فنّ التصوير الفلكي
التاريخ: 11-12-2015
دليلُك لتصوير درب التبّانة مقدّمة مرحباً بك في عالم التصوير الفلكي الرّائع. ابتدأت رحلتي منذ 5 سنوات، عندما رأيت هذه الصور المدهشة للمناظر الطبيعية الأرضية، تحت السماء المرصّعة بالنجوم واللامتناهية، الموضوعة على الإنترنت كجزءٍ من مسابقة المصور الفلكي للعام. منذ ذلك الحين، أمضيت ساعاتٍ تحت النجوم في محاولةٍ لتحسين مهاراتي في أحد أكثر أشكال التصوير إحباطاً على الإطلاق، ولا أعتقد أنني سأحسّن مهاراتي أبداً، لأنني أجد نفسي أتعلم باستمرارٍ في كل مرة أخرج فيها للتصوير. السماء ليلاً فوق Palliser بكندا، تصوير مارك غيي Mark Gee على موقع 500px.com التخطيط والصبر والمثابرة هي عناوين اللعبة، صدّقوني، فبعض الصور المبرمَجة تطلّبَت مني عاماً كاملاً لالتقاطها كما يجب. العقبات الدائمة من سوء الأحوال الجوية والتوقيت السيء إلى الانزلاقات الأرضية وتعطّل المعدات، جعلت الممارسة محبطةً للغاية. لكن في النهاية، بعد كل المحاولات الفاشلة، وعندما تظفر بالصورة أخيراً، حينها يصبح التصوير الفلكي أحد أكثر أشكال التصوير مكافأة. هذا دليلٌ عامٌّ أشرح فيه مراحل التصوير الفلكي التي مررتُ بها. هناك تقنيات إضافية عديدة، من ضمنها التتبع (tracking)، التّجميع (stacking)، وخطوات العمل لاستخراج إطارٍ مظلم. أنا شخصياً لا أستخدم ولا واحدة من تلك التقنيات، لذلك لن يشملها هذا الدليل، لكن يمكنكم إيجاد الكثير من المعلومات حولها على الإنترنت. ظلالٌ على القمر أُخذت على مدار العام للحصول على صورةٍ ناجحة، مررت بمحاولاتٍ فاشلةٍ عديدة، لكن النتيجة الأخيرة كانت مكافأةً كبيرة أنواع التصوير الفلكي هنالك أنواعٌ عديدةٌ من التصوير الفلكي يمكن للمرء أن يتّبعها الفضاء العميق: وهي صورٌ تؤخذ باستخدام التلسكوب للأجسام التي تقع خارج نظامنا الشمسي. كالصور المذهلة التي نراها للسُّدُم والمجرات البعيدة، وهو أكثر أشكال التصوير الفلكي صعوبةً كما أنه يتطلب تقنياتٍ عالية. النظام الشمسي: وهي صور الكواكب، الأقمار والشمس داخل مجموعتنا الشمسية. وهنا أيضاً، تُلتقط معظم الصور باستخدام التلسكوب، لكن عدسات التصوير عن بعد الفائقة (super telephoto lens) في آلات التصوير الرقمية ذات العدسة الأحادية العاكسة أو الكاميرات DSLR، يمكنها أن تقدم نتائج جيدة أيضاً. التصوير الفلكي بالمجال الواسع: تلتقط هذه الصور باستخدام كاميرا DSLR وعدساتٍ ذات مجال رؤيةٍ واسع، أي عدسة واسعة الزاوية. هذه الصور هي تلك التي تُرى فيها السماء المرصّعة بالنجوم أو مسارات النجوم فوق منظرٍ طبيعيّ. هذا النوع من التصوير في متناول الجميع، وهو النوع الذي أمارسه وسأعلّمكم إياه. التصوير الفلكي بالفواصل الزمنية: هو امتدادٌ فقط للتصوير الفلكي بالمجال الواسع. الفارق الوحيد هو أنك تلتقط العديد من التعريضات مع مضي الوقت، ثم تَضُم الإطارات مع بعضها لصنع فيديو الفواصل الزمنية. نفس التقنية تُستَخدم لصنع صورةٍ لمسارات النجوم. التصوير الفلكي واسع المجال باستخدام كاميرا DSLR وعدسة واسعة المجال، تجمع مناظر