معرض نادي التصوير الفوتوغرافي- عين على النور … وأخرى ترصد الإبداع
كتب إبراهيم الشاخوري – صحيفة الميثاق البحرينية
مع افتتاح المعرض السنوي لنادي التصوير الفوتوغرافي، والذي احتضنته جمعية البحرين للفنون التشكيلية مساء السبت الماضي، انفتحت الرغبة في طرح التساؤلات حول الخيط الرفيع بين الجرافيكس والفن الفوتوغرافي، رغبة يكسوها شذا الإبداع ويعانق لحظاتها سكينة التألق الذي خرج عبر عيون الفنانين الذين شاركوا في الأمسية.
الفن المتقاطع مع التقنية، والتلاعب بمفردات الضوء هو ما يشعل أمسيات نادي التصوير الفوتوغرافي التي ستمتد أسبوعاً من ليلة الافتتاح، وهو ما يؤكد كذلك علي طموح النادي في تأكيد حضوره واستمراره في الخطو ثابتاً بعد مشاركاته المتعددة المحلية والخارجية، والتي كان أبرزها مشاركته في المؤتمر العالمي للتصوير الفوتوغرافي الذي عقد في هنغاريا العام الماضي.
جاء المعرض السنوي لنادي التصوير بمشاركة العديد من الفنانين، حيث يشارك كل فنان بأربع صور تتمحور حول موضوع واحد، ما أعطي المجال لكل فنان في أن يبرز لمسته وتقنيته في التصوير. ولهذا جاءت التجارب متعددة ومتنوعة، بعضها واضح ومباشر في اقتناصه للصورة، في حين اختارت بعض التجارب الأخري أن تلامس الخط الرفيع الفاصل بين الجرافيكس والتصوير الفوتوغرافي.
تمحورت التجارب عموماً حول المناورة في ساحة التعريض الضوئي عن طريق تغيير زمن التعريض أو سرعة الغالق، وكذلك تغيير الفتحة النسبية للحدقة أو فتحة العدسة. في حين اختار بعض المشاركين الاتكاء علي تقنية تحريك الكامير أثناء إغلاق العدسة ما يفضي إلي ترسيم مغاير للضوء والألوان. في حين أن البعض اختار التلاعب بالظل ودرجاته ليرسم مشاهده ويرصد إبداعه.
يعقوب محمد علي في تجربته، عمد إلي اقتناص حدث الفورمولا واحد، ليرصد كل الحركات السريعة في لحظة جمالية، مستنداً علي الحضور الغني للون في الحدث ليسجل عبر إتقانه اقتناص اللحظة تجربته المتميزة
في حين يتجه أحمد العبيدلي لرصد الاحتفال الموسيقي الرابع ليرسم الوجوه وبعض ملامح الأجساد. ويحرص العبيدلي علي اختيار زوايا التصوير بعناية، ليجسد تقاطع الثقافات عبر تقاطع عدسته مع الألوان، فجاءت
صوره مملوءة بالسكينة، وإن فاضت إحداها بمحاولة للترسيم الثلاثي الأبعاد
حيدر رفيعي، يتعب كثيراً حتي تولد الصورة من رحم الضوء عنده، فهو يعتمد المباشرة في الرصد بعيداً عن تقنيات الأتمتة التي لا يتكئ عليها كثيراً، بقدر ما يتكئ علي عنايته الشديدة في اختيار لحظة التسجيل، فنراه يعود لأمنا النخلة، حيث يرصدها في لحظات متعددة، ليستنطق ما يكتبه الأفق الأزرق أو حمرة الغسق علي وجه النخلة
يذهب عادل العباسي للتركيز الدقيق علي أدق تفاصيل الأسلاك الشائكة، ويختار زوايا تصوير مبدعة تفضح تعرجات والتفافات الأسلاك التي يبدو من وسطها الصليب خارجاً، ما يفتح الباب لقراءات عدة لصوره، في حين نري بعض الأسلاك في صوره تقطر ندي، وهذا ما استطاع رصده باختياره لتقنيات مناسبة لرصد هذه التفاصيل الدقيقة جداً.
خليل حماد ينحاز للظلال في تجربته، فهو يركز علي حضور الظل القوي ليرصد الوجوه، وعبر تقاطع تعابير الوجه مع الإضاءة يرسم حماد تجربته الجميلة، والتي تشدك للولوج كثيراً في التدقيق في تفاصيل الوجوه ما يكسر في ذواتنا النظرة الروتينية للوجوه العابرة في حياتنا.
