للأغنية الوطنية أكثر من وظيفة تنفرد بها عن باقي الفنون.
والقول إن قوامها إثارة مشاعر الاعتزاز بالانتماء إلى مكان أو جماعة لا يفيها حقها، لأنَّ في طيــات مشاعر الاعتزاز هذه تكمن عشرات المشاعر والأحاسيس المختلفة حتى حدود التناقض.
فكما يمكن للأغنية الوطنية أن تكون مثيرة لمشاعر الزهو والفرح عند الانتصار، يمكنها هي نفسها أن تبلسم الجراح عند الانكسار، وأن تدحض اليأس وتنهض بالآمال من جديد. ولذا لم يغب هذا النوع من الأغاني عن ثقافة أي مجتمع منذ أن كان مجرد أهازيج حماسية في المجتمعات البدائية، واستمر في التطور حتى أصبح فناً لا يجرؤ على التصدي له إلا ذوو الباع الطويل في الكتابة والتلحين والأداء.
ولمناسبة تزامن صدور هذا العدد مع احتفال المملكة باليوم الوطني التاسع والثمانين، يستعرض طامي السميري، بالتعاون مع أحمد الواصل ومحمد سلامة وعبدالعزيز السماعيل وسامي الجمعان ومحمد العباس، تطور الأغنية الوطنية السعودية منذ نشأتها وحتى اليوم، وأهم الخصائص التي ميّزت مسارها ووسمتها بطابعها الخاص.
لا يوجد في التاريخ القديم ما يحدِّد بدقة متى بدأت الأغاني الوطنية في الظهور. ولكن من المرجّح أن هذه الأغاني ظهرت مع بداية تشكّل التجمعات الإنسانية. فمن هذه التجمعات نشأت الصراعات، وتعدَّدت حالات التنافس، فكان من الطبيعي أن يبحث سكانها عما يشحذ الهمم ويشعل المشاعر ويعزِّز الانتماء إلى المكان والجماعة.
يرى الباحثون في تاريخ الموسيقى العربية وفن الأناشيد أن أول حركة إيقاعيّة عرفت عند العرب هي الحداء، لما تُشكّل في السير الطويل على الجِمال من إيقاع منظوم يُسرع أحياناً ويُبطئ أحياناً حسب مشيئة سائق الجِمال. ويذكر الأصفهاني في كتابه الأغاني أن ثَمَّة أناشيد كانت تُغنّى في العصر الجاهلي، ويصفها وصفاً أدبياً رائعاً، غير أنه لم يصلنا أي منها لعدم وجود التدوين الموسيقي آنذاك.
أما في صدر الإسلام، فقد احتلت الأناشيد حيّزاً لا بأس به في الفتوحات الإسلامية وكافة الحروب والغزوات التي توالت فيما بعد خلال العصرين الأموي والعباسي وصولاً إلى العصر الأندلسي، حيث استعملت الصنوج والطبول وآلات النفخ. وكان النشيد يؤدى غنائياً بمصاحبة الآلات الإيقاعية وبعض آلات النفخ التي أدخلت في العصر الأندلسي نظراً لتمازج الحضارة العربية بالحضارة الغربية. وأهم ما وردنا من الأناشيد الدينية التي ما زالت تُنشد حتى أيامنا هذه نشيد “طـلعَ البــدرُ عَلَيْنـــا”.
يذكر الأصفهاني في كتابه “الأغاني” أن ثمَّة أناشيد كانت تُغنّى في العصر الجاهلي، ويصفها وصفاً أدبياً رائعاً، غير أنه لم يصلنا أيٌّ منها لعدم وجود التدوين الموسيقي آنذاك.
أطلق على الأغنية الوطنية في العصر الحديث عديد من التسميات مثل الأغنية السياسية، أو الأغنية الملتزمة، وتهدف جميعها إلى إيجاد جو حماسي للجماهير. وبالفعل استطاعت الساحة الفنية مع الأيام أن تفرز هذه النوعية من الأغاني، وتوحد جمهورها الذي يستطيع تذوقها ويقدر أهميتها.
ولئن لم يحدّد المختصون خصائص محدَّدة للأغنية الوطنية على مستوى مادتها الموسيقية تميزها عن غيرها من الأغاني، فإن لهذه الأغنية على مستوى المتن الشعري (كلماتها) خصائص لا بد أن تتوفر فيها لكي يقال عنها إنها أغنية وطنية. ومن بين هذه الخصائص أن تتغنى كلماتها إما بالوطن وأمجاده التاريخية، أو أن تكون معانيها مستوحاة من واقع وأحداث مفصلية في تاريخ الوطن والشعب. وما من شك في أن المتأمل في مسيرة الأغنية الوطنية السعودية سيلاحظ أن هذه الخصائص متمثلة فيها، حتى أصبحت مشهداً بارزاً وقائماً بذاته ضمن المشهد الغنائي والموسيقي العربي المعاصر.
تطوّر الأغنية الوطنية في السعودية
قبل توحيد المملكة، ومنذ زمن غابر غير محدّد بدقة، كانت فنون الأداء والقول والحركة مثل العرضة والمزمار والزامل تكتنز معاني الفروسية، وتؤدي وظيفة تشبه إلى حدٍ كبير وظيفة الأغنية الوطنية الحديثة. ولكن، حتى عهد موحّد المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، رحمه الله، لم تكن هناك موسيقى مدوّنة في المملكة الفتية. وبالتالي، لم تكن هناك ألحان ولا إيقاعات ولا فرق موسيقية بالشكل الذي نعرفه اليوم. فكان “السلام الملكي” (1945م) أول عمل موسيقي مدوّن وُضع للفرقة العسكرية. أما الأغنية الوطنية، فلم يظهر منها آنذاك غير واحدة للموسيقار المصري الكبير محمد عبدالوهاب، وهي بعنوان “يا رفيع التاج”.
أما في عهد الملك سعود، رحمه الله، الذي عرف عنه حبه للموسيقى واهتمامه بها، فقد تكونت أول فرقة سعودية على يد العميد طارق عبدالحكيم، الذي قدَّم مع أقرانه أول أغانٍ سعودية وطنية اتسمت بلونها الشعبي البسيط والمستوحى من ألحان وإيقاعات المنطقة البسيطة كإيقاع الشرقين والسامري والرومبا والمارشات العسكرية التقليدية. فقدّم طارق أغنية “يالله تحفظ سعود” وقدَّم عبدالله محمد “صفالي سعدي وطاب” وهي على نفس لحن الأغنية الشهيرة “صفالي حبي اليوم”، وقدّم طلال مدّاح الناشئ آنذاك “يا صاحب الجلالة يا محقق العدالة” و”غروس المجد”، كما قدّم “سمير الوادي” وهو الاسم الفني للفنان الكبير متعدّد المواهب مطلق مخلد الذيابي أغنية “سعودٌ يا سعود” وقدّم الفنان الشجي فوزي محسون “ثامن الأعوام”.
حتى عهد موحّد المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، رحمه الله، لم تكن هناك موسيقى مدوّنة في المملكة الفتية. وبالتالي، لم تكن هناك ألحان ولا إيقاعات ولا فرق موسيقية بالشكل الذي نعرفه اليوم.
