مهند النابلسي: مصير الأرض المظلم: “معركة الأرض الحاسمة في العام 3000” (باتلفيلد ايرث): تحذير “هوكنغ” المستقبلي قد يصبح حقيقة يوما ما!
من اخراج روجر كريستيان وبطولة “جون ترافولتا” (2000):
واحد من أسوأ افلام الخيال العلمي قاطبة!
تدور احداث هذا الفيلم بعد اكثر من ألف سنة من الان، حيث تقوم مخلوقات قبيحة وشريرة وجامحة قادمة من الفضاء الخارجي، تدعى “سايكلو” تقوم بغزو كوكب الأرض وتدميره واستعباد البشر الباقين على قيد الحياة، وقد اطلق عليهم لقب “الانسان الحيواني”، وتم استخدامهم في عمليات التنقيب عن الذهب، لأن المسؤول السايكلوني عن الأمن، ويدعى تيرل (جون ترافولتل بدورغير معهود وضعيف الأداء وكثير التبجح والاستعراض)، حيث يظهر كمحارب عملاق يتجاوز طوله التسعة أقدام، وهو يعتزم الرحيل عن الأرض بعد ان يجمع ثروة طائلة، غير انه يحتاج “لانسان حيواني” لتنفيذ خطته!
وهناك في أعالي قمة جبل شاهق البعيدة عن الغزو الاستعماري القاهر، يعيش “جوني غودبوي تايلور (باري بيير) مع عدد من أمثاله الناجين القلائل حياة صعبة برية تشبه حياة الهنود الحمر، حيث يرتدون الفراء ويمتطون الأحصنة كما يستخدمون الرماح في الصيد ويعيشون في خيم، لكن حين يفكر تايلور وصحبه في الانتقال للسهول فانه يقع اسيرا في ايدي السايكلو اللذين أقاموا في مدينة في قاع البحر على شكل قبة مليئة بهواء الكوكب البعيد الذي قدموا منه، وهو هواء بمكونات غريبة يصعب على البشر العاديين تنفسه!
هذا الفيلم “الخيالعلمي/الفنتازي” الغريب “الخائب تجاريا ونقديا” مقتبس عن رواية كتبها “رون هوبارد” الذي أسس بدوره طائفة دينية غريبة، تستند لفكرة الروح او طاقة الحياة الكونية، ويقال ان الممثل الشهير “جون ترافولتا” كان منتميا لهذه الطائفة الغريبة، لذا اصر بحماس وشغف على القيام ببطولة هذا الفيلم، مهددا ومتوعدا الوكالة المعنية بالانتاج، ولا أعتقد انه ما زال منتميا لهذه الطائفة (ما يسمى الكنيسة السيانتولوجية) حتى الان وخاصة بعد الفشل التجاري والنقدي الكبير الذي واجه الفيلم والذي صنف كواحد من أسوا افلام القرن! وربما هو مجرد نوع من الهوس والشغف الوقتي المرتبط بالأهواء الشخصية “الكاريزمية” والغرور الجارف والفراغ الروحي والابعاد التجارية التي روجت للفيلم على شباك التذاكر والله اعلم…
اللقطات الاخيرة في هذا الفيلم كانت غير مقنعة اطلاقا وضعيفة التماسك والمغزى: فبعد اسبوع من التخطيط والتدريب، فقد شن المتمردون هجومهم الأخير في مهمة انتحارية، حيث يطير كارلو (كيم كوتس) في مركبة “السايكلون” الفضائية لمركز قبة “دينفر”، مدمرا اياها وخانقا مخلوقات السايكلو داخلها، أما المقاتل الآخر جوني (باري فيفر) فيلتقط جهاز الارسال عن بعد، ويتواصل مع رجل آخر يدعى “ميكي” لارسال قنبلة قذرة فتاكة للعالم الاخر، وعندما ينجح ميكي بتفجير القنبلة، يتفاعل اشعاعها بشكل كارثي مع غلاف “السايكلون” الجوي، مدمرا معظم اوجه الحياة على الكوكب، وقد تم اخيرا سحق هذه المخلوقات العدوانية الشريرة، هكذا يتمكن البشر من استعادة كوكبهم جزئيا لكنهم يواجهون مستقبلا غامضا وصعبا، فيما لا ينجو الا السايكلو الوحيد تيرل (جون ترافولتا العملاق)، الذي يتم حبسه داخل زنزانة محاطة بأقطاب الذهب، أما المقاوم العنيد كير( الممثل الأسمر البارع فوريست ويتيكر) فينضم اخيرا الى باقي البشر المنتصرين في المشروع الطموح الجديد المتمثل باعادة بناء الحضارة الانسانية على كوكب الأرض…
اعجبتني فكرة الفيلم من ناحية المضمون الذي يتحدث عن استعمار فضائي شرير مستقبلي ربما يتفوق على ويلات الاستعمار الغربي الكريه بحق الشعوب “العالمثالثية” المستضعفة (ونحن العرب في طليعتها)، وربما يذكرنا هذا الفيلم الفانتازي الغريب بتحذير العالم الفيزيائي الشهير “ستيفان هوكنغ” (الذي رحل مؤخرا) من مغبة البحث عن كائنات فضائية عاقلة ومتفوقة لأنها قد تؤذينا وتعاملنا كبشر كما نتعامل نحن مع حيوانات التجارب وربما أقسى من ذلك، كما ينبهنا هذا الشريط المدهش للحذر من وجود كائنات بشرية “غير منتمية وأنانية” مستعدة دوما للتعامل مع شتى صنوف الكائنات الاستعمارية الغازية لتحقيق مآربها الخبيثة ومصالحها الذاتية، وبأهمية تضافر جهود البشر قاطبة لمواجهة التهديدات الكونية المحتملة!
