لاجئة سورية هربت من الحرب التي مزقت بلدها في عام 2016؛ تتمكن اليوم من إنشاء شاحن يستخدم منافذ هواء الطائرة لتزويد أجهزة الطائرة بالطاقة
قبل ثلاثة سنوات من الآن؛ كانت (شوشي باكاريان) مع أبويها وأختها في لبنان يواجهون مستقبلاً مجهولاً، وذلك بعد أن تركوا موطنهم وهربوا كلاجئين، كانت العائلة تعيش سابقاً في حلب التي مزقتها الحرب الأهلية التي أطاحت بنسبة كبيرة من البنية التحتية السورية.
يمر 36 شهراً ونجد (شوشي) الفتاة ذات الـ22 عاماً تدرس هندسةَ الطيران في جامعة (كونكورديا) في (مونتريال) في كندا، وتعمل في كلتا شركتي Bombardier Aerospace وStratos لصناعة الطائرات ومحاكاة الملاحة الجوية، وفي نفس الوقت كانت مشغولة أيضاً بإنشاء جهاز توليد طاقة متجددة للطائرات.
كانت (شوشي) تعيش في سوريا مع والدتها (آني) ووالدها (أنتارانيك) وأختها التي أصبحت تبلغ من العمر الآن 24 عاماً واسمها (ميغري). نالت كلتا الأختان شهادتيهما الثانوية خلال فترة جنونية من الحرب حيث كانتا تدرسان والصواريخ والقنابل تنهمر على حيّهما، تقول (شوشي): ”كانت مدرستنا على خط النار، لذلك توجب علينا أن ندرس في روضة أطفال على مقاعد صغيرة لم تكن تسعنا، أنا دائماً ما أطلق نكاتاً حول هذا الأمر ولكن في الحقيقة الأمر ليس مضحكاً بل محزن“.
تضيف (شوشي): ”عندما كنت في الصف العاشر؛ بدأت القنابل الثقيلة بالسقوط على مدينتنا، وفي الصف الحادي عشر كنا نعيش دون ماء ولا كهرباء ولا إنترنيت، وهنا بدأ بعض الناس بالهجرة، ولكننا لم نكن نعلم كيف يمكننا الخروج من مدينة حلب، ولم نعلم مَن كان من الممكن أن يترصدنا ونحن في طريق الهروب ليختطفنا ويطلب فدية من أقربائنا، وبمجرد ما إن بدأت الصواريخ تتهاطل، لم يكن بمقدور أحد أن يحدد من أين تأتي وأين ستسقط“.
أمضت العائلة في لبنان حوالي السنة إلى أن شفيت الأم تماماً من أوجاعها، ولكن كلا الوالدين وصلا إلى استنتاج مفاده بأن فرص التعليم والعمل في لبنان محدودة جداً، وفي تلك الفترة؛ كانت كندا قد فتحت أبوابها أمام اللاجئين السوريين، وفي نهاية عام 2015 وصلت العائلة الصغيرة إلى كندا، لتبدأ حياةً جديدة.
بدأ الأربعة بحضور دورات لغة فرنسية وبدأوا محاولة إيجاد عمل، وفعلاً وجدت (شوشي) عملاً في (ماكدونالدز)، بسيطٌ لكنه قادر على مساعدة عائلتها إلى أن يتمكن أبواها من إيجاد عمل.
كانت (شوشي) لا تزال تعمل لمدة 30 ساعة أسبوعياً في (ماكدونالدز) وهي تدرس هندسة الطيران في نفس الوقت، وهنا بدأ عبء العمل يثقل كاهلها، تقول: ”كنت مرهقةً نفسياً وبدنياً وعقلياً، ولكنني الآن أعوض تلك المرحلة التي مررت بها، فعائلتي الآن بخير ونعيش حياة أفضل“، أثناء دراستها وقعت (شوشي) في حب أنظمة الطيران ومصادر الطاقة المتجددة وأنظمتها.
أخذت (إربي هاماليان)، بروفيسورة في الجامعة، الأختين تحت جناحها عندما وجدت عندهما هذه الرغبة الكبيرة في التعلّم والإبداع في هذا المجال في عام 2016، قالت البروفيسورة لوسائل الإعلام: ”كانتا تبدوان ضائعتين في بداية المطاف ولكن سرعان ما عادتا إلى الطريق الصحيح، تعلم كلا الفتاتين بالبضط ما تريدانه وهما موهوبتان بشكل لا يصدق، وتستطيعان التركيز بشكل جيد لتحقيق أهدافهما بمجرد وجود الإرادة، ليس في هذه الحياة الكثير مثلهن“.
بعدها وظفت (ناور كوهين)، مالكة شركة (ستراتوس) للطيران، (شوشي) بعد أن التقتها بأيام في برنامج توعية نسائية في مجالات الطيران، وهنا بدأت تعمل كمدربة على أجهزة محاكاة لطيران الشركة.
يدعى هذا الاختراع بـVentus، وهو شاحن ملحق بقوة 5 فولط لطائرات (سيسنا)، يدير فتحات التهوية في الطائرة ويبرد الهواء عن طريق ضغطه، ومن المحتمل أن يصبح هذا النموذج الأولي ضرورياً للطيارين الذين يعتمدون على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية لإدارة الحسابات والعمليات الجوية.
تقول (شوشي): ”أنا أحب الطاقة النظيفة والمتجددة كطاقة الشمس والرياح وغيرها، لذلك قمت بتطوير هذا الجهاز وإضافة فكرة الشاحن له، لقد أمضيت الصيف الماضي كله في التصميم والرسم والاختبار حتى نجحت الفكرة“، وتضيف: ”أريد أن تصل تجربتي إلى جميع الفتيات حول العالم، ليعتبرن منها ولا يحدُدن من قدراتهن ويقصُرنها فقط على مهن مثل معلمة صف أو شيء من هذا القبيل“.
أضافت: ”أخص بهذا الكلام فتيات بلدي اللواتي لا يعلمن مدى سعة مجالات الحياة، أريد أن أصبح قدوةً يحتذين بها“، وفعلاً أصبحت (شوشي) قدوة للكثيرات حول العالم، والعبرة هنا أنه بغض النظر عن أي مكان جئت منه ومدى عذابك خلال فترات حياتك، إن وضعت هدفاً يمكنك تحقيقه فقط ابذل ما بوسعك من جهد.