طبيعيةً وسماءً ليليةً معاً المُعدّات في العصر الحديث للتصوير الرقمي، يُعَد التصوير الفلكي واسع المجال في متناول أي شخص تقريباً. فيما يخص المعدّات، كل ما تحتاجه هو كاميرا DSLR مع قدراتٍ جيدةٍ للإضاءة الخافتة، وعدسةٍ سريعة، وحامل ثلاثيٍّ ثابت وجيّد. سيمكّنك ذلك من الخروج والتقاط صورٍ عالية الجودة للسماء الليلية. زيادةً على ذلك، يمكنك أن تضيف إكسسواراتٍ إضافية تساعدك على العمل بشكلٍ أفضل، مثل مقياس الفواصل (intervalometer) الذي سيسمح لك بعمل الفواصل الزمنية ومسارات النجوم. يمكنك طبعاً أن تشتري مجموعةً كبيرةً من المعدات المتخصصة الأخرى، مثل المثبِّتات الاستوائية (equatorial mounts) التي تتتبع دوران السماء الليلية، ومثبتات الكاميرا الآلية (robotic camera mounts) لالتقاط صور بانورامية واسعة، لكننا سنركز حالياً على الأساسيات. كاميرا DSLR: يمكن للكاميرا الحديثة ذات العدسة الأحادية العاكسة أن تملك قدراتٍ جيدةٍ للإضاءة الخافتة، وهذه الكاميرات هي الآلات المثالية للتصوير الفلكي. للمثالية، تحتاج إلى كاميرا ذات متحسسٍ كامل الإطار (full framed sensor camera) مثل Canon 5d MkII أو MkIII أو Canon 6D أو Nikon D600، حيث ستحتاج إلى أكبر مساحةٍ ممكنةٍ من المتحسس لالتقاط أكبر قدرٍ ممكنٍ من المعلومات الضوئية. لكن، بإمكانك أن تحصل على نتائج لا بأس بها باستخدام كاميراتٍ ذات متحسس مُقتصَص (crop sensor cameras) مثل Canon 7d أو Nikon D7100، التي قد تناسب ميزانيتك أكثر بقليلٍ من نظيراتها كاملة الإطار. العدسات: عند تصوير النجوم، ستحتاج إلى عدسةٍ بفتحةٍ واسعةٍ للسماح لأكبر قدرٍ من الضوء بالدخول عبر العدسة. والأمثل هي فتحة قصوى تعادل على الأقل f/2.8، لكن بإمكانك الحصول على نتائج جيدة مع عدسة f/4.0 أيضاً. لسوء الحظ، كلما كانت الفتحة أكبر كلما زاد ثمن العدسة، لكن يمكنك الحصول على ماركات عدساتٍ أرخص كبديلٍ عن عدسات كانون ونايكون (Canon and Nikon). الشيء الجيّد فيما يتعلق بالتصوير الفلكي هو أنّك تستخدم دائماً البؤرة اليدوية (manual focus). إذن فالعدسة Rokinon14 ملم ذات زاويةٍ واسعةٍ جداً f/2.8 هي قطعةٌ زجاجيةٌ رائعةٌ بثمنٍ مناسب. إذا كان الهدف هو الطول البؤري (focal length)، عليك أن تلزَم العدسات ذات النطاق الواسع جدًّا. عدستي 14 ملم، هي العمود الفقري للتصوير الفلكي. أستعمل في بعض الأحيان بعداً بؤرياً أطول، مثل 24 ملم، لكن هذا يكون عادةً عندما أصور لوحةً متعددة الصور (multi image pano). الحامل الثلاثي: صدّق أو لا تصدّق، الحامل الثلاثي هو واحدٌ من بين أهم المُعدّات التي تلزمك للتصوير الفلكيّ. تحتاج لأن تكون منصة كاميرتك كصخرةٍ صلبةٍ بما أنك ستتعامل مع تعريضات الزمن بين 10-30 ثانية، فمن المهم إذاً أن يكون لديك حاملٌ ثلاثيٌ متينٌ يحافظ على الكاميرا ثابتةً في مكانها. أنا أستخدم الحامل الثلاثي المصنوع لكاميرات الفيديو، لأنه أثقل وأكثر صلابةً من النوع المستخدم للتصوير الفوتوغرافي اليومي. الضوء الدالُّ على النجوم من طرف مارك غيي على موقع 500px.com