احتفى محرك البحث غوغل بذكرى ميلاد الفنان التشكيلي السوري لؤي كيالي الخامسة والثمانين، والذي عرف برسمه للبسطاء وتقديره لهم.
وقال غوغل “في ما كان يمكن أن يكون عيد ميلاده الخامس والثمانين، نتذكر لؤي كيالي كفنان ذي حس عال كان يسعى لأن يرسم تماما ما يراه ويشعر به، وله تأثير كبير على مستقبل أجيال عديدة من فناني سوريا“.
وكيالي هو فنان سوري فتح عينيه على أشجار حلب في أحد أحيائها القديمة في 20 يناير/كانون الثاني 1934، وعاش طفولة سعيدة مع عائلته وأخواته الثلاث، وفي حلب رسم لوحته الأولى في الحادية عشرة من عمره، وعرضت لوحاته الأولية في مدينته الأم قبل أن يكمل عامه الثامن عشر.
وأوفدته وزارة المعارف السورية عام 1956 إلى إيطاليا لدراسة الرسم في أكاديمية الفنون الجميلة في روما، بعد أن فاز بمسابقة وزارة المعارف السورية. وفي إيطاليا عُرضت لوحاته في معارض مختلفة وفاز بجائزة مسابقة سيسيليا (Sicilia) الأولى، والجائزة الثانية من مسابقة “ألاتري” (Alatri)، والميدالية الذهبية للأجانب في مسابقة رافيّنا (Ravenna) عام 1959.
تألقه الفني وأزمته النفسية
عاش كيالي فترتين ذهبيتين في حياته، كانت الأولى بعد أن تخرج في قسم الزخرفة بأكاديمية الفنون الجميلة في روما، وعاد إلى دمشق ليعمل مدرسا للتربية الفنية في مدارس العاصمة التي أقام فيها معرضا للفن العالمي الحديث، وقدم خلاله 28 لوحة زيتية و30 رسما تخطيطيا، بحسب عضو اتحاد الكتاب السوري فاضل السباعي.
وفي عام 1962، بدأ تدريس الرسم والزخرفة في المعهد العالي للفنون الجميلة، وعرض في العام نفسه معرضا رابعا للفن العالمي الحديث في العاصمة السورية، وسافر إلى إيطاليا ليقيم معرضين في ميلانو وروما في منتصف ستينيات القرن الماضي، وعبّرت لوحته “ثم ماذا؟” عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين العرب، ورسم خلال الفترة نفسها عشرات اللوحات الشخصية (بورتريه).
لكن أزمة نفسية بدأت معه في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي، وجدت طريقها إلى وجدانه ولوحاته على حد سواء، ورسم في هذه الفترة لوحاته بالفحم ومثلت معاناة الإنسان، وتنقل معرضه الذي حمل هذه اللوحات بين المدن السورية الكبيرة.
وبعد تقاعده عاش فترة تألق فني وعرض لوحاته في معارض بدمشق وبيروت، وحاول الهجرة إلى إيطاليا لكنه عاد إلى مدينته الأم حلب التي قضى فيها حرقا في العام 1978، عندما احترق في سريره وفارق الحياة ليدفن في مقبرة الصالحين بحلب.
فنان الحزن النبيل و”القضية”
عرف كيالي بحساسيته المفرطة، فقد تأثر نفسيا بالانتقادات التي وجهت إليه، وتسبب ذلك في معاناته وربما اكتئابه، لكن أعماله الفنية ورسوماته التي تنوعت بين رسم الطبيعة وتصوير معاناة الإنسان ظلت باقية وحظيت باهتمام عالمي من قبل الفنانين والنقاد.
وتأثر كيالي بنكسة 1967 كثيرا، وأبدع في ظلالها القاتمة لوحات معرض “في سبيل القضية” التي كانت مثار جدل في بلاده وقتها.
وأبدع كيالي في الرسم بالزيت وأنتج العديد من اللوحات الزيتية على القماش والكرتون والخشب، كما رسم بالألوان المائية على الكرتون وأبدع في استخدام الرسم بالفحم والرسم الكروكيه والبورتريه.
ويعرف كيالي بأسلوبه الواقعي وانسيابية خطوطه التي تعبر عن الإنسان والبعيدة عن الألغاز والسريالية، وتتميز لوحاته بمضمونها الإنساني المؤثر وإحساسه المرهف بالمأساة والمعاناة.
وكان لشعوره الوطني والعربي تأثير واضح في لوحاته التي يعالج كثير منها قضايا الأرض والوطن والإنسان، فمشاعره تجاه الاحتلال والعبث بالأوطان والفقر العام واضح دون شك، مما يجعله فنانا متفاعلا بصدق مع بيئته ومجتمعه.
المصدر : الجزيرة