المتألق الأستاذ #فراس_ رهجة..
عين المفتاح الساهرة ..وصاحب النهفات الظريفة..
بقلم المصور: فريد ظفور..
- لمس حوافي الأفق ..وجس مفاتيح الوطن..وإندثر في عب الريح..سمع الشفق يغني لفيروز..لامس جيب الغيمة..فرأى وجه إمرأة يألفه..فتذكر أماً نزفت ماء العمر..لتسقي قافلة عناقيد تتلوى في كرمتها..يتحول طيراً يتسلق مواويل الحب.فيقطف أجملها..يتحول عصفوراً في الليل وعندليباً في النهار..ينقر صمت مفاتن ومواجع الحياة..هذا ركام الضحايا بعينيه يبكي نزيف الوطن الحزين ويسائل جراحه عن الغدر يطفو كزيت وماء..حمص غني أنشودة الفرح والحياة فتستحقين أن تنهضي من الركام كما طائر الفنيق..يبحث عن وردة الضوء وفسحة الأمل في المنمنمات..يشد الهديل ويعلق أثواب المحبة في ذراع الصباح..طفل على ورق الصمت يلهو كثيراً..فتذوب الشوارع في شهقة..تستوقفك نظرات الناس فتقرأ أعماقهم..فالحرف إرتدى هم الناس والوطن فلن يخشى لظى اللوم..تعالوا معنا لنرحب ونتعرف على الزميل الكميائي الأستاذ فراس رهجة ..
- وقصة الأستاذ فراس رهجة مع فيروز والرحابنة حكايا ذات شجون وعاشق بجنون لفنها .. و يبدو أن الحديث عن فيروز والرحابنه لم ينتي ولا أظنه سينتهي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها..فمازال صوتها الملائكي وألحان وكلمات الرحابنة يشغل الناس في عصرنا كما شغلهم في القرن الماضي..والباحثين والصحفيين والنقاد وعشاق فنهم يجدون متسعاً من القول والكتابة عنهم وعن مدرستهم الفنية..والسؤال الذي يفرض نفسه وهل بقي شيء أو أشياء يمكن إضافتها إلى كل ماكتب وقيل عنهم..ولا شك بأن الرحابنة وصوت فيروز تحف فنية قلما تتكرر..فحين نعلم بأنهم كانوا هدفاً لسهام الحساد وغرضاً لأقوالهم..فقد لفقوا حولهم الكثير من الحكايات والأخبار الكاذبة..ومع ذلك فقد سعى الباحثين إلى رفع النقاب عما غمض من حياتهم وإلى إستجلاء ماخفي من أسرار وقد إستطاع بعضهم أن يجلوا الغموض واللبس الحاصل.ويثير الحديث عن فيروز شجوناً تمتد جذوره إلى مايقارب النصف قرن..حيث رضعنا لبن غنائها وعشقنا الكلمات والألحان فترانا نسيقظ على صوت فيروز وننام على صوتها أو مسرحاتها أو إسكتشاتها.لأن عندنا في سوريا عشق فيروز فلسفة حياة ومترافق مع فنجان الشاي والقهوة والمتة..لأن إبداعها مع الرحابنة زياد وعاصي ومنصور وغسان ..وكذلك خريجي مدرسة الرحابنة أمثال العمالقة: وديع الصافي وفليمون وهبة ونصري شمس الدين وصباح وهدى حداد وملحم بركات ..وغيرهم الكثير ممن تتلمذوا في هذه المدرسة وأبدع وترك بصمته المختلفة..وأصبح عطاؤهم المختلف إمتداد للقلوب..لألحانهم وأدائهم المميز ..هو المكان القريب والركن الحميم..وبين درامية الصوت الملائكي ومثالية وإبداع الألحان الرحبانية وغيرها ..كانت وستبقى فيروز يصدح صوتها في السماء..ليوقظ الصباح ويساهر النجوم والقمر..