التُقِطت هذه الصورة باستخدام مثبت كاميرا آلية من Gigapan Epic Pro، وهي مصنوعةٌ من 35 صورةً منفردةً، جمعت مع بعضها البعض لإنتاج صورٍ نهائيةٍ بدقة 126 ميغابكسل التصوير في الضوء منخفض المستوى اجعلها ثابتة، مع أي شكلٍ من أشكال التصوير الفلكي، ستتعامل مع التعريضات الطويلة. هذا يعني ولنتائج أفضل، أنك ستحتاج إلى إلغاء أي حركةٍ أو اهتزازٍ للكاميرا، وأبسط طريقة لفعل ذلك هو تثبيت الكاميرا على حاملٍ ثلاثي. لكن هناك عوامل أخرى تتسبب بالاهتزاز والحركة. أولاها، هي الضغط ببساطة على زر الالتقاط الذي قد يسبب حركةً خفيفةً للكاميرا، حتى لو كانت مثبتةً على حاملٍ ثلاثي. قد لا تلاحظ هذه الحركة البسيطة في الصّور الفلكية ذات المجال الواسع، لكن إذا كنت تحاول تصوير القمر باستخدام عدسةٍ مُبعدة، فحتى أصغر الحركات ستتضخّم وتصبح ملحوظةً في الصور. أفضل طريقةٍ لتجنب ذلك، هي استعمال سلك إطلاق الغالق (shutter release cable) أو تثبيت المؤقت الذاتي للكاميرا على ثانيتين مثلاً، ليكون هناك تأخر من وقت الضغط على زر الالتقاط إلى أن يفتح الغالق وتؤخذ الصورة. سببٌ آخر للاهتزاز موجودٌ في كاميرات الـ DSLR، هو الاهتزاز الذي تحدثه المرآة عندما تدور نحو خارج مجال المتحسس عند الضغط على زر الالتقاط. لحسن الحظ، تملك معظم كاميرات هذه الأيام وظيفة قفل المرآة (mirror lock function)، وبذلك يقوم أول ضغطٍ على زر الالتقاط بحبس المرآة، والثاني يشعل الغالق، بينما تبقى المرآة محبوسةً في مكانها. جِدْ إطارك: عندما تخرج لتصوير السماء الليلية، فأنت ذاهبٌ إلى مكانٍ مظلمٍ تماماً، إلا إذا كنت تصوّر حول المدينة أو عندما يكون القمر بدراً مكتملاً. إذاً فتحديد إطار صورتك لن يكون سهلاً كالنظر من خلال مصوّب الرؤية (viewfinder)، أو تحديد شيء ما كما تفعل في ضوء النهار. أفضل طريقةٍ لذلك هي أن تنظر بعينيك لتجد منطقةً من السماء والأرض تعتقد أنها ستشكّل تركيباً جيداً، ثم صوّب كاميرتك نحو ذلك الاتجاه العام. سيترتب عليك إذاً القيام بلقطاتٍ تجريبيةٍ لترى على شاشة LCD من خلف الكاميرا ما الذي قمت بتصويره. قد تحتاج على الأرجح أن تقوم بتحريك الكاميرا هنا وهناك قليلاً فوق الحامل الثلاثي لإيجاد شيء مهمٍّ يساعدك. تَطلَّب مني الأمر في بعض الأحيان 30 دقيقةً، لإعداد الكاميرا والحصول على التركيبة المناسبة التي أريد. لذلك ضع في حسبانك الوقت اللازم لتعديل التركيبة. التركيز أو البؤرة: إنّ الحصول على تركيزٍ وبؤرةٍ صحيحيْن أمرٌ صعبٌ في كل أشكال التصوير الفوتوغرافي. وهو أصعب بكثيرٍ في مجال التصوير الفلكي، بسبب قلة الضوء للتركيز التلقائي. إذاً كيف تُعدّل التركيز لتحصل على صورٍ واضحةٍ في الليل؟ حسناً، هنالك طريقتان. في جميع أشكال التصوير الفلكي سوف تستخدم وضع التركيز اليدوي (manual focus mode) على الدّوام، وتعدِّل تركيزك قريباً من القيمة ما لانهاية قدر الإمكان، فيكون بذلك المنظر الطبيعي و/أو السماء الليلية على بعد التركيز الفائق (hyperfocal distance). وهذا سهلٌ جداً، حيث يكفي أن تدوّر حلقة التركيز لتعين علامة الـ مالانهاية (تشبه الرقم 8 مستلقياً على جانبه) على عدستك، لكن ضع في حسبانك أنها قد لا تكون متوفرةً في كثيرٍ من العدسات، وقد تلاحظ أن النجوم تظهر ضبابيّةً قليلاً عند تحميل الصور على الحاسوب. بعض العدسات لا تحمل العلامة ما لانهاية على الإطلاق، لذا هناك طريقةٌ لضمان الدقة، وهي تعديل التركيز اللانهائي في ضوء النهار بالتركيز على جسمٍ بعيدٍ باستخدام التركيز التلقائي. يمكنك إذاً تثبيت التركيز بتبديله إلى الوضع اليدوي، وتغيير الوضع على حلقة التركيز حتى لا يتغير. هكذا سيكون تركيزك مُعدّلاً مسبقاً من أجل التصوير الليلي. مع ذلك يبقى من الجيد دائماً أن تتحقق من الصور التجريبية على شاشة LCD بتكبيرها 100% في الجهة الخلفية للكاميرا، فقط لتتأكد أن النجوم واضحةً وفي البؤرة. أجد أنّ استخدام عدسةٍ مكبّرةٍ مفيدٌ جداً للتحقُّق من ذلك. هناك طريقةٌ أخرى، هي استخدام العرض المباشر على الكاميرا، والتكبير قدر الإمكان على شاشة LCD. ثبِّت تركيزك يدوياً أقرب قدرٍ ممكنٍ من اللانهاية، ثم ابحَثْ عن ألمع نجمٍ في السماء وقم بتعديلاتٍ بؤريةٍ طفيفةٍ حتى يبدو النجم واضحاً. التقط صورةً تجريبيةً ثم قم بتكبيرها للتأكد من أن النجوم واضحة، إن لم تكن كذلك، أعد الكَرّة. منارة Cape Palliser مع درب التبانة فوقها، قمت بتصويرها بواسطة عدسة 14 ملم مثبتةً يدوياً على التركيز اللانهائي. للصورة عمق مجال كبير نسبيّاً نظراً لصغر مسافة التركيز الفائقة التي تحصل عليها بالعدسة 14 ملم. التخطيط للتصوير الفلكي التخطيط هو أهم الأشياء التي يجب فعلها عند الخروج لتصوير السماء ليلاً. من الممكن أن تذهب وتصوّر دون أدنى تخطيط، لكن من الجيد أنْ تعرف موقعك سلفاً وما الذي تودّ تصويره. كانت لدي دائماً فكرةٌ في رأسي عمّا أودّ تصويره قبل أن أذهب. من المؤكَّد أنني لن أحصل في كل مرّةٍ على ما خططت له بالضبط. فأحياناً أعود إلى البيت دون التقاط شيء يستحق الذكر، وأحياناً أخرى أنجح في التقاط صورةٍ رائعةٍ تختلف تماماً عمّا خططت له في البداية. الموقع: لدي قائمةٌ بالمواقع المفضلة في ضواحي المنطقة المحلية التي خدمتني في السنوات القليلة الأخيرة في مجال التصوير الفلكي. وجدت الكثير من تلك المواقع بفضل الصور الملتقَطة في تلك المناطق الموضوعة على الإنترنت، أو بالبحث على موقع google maps. ودائماً أذهب إلى أي موقعٍ لم أزره من قبل في ضوء النهار أولاً، لأنه من المستحيل أن تَستطْلع مكاناً في ظُلمة الليل. معرفة مواقع النجوم: يَعتمد قسمٌ من التخطيط للتصوير الفلكي على معرفة أين يقع القسم من السماء الذي توَدّ تصويره، وكيف يستقيم ذلك مع التركيبة المخطَّط لها. فكوكبنا يدور بسرعة 1000 ميل في الساعة، كما يسير عبر الفضاء بسرعة 67.000 ميل في الساعة! إذاً فكما يمكنك أن تتخيل، السماء الليلية تتحرك باستمرار، وتتغير معها مواقع النجوم ودرب التبانة بشكلٍ دائمٍ خلال العام. إذاً فمن المهم أن تعرف موقع درب التبانة في السماء الليلية عندما تخرج لتصويرها. هناك بعض التطبيقات للهواتف الذكية تساعدك في مخططك، أنا أستخدم تطبيقاً من فترة يسمى Starwalk، يُظهِر مواقع النجوم ودرب التبانة في أي وقت مُعطى، ما يُمَكّنك من التخطيط لتلك الصورة المثالية لدرب التبانة. تصوير القمر: ربما شاهدت فيديو أخيلة البدر التام الذي أنجزته؟ لم يكن نجاحي في التقاط القمر المشرق خلف المنطقة المراقبة مع أخيلة الناس أمامه ضرباً من الحظ. في الواقع، تَطلَّب ذلك تخطيطاً دقيقاً، وعاماً كاملاً من المحاولات والفشل. إذاً كيف عرفتُ أن القمر سيطلع خلف الناس بهذا الشكل؟ حساً، لقد حصلت على بعض المساعدة من تطبيقات أخرى. وهنا أيضاً ستجد تطبيقان سيساعدانك في تخطيطٍ دقيقٍ كهذا، أحدهما يسمى The Photographer’s Ephemeris أو اختصاراً (TPE). أو إذا كان لديك هاتف آيفون، فأنا أنصحك بتطبيقٍ يسمى PhotoPills، حيث يقوم بأكثر بكثير من مجرد حساب موضع القمر. ولمن يهمّه الأمر، فقد كتبت مدوّنة شاملة تأخذك إلى مثال للعالم الحقيقي باستخدام PhotoPills على هذا الرابط. بانوراما مبرمجة، أردت التقاط الشريط المرئي الكامل لدرب التبانة وسحابتَي ماجلان. استغرقتُ أكثر من 30 دقيقةً لالتقاط الصور الـ 56 التي تشكّل هذه البانوراما، وكثيراً من الوقت لإلصاق تلك الصور مع بعضها. الإعدادات مع جميع أشكال التصوير الفلكي سوف تحتاج لكل الإعدادات اليدويّة في التصوير. ذلك لأنه لن يكون بمقدور الكاميرا تقدير الإعدادات التلقائية الصحيحة مع الضوء المتاح في الليل. كما أنه سيعطيك اتّساقاً (consistency) عبر لقطاتك الفلكيّة. سوف أمرُّ بهذه الإعدادات زيادةً على العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار في كلٍّ منها: التعريض: هنالك عاملان أساسيان يتحكمان بالتعريض في مجال التصوير. أحدهما هو زمن بقاء الغالق مفتوحاً (سرعة الغالق shutter speed والآخر هو الفتحة aperture) والجمع بينهما هو ما يحدِّد كمّية الضوء التي تسقط على المتحسّس لإعطائك الصورة النهائية. في مجال التصوير الفلكي، ستتعامل مع التعريضات الطويلة بما أنك تصوِّر الأجسام في الظلام. سرعة الغالق: هو مقدار “الزمن” الذي يبقى فيه الغالق مفتوحاً للسماح للضوء بالدخول إلى المتحسِّس. لذلك نحتاج في التصوير الفلكي إلى سرعةٍ عاليةٍ للغالق للسماح بأكبر قدرٍ من الضوء بالولوج. لكن عليك أيضاً الأخذ بعين الاعتبار، أنه كلما تركت الغالق مفتوحاً كلما حصلت على مسارات أو آثار نجوم (star trails) أطول، نظراً لحركة الأرض حول محورها. قد يكون هذا مرغوباً إذا كنت تنوي التقاط مسارات النجوم، لكنك ستتجنب ذلك عموماً في الصور واسعة المجال، لذلك من المهم أن تعرف مقدار التعريض اللازم قبل حصول مسارات النجوم. وهو يتغير مع البعد البؤري للعدسة المستخدمة. كلّما كان البعد البؤري كبيراً، كان زمن التعريض قبل الحصول على مسارات النجوم أقصر. لحسن الحظ، توجد صيغةٌ للحساب تسمى قاعدة الـ 600 (Rule 600). تنُصّ القاعدة ببساطةٍ على تقسيم العدد 600 على البعد البؤري الحقيقي للعدسة المستعملة. وبالنسبة للبعد البؤري، فهو البعد البؤري للعدسة المستعملة فقط إذا كنت تستخدم كاميرا ذات الإطار الكامل. أما في حالة