقاف الإنتاج السينمائي الصيني بداية من 23 يناير/كانون الثاني. ووفقًا لما نشرته صحيفة “هوليود ريبورتر” الأميركية فإن إجمالي إيرادات البوكس أوفيس الصيني بالفترة الأخيرة لم يتعد 3.9 ملايين دولار، مقارنة بـ 1.5 مليار دولار بالوقت نفسه من العام الماضي.
هكذا سقطت السينما الصينية كضحية أولى بمجال الترفيه بعد أن كانت تأمل في أن تصبح قوة رئيسية بالسينما العالمية لمنافسة هوليود خاصة أنها ثاني أكبر سوق بشباك التذاكر بعد الولايات المتحدة وكندا. وإن كان ذلك لا يمنع أن منصات البث استفادت من الوضع الراهن، خاصة بعد أن لجأت بعض الشركات لطرح الأفلام الجديدة خلالها، محاولين تجنب الخسائر المادية الفادحة التي طالتهم.
من الشركات التي أقدمت على ذلك شركة “Huanxi” التي طرحت فيلمها الجديد “Lost in Russia” على الإنترنت، ومع نجاح التجربة تكرر الأمر في 31 يناير/كانون الثاني ليصبح الفيلم (The Dragon Dragon) هو ثاني فيلم صيني يعرض على الإنترنت بعدما أصدرت الحكومة أمرها رسميا بإغلاق المسارح.
غياب ملحوظ
رغم حضور المخرج الصيني “جيا تشانغ كه” فعاليات مهرجان برلين السينمائي الذي أقيم أواخر فبراير/شباط الماضي، حيث عرض فيلمه الوثائقي “السباحة للخارج حتى يتحول البحر للون الأزرق” (Swimming Out Till the Sea Turns Blue)، فإنه صرح في حديث له مع موقع “إندي واير” بأنه كان يخشى إلغاء رحلته إلى برلين. وإن كان بعض مساعديه فضلوا عدم السفر، مما جعله شبه وحيد، وسط غياب ملحوظ للموزعين الصينيين.
من جهته، أعلن مدير “سوق السينما الأوروبية بمهرجان برلين” إلغاء حضور الوفد الصيني الذي كان يخطط للقدوم، لصعوبة الحصول على التأشيرات بسبب الوضع الصحي الحالي في الصين من جهة، ومن جهة أخرى خوفا من أن ينفر منهم بقية الحضور.
ومع تفشي الفيروس قرر أربعة وعشرون من أصحاب دور السينما في الصين عدم حضور (CinemaCon) “المؤتمر العالمي السنوي لعارضي الأفلام” المقرر عقده في لاس فيغاس في الفترة من 30 مارس/آذار إلى 2 أبريل/نيسان، وإن كان أصحاب دور العرض في إيطاليا وكوريا ما زالوا يعتزمون الحضور رغم ظهور حالات ببلدانهم.
هوليود أيضا تدفع الثمن
لم تتوقف الخسارة عند هذا الحد، فسرعان ما وجدت هوليود نفسها تدفع جزءا من الثمن، فمع إغلاق دور العرض الصينية ألغيت الإصدارات الأميركية البارزة التي كان من المفترض عرضها في الصين مثل “1917”، و”جوجو رابيت”، وغيرهما.
قبل أن يصرح “بوب إيغر” الرئيس التنفيذي لشركة ديزني بأن عرض فيلم “مولان” بنسخته الحية الجديدة والذي كان من المقرر عرضه 27 مارس/آذار الجاري في الصين لم يعد محتمل الحدوث. وتعلن شركة “مترو غولدوين ماير” للإنتاج إلغاء العرض والدعاية الصينية لفيلم جيمس بوند الجديد “لا وقت للموت” (No Time To Die) الذي كان من المقرر عقده في أبريل/نيسان المقبل.
المهمة المستحيلة
مع نهاية الشهر الماضي، تصاعدت الأزمة أكثر إثر الإعلان عن انتشار فيروس كورونا في إيطاليا، وانطلاقا من توخي الحذر وجهود حكومة البندقية المحلية لوقف التجمعات العامة ردا على تهديد الفيروس، تم إيقاف تصوير الجزء السابع من فيلم “مهمة مستحيلة” وذلك حتى إشعار آخر.
وتزامن ذلك مع إعلان جمعية الفيلم الأميركي عن مراقبتها الدقيقة لتقارير مسؤولي الصحة العامة حول الفيروس وكيفية تدبير الحماية للحد من تأثيره. فيما أصدرت نقابة ممثلي هوليود بيانا تؤكد فيه أنها لن تعمل إلا في إطار يضمن سلامة أعضائها.
الخسارة مستمرة
الصين وهوليود ليستا الوحيدتين اللتين دفعتا الثمن حتى الآن، فكوريا الجنوبية تضررت أيضا إذ اضطرت الكثير من فرق البوب الكوري لإلغاء حفلاتها وجولاتها الموسيقية داخل البلاد وخارجها. وحسب ما ذكر بمجلة “فارايتي” فإن إيرادات شباك التذاكر في كوريا الجنوبية انخفضت بنسبة 30% إلى 40% في يناير/كانون الثاني 2020 مقارنة بالسنوات السابقة.
وبالرغم من تأكيد أول حالة إصابة بالفيروس في نيس بفرنسا، فإنه تم إصدار بيان يفيد بكون مهرجان كان السينمائي سيقام كما سبق وقرر له بالفترة من 12 إلى 23 مايو/أيار، فهل يتحقق ذلك أو ستأتي الرياح بما لا تشتهي السفَن؟
لكن، يبدو أن فرنسا تغرد وحدها خارج السرب، بدليل إصدار القائمين على “مهرجان سالونيك للأفلام الوثائقية” بيانا رسميا مساء الاثنين الماضي يعلنون فيه تأجيل دورته الـ22 التي كان من المفترض أن تقام في اليونان بداية من 5 وحتى 15 مارس/آذار الجاري، حرصا منهم على سلامة الجميع، وإن كانوا يطمحون لإقامته خلال عدة أشهر.
أما على صعيد الوطن العربي، فسجلت أولى الخسائر الفنية مساء الثلاثاء إذ أعلنت “مؤسسة الدوحة للأفلام” عن إلغاء الدورة السادسة من ملتقى “قمرة” السينمائي، الذي كان يفترض إقامته بين 20 و25 مارس/آذار الجاري، وهو ما أرجعته المؤسسة لانتشار الفيروس ومحاولاتها الجادة لإدراك مسؤوليتها تجاه الوضع الحالي.