ثم كان أن غامر طلال مدّاح بتقديم أغنية تعتمد على المارشات العسكرية في موسيقاها وعلى إيقاع الشرقيين ومقام البيات الحنون في غنائها، وهي من كلمات مصطفى بليلة وألحانه وبعنوان “وطني الحبيب”. وأصبحت هذه الأغنية لاحقاً واحدة من أشهر الأغاني الخالدة في البلدان العربية، بعد تطوير لحنها لتصبح أغنية وطنية وعاطفية في الوقت نفسه.
وفي عهد الملك فيصل ثم الملك خالد، رحمهمـا الله، تفجّرت إبداعات الفنانين السعوديين بعد تمرسهم على الفن واحتكاكهم بموسيقيين كبار. فقدَّم طلال مدّاح ملحمة وطنية من كلمات الأمير عبدالله الفيصل ولحن طارق عبدالحكيم بعنوان “أفديك يا وطني”، كما قدَّم روائع، مثل “صناع المجد” من كلمات المذيع والمعلق الرياضي الشهير علي داوود وألحان سراج عمر. ويروي علي داوود أنه كان متخوفاً جداً من تجربة الكتابة الأولى، ولكنه حين عرض الكلمات على سراج قال له هذا الأخير: “يا رجل هذي ملحنّة جاهزة!” في إشارة إلى سلاسة الكلمات وسهولة تلحينها. كما لا ننسى أغنية “فيصلنا يا فيصلنا” التي انتشرت آنذاك أيما انتشار، وهي من كلمات الشاعر السوري مسلّم البرازي الذي كان يعمل بإذاعة الرياض.
وبما أننا ذكرنا اسم مسلّم فلا بد من أن نعرج على تجربته، إذ كان من أوائل الذين طرقوا الأغنية الوطنية من خلال وصف المدن بشكل عاطفي والتغني بها، فكتب لطلال مدّاح أغنية “حايل بعد حيي” التي يقول فيها:
“يانسمة الوادي
ياوردة في بلادي
حايل ربى الشادي
يا نرجس وكادي”
كما كتب للفنان محمد عبده أغنية “مرني بجدة”. وإذا ذكرنا أغاني المدن الوصفية، فلا يمكننا أن ننسى رائعة “أبها” لطلال مدّاح التي كتب كلماتها المصري أحمد رجب الذي كان مدرساً منتدباً في أبها ويقول فيها:
“لا تلوموني في هواها .. قبل ماتشوفو بهاها..
هي بس اللي هويتها.. قلبي ما يعشق سواها”
وكان لمحمد عبده روائع لا تنسى مثل “أوقد النار يا شبابها” التي أطلقها خلال ما سمي آنذاك بحرب الوديعة إبان عهد الملك فيصل.
أما في عهد الملك فهد، رحمه الله، وما بعده، فقد غنى السعوديون كثيراً من الأغاني الوطنية، ومن أشهرها “بلادي منار الهدى” للموسيقار الكبير سراج عمر وهي من كلمات اللبناني سعيد فياض. ويقول سراج عمر: “عندما سمعت الكلمات أعجبتني ولحنتها، لكن اللحن لم يعجبني، فقرَّرت ألا أغامر بإعطائها لأي فنان وأن أغنيها بنفسي، لكنني تفاجأت أن الملك فهد، رحمه الله، أعجب بها واتصل بي شخصياً في ما اعتبره أهم اتصال في حياتي، ليشيد بالأغنية ويأمر بإذاعتها على رأس الساعة حتى أصبحت أشهر أغاني الوطن”.
وفي عهد الملك فهد تألق فنان العرب محمد عبده، ليقدّم عصارة فنه ونضجه في عدد كبير من الأغاني الوطنية. فقدّم أغنيات خالدة، من كلمات مهندس الكلمة الأمير بدر بن عبدالمحسن مثل “الله أحد” و”فوق هام السحب” والأغنية الأعجوبة والمكبلهة والمعقدة في لحنها “وين أحب الليلة” والتي يقول في مستهلّها:
“في الليالي الوضح.. وفي العتيم الصبح
لاح لي وجه الرياض.. في مرايا السحب”
كما غنى للرياض “ليالي نجد ما مثلك ليالي” من ألحان سراج عمر. وأسهم مهرجان الجنادرية في إثارة عواطف الشعراء والملحنين لإطلاق أجمل ما لديهم، فقدّم إبراهيم خفاجي أوبريت “عرايس المملكة” وقدَّم الموسيقار طلال الأوبريت الخالدة “مولد أمة”، وتميّز هذان العملان بأنهما تناولا جميع مناطق المملكة وتاريخها، وطرقت الموسيقى فيهما معظم الألوان الرئيسة السعودية.
الأغنية الوطنية اليوم
“أنت ملك من قبل لا تصبح ملك”
تستمر الأغنية الوطنية اليوم حاضرة بقوة في المشهد الثقافي السعودي، ومستفيدة من تراث محلي في التأليف والتلحين والأداء يزيد عمره على نصف قرن، وملتزم بمجموعة من القيم الوطنية وعلى رأسها التعبير عن الولاء للقيادة ومواكبة كل ما يمرّ به الوطن.أغنيات في مقام خادم الحرمين الشريفين
“أنت ملك من قبل لا تصبح ملك” شطر من أغنية وطنية يمتدح بها الفنان رابح صقر مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز، ويعبّر من خلالها عما كان له، حفظه الله، من حضور ودور وأثر خلال أكثر من نصف قرن قضاه أميراً لمنطقة الرياض وفي مفاصل الدولة، قبل توليه الملك.
فالأغنية الوطنية تشهد اليوم تألق الشعراء والملحنين والمطربين في إنتاج أعمال تعبِّر عن مشاعر الحُب والولاء للقائد الأعلى. ففي أغنية “سلمان المهابة”، على سبيل المثال، التي يؤديها الفنان حسين الجسمي نجد الأمير الشاعر عبدالرحمن بن مساعد كاتب كلماتها يتألق فعلاً في وصف شخص الملك سلمان، بقوله:“مهابٌ في الأنام طويل قامة
قديمُ قديم عهدٍ باستقامة
مثيلُ أبيه أشباهاً وفعلاً
عصي الوصف سلمان الشهامة”كما أن أغنية “عاش سلمان” للثنائي عبدالمجيد عبدالله، وراشد الماجد أصبحت حاضرة في ذاكرة الجمهور يتغنى بها الصغار والكبار.
وواكبت الأغنية الوطنية التطورات الراهنة، فأتقنت التعبير عن مشاعر المواطن تجاه ما يواجهه الوطن. ومن أبرز الأغاني التي سجلت حضورها في عهد الحزم والعزم أغنية “عوافي” من كلمات الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، وأداء محمد عبده الذي كانت له إسهامات عديدة في هذا المجال، مثل أغنية “حنا رجال أبو فهد” كلمات صالح الشادي، وأيضاً أغنية حملت عنوان “عاصفة الحزم” التي أتبعها بأغنية ثانية حملت عنوان “أبشري يا دار” من كلمات الأمير بدر بن عبدالمحسن أيضاً. كما اشترك عبده مع راشد الماجد في تأدية “ديو” بعنوان “حيّوا الجيش السعودي”.