متحسّسٍ أصغر فيتوجبُ ضرب معامل الاقتصاص (crop factor) في الطول البؤري. مثلاً، إذا كنت تستخدم الكاميرا Canon 7d التي لها معامل اقتصاص يقدّر بـ 1.6 مع عدسة 10 ملم، إذاً فالبعد البؤري الحقيقي سيكون 10 ضرب 1.6، ما يعادل حقل الرؤية 16 ملم على الإطار الكامل. الآن وبما أنك عرفت مفهوم معامل الاقتصاص لنعد إلى قاعدة الـ 600. إذاً بالكاميرا ذات الإطار الكامل، أقصى قيمة لسرعة الغالق يمكنك استعمالها قبل الحصول على مسارات النجوم باستخدام عدسة 24 ملم مثلاً، هي 600 تقسيم 24 ملم= 25 ثانية تعريض. إذا كنت تستخدم نفس تلك العدسة مع متحسسٍ أصغر مع معامل اقتصاص يساوي 1.6، ستكون قيمة سرعة الغالق الأقصى 600 تقسيم (24 ملم x 1.6= 15.625 ثانية). الفتحة: هي آلية الحاجب (diaphragm) في العدسة التي تتحكم في كمية الضوء التي تدخل إلى المتحسس في الكاميرا عن طريق الفتح والغلق. يمكنك تخيلها بنفس الطريقة التي يعمل بها بؤبؤ العين، حيث يصبح أوسع في الظلام ليسمح للمزيد من الضوء بالدخول إلى العين، وأضيق في الضوء الشديد، ليسمح لقليل من الضوء بالولوج. تُعرف الفتحة بـ” المواقف” (stops)، والإعداد الذي تُغيِّره للتحكم بفتحة العدسة في الكاميرا هو عدد-البؤرة (f-number). وفي مجال التصوير الفلكي نحتاج أكبر قدرٍ ممكنٍ من الضوء للدخول عبر العدسة والسقوط على متحسس الضوء. لذلك نختار عموماً الفتحة الأكبر، أو أكبر فتحة ممكنة في عدستك. كل العدسات التي لدي بها فتحاتٌ تساوي f/2.8، وهو إعداد الفتحة الذي أستعمل عموماً في التصوير الفلكي واسع المجال. إذا كنت أصوّر شيئاً لامعاً كالقمر، وكنت أريد أن التقط بعض التفاصيل على سطحه، فسوف أضبط موقفاً أدنى (أجعل الفتحة أصغر ليدخل ضوء أقل) حوالي القيمة f/9. الحساسية (ISO): معظم الكاميرات الحديثة ذات حساسية عالية، وهذا شيءٌ عظيمٌ للتصوير الفلكي، فبفضل الحساسية العالية تستطيع كاميرتك أن تلتقط تفاصيل أكثر مما تراه العين المجردة. الحساسية ISO هي عبارة عن قيم تصويرية تقيس حساسية متحَسِّس التصوير للضوء. المشكلة الوحيدة هي أنه كلما كانت قيمة الحساسية أعلى كلما زاد التشويش (noise) في الصور. لكن هذا قد يُصحَّح إلى حدٍ ما بواسطة تقنية تخفيض التشويش (noise reduction) فيما سيأتي. وبما أننا نصوّر في الظلام، سنأمل بالتأكيد أن نكون قادرين على التصوير بأعلى حساسيةٍ ممكنةٍ دون الحصول على الكثير من التشويش في الصورة، والذي قد لا نستطيع التحكم فيه بتقنية تخفيض التشويش. بالنسبة لي، بكاميرتي Canon 5D MkIII، تتراوح الحساسية بين 3200 إلى 6400، وقد يختلف الأمر في كاميرات أخرى، وربما تحصل على قيمة أبعد في الكاميرا الخاصّة بك، لكنها تسحق التجربة لترى إلى أي حدٍّ يمكنك الوصول بقيمة الحساسية دون تراجعٍ كبيرٍ في جودة الصورة. توازن الأبيض (White Balance): (يسمى أيضاً توازن اللون) هذه هي عملية حذف الألوان غير المرغوبة لتحصل على صورةٍ بألوان محايدة (neutral whites). تختلف هذه القيمة من مصدر ضوئي إلى آخر، لهذا السبب كان ضبط قيمته يدوياً في التصوير الفلكي أمراً