كلف هذا الفيلم “الفاشل” أكثر من 30 مليون دولار وادى لافلاس وكالة الانتاج التي قامت بتمويله كما خسر ترافولتا ملايين الدولارات التي استثمرها من جيبه الخاص، ويعد هذا الشريط عالميا كنموذج سينمائي فريد للخيبة التجارية والفنية والنقدية، التي شملت ربما معظم مكونات الفيلم الاخرى من “تمثيل وتصوير وموسيقى تصويرية ونص ومؤثرات ضعيفة غير داعمة”، ويمكن للحق استثناء عناصر التصميم الانتاجي التي كانت ايجابية نسبيا حسب اعتقادي، وعبرت بواقعية عن عالم من المدن الميتة المهدمة، حيث تحولت مراكز التسويق الفارغة الى مناطق صيد بشرية مرعبة، وحتى الألوان الأساسية “الزرقاء والرمادية” البائسة، التي انعكست عليها أشعة الشمس فهي تظهر في المحصلة “صفراء قديمة باهتة”…
عاصفة نقدية كاسحة “غير مسبوقة”:
وقد واجه هذا الفيلم نقدا لاذعا شاملا على كافة المستويات “الجماهيرية والتجارية والنقدية” وربما كان مبالغا به حسب اعتقادي: فقد وصف بالحماقة الخيالية المضللة، وتعرض للسخرية اللاذعة والضحك الساخر وحالات مغادرة قاعات العرض، وشبهه ناقد سينمائي كبير بحالة رجل ركب بباص في رحلة طويلة وهو يحتاج للتبول عاجلا (ومنحه نصف نجمة من أصل اربعة)، وبعضهم وصفه بالعدواني المستفز للمشاهدين وبأنه نموذج للسخرية السينمائية لعقود قادمة، وتم وصفه بالتفكك والملل وباحتوائه المبالغ به على مصادفات وانعطافات اخراجية لا تصدق وعشوائية مع مؤثرات بدائية ضعيفة وثغرات سردية كبيرة وتشويش هائل، أما موقع الطماطم المتعفة (وهو موقع سينمائي نقدي رصين) فقد وضعه ضمن قائمة أسوأ مئة فيلم وكان ترتيبه السابع والعشرين ودرجة تقييمه (9/100)،واصفا اياه باختصار بأنه مزيج ردىء للغاية للخيال العلمي السطحي والكنيسة “السيانتولوجية” وخيبة اداء “جون ترافولتا” وباقي طاقم التمثيل وصولا لسفينة الفضاء وباقي الأحداث التي اختنق الفيلم بها، وقد رأيت كناقد ان اقدم هذا الفيلم كنموذج فريد للرداءة السينمائية والمغزى اللافت في آن واحد، وان كنت حقا غير مقتنع تماما بالكثير من اوجه النقد اللاذعة التي شيطنت هذا الفيلم (ربما) بلا وجه حق، وتجاهلت بعض الايجابيات المتمثلة بأداء بعض الممثلين وبفكرة الفيلم المتشائمة المحتملة الحدوث مستقبلا، ناهيك عن احتمالية حدوث مثل ذلك السيناريو بشكل ما يوما ما… وقد اعجبت شخصيا باجواء الفيلم القاتمة المعبرة وغيرها ومن بعض اللقطات الفريدة المشوقة هنا وهناك: وقد لاحظت أن فكرة “شيطنة الأفلام” في السينما الأمريكية قد تنتقل احيانا بالعدوى الكاسحة التي لا يقف شيء في طريقها، تماما مثل السياسة الأمريكية المتقلبة الغريبة!
It’s the year 3000 A.D.; the Earth is lost to the alien race of Psychlos. Humanity is enslaved by these gold-thirsty tyrants, whom are unaware that their ‘man-animals’ are about to ignite the rebellion of a lifetime.