- إن المعنى الفينومينولوجي للوعي ..هو وعي بشيء ما..أي أنه وعي ذات بموضعات..ولعل بعض المشتغلين بالحقل المعرفي والفلسفي في الثقافة العربية يدركون الشقاء الذي يسكن هذا الوعي..ويقفون عند بعض ملامح الغربة التي يعبر عنها ولا يكف عن إنتاح شروطها وإستمرارها..وقد وجدوا هؤلاء أنفسهم مرغمين على الإنفصال عن تاريخ الفلسفة لينخرطوا في قضايا إشكالية تتداخل فيها الثقافة والسياسة بالحضارة ويتشابك فيها التاريخ بالأيديولوجيا عندها بات الحديث عن الفلسفة العربية يبدو بحاجة إلى تدقيق ومساءلة..وذلك متعلق بفلسفة الثقافة المتخذة من التراث والهوية وعلاقة الشرق والغرب موضوعاً..ولكن علم النفس حينما يريد الحديث عن الكائن الإنساني فإنه يأخذ منه الجزء الداخلي ..وهذا البناء العميق الذي يقوم كحجر أساس متين وراء الكائن يعطيه طابعه المميز عن غيره ويهبه الشخصية المغايرة عن غيرها..ودراسة النفس والشخصية يدرسهما لا لمجرد التأمل السرمدي الباهت ولا لإملاء المجلدات الصفراء والبيضاء ..بل إنما من أجل تحديدها وتحليلها وتبيان مقوماتها وإظهار تركيبها..
- أصبح لكل أمة من الأمم نوابغ لايكثر عددهم ولا يصل مجموعهم إلى درجة الإبتذال إنهم قلة نادرة وإنهم لفئة محدودة العدد وربما يمضي عصر أو تمر الأزمان فلا تعثر على عبقري..بيد أن النوابغ يعتبرون تاريخياً الصفة المميزة لأمة من الأمم والشارة الدالة على الشعوب فهذا شكسبير ودانتي وهومير وسقراط وأفلاطون وأرسطو والمتنبي وأبو العلاء وجلال الدين الرومي وطاغور وبوشكين وسيد درويش والرحابنة وفيروز.. وهم كثر عند معظم الأمم..فكل واحد من النوابغ سيظل علماً في أمته وتاريخاً مختصراً عن قومه..وبالرغم من هيمنة العوامل الإقتصادية على تطور الإنسانية..فإنه دائماً يوجد فسحات للأمل وبقع ضوء وأيادي بيضاء تبني مداميك الوطن بصمت..من هنا حريٌ بنا أن نتذكر الأستاذ فراس رهجة..ودوره الريادي في بناء صرح موقع ومنتديات المفتاح..وكذلك مجلة المفتاح ..وأيضاً مجلة فن التصوير وخدمته في مساندة ومساعدة المصورين في ترحالهم وسفراتهم وورش عملهم لإلتقاط الصور الفوتوغرافية وتوثيق الأحداث والمناظر..وكل ذلك بدافع شخصي وبمحبة يقدم الغالي والرخيص خدمة للفن والأدب والثقافة..فمنذ أن عرفته في ثمانينات القرن الماضي وهو يعطي بذكاء وينقب بدهاء عن الجواهر والكنوز المعرفية وهو العين الساهرة وصمام الأمان في مراقبة وفلترة المقالات في المفتاح.. إضافة للردود والمقالات المكثفة والمختصرة فهو يكتب ملحمة على رأس دبوس..لا يحب الزيادة والبهرجة..ولعل خير ما أذكره من أعماله تلخيصه لكتاب الأمير لنيقولا ميكافيللي..ناهيك عن أنه مغرم بصوت فيروز وصاحب حضور ونكتة مميزين..ويضفى على الجلسات طابع الفرح والمحبة والعطاء والظرافة..فهو خير جليس ونديم بالرحلات والسهرات..وكان عملنا مشترك في الكثير من مثالب ومشارب الحياة وقد حفظنا بعضنا البعض ..وهذا العمل في المفتاح وفن التصوير هو عمل جماعي تم بتضافر الجهود وتعاون ومحبة الجماعة..
- من هنا ندلف للقول بأن الأستاذ فراس رهجة واحد من الجنود المجهولين الذين كتبوا سفر تكوين ونجاح المفتاح وفن التصوير وهو قفل المفتاح وعينه الناقد والساهرة وهو مهماز تطوره ومانومتر حرارته..فكثيراً ماكان ينبهنا لأخطاء وأمور كانت ستغفل لولا حصافته ونباهته وفكره النير وروحه الظريفة..لذلك وجب بأن نعطيه حقه بالتقدير والإحترام لما قدمه في سبيل نشر الثقافة الفنية والأدبية والتشكيلية والتصويرية..ونرفع له القبعة إجلالاً وإحتراماً لجهوده..ونأمل أن يكتب له المستقبل الزاهر والمجد العظيم والغد المنير والمشرق له ولأفرا أسرته..
ـــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الأستاذ فراس رهجة ـــــــــــــــــــــــــــ