وهناك أيضا أغنية “سمو المجد” من كلمات تركي آل الشيخ وغناء راشد الماجد. كما أصدر الفنان رابح صقر أغنية “لبّينا المنادي” من كلمات سعود البابطين وألحان ياسر بوعلي. وأدى الفنان عبدالمجيد عبدالله أغنية “لك عهد جديد” من كلمات تركي آل الشيخ وتلحين نواف عبدالله.وفي مقام قائد حلم الشباب السعودي
عندما تكون الأوطان مثقلة بالطموحات ومكتنزة بالأحلام والرغبات في التغيير، تلتف الأفئدة حول من هو قادر على تحقيق هذه الآمال والطموحات. وهذا بالضبط ما يمثله سمو ولي العهد الأمير محمد ابن سلمان، حفظه الله، وبشكل خاص منذ توليه مهمة تحقيق رؤية المملكة 2030.
إن المتأمل في نصوص الأغاني الوطنية التي تغنت بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يجد أن معظمها يركّز على شخصية سموه وما فيها من صفات تجعله مثلاً أعلى للشباب السعودي الطموح:“وأخص فيهم خص ذاك الوليده
اللي ملا الدنيا بذكره بليهان
محمد محمد يا عسى الله يزيده
من كل خير ويحفظه عالي الشان
حر له الأمجاد مثل الطريدة
يهوي عليها في مخالب وجنحان”وهذه الأبيات هي من أغنية وطنية بعنوان “الرأس شامخ” من كلمات الشاعر ضاري، وتمثل واحدة من صور سمو ولي العهد في الأغنية الوطنية والوجدان العام. وكان يترنم بها المطرب علي بن محمد في أداء عاطفي يعطي معنى وشكلاً جديداً للأغنية الوطنية. فعندما يقول الشاعر “محمد محمد يا عسى الله يزيده” فهو يعبِّر بشكل عفوي عن الصورة الذهنية في نفس كل مواطن لقائد حلم مملكة المستقبل الشابة المختلفة.
ومن أشهر الأغاني الوطنية التي تغنت بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: أغنية “تاج المراجل” من كلمات “واحد” وألحان وغناء وليد الشامي، و”أنت الأسد” كلمات “واحد” وغناء وليد الشامي، وأغنيـة “اصْعَد بِعَزْمِكَ” شعر عبـدالرحمن ابن مساعد بن عبدالعزيز، وغناء حسين الجسمي، و”الدار سيف هجومها” غناء محمد عبده، و”عز البلاد محمد بن سلمان” كلمات ضاري وغناء علي بن محمد، و”يا محمد” كلمات تركي آل الشيخ وغناء راشد الماجد، و”شامخ” كلمات تركي آل الشيخ وغناء راشد الماجد، و”أمير الناس” كلمات عبدالمحسن بن سعيد وغناء راشد الماجد، و”استبشرت بالخير” من كلمات عبدالله أبو دلة وغناء ماجد المهندس، و”النجم البعيد” غناء وألحان رابح صقر وكلمات “واحد”، وغير ذلك الكثير..
خطاب الأغنية الوطنية السعودية
يلحظ المتأمل في الأغنية الوطنية السعودية وجود تنوُّع كبير في ألوانها الموسيقية. فهناك الأغنية ذات الصرامة الموسيقية التي تبدو أقرب إلى المارشات العسكرية، وظهر هذا النوع من الأغاني في مرحلة البدايات عندما كانت الأغنية الوطنية أقرب إلى الأناشيد، أو في تلك التي فرضت كلماتها هذا النوع من الموسيقى منها على سبيل المثال “بلادي بلادي منار الهدى” لسراج عمر. وهناك أيضاً الأغنية الإيقاعية التي تلهب حماس الجمهور مثل “فوق هام السحب” لمحمد عبده. وفي شكل موسيقي مغاير آخر، نجد أغنية “وسمُ على ساعدي نقشٌ على بدني” لمحمد عمر، على سبيل المثال، تقدّم الأغنية الوطنية الهادئة التي تهمس بحب الوطن. كذلك استفادت الأغنية الوطنية السعودية من الموروث فجاءت بعض الأغاني في ألحانها نتاج هذا الموروث، مثل “مملكتنا الغالية” لعلي عبدالكريم. وقد لعبت تلك الألحان دوراً مهماً في خلق علاقة وثيقة بين الأغنية والمستمع.
إن هذا التنوُّع في الأغنية السعودية على مستوى النغم والأداء يصاحبه أيضاً تنوُّع على مستوى النص الغنائي. وهو ما شكَّل جمالية الأغنية الوطنية السعودية ككل. إذ نجد قصائد من الشعر الفصيح، وقصائد نبطية، وكذلك نصوص غنائية كتبت كأغنيات وطنية. ورغم اختلاف الأشكال الشعرية في تلك الأغاني، فإن الإبداع كان حاضراً في كثير منها، ولم تكن مجرد قصائد وظيفية تتحدث عن الوطن.
التعبير عن أبرز معالم الهوية
والإسلام في طليعتها
للأغنية الوطنية السعودية خصوصية ملموسة في الخطاب الشعري الذي يحافظ على الثوابت الوطنية. فالمملكة هي بلاد الحرمين الشريفين، بلاد التوحيد والسُنَّة النبوية ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم، ومحط أنظار العالم. فكان شعراء الأغنية يستحضرون هذا الجانب في نصوصهم، وهذا ما أضفى على تلك الأغاني طابعاً خاصاً:
“بلادي.. بلادي منار الهدى
ومهد البطولة عبر المدى
عليها ومنها السلام ابتدا
وفيها تألق فجر الندى”.
وفي أغنية “وطني الحبيب”:
“في موطني بزغت نجوم نبيه والمخلصون استشهدوا في حماهُ
في ظل أرضك قد ترعرع أحمد ومشى منيب داعياً مولاهُ
يدعو إلى الدين الحنيف بهديه زال الظلام وعززت دعواهُ”.
أما في أغنية “يا بلادي واصلي” كان هذا الخطاب:
“يا ملكنا يا مليك العرب
يا حامي ديار المسلمين
ياملكنا ياملكنا خادم الكعبة الشريفة
والمدينة حيث سيد المرسلين”.
كذلك نجد في أغنية “يا رافع الجبهة”:
في الأغنية الوطنية السعودية وجود تنوُّع كبير في ألوانها الموسيقية. فهناك الأغنية ذات الصرامة الموسيقية التي تبدو أقرب إلى المارشات العسكرية، وظهر هذا النوع من الأغاني في مرحلة البدايات عندما كانت الأغنية الوطنية أقرب إلى الأناشيد.
“أنتم أحفاد الصحابة
وأنتم جنود الإمام
كلكم عزم وصلابة
دون هالبيت الحرام”.
وكثيرة هي النماذج التي تعزّز حضور الرمز الديني، مثل:
“يا هل التوحيد والدين العزيز
حدثونا .. ووصفوا عبدالعزيز
حدثونا عن أبو تركي العظيم .. حدثينا
عن أبونا الفارس الشهم الكريم .. حدثينا
عن جهاد جدودنا .. اللي خلوا حدودنا
من بحرها لبحر .. ديرتي كل فخر”
وللملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، حضور مهم في الأغنية الوطنية السعودية، حيث تأخذ صورته شكل الرمز الوطني:
“أبو تركي وأخو نوره
على دين الهدى ونوره
بَنَى وّوحّدْ جزيرتنا
نصرْ بالدين عروبتنا
وكل الشعب أبو تركي
وكل الشعب أخو نوره”.
