منذ أكثر من 3 آلاف عام، رسم إنسان الكهف ما يشبه اليوميات على جدران الكهوف. يسجل أنشطته اليومية، وطقوس الصيد والعبادة. وحتى اليوم، وعلى مدار آلاف السنين، ظل الإنسان يحمل معه عاداته البدائية تلك، أينما ذهب وفي أي عصر كان.
وبمرور الزمن، استطاع البعض أن يحفروا أسماءهم خالدة في تاريخ تلك الحرفة. وربما صار الوقوف على أسمائهم، كأشهر الرسّامين في تاريخ البشرية، أمرًا غير مُختلف عليه بُحكم طبيعة أعمالهم العابرة للزمان وللقوميات والأيديولوجيات.
أوّل مَن صار اسمه خفاقا في تاريخ تلك الحرفة هو الرسّام الموسوعي الإيطالي ليوناردوا دافنشي (15 إبريل 1452 – 2 مايو 1519). دافنشي كان رساما ومهندسا ونحاتا ومعماريا ورسام خرائط ومنشورات علميّة. وهو أحد أشهر علماء عصر النهضة، ويعتبر أحد أعظم العباقرة في تاريخ البشرية ككل. وكثيرا ما وُصف باعتباره صاحب “خيال إبداعي مُنقطع النظير.”[1]
وتعتبر لوحته الموناليزا أشهر لوحة في تاريخ البشرية على الإطلاق لا يُنافسها في تلك المرتبة لوحة أخرى. واللوحة اليوم ملك للحكومة الفرنسية. ويرفض متحف اللوفر بيعها نهائيا؛ بل وحفظها خلف لوح زجاجي مقاوم للرصاص وفي بيئة يتم التحكم بمناخها. ويُقدر سعرها، حتى عام 2016، بسبعمائة وخمسين مليون دولار أميركي. ويصل عدد زوارها إلى ستةِ ملايين زائر كل عام.[2]
الرسّام الثاني هو الرسام والنحات الإسباني بابلو بيكاسو (25 أكتوبر 1881-8 أبريل 1973). ويُعتبر أيضًا أحد أشهر الرسامين التشكيلين في القرن العشرين. أسس لأسلوب جديد في الرسم استوحاه من الفن الأفريقي. بحيث تتغير مقاسات وأشكال عناصر اللوحة، لكنها تحتفظ بخصوصيتها الجماليّة. فصار رائد الحركة التكعيبيّة وأحد مؤسسيها.[3]
واحتلت لوحته،”الجيرنيكا / (The Guernica)”، التي رسمها، عام 1937، في خضم الحرب الأهلية الإسبانيّة، قوائم أشهر اللوحات في التاريخ من يوم نشرها حتى الآن. وتعتمد اللوحة على لونين وحيدين، هما الأبيض والأسود بدرجاتهما. وتصور عددا من البشر مُقطعين لأشلاء وهو الحدث الواقعي الذي عاشته قرية الجرنيكا عندما فَجّرها سلاح الجو الألماني تحت حكم هتلر.[4]
الرسام الثالث هو، فنسنت فان جوخ 30 مارس 1853 – 29 يوليو 1890. الانطباعي الذي عانى اضطراب ثنائي القُطب وانتحر في سن السابعة والثلاثين، خلَّف وراءه أكثر من ألفي لوحة. وهو عدد ضخم مقارنة بحياته القصيرة. فان جوخ اليوم أحد أشهر الرسّامين وأحد أهم روّاد الانطباعية التي مهدت لظهور الفن الحديث ككل.[5]
وتعتبر لوحته “ليلة النجوم / (Starry Night)” إحدى أشهر اللوحات في التاريخ وإحدى أشهر لوحاته ككل. تعتمد اللوحة، التي رسمها عام 1889، على اللون الأزرق والأصفر والأبيض بدرجاتهم، كما اعتمدت ضربات حادة ومتقطعة للفرشاة. واعتبرها الأطباء بمثابة رسالة انتحار؛ لأن فان جوخ رسم فيها شجرة سرو تربط بين الأرض والسماء. وقد عُرف شجر السرو في تلك الفترة بأنه شجر المدافن والمقابر.[6]
الرسّام الرابع هو الفرنسي الرقيق جدًا كلود مونيه 14 نوفمبر 1840 في باريس – 5 ديسمبر 1926. ويعزى إليه ظهور المدرسة الانطباعية، إحدى أوائل مدارس الفن الحديث، عندما رسم لوحة “انطباع شروق الشمس”، عام 1872، مستخدما أسلوبا جديدا في تصوير المشاهد.[7]
ومونيه اليوم يتصدر قوائم أشهر الرسامين في العالم بسلسلة لوحات، شرع فيها عام 1919، وهي زنابق الماء. والتي يتخطى سعر اللوحة الواحدة فيها ثلاثين مليون دولار أميركي. والسلسلة ككل مستوحاة من حديقة بيته في جيفرني في فرنسا.[8]
الرسّام الخامس هو النحات والمعماري والرسّام الإيطالي مايكل آنجلو (1475 – 1564). وهو أحد أبرز فنانين عصر النهضة بعد دافنشي. ركزت لوحاته ومنحوتاته بالجسد البشري عاريًّا. أظهرت جميع أعماله جهدًا وموهبة جبارة، ركز على رسم الميثولوجيا والحكايات الدينية، وترك إرثًا فنيا خالدًا ولعل أبرز ما رسمه هو لوحته “خلق آدم / (The Creation of Adam)”.
اللوحة هي واحدة من سلسلة من اللوحات الجصية التي زينت سقف كنيسة سيستينا؛ أكبر كنيسة في القصر البابوي في الفاتيكان. والسلسلة تصور جميع مراحل سفر التكوين. وفي اللوحة، يهب الرب الحياة لآدم عبر نفس إلهي متمثل في لمسة من أطراف الأصابع. بالرغم من أن اللوحة ليست الوحيدة في السلسلة التي تصور عملية الخلق إلا أنها صارت أيقونية وإحدى أشهر اللوحات في التاريخ تعبيرًا عن خلق الإنسانية. وقد تم تقليدها ومحاكاتها مُحاكاة ساخرة في عشرات آلاف الأعمال الفنية.[9]
وبالرغم من أن قوائم أشهر الرسامين وأشهر اللوحات امتدت لتشمل عشرات بل مئات الرسامين على مر التاريخ؛ إلا أن تلك اللوحات الخمس تعتبر الأشهر بين العوام بعيدا عن أوساط المثقفين ونخبوية الأكاديميين.[10]