أما علي كاظم، فليجأ للتلاعب بسرعة الغالق مع العبث بلحظة التصوير ليستنطق الألوان في جمودها، راصداً للضوء وهو يتموج في فرنسا، وهو بتجربته يخرج من انحباس الضوء ليدخل في بوتقة الخطوط التي تنسج حكاية المشهد بعيداً عن جموده وخارجاً عن محاصرة الإطار له، في حين تتجه حنان حسن للتحكم في سرعة الغالق والبؤرة، لترصد الأزهار في رؤية مختلفة داخلة في أدق التفاصيل ومتحركة من الخارج الواسع ليدخل في التفصيل الدقيق، ما يرصد الزهور في عيون مبدعة عبر تجربتها.
عمار عبدعلي، الفائز بالمركز الأول والثالث لأجمل صور، والفائز بالمركز الأول كأفضل موضوع تتمحور حوله الصور، لجأ إلي التقنية ليرصد تجربته، ولأن الصورة تقف عند حدودها منتظرة عين الفنان ولمسته لتنطلق لأفق أرحب، كانت عين عمار الراصدة لجمال المشهد هي الأكثر جمالاً وحضوراً، فعين عذاري التي تحتضر، عادت للحياة عبر عدسته. اختيار عمار لمشرّح الأشعة تحت الحمراء أعطي صوره جمالاً لا اعتيادياً، وجعلها مميزة لدرجة تدفع بك للاستغراب من كل هذا الجمال الذي تبوح به عين عذاري حتي وهي تحتضر.
أما لدي علي الكوفي، فشيء من التجريب يكفي ليستنطق العيون التي تحاول قراءة أعماله، وهو كذلك كما في بعض التجارب يتكئ علي الخيط الرفيع الفاصل بين الجرافيكس والفوتوغرافيا ليرسم تجربه وحضوره المميز، حيث يبقي حضوره جميلاً عبر اختياره المميز والدقيق للون.
في حين يأتي السوق بملامحه مختلفاً عبر عدسة عديلة الموسوي، حيث تبرز بهاراته وأشيائه بألوان فاتحة والباهرة، ولمسات العين الراصدة للحركات هو الجميل، حيث زوايا الرؤية تدفع للتأمل كثيراً في تجربة عديلة الخصبة.
حسين الصيرفي يتكئ علي جمال الإضاءة في بياض جبال الألب ليرسم الجمال في صوره بألوان جميلة وصافية، ما يعكس شفافية مميزة وتألقاً جميلاً،
في حين يتجه عباس الموسوي ليرصد الريف في أعماله، حيث يتعمق في تفاصيل الأشياء ليجعل لحظات الرصد عنده تبوح بكل التفاصيل.
لدي بثينة فخرو، والتي تغفو بسفنها في الصور علي بعض من الجرافيكس، وترصد السفن بألوانها، ما يعطي للصورة جمالها ويعطي لبثينة إبداعها.
في حين يتجه نزار الحداد للطيور ليجعلها تحلق بصوره نحو سماء إبداعه، وهو في صوره لا يجمد الحركة بقدر ما يفتح لها فضاء آخر من القراءة والتأويل.
جاءت تجربة خالد بوشهري مغايرة لدرجة ما، فهو في رصده لليومي والعابر من حياة ”البحرين” في كل تفرعاتها، نراه يعطي المشهد كله طبيعية عبر تصويره المغرق في البساطة والمباشرة كأنه يلجأ لتصوير اليومي بيوميته بعيداً عن ما قد يشوبه من تقنية أو أي شيء آخر.
أما عقيل الموسوي فنراه يرصد أضواء الكرسمس بجمال لا اعتيادي عبر عدسته التي يلهو بها مستنطقاً خيوط الأضواء ليرسم فضاء تجربته المميز.
جواد الجد في تجربته يرصد مختلف الملامح الإنسانية، وهو حين يستوقف بصورته مشاهد مختلفة للبشر البسطاء، يكتفي بإيقاف الزمن في صورته ليجعل الصور تتحدث بعد ذلك عن ذاتها، في ألق ووضوح وصفاء مميز.
كل التجارب التي عرضت في معرض نادي التصوير الفوتوغرافي السنوي، كانت تجارب تستحق التأمل والوقوف طويلاً، وهي تجارب كانت بحق مميزة وجميلة، ما يفضي بالضرورة للشد علي أيدي أعضاء نادي التصوير، وتوقع المزيد والأجمل في الأيام القادمة.
المصدر صحيفة الميثاق البحرينية