ويتماهى الخطاب الشعري في الأغنية الوطنية مع الخطاب الرسمي، لذا نجد في كثير من الأغاني المعاني التي تعزّز الثوابت الوطنية وتؤكد على الدفاع عن العقيدة الإسلامية:
“في يدنا كتاب الله
وفي يدنا الحسام
إخوان من طاع الله
في حرب وسلام
الله معك يا بلادي”.
تعزيز أواصر الوحدة الوطنية
خلال أزمة الخليج الأولى ظهرت أغنية “أجل نحن الحجاز ونحن نجد”، التي كانت رداً على من كان يروّج لإثارة النعرات بين أبناء المملكة عندما كثرت الدعاية المسيئة من الأعداء والمغرضين. لكن هذه الخطابات المعادية أثمرت أغنية وطنية تعزِّز وحدة الصف وتؤكد على الانصهار الوطني وكسبت جماهيرية هائلة بفعل ملامستها للمشاعر الحقيقية عند كل المواطنين. ولذا فإن هذه الأغنية وأغاني سعودية أخرى مشابهة في التوجه كانت تُعبّر عن وحدة غير قابلة للزعزعة:
“فعانق الساحل الغربي في فرحٍ
شواطئ الساحل الشرقي في حدب
وقبلت نجد في الصحراء إخوتها
من شطّ عنها ومن تلقاه عن كثب”.
وقد تعاطى الشاعر السعودي في نصه الغنائي الوطني بذكاء مع الإعلام الخارجي الذي كان يحاول استغلال بعض التفاصيل الحياتية ليرسم صورة مزيفة عن الأحوال في المملكة. فتناول الشاعر التفاصيل نفسها باعتزاز وافتخار:
“من على الرمضاء مشى حافي القدم يستاهلك
ومن سقى غرسك عرق دمع ودم يستاهلك
ومن رعى صحرا الضما إبل وغنم يستاهلك”
والمفردات مثل الرمضاء/ حافي القدم/ صحرا/ الظما/ إبل.. تمنح الأغنية السعودية لونها المحلي التي يكرسها الشاعر بدر بن عبدالمحسن في نصه بكل اعتزاز، فيسلِّط الضوء على ثقافة المكان بكل مكوناته، فهذا الإنسان الذي عاش الحياة بصعوبتها، هو الإنسان الذي يشعر بأن هذا الوطن هو فوق هام السحب. وفي سياق هذا الافتخار تأتي أغنية: “أرفع رأسك أنت سعودي”.
وبموازاة التغني بحب الوطن وبالقيادة والتذكير بمكانة المملكة وتعزيز روح الانتماء للوطن، حافظت الأغنية الوطنية على المعاني السامية التي تحض على السلام والعدل والمساواة، ونجد كل تلك المعاني والمفردات مبثوثة في نصوص الأغاني الوطنية، تكرس مبادئ المحبة والوئام والسلام.
“فوق هام السحب” و”وطني الحبيب”..
الأغنية الوطنية بين زمنين
الموسيقى هي جوهر الزمن، وهي بالتالي صيغة فنية للوعي به والتعبير عنه في قالب صوتي، بمعنى أن كل مقطوعة موسيقية هي بالضرورة مرآة لزمنها. ويمكن اختبار هذا المفهوم الجمالي عند مقاربة الأغاني الوطنية التي تعكس إحساس المطرب والملحن والمؤلف بمعنى الوطن وقيمته.
ويبدو ذلك الفارق الحسّي على درجة من الوضوح عند مقارنة أغنية “وطني الحبيب” لطلال مدّاح، الملفوفة في تلابيب لحن انطباعي رهيف يقوم على زفرات من الشدو التأملي الخافت، مقابل أغنية “فوق هام السحب” لمحمد عبده، المحمولة على ضربات إيقاعية خاطفة وسريعة وصاخبة. وكأن التعبير عن لحظة التماس بالأرض وتوليد مفاهيم الفرح بالوطن، المعبّر عنها من خلال الأغنيتين، يمكن أن يتبدل على قدر الوعي بالمضامين الوطنية والروحية، وعلى قاعدة الإحساس بالزمن، باعتبار أن الموسيقى تعني التفكير والتعبير بواسطة الأنغام.
ربع قرن تقريباً هي المسافة الزمنية الفاصلة بين الأغنيتين (1380هـ – 1406هـ)، وهي مدة كفيلة بتغيير جملة من الأحاسيس والوقائع المتعلقة بمفهوم الوطن. فأغنية “وطني الحبيب” التي صاغ كلماتها المهندس الدكتور مصطفى بليلة، إنما تولّدت سياقاتها الغنائية “الشعورية واللاشعورية” داخل لحظة أفقية منبسطة أشبه ما تكون بالفضاء الريفي الرعوي، توحي بطلائع الربيع، مع ظلال من الروحانية المؤكد عليها دائماً في مجمل الخطابات الجمالية الوطنية من واقع قدسية المكان، حيث كان الوطن الوليد، الآخذ في التشكل يرسم ملامح وجوده بهدوء. فيما كتب الأمير بدر بن عبدالمحسن كلمات “فوق هام السحب” إثر تطورات تنموية، ومن منطلق لحظة أمجاد وطنية صريحة، حقق فيها الوطن قفزات على أكثر من مستوى، وبالتالي صارت تلك الوقائع المادية تعمل كرافعة للنص، ودافعة لبنيته الإنشادية.
مفارقات لا تخلو من الدلالات
بموجب ذلك الوعي بإيقاع اللحظة، يُلاحظ أن أغنية “وطني الحبيب” تستدعي مفردة “الوطن” بصراحة لفظية، مسترخية على مهاد من المفردات المُحيلة إلى مقومات روحية ومادية كالثرى، والربى، والسماء، والربوع، والسهول، المعبّر عنها بموسيقى خضراء مشتقة من المروج، التي تنم عن فرح بوجود كيان يستجمع مقدراته المادية واللامادية. فتؤكد في نهاية المطاف على الوطن الاستثناء الذي لا يقبل الشراكة حين يتعلق الأمر بحب الأوطان “وطني الحبيب وهل أحب سواه”. وبالمقابل، تغيب مفردة “الوطن” عن أغنية “فوق هام السحب” لتحضر مفردات “البلد…الديار” محفوفة بما يعضّدها من مفردات العزة، والإباء، ومراودة النفس بالارتداد إلى الوراء، حيث تحضر متوالية بناء الدولة وتعزيز النسيج الاجتماعي كالسيف، والصحراء، والعرق، والدمع، والدم، والأقدام الحافية، المنضّدة كأنغام في نسيج خضرة العلم الخفاق، مع التأكيد أيضاً على الوطن المعشوق والمستلخص الذي لا يُنازع في فرادته “أنتِ ما مثلك بهالدنيا بلد”.
لمدرجات الملاعب الرياضية طقوسها وأهازيجها التي تشعل حماس الجماهير. وهذه الأهازيج التي يهتف بها المشجعون في المدرجات قد تكون عفوية ووليدة اللحظة. وغالباً تكون ألحانها وعباراتها مقتبسة عن الموروث الشعبي أو عن أغانٍ عاطفية، ويتم تحويرها لتناسب تلك اللحظات التنافسية.
