قصيدتان لـ تشارلز بوكوفسكي
وحيد بين الجميع
ترجمة: أحمد م. أحمد
يكسو اللحمُ العظمَ
ثم يضيفان دماغاً
هناك
وروحاً في بعض الأحيان،
وتحطّمُ النساءُ
المزهرياتِ على الجدران
ويسرف الرجالُ
بالشرب
ثم لا يجد المرءُ
الشريكَ
مع ذلك لا يكفُّ
عن الزحف ذاهباً آيباً
وهو يفتّش تحت
الأسرّة.
يغطي اللحمُ العظمَ
لكن اللحمَ ينشدُ
ما هو أكثر
من اللحم.
لا مَحِيْصَ
البتّةَ:
كلّنا أسرى
قدر
أوحد.
ولن يجدَ المرءُ
الشريكَ.
تمتلئُ مكبّاتُ المدينة
تمتلئُ ساحات السيارات الخربةِ
تمتلئُ المصحات العقلية
تمتلئُ المشافي
تمتلئُ المقابرُ
ثم لا شيء آخر
يمتلئ.
ابتسامة لا تُنسى
.
ربّينا سمكاتٍ ذهبيةً كانت تصول وتجول
في حوضٍ على الطاولة قربَ الستارة الثقيلة
التي تغطي الشّبّاكَ.
وأمي، بابتسامتها المرتسمة أبداً على وجهها، وسعيها
لأن نكون سعداء، قالت لي، “كنْ سعيداً يا هنري!”
وقد كانت على حقّ: فمن الأفضل أن تكون سعيداً
إذا تسنى لك ذلك
لولا أن أبي لم يتوانَ عن ضربها وضربي
سبعَ مراتٍ في الأسبوع والغضب
يفور في هيكله ذي السّتّ أقدام وبوصتين لأنه
لم يستطع معرفةَ
ما الذي كان يجيش في داخله.
أمي، والسمكات المسكينات،
في سعيهن لأن نكون سعداء، وهنَّ يتلقين الضربَ مرتين
أو ثلاثاً
في الأسبوع، يطالبنني بأن أكون سعيداً: “ابتسم يا هنري!
لماذا لا تبتسم أبداً؟”
ومن ثم تبتسم هي، كي تُرِيَني كيف يبتسم المرء،
وقد كانتِ
الابتسامةَ الأكثر حزناً التي رأيتُها في حياتي.
وذات يوم ماتت السمكات الذهبيات، كلّ السمكات الخمس،
طفتْ فوق الماء على جانبها، ولم تزلْ
مفتوحة الأعين،
حين وصل أبي إلى البيت ألقى بهنّ
إلى القطة
على أرضية المطبخ،
راقبنا المشهدَ
وعلى وجه أمي
ترتسم ابتسامة.