مهماً. بعضهم يقوم بضبط توازن الأبيض على القيم المثبتة مسبقاً في الكاميرا مثل “ضوء النهار”، ثم يتم التعامل مع تحييد توازن الأبيض في مرحلةٍ ما بعد الإنتاج. لا بأس بذلك إذا كنت تصور بامتداد الصور الخام raw. لكن إذا كنت تصور بامتداد الصور المضغوطة jpeg. (لا يوصى بها في التصوير الليلي) فيجب عليك أن تحصل على توازنٍ أبيض صحيح قدر الإمكان، ويستلزم ذلك ضبطه بشكلٍ يدوي. بالنسبة للتصوير الفلكي قد يتراوح بين 3200k و 4800k، حسب ظروف الإضاءة. يمكنك أيضاً استخدام توازن الأبيض في وضع المصباح tungsten، لأنه يعادل تقريباً 3200k. أيّة إعدادات أستعمل؟ هنالك عوامل عديدة وتكون متعلقة عموماً بالكاميرا والعدسة التي تُستعمل، ومدى عتمة المحيط الذي تصوّر فيه. سأعطيكم مثالاً، قمت بالتصوير بواسطة كاميرا Canon 5d MkIII وعدسة 14 ملم، f/2.8، لذا وفي محيط بسماء مظلمة، تكون الإعدادات النموذجية، سرعة الغالق 30 ثانية، الفتحة في f/2.8، والحساسية 3200. قد تختلف هذه الإعدادات بالنسبة لك عند الأخذ بالحسبان المحيط والمعدّات التي تستخدم، وهو أمرٌ ستحتاج إلى تجريبه بنفسك إلى أن تحصل على النتيجة التي ترضيك. التخييم تحت ضوء النجوم، بواسطة مارك غيي على موقع 500px تصوير الناس مقابل سماء مرصعةٍ بالنجوم سيبدو رائعاً بالتأكيد، الحيلة هي أن تُبقى الأشياء ساكنة على الأقل خلال زمن التعريض، في هذه الحالة كنت أنا الشخص الذي لزم عليه البقاء ساكناً لمدة 30 ثانية التـركيـب في التصوير الفلكي واسع المجال، لا تهم مدى روعة السماء الليلية، بقدر ما يهم المزج بين المنظر الطبيعي والسماء بطريقةٍ جميلة، فلا بد من ذلك إن كنت تريد لصورتك أن تبرز أمام صور الآخرين. مع الإعدادات الصحيحة، يمكن لأي شخص أن يصوّب الكاميرا ويلتقط صورةً جيدةً للسماء الليليّة. لكن الفرق بين صورة جيدة وصورة عظيمة هو في الأغلب التركيب. التركيب هو شيء قد يأتي عفوياً بالنسبة للأشخاص الذين يملكون عيْناً فنّية، لكن بالنسبة لآخرين فقد يناضلون لإيجاده، ورغم ذلك قد لا يلاحظون التركيب الجيّد حتى لو كان أمام أعينهم. لحسن الحظ، لدينا قواعد بسيطة لمساعدة أولئك الذين لا يستطيعون رؤية تركيب جيّد بسهولة، وإذا كنت منهم ورتبت التصوير بتلك القواعد، فستأخذ تراكيبك بالتحسن والظهور طبيعيّةً أكثر. فيما يلي نجد بعضاً من تلك القواعد: قاعدة الأثلاث: هي قاعدة مبنية على تقسيم الصورة إلى ثلاثة، أفقياً وعمودياً. الفكرة تكمن في وضع الهدف المهم في واحدة من تقاطعات تلك الأثلاث لتحصل على تركيبٍ جميل. نقاط الاهتمام: إن صورة بدون نقطة اهتمام لن تجذب اهتمام المشاهد لوقتٍ طويل. قد تتمثَّل في شيء بسيط مثل شجرةٍ في الخلفية مظلَّلة بالسماء الليلية، أو شريط درب التبانة الواقع على ارتفاعٍ منخفضٍ من الأفق فوق منظر جبلي. تأكَّد أن الأفق منبسط: ما لم تكن قد سرت عمداً إلى المنحدرات الهولندية، من المهم حقاً في أي تصوير للمناظر الطبيعية التأكد من أن الأفق مستقيم. وهذه القاعدة تُطبَّق أيضاً في التصوير الفلكي واسع المجال إذا وجد أفق في الصور. شجرة