هنا تكمن مفارقة لا تخلو من الدلالة، إذ تبدو أغنية “وطني الحبيب” عصرية وذات طابع مديني، كما تحمل سمة الراهنية أكثر مما تبدو عليه أغنية “فوق هام السحب”، ليس بسبب فصاحة الأولى مقابل “شعبوانية” الثانية، بل لأنها امتلكت من الوجهة الفنية والموضوعية القدرة على التماس مع المكان والتقدّم في الزمان، فيما حققت الثانية إمكانية التلفّت إلى الوراء واستنهاض المكامن الماضوية بدعوى التأصيل، كما تشي سياقات النص ومبررات تولّده. وهذه المفارقة هي التي أسست لإيقاعات الأغنيتين، حيث لحن طلال مدّاح أغنيته وأداها بمقتضى إحساس على درجة من التهادي، فاستجلب إيقاعات اللحظة الخارجية إلى سياقات اللحن، كما اتكأ محمد عبده على مرجعية فلكلورية، لحن بموجبها أغنية وغناها وفق نفرة وطنية مصعّدة. بمعنى أن اللحنين بما هما نتاج قامتين موسيقيتين، يمثلان وعيين وانفعالين بمعنى “الوطن”. وبالتالي بدت كل أغنية وكأنها العنوان الإيقاعي للحظتها، التي لم تسمح للمحسوس بالظهور إلا من خلال سلطة الشكل الذي اعتمده كل منهما.
من هذا المنطلق، يمكن ملاحظة تعمّد طلال مدّاح استهلال أغنيته بافتتاحية حماسية مفتعلة، أشبه ما تكون بالمارش العسكري، حتّمها موضوع “الوطن” وهو ما يعني خضوعه الواعي أو اللاواعي للاعتبارات الشكلية للموسيقى الوطنية، كما بدا ذلك واضحاً من خلال إصراره على مفصلة الأغنية بتلك المادة اللحنية التي لا تبدو منسجمة تماماً مع أجواء الأغنية، بل مغتربة عن سياقات النص أيضاً، إذ لا يترقق اللحن ويأخذ مجراه الإيقاعي الحميم إلا عندما يلتحم عضوياً بالكلمات، أي بمجرد أن يتلفظها.
أما محمد عبده فيلتحم بلحنه مباشرة مع النص، من دون مقدِّمات إحمائية. وذلك من منطلق الاستجابة الحسّية للضرورات الشكلية، ومن خلال التعامل الكامل مع موسيقى مشبعة بالإيقاعات الراقصة، مع انصراف مقصود عن توظيف العناصر والأفكار اللحنية المركبة. وكأنه بقدر ما يستخدم الإيقاع كعنصر تعبير فني على درجة من الغنى، يستفيد من طاقته على الاستثارة الفورية والتهييج الجماهيري، والاتكاء الصريح على تعزيم لحنه بنكهة شعبية طاغية، فيستنفر المستمعين للإنشاد معه.
أوبريت الجنادرية
الأوبريت فن درامي وسيط بين المسرح والأوبرا، التي تصف بالموسيقى والغناء الحوار والموقف الدرامي وتطوراته في الحكاية. لذلك يحتاج فن الأوبرا إلى أصوات قوية ذات مواصفات غير عادية، وإلى ملحنين متمرسين وبارزين في مجال الموسيقى لإنتاج جمل موسيقية درامية معبرة وقوية، وأخيراً إلى حكايات تاريخية تمس وجدان الناس هي أقرب إلى الأسطورة منها إلى القصة أو المسرحية. أما الأوبريت فهو فن يقدِّم للجمهور المعنى نفسه ولكن بطريقة أبسط، وفي قوالب درامية أسهل وأقل كثافة، كما أن الحوار بين الشخصيات يمكنه أن يكون غير مغنى. لذلك نجد الأوبريت تروج في الاحتفالات الموسمية والمهرجانات سواء أكانت موجهة للكبار أو للصغار أو للاثنين معاً. وفي المعجم العربي يتم تعريف الأوبريت بأنها “مسرحيّة غنائيّة قصيرة تشتمل عادة على حبكة عاطفيّة نهايتها سعيدة، كما تحتوي على مواقف من الحوار الملفوظ والرَقص التعبيري أو الاستعراض”.
إن فن الأوبريت هو الفن الجامع بين الدراما والاستعراض. وقد ارتبط هذا الفن في المملكة بشكل وثيق بمهرجان الجنادرية، الذي درج على افتتاح دوراته السنوية بأوبريت وطني، حتى أصبح ذلك تقليداً ينتظره الجمهور المحلي والخليجي عموماً.
أبرز سمات أوبريتات الجنادرية
من الملاحظ أن الملمح العام للأوبريت المقدّم في الجنادرية ينطوي على مقومات معينة أصبحت تميزه، منها تكليف شاعر سعودي له باع وشهرة للتصدي للكتابة، وإشراك فرق شعبية ضخمة العدد، واستخدام مساحة عرض شاسعة، وتوظيف أحدث التقنيات الفنية للتنفيذ. أما السمة الأبرز فهي قوة الأسماء الغنائية المشاركة، التي هي غالباً من صف الفنانين السعوديين الأول، وكذلك الملحنين.
هذه الخصائص التي أمتازت بها أوبريتات مهرجان الجنادرية كانت كفيلة بجعلها رائجة ومؤثرة بعمق في ذائقة الجمهور، خاصة وأن موضوعها الرئيس كان ثابتاً في كل النسخ ألا وهو الوطن، مع اختلاف في الصياغات التعبيرية من أوبريت إلى آخر.
لقد استطاع أوبريت الجنادرية ترك بصمة له في ذاكرتنا الغنائية الوطنية السعودية، والدليل على ذلك تلك المقاطع التي لا تزال تردد حتى الآن على ألسنة الناس. أضف إلى ذلك أن أوبريتات الجنادرية أسهمت في إثراء المكتبة الوطنية الغنائية بكم هائل من أغاني الوطن، فضلاً عن قدرتها على إثراء الذاكرة الوطنية إذا ما عرفنا أن كل نسخة من أوبريتات الجنادرية كانت تتماهى مع القضايا الآنية التي تعني الوطن والشعب، وقد عبرت كثيراً عن الأحوال التي مرت بها المملكة خلال ما يقارب الثلاثين عاماً.
إن مثل هذه الحالة الفنية المتمثلة في أوبريتات الجنادرية تكتسب قدرة فائقة على صنع حراك موسيقى ممتد، وحراك فني ثري في جانب الأغنية الوطنية خاصة. كما تشكل في المجمل العام حالة إبداعية لها إطارها الخاص وخصائصها الخاصة. ففي أوبريت كل مهرجان، نجد حضوراً للوحات فنية واستعراضية من كل منطقة تؤديها فرق متخصصة، فتمنح المهرجان هوية ورونقاً خاصاً.
الحفاظ على الموروث الوطني
وتضم أوبريتات الجنادرية مؤثرات سمعية وبصرية يحكي كثير منها مراحل تأسيس المملكة، والموروث الشعبي الخاص بالبلاد الذي لا يزال عالقاً في الأذهان وتتوارثه الأجيال. كما شهدت الأوبريتات منذ نشأتها مراحل من التطور الموسيقي والمسرحي، وأيضاً تنوعاً في المشاركات، سواء أكانت أصواتاً نسائية أو أصواتاً لفنانين من دول عربية.
