ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خالد صالح.. “حلواني الفن” يرحل مبكرا
موهبة طازجة وحضور ساحر، اختيارات موفقة وأداء استثنائي، خلطة فنية مبهرة وضعت الفنان المصري الراحل خالد صالح في مصاف كبار الممثلين ومنحته مكانة مميزة لا ينافسه فيها أحد.
اقتحم “الريس عمر حرب”، الذي تحل ذكرى وفاته 25 سبتمبر/أيلول، عالم الفن في سن متقدمة نسبيا، ورغم انطلاقه من خشبة المسرح فإنه تألق على شاشة التلفزيون وتربع وتوهج في السينما، وحرص على عدم تكرار نفسه في الأدوار التي جسدها، ومن أبرز ما يميز سجله الفني تقديمه الشخصيات المركبة ببراعة فائقة.
ولد خالد محمود صالح 20 يناير/كانون الثاني 1964 بمحافظة القاهرة لأسرة متوسطة الحال، ورغم تدين والده الذي يعمل مدرس لغة عربية فإن كان يحب الفن الجاد ويؤمن بدوره في الارتقاء بوعي الإنسان؛ لذا لم يقف أمام نجله عندما صارحه بحبه للتمثيل ورغبته في احتراف الفن.
عام 1987 حصل صالح المعروف بلقب “الحلواني” على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة، ليبدأ رحلة السعي عن فرصة حقيقة، وعلى مدار 12 عاما ظل يشارك في عروض مسرح الهواة ومسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، حتى ابتسم له الحظ عام 1999، عندما رشحه المخرج أنور القوادري لأداء شخصية صلاح نصر في فيلم “جمال عبد الناصر”، ورغم أن الفيلم لم ينجح على مستوى شباك التذاكر، فإنه قدمه للمنتجين والمخرجين بشكل جيد.
توالت أعمال ومشاركات “ابن القنصل” بعدما بات معروفا، ما سمح له بالوقوف أمام نجوم من العيار الثقيل، أمثال محمود عبدالعزيز الذي شاركه بطولة فيلم “النمس” 2002، وتقاسم البطولة مع أحمد السقا في فيلم “تيتو” 2004، ولفت الأنظار بقوة في فيلم “عمارة يعقوبيان” 2006، الذي شارك في بطولته نخبة من النجوم، على رأسهم عادل إمام ونور الشريف.
توهج صالح على شاشة السينما دفع منتجي الدراما للرهان عليه بل ومنحه البطولة المطلقة، والبداية كانت بمسلسل “سلطان الغرام” ثم “بعد الفراق” بمشاركة التونسية هند صبري 2008، وتلاهما “تاجر السعادة” و”الريان” و”موعد مع الوحوش” و”9 شارع جامعة الدول”.
إلى جانب الموهبة، امتلك صالح ذكاء فطريا جعله يدرك مبكرا أن ملامحه ومرحلته العمرية لن تسمحا له بالاستمرار بطلا في الدراما؛ لذا حرص على حجز مكان في أدوار البطل الثاني على شاشة السينما، ونجح في تقديم علامات مميزة حفرت في ذاكرة محبي الفن السابع، مثل دوره في “هي فوضى” للمخرج الكبير يوسف شاهين، و”الريس عمر حرب” مع خالد يوسف، و”الجزيرة 2″ مع شريف عرفة.
عام 2013 وأثناء تصوير مسلسل “مشوار فرعون” سقط الفنان خالد صالح على الأرض ونقل إلى المستشفى، وأجمع الأطباء على ضرورة إجراء عملية قلب مفتوح، لكنه تخوف ولم يجازف، حتى أُجبر في 2014 على اتخاذ القرار والخضوع للجراحة بعد مرضه الشديد.
وبالفعل سافر “الحلواني” إلى أسوان لإجراء العملية في مستشفى الدكتور مجدي يعقوب جراح القلب العالمي، لكن القدر لم يترك له الخيار فعاد للقاهرة جثة هامدة 25 سبتمبر/أيلول 2014؛ ليرحل صاحب القلب المليء بالحب والفن تاركا خلفه مكتبة فنية مبهرة صالحة لمئات السنين.