تحل، الخميس 19 سبتمبر/أيلول، ذكرى وفاة الأديب المصري يوسف عزالدين عيسى “1914-1999″، الذي يُعد واحدًا من أهم رواد رواية الخيال العلمي.
ونجحت تجربة “عيسى” في تقديم معادلة صادقة بين العلم والفن على نحو لافت، وتكشف عن الأبعاد التي تتسم بها رؤياه الإبداعية التي شكلتها ثقافة عميقة في التراث العربي والإنساني.
وكانت البداية الحقيقية في الجامعة، حيث التحق يوسف في عام 1934 بكلية العلوم بجامعة القاهرة، وتخرج بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 1938، وعُين معيداً بالجامعة في العام نفسه بقسم علم الحيوان.
وأثناء سنوات الدراسة في الجامعة، كان يكتب الشعر والقصة القصيرة لمجلة الكلية، وحازت كتاباته على إعجاب زملائه وأساتذته.
وذات يوم، قرأ محمد فتحي، مدير الإذاعة المصرية حينها، مسرحية كان قد كتبها “عيسى” لمجلة الكلية، بعنوان “عجلة الأيام”، وأعجب بها بشدة، وعندما تقابل مع مؤلفها طلب منه إذن إذاعة المسرحية للراديو المصري، وبالفعل أذيعت عام 1940، وكانت عملاً ذا طابع فلسفي خيالي في قالب كوميدي راقٍ.
وكتب يوسف عزالدين عيسى حوالي 200 قصة قصيرة، و9 روايات، و6 مسرحيات، وعددا من الأشعار والأغاني، إلى جانب كتاباته للدراما الإذاعية، والتي تصل إلى حوالي 400 عمل.
وتميزت كتابات “عيسى” بأنها لا تتحدث عن منطقة معينة في العالم، أو مشكلات تتعلق بمكان محدد، ولكنه غالبا ما يتحدث عن الإنسان في كل مكان بنظرة شاملة، محايدة ومتفهمة، أي الإنسان بمعناه العالمي الشامل، معتقداً أن الأرض مكان واحد يعيش فيه كل البشر، ويتشاركون معاً في الأحاسيس والمعاناة، ويلاقون المصير نفسه، وهو الموت.
ومن أبرز الروايات التي أبدعها: “العسل المر”، “عواصف”، “غرفة الانتظار”، “الرجل الذي باع رأسه”، “لا تلوموا الخريف”، “الواجهة”، “نريد الحياة”، و”البيت”، وأعيد طباعة بعضها مؤخراً عن الدار المصرية اللبنانية.
وكان الدكتور يوسف رئيساً لنادي القصة، وعضواً في المجلس الأعلى للثقافة، وله الفضل في إنشاء قسم المسرح بكلية الآداب في جامعة الإسكندرية، كما أنشأ قسم علم الحيوان في جامعة طنطا.
وفي تحدٍ لمركزية القاهرة، اختار يوسف عزالدين الحياة في الإسكندرية، بعيدًا عن صخب العاصمة، وفي حياته التي امتدت 85 عاما، أمضى منها ثلاثة وستين عاما بالإسكندرية.
وبحسب الكاتبة إقبال بركة، كان الدكتور يوسف عزالدين عيسى نموذجاً فريداً في وطنيته، ففي بعثته إلى إنجلترا قدم مثالاً راقياً للمواطن المصري، وأدهش أساتذته البريطانيين بمستواه الثقافي، فكان مُلماً بالثقافة الغربية، ومن عشاق أعمال شكسبير، بل يحفظ الكثير من أشعار كوليريدج ووردزورث وكيتس.
كذلك اجتهد “عيسى” في أن يعرفهم بالثقافة العربية، وحدثهم عن شعراء العربية القُدامى والمحدثين، الأمر الذي أثار إعجابَ أساتذتِه وجعلهم يثنون عليه ويعتبره أحدُهم فنانًا إلى جانب كونه عالماً.
وبحسب الكاتب الراحل يوسف الشاروني، فإن الدكتور يوسف عزالدين ترشح لجائزة نوبل، وأوضح “الشاروني”: “كنت موجوداً فعلا في المجلس الأعلى للثقافة عندما حضرت زوجة السفير الألماني في المغرب، وكانت أحد أعضاء لجنة نوبل في الأدب، حيث طلبت معلومات عن يوسف عزالدين عيسى، ونجيب محفوظ، بخصوص الجائزة، ولكن أعمال يوسف لم تكن قد ترجمت بعد إلى أي من اللغات المطلوبة لنوبل”.
وفي عام 1987، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب، وذلك لأنه “أسس مدرسة جديدة في الكتابة الأدبية تأثر بها الكثير من الأدباء”، بحسب حيثيات اللجنة التي اختارته.
ومن الأوسمة الأخرى التي حصل عليها الدكتور يوسف عزالدين عيسى، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى “مرتين” عام 1979 و1988، ووسام الجمهورية عام 1981، واليوبيل الفضي والذهبي للإذاعة والتليفزيون.
ونال الدكتور يوسف عزالدين عيسى وسام “فارس الأدب” في عام 1999، وقد اختير كأفضل شخصية أدبية في مصر لعامي 1998 و1999.
وفي عام 2001، سميت قاعة المحاضرات في قصر ثقافة الحرية، (مركز الإبداع الآن) بقاعة “الصالون الثقافي ليوسف عز الدين عيسى”، ليكون اسمه رمزاً للعطاء الفكري.