يُشار إلى أن أول أوبريت في الجنادرية كان في عام 1988م، واستمر تقديم الأوبريتات الجديدة في هذا المهرجان إلى أن تجاوز عددها العشرين، وهي: مولد أمة، وقفة حق، أرض الرسالات والبطولات، التوحيد، دولة ورجال، عرايس المملكة، كفاح أجيال، كتاب مجد بلادنا، ملحمة فارس التوحيد، أمجاد الموحد، خليج الخير، أنشودة العروبة، خيول الفجر، عرين الأسد، وطن المجد، وفاء وبيعـة، أرض المحبة والسلام، عهد الخير، وطن الشموس، وحدة الوطن، فرحة وطن، قبلة النـور، كوكب الأرض، وطن الحلم، أئمة ومـلوك، تدلل يا وطن.
كانت الأغنية الرياضية السعودية في تفاصليها الموسيقية والمحتوى الشعري مزيجاً بين عوالم المدرَّجات والملاعب الرياضية وبين الحالة الوطنية. لذا كانت أغلب الأغاني تستحضر في كلماتها لون العلم الوطني الأخضر ورمزيته، وكذلك المعاني التي تأتي في سياق الأغنية الوطنية بشكل عام.
الأغنية الرياضية السعودية وذاكرة اللون الأخضر
خلال حفل نهائي “كأس خادم الحرمين الشريفين” في شهر مايو من العام الجاري 2019م، أعيد عرض أوبريت “مولد أمة” على أستاد الملك فهد الدولي بالرياض، بأداء من محمد عبده، (كلمات سعود بن عبدالله وتلحين طلال مداح)، وكان هذا الأوبريت قد عُرض لأول مرة عام 1990م في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، بأداء مشترك مع طلال مدّاح، رحمه الله. وكون هذا العمل الفني نفسه يبدو ملائماً للعرض في مناسبتين مختلفتين تماماً، إحداهما ثقافية تراثية (وطنية بالمعنى الواسع)، والأخرى رياضية، أمر يدعو إلى التوقف أمام الملاعب الرياضية بوصفها حاضنة لفصل خاص من تاريخ الأغنية الوطنية السعودية.
فلمدرجات الملاعب الرياضية طقوسها وأهازيجها التي تشعل حماس الجماهير. وهذه الأهازيج التي يهتف بها المشجعون في المدرجات قد تكون عفوية ووليدة اللحظة. وغالباً تكون ألحانها وعباراتها مقتبسة عن الموروث الشعبي أو عن أغانٍ عاطفية، ويتم تحويرها لتناسب تلك اللحظات التنافسية. كذلك قد نجد عبارات وأهازيج رياضية مستجلبة من ملاعب كروية عربية مجاورة، لكن تلك الأهازيج في طابعها العام تظل رهينة اللحظة الكروية ونتاج الحماس الجماهيري في الملاعب.
غير أن صنّاع الأغنية وجدوا فرصة كبيرة لتسجيل حضورهم في الملاعب بإنتاج أغنيات تتضمَّن مفردات المكون الوطني، وتحاكي حماسة الجمهور. ولهذا نلاحظ أن الأغنية الرياضية تقترب كثيراً من الأغنية الوطنية سواء في النص الغنائي أو على مستوى اللحن.
البداية كروية بحتة
ظهرت أول أغنية رياضية سعودية في عام 1968م، وهي “جيب القول على الرايق”، من كلمات الشاعر طاهر زمخشري وألحانه وغناء المطربة هيام يونس. ولكن الملاحظ أن تلك الأغنية تضمَّنت مفردات كروية خالصة:
“جيب القول على الرايق
جيب القول خليك هداف
إن كنت “وينق” أو “سنتر هاف”
يالله تقدم اصحى تخاف.
وأسست هذه الأغنية مفهوماً للأغنية الرياضية، أو خطت مساراً لذلك النوع من الغناء، فنلاحظ أن الأغاني التي جاءت بعدها، كانت تقتصر على الجانب الكروي مثل أغنية سعد إبراهيم:
“جينا جينا نبغى قول
يالله يالله جيب القول
خل الليلة دق طبول”.
وأغنية عبدالعزيز الراشد:
“هذي الكورة وهذا الكأس
نبغى قول بضربة رأس
إن جا الأول نبغى الثاني وإن جا الثاني نبغى الثالث”.
وكذلك أغنية الفنان غازي علي الذي كانت أغنيته تكرِّس هذا الاتجاه للأغنية الرياضية:
“بالطول بالعرض
منتخبنا لا لعب يهز الأرض
يهد حصون الملاعب هد
يوم الجد نشوف الجد
نشوف أهداف ما تنعد
ولا تنصد”.
كانت تلك الأغاني تبث عبر الراديو في تلك المرحلة، وتميزت بطابعها الكروي الخالص. إلا أن الملاحظ أن نجوم الأغنية السعودية لم يخوضوا تجربة الأغنية الرياضية حتى تلك اللحظة أمثال طارق عبدالحكيم، وطلال مدّاح، ومحمد عبده. أما الفنان الشاب آنذاك محمد عمر فقد قدَّم في عام 1978م أغنية “يا راية العز”، التي قد تكون أول أغنية تتغنى بالمنتخب مباشرة. وصوّرت تلك الأغنية تلفزيونياً، وهذا ما جعلها في حينها تحتل مكانة كبيرة في ذاكرة الجماهير. ولكن الملاحظ أننا شهدنا تحولاً في كلمات تلك الأغنية، وهي من كلمات الشاعر محمد العبدالله الفيصل، وكان التحوُّل في مضمون النص الذي ابتعد قليلاً عن المفردة الكروية مع احتفاظه بالطابع العام للمناخ الرياضي:
“يا راية العز بالعز خفاقه
حنا الجماهير للفوز مشتاقة
يا منتخبنا يا محقق الآمال
حقق أملنا برجالك الأبطال”.
ويبدو أن أغنية يا “راية العز” في نصها الغنائي خلقت تصوراً جديداً لمفهوم الأغنية الرياضية السعودية. لذلك جاء بعدها كثير من الأغاني التي تغنت بالمنتخب السعودي، ومنها أغنية “يا ناس الأخضر لا لعب” لطلال مدّاح و”نجوم الملاعب” لسلامة العبدالله. وأحدثت تلك الأغاني توازناً في المشهد الغنائي الرياضي. إذ كانت في تلك المرحلة الأغاني الرياضية للأندية متقدّمة في حضورها على أغاني المنتخب مثل “أهلاوي والكاس أهلاوي” و”حيوا النصر” وغيرهما..
حضور قضايا العرب الكبرى
رغم حداثة عهدها، لم تتأخر الأغنية الوطنية السعودية عن مواكبة القضايا العربية الكبرى وفي طليعتها قضية فلسطين. فقد ظهرت أولى الأغنيات ذات الطابع القومي في عام 1956م، غداة وقوع “العدوان الثلاثي” على مصر فغنى فهد بن سعيد آنذاك “صفت جيوش العروبة”. كما أطلق أبو سعود الحمادي نشيدين في العام نفسه، أحدهما من تلحينه ومن كلمات حسن بن عدوان بعنوان “أشعلوها على جلود الفدائيين”، والآخر بعنوان “لا تجزعي أمي” من كلماته وألحانه شخصياً.وفي عام 1967م، لحّن محمد عبده وأدى “نشيد فلسطين” وهو من شعر الأخطل الصغير.
