وقال عذاب الركابي كاتب وناقد من العراق: «نُسِبت لي ريادة الهايكو لأنني أول مَن أصدر ديوان هايكو عام 2005 في القاهرة وأقول ليس الهايكو دخيلًا أبدًا، بل هو أحد فنون الشعر الحديث، وجاء ثمرة ثقافة عالية بعد الاطلاع على شعر (الهايكو الياباني) أولا ومن ثم (الهايكو العالمي) فجاء اقتراحنا معًا أنا والشاعر اللبناني الكبير د. قيصر عفيف رئيس تحرير (الحركة الشعرية) في المكسيك (لماذا لانكتب هايكو عربي؟) وكانت الإجابة سريعة فكتبت (هايكو عربي) وتم نشر تجربتي في عدد المجلة – مارس 1999 الخاص بالهايكو .. وقال: (لكل بيئة هايكو خاص بها وليس بالضرورة أن يكون تبعًا لتقنية الهايكو الياباني).
لا علاقة للهايكو بالقصيدة القصيرة أو القصيدة الومضة أو الأبيجراما، هذا هو الخلط الذي وقع فيه الشعراء الذين ركبوا موجة الهايكو، ظانين أن كلّ (قصيدة قصيرة) هي (هايكو) لأنهم لم يطلعوا على مرجعيات (الهايكو الياباني) ورحمه الذي ولد منه وهم (عقيدة الزن) و(كلاسيكيات الهايكو) ومعرفة حياة (الرهبان الثلاثة: باشو، بوسون، إيسا).
نعم هناك مَن استسهل كتابة الهايكو ظانًا بأنها قصيدة قصيرة وهي ليس كذلك، وأساء إلى تقنيتها وطقسها اللغوي، وتفرد موضوعها وصوغها ـ، فجاءت النماذج التي حفلت بها الصحف والمجلات ونوادي الهايكو، نماذج مخيبة وفاشلة، بل وإساءة بليغة – جهلاً بهذا الفن العظيم.. مثلما تمّت الإساءة لـ(القصة القصيرة جدا) و(قصيدة النثر) في بدايتها.
ليست قصيدة الهايكو إفلاتا من نمطية الشعر العربي، بل إضافة للشعر العربي، وربما يصبح من مرجعياته إذا تمّ فهم تقنيته التي لا تخرج عن مفردات الطبيعة وطقسها وفصولها ومكوناتها، ولا علاقة لها بما يكتبه الشعراء العرب الآن من هايكو، وقد (أدلجوا) القصيدة وأدخلوا فيها قصص الحب والغرام والنضال وهي بريئة من هذا الإسفاف. قال شاعر الهايكو الكبير باشو: (قراءة قصيدة الهايكو أشبه بالدخول إلى واحة) وردد هذه العبارة كل كتاب ومنظري الهايكو اليابانيين.
قنوات التواصل أفسدت كل شيء؛ لأنها مرتع للمدعين وللذين يعانون من ( أنيميا ثقافية) وهم يكتبون ولم يتقنوا اللغة العربية في أبسط بديهياتها (الفعل والفاعل والمفعول) وينسبون إلى أنفسهم حصولهم على جوائز لا تعرف مصدرها، قنوات التواصل الاجتماعي مصدر الكوارث الثقافية.
لا ندري إذا كانت اتحادات الكتّاب قد اعترفت أم لم تعترف بهذا الفنّ؛ لأنها منظمات نقابية مهنية، تهتم بالسائد والمألوف، وأنا أعرف كتابًا وشعراء كبارًا لم يسمعوا بالهايكو حتى تاريخ كتابة هذه السطور، ولهذا سيكون كتابي القادم (الهايكو من الياباني إلى العربي، مواطن الاتفاق والاختلاف) المرجع للتعريف بهذا الفن العظيم، ومراحل تطور (الهايكو العربي)».