تحت ضوء النجوم، مارك غيي موقع 500px التركيب الجيد هو المفتاح في أي نوعٍ من أنواع التصوير الفوتوغرافي. تأهلت هذه الصورة في مسابقة المصور الفلكي لسنة 2012 بسبب التجاور الجميل بين شجرة المقدمة ودرب التبانة المعالجة الرقمية هذا الموضوع قد يكون درساً تعليمياً في حد ذاته، لذلك لن أخوض في التفاصيل هنا، ربما أقدّم درساً تعليمياً عن المعالجة في وقت آخر، لكنني سأتكلم باختصارٍ عن الموضوع وأشارككم تفضيلاتي الخاصة في المعالجة. قبل ظهور الكاميرات الرقمية، كانت الصور تُعالَج في الغرفة المظلمة بالمواد الكيميائية وورق التصوير. اليوم وفي عصر الرقمنة، تتم المعالجة على الحاسوب. من المؤكد أنّ العملية مختلفة تماماً، لكن يمكنك استخدام تقنيات الغرفة المظلمة القديمة على الحاسوب مثل التهرب والحرق (Dodging and burning). يمكن للبرامج مثل فوتوشوب (Photoshop)، لايتروم (Lightroom) وأَبرتور (Aperture)، أن تعطيك حريةً أكبر بتقنيات المعالجة، خاصةً إذا استخدمت شكل الصور الخام (raw image format). هذا رائع بالنسبة للتصوير الفلكي، فهو يعطيك تحكّماً كبيراً في صورتك. لكن قد يكون سلاحاً ذو حدين، وشخصياً أجد أن بعضاً من المعالجات للصور الفلكية ذات المجال الواسع مبالغٌ فيها قليلاً. أحب أن تبقى صوري طبيعيةً قدر الإمكان، فقط أقوم بمعالجتها بناءً على ترجمتي لكيفية رؤيتي للمشهد خلال الليل. يتضمن ذلك التأكد من أن توازن الأبيض محايدٌ نسبياً، وأن لا أزيد الصفاء/الوضوح (Clarity) كثيراً، لأترك هالاتٍ على كل الحواف، أو أسحق السواد (crushing the blacks) كثيراً، فلا تبقى أية معلومات في الصورة. بالنسبة لعينٍ غير متمرِّسة، قد لا تميز أيّة مشكلة، لكن من المهم لإنتاج صورةٍ فلكيةٍ عالية الجودة أن تتفحص المعالجة باستمرار. كل هذا يصب في قالبٍ واحدٍ هو آليات الكاميرا الجيدة، لذلك فهو حقاً متعلق بضبط توازن الأبيض الصحيح، تصحيح التعريض إذا لزم الأمر، ضبط النقطة البيضاء، إضافة بعض التباين (contrast) والتحكم في التشويش بواسطة مخفِّض التشويش. اذهب أبعد من ذلك، فربما ترى صورتك قد بدأت تتماشى مع تُحف المعالجة. في النهاية، المعالجة هي طابعٌ شخصيٌّ وأسلوب معالجة الصور سيختلف من شخصٍ إلى آخر. أنا أعطيك نظرتي الشخصية فقط، وبعض الأشياء التي عليك أن تبحث عنها. قبل وبعد المعالجة. في الأعلى الصورة المباشرة التي التقطتها كاميرتي دون أية معالجة. أما في الأسفل فهي الصورة المعدلة ببرنامج لايتروم. أحاول دوماً أن أقوم بمعالجة تحفظ الصورة طبيعيةً قدر الإمكان دون المبالغة ككلمةٍ أخيرة، لا يمكنك الحصول على صورٍ رائعةٍ للسماء الليلية إذا تأثرت بالتلوث الضوئي (light pollution). وحسب تجربتي في الأسبوع الدولي للسماء المظلمة، أعتقد أن إحدى أفضل الطرق لشرح التلوث الضوئي للناس، هو أن نريهم الفارق بين سماء مدينةٍ ملوثةٍ ضوئياً وسماء مظلمةٍ مع قليلٍ أو دون تلوثٍ ضوئي. استخدمتُ تصوير الفواصل الزمنية لشرح ذلك، وقضيتُ ساعاتٍ طويلةٍ في ظروف إضاءةٍ مختلفةٍ أصوّر اللقطات. استمتع بالفيديو، ولا تتردد في النشر!