وغداة استئناف العلاقات السعودية المصرية بعد مقاطعة دبلوماسية بسبب اتفاقية كامب ديفيد، أطلق طلال مدّاح أغنية جميلة بعنوان “كلنا مصر” (1988م). وأضاف إلى سجله الغنائي حوارية “ماذا أجيب طفلتي” التي وضِعت ضمن مجموعة من الأنشطة الفنية لدعم المقاومة الكويتية في قضيتها التحررية (1990 – 1991م)، في حين أطلق عبده نشيد “أقسمت يا كويت”.
ولاحقاً، أضاف عبده إلى رصيده في دعم القضية الفلسطينية أغنية “آه” وهي من كلمات محمد بن راشد آل مكتوم وتلحين يوسف المهنا، ونشيـد “لبيك يا أمي” من شعر تركي بن طلال وتلحيـن جمال سلامة.وأخيراً، قد تكون أغنية “مصر آيات في كتاب” التي كتب كلماتها سعود سالم ولحّنها وأداها عبادي الجوهر عام 2015م، آخر حبة في عنقود الأغنية الوطنية السعودية ذات البعد القومي.
من غلبة الطابع الرياضي
إلى الطابع الوطني العام
ظلت الأغنية الرياضية السعودية ضمن ذلك الإطار الحماسي من التشجيع الكروي حتى عام 1984م الذي شهد تحولاً حقيقياً في مسيرة المنتخب السعودي بتأهله إلى أولمبياد لوس أنجلوس، وفوزه أيضاً بكأس أمم آسيا. وكان ذلك الإنجاز محفزاً على ظهور عديد من الأغاني الرياضية، ومن أبرزها أغنية طلال سلامة “الله الله يا منتخبنا”، التي كانت سبباً في شهرة مؤديها، وأيضاً ارتبطت بذلك الإنجاز الكروي الأول للمنتخب السعودي أغنية محمد عبده “خضر الفنايل”.
توالت بعد ذلك الأغاني الوطنية التي توجَّهت إلى المنتخب السعودي، وجاءت بمنزلة الانسجام الفني مع ما حققه رياضياً لاعبو المنتخب، وهدفت إلى زيادة حماستهم أثناء تمثيلهم وطنهـم في المحافل الرياضية الدولية. فقدَّم الفنان عبادي الجـوهر عام 1988م أغنية “جاكم الإعصار”. وكثرت هذه الفئة من الأغاني في التسعينيات الميلادية، عندما تمكّن المنتخب السعودي من مواصلة إنجازاته الإقليمية والدولية، خاصة بعد تأهله للمرة الأولى عام 1994م إلى بطولة كأس العالم، التي أقيمت في الولايات المتحدة الأمريكية. وصارت الأغاني الخاصة بالمنتخب السعودي تُنتَج بعد كل إنجاز يحققه، من ذلك وصوله إلى مونديال كأس العالم عام 1998م في فرنـسا، ومونديال كوريا واليابان عام 2002م، ثم مونديال ألمانيا عام 2006م، وأخيراً مونديال روسيا 2018م.
قدَّم الراحل طلال مدّاح كثيراً من الأغنيات الرياضية الوطنية، منها “يا ناس الأخضر لا لعب”، وتعد هذه الأغنية أشهر الأغاني الرياضية، التي قدّمها هذا الفنان الكبير، إضافة إلى “سلام منتخبنا”، و”لعبك طرب”. أما محمد عبده فقد تألق في تقديم أغنية “خضر الفنايل” كما قدَّم عملاً آخر بطريقة الـ “دويتو” مع الفنان رابح صقر بعنوان “أوه يا سعودي” عام 2006م، إضافة إلى أغنية رياضية بعنوان “وين ما يروح الأخضر”.
وكان راشد الماجد من أكثر الفنانين الذين تغنُّوا بالمنتخب خلال مسيرتهم الفنية، ففي عـام 1994م قدَّم الماجد الأغنية الأولى للمنتخب بعنوان “هي يا شبك”، لمناسبة تأهله إلى كأس العالم في أمريكا. وقدَّم بعدها عدداً من الأغنيات الوطنية، فأطلق عام 1998م مجموعة من الأعمال بمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم في فرنسا في ألبوم، تضمَّن أربعة أعمـال، هي: “يا أخضر، وطني، يا سلامي عليكم، أخضر عنيد”. وتعد أغنية “يا سلامي عليكم” من أبرز الأعمال الوطنية. كما طرح الماجد أعمالاً أخرى، منها “لاجا وقت الجد” عام 2006م، لمناسبة تأهل المنتخب إلى كأس العالم في ألمانيا، إضافة إلى “الصقور الخضر”، و”صقـور المنتخب”. وبدوره، قدَّم الفنان رابح صقر أغاني عديدة في الإطار نفسه، مثل “لابس الأخضر”، و”أخضرنا يا فنان”، و”أوه يا سعودي”، و”السعودي عالمي” بطريقة الـ “دويتو” مع فنان العرب محمد عبده، و”يا سعودي منصور”.
كذلك قدَّم الفنان راشد الفارس “ما ظنك ناسيه”، إضافة إلى أغنية “أوه عاشت بلادي” وعمل آخر بعنوان “خطير”.
كانت الأغنية الرياضية السعودية في تفاصليها الموسيقية والمحتوى الشعري مزيجاً بين عوالم المدرّجات والملاعب الرياضية وبين الحالة الوطنية. لذا كانت أغلب الأغاني تستحضر في كلماتها لون العلم الوطني الأخضر ورمزيته، وكذلك المعاني التي تأتي في سياق الأغنية الوطنية بشكل عام.
ورغم أن هذه الأغاني قد تكون أغاني مناسبات كروية ومرتبطة بحسابات الفوز والخسارة الكروية، إلا أن حضورها وتراكمها في المشهد جعلها جزءاً من الذاكرة الغنائية عند الجماهير الرياضية بشكل خاص وعند كافة الجماهير بشكل عام.
أغاني المدن..
حنين وأشجان وذكريات
في المشهد الغنائي السعودي، كانت هناك أغنيات تغنّى من خلالها أصحابها “شعراء وملحنين ومطربين” بجمال المدن، ويمكن تصنيفها ضمن قائمة الأغاني الوطنية. وكانت تلك الأغاني رائجة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وحظيت بانتشار جماهيري قد يكون سببه أن صنّاع الأغنية كانوا يتعاطون مع هذا اللون من الأغاني بجدية فنية تامة على مستوى الكلمات أو اللحن أو الغناء، كما أن نمط الحياة آنذاك، كان يرحِّب بهذا اللون من الغناء.
وعندما نتأمل هذه الأغاني الوصفية نجد أن هناك نوعين منها: فهناك أغانٍ كانت المدن هي محورها، لذا يكون اسم تلك المدينة حاضراً مع التغني بتفاصيلها وجماليات المكان جغرافياً أو تاريخياً، وهناك الأغاني العاطفية التي يتم فيها استحضار اسم المدينة، كأغنيات “حبيبي مرني جدة”، “نسيتنا واحنا في جدة”، “لا رحت للساحل الشرقي”، “مرني عند الغروب”، “أنورت سودة عسير”، “جينا من الطايف”، “ألا يا هل الرياض”.. ولا ننسى أغنية طلال مدّاح “قولوا للغالي قولوله” التي كان فيها بطل الحبيب يتجول في مناطق المملكة بحثاً عن محبوبته. وهناك أغانٍ توغلت في تفاصيل المدن فذكرت أسماء الحارات والشوارع والأسواق، وبرز هذا النوع في الأغنية الشعبية فنجد على سبيل المثال: أغنية “سوق الذهب”، و”يا طريق الحوية صار فيك اشتباك”، و”يا مسافر على الطايف طريق الهدا”.. وهذا النوع من الأغاني، وإن كان فيه ذكر أو إشارة ما لشارع أو حي أو طريق بشيء من البساطة أو المحدودية، إلا أنه يخلق حالة من الحميمية مع المكان تجعله ينتمي إلى الذاكرة الجماهيرية.
أما الأغاني التي تمحورت حول المدن، فكان من أبرزها أغنية الراحل طلال مدّاح عن أبها “لا تلوموني في هواها”، “روحي هوى السودة”، إضافة إلى “حايل بعد حيي”. وللفنان محمد عبده مجموعة من أغاني المدن منها “عروس الربى”، “عروس بحر”، و”صبيا”، وعن الرياض قدّم “مالي على الحب اعتراض”، و”وين أحب الليلة”. وللفنان عبدالله محمد أغنيات عديدة منها “من جمالك يا عسير”، وليحيى لبان “نسمة الطايف”، وللفنان معتوق سالم أغنية “سودة أبها”، والفنانة التونسية عايدة بوخريص من ألحان الفنان غازي علي “يا جدة أشوفك”.
وفي الستينيات من القرن الماضي، كانت هناك تجربة غنائية في وصف المدن السعودية للشاعر السوري مسلم البرزاي تستحق التوقف عندها. فبعد وصوله إلى المملكة، جال في كل مناطقها بترتيب من وزارة الإعلام، ونظم قصائد عديدة عن جدة والطائف والمنطقة الشرقية والقصيم وغيرها.. ومن ذلك: “لو كلفت عليكي تقللي درب الطايف فين”، و”اسكتش المنطقة الشرقية”، و”حنا من القصيم حنا”.. وقد أدى معظم هذه الأغاني المطرب محرم فؤاد والمطرب فهد بلّان.
وإضافة إلى التعبير عن التلوّن الجغرافي الكبير جداً في المملكة المترامية الأطراف، توقف عدد كبير من الفنانين أمام الأماكن المقدسة بشكل خاص، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر طارق عبدالحكيم كاتب أغنية “أهيم بروحي على الرابية” التي تتناول مراحل الحج، وتأتي على ذكر الأماكن المقدسة في مكة المكرمة:
“أهيم بروحي على الرابيه
وعند المطاف وفي المــروتين،
وأهفو إلى ذكر غـــــاليه
لدى البيت والخيف والأخشبين”.
وكذلك أغنية الفنان غازي “شربة من زمزم”، ومنها:
شربة من زمزم وسقاني
شربة من زمزم ورواني
يا واقف عند المقام
يا بختك نلت المرام”.
ومن كلمات هذه الأغنيات الوصفية لمختلف مدن المملكة ومناطقها، تم لاحقاً استخراج مجموعة من الشعارات الترويجية للسياحة في هذه المدن، مثل: “آه ما أرق الرياض”، و”جدة غير”، و”شربة من زمزم وسقاني”، و”شربة من زمزم ورواني”، و”مثل صبيا ما تشوف”، و”نفسي يا جدة أشوفك”، و”جينا من الطايف والطايف رخا”، و”لا تلوموني في هواها قبل ما تشوفوا بهاها”.
كتب وثّقت تاريخ الأغنية الوطنية
حتى تسعينيات القرن العشرين، لم تنل الأغنية الوطنية السعودية حيزاً من البحث والاهتمام يكفي لأن تشكِّل وحدها مادة دراسة توثيقية، فبقي حضورها في المؤلفات التي دوّنت التاريخ الموسيقي والغنائي مصاحباً لباقي ألوان الغناء الشعبي. ومن باكورة ما كُتب في هذا السياق موسوعة “أشهر الفلكلورات الشعبية” (1980م)، التي وضعها طارق عبدالحكيم، ومن ثم أعاد توسعتها وتنقيحها بعنوان “موسوعة الفولكلورات والأهازيج الشعبية وإيقاعاتها المختلفة في المملكة العربية السعودية” (2003م)، وهناك أيضاً ما نشرته جماعة التراث الثقافي المعنوي، مثل: “الفنون الشعبية في الجزيرة العربية” (1972م) لمحمد الثميري، و”الأغاني الشعبية في المملكة العربية السعودية” (1994م) للدكتورة هند باغفار.واللافت أن فن العرضة، أحد جذور الأغنية الوطنية، حظي منذ تلك الفترة وحتى اليوم بأكثر من كتاب توثيقي، مثل “أهازيج الحرب أو شعر العرضة” (1982م) للشيخ عبدالله بن خميس، و”العرضة رقصة الحرب” (1994م) لسلمان الجمل، ثم شارك الأخير مؤلفاً آخر هو فهد الكليب في وضع كتاب “العرضة السعودية” (2019م).
ولم تخصَّص مؤلفات توثيقية للغناء الوطني بمعناه الدقيق، إلا بعد ظهور “الاستعراض الوطني”، أي بعد “مولد أمة” (1990م)، فظهر كتيب “مولد أمة: الشاعر والنشيد” (1992)م”، ثم أعد الإعلامي جابر القرني أكثر من كتاب توثيقي لبعض الاستعراضات الوطنية، ومن هذه الكتب: “أوبريت التوحيد” (1994م)، و”دولة ورجال: أوبريـت” (1995م)، و”عرايس المملكـة” (1996م). واحتوت بعض هذه الكتب على سجل منفرد لكل مغن يتضمَّن أغنياته الوطنية.
مقالات ذات صلة
بُكاهُ عَلى ما في الضَميرِ دَليلُ وَلَكِنَّ مَولاهُ عَلَيهِ بَخيلُابن المعتز قد يكون الضمير وسادة من حرير كما وصفه البعض، وقد يكون أيضاً وسادة من شوك. قيل كثيرٌ في دوره وأهميته في حياة الإنسان، حتى إن هناك من وضعه في مرتبة أعلى من القانون، ووضع إملاءاته فوق الواجبات. إنه غير مرئي ولا ملموس، ولكنه […]
السينما هي الفن السابع من حيث تاريخ ظهورها بعد الفنون الستة الكبرى، وهي العمارة والنحت والرسم والأدب والموسيقى والأداء، ولكنها قد تكون الفن الأول من حيث استحواذها على اهتمام العالم. فمنذ ظهور الصورة المتحرِّكة في أواخر القرن التاسع عشر، وقبل أن يصبح الفِلْم ناطقــــاً ثم ملوّنـاً، لم يتطلب هذا الاختراع الجديد سوى سنوات أو حتى […]
يصعب العثور في أي لغة على كلمة تثير من الحب والحنين ما تثيره كلمة “أم”. ونتيجة لذلك، فإن من الصعب العثور في أي لغة على كلمة تتغلف بطبقات من الكليشيهات وأسوار من الحواجز العاطفية والمعرفية مثل الأم. إذ لا ينافس حضور الأم في وجدان الإنسان وثقافاته المختلفة سوى الصعوبة في الاقتراب منها على نحو عقلاني. […]