في ذكرى 5 سنوات على رحيله: ستيفن كوفي.. عبق الأحبار لا يزول
في منتصف شهر يوليو قبل ثماني سنوات، كان أحد أشهر الكتاب في العالم يقود دراجته البخارية، يستمتع بحياته، يمعن النظر أمامه والهواء الطلق يتلمس بشرته، استمر في القيادة فترة ليست بالقليلة مستمتعاً بكامل حريته وحيويته التي يشعر بها كل منطلق.
ستيفن كوفي، الذي عاش نحو ثمانين عاماً لم يكن يعلم أن نهايته على تلك الحياة ستكون على دراجته الهوائية التي أحب التريض بها كثيراً، فحادث غير مدبر أوقعه من على تلك العجلات مصاباً، ليتم حمله إلى أحد المستشفيات القريبة التي قضى فيها أيام معدودة، قبل أن تسقط يده، ويجفّ القلم، وتذهب الروح، ويبقى الورق المحمّل بعبق الأحبار. فقد فارق الحياة يوم 16 يوليو عام 2012.
ولد صاحب النفوذ الأمريكي، حسبما وصفته مجلة “تايمز” باعتباره واحداً من أكثر ٢٥ أمريكياً صاحب نفوذ في ٢٤ أكتوبر عام ١٩٣٢ في ولاية “يوتاه” الأمريكية، وأسس المركز الاستشاري “فرانكلين كوفي” الذي كان يحمل في البداية اسم “مركز كوفي للقيادة” وأداره من أجل تقديم الخدمات الاستشارية في مجال القيادة وتطوير الذات، والتدريب للمؤسسات والأفراد.
تعلم كوفي في جامعة يوتاه بمدينة سولت ليك إدارة الأعمال، ثم التحق بجامعة هارفارد وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال، ومن بعدهما حصل على درجة الدكتوراه في مجال التعليم الديني من جامعة “بيرجهام يانج”.
يعتبر كوفي واحداً من عظماء الكتابة في أمريكا، لما ألفه من كتب أثرت في حياة الملايين من البشر ومن أبرزهم “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية” الذي نشر في أواخر الثمانينيات وحقق نجاحاً مبهراً وبيع منه أكثر من ١٥ مليون نسخة وتُرجم إلى أكثر من ٣٠ لغة حول العالم.
بجانب العادات السبع، كتب كوفي العديد من الأعمال التي نالت شهرة عالمية كـ”الأشياء الأولى أولاً”، و”القيادة المرتكزة على المبادئ”، و”نجاحات عظيمة يومية”، و”العادة الثامنة”.
كتب كوفي “الوصايا العشر لحياة أكثر نجاحا”، وكانت من بينها أن الناس غير منطقيين ولا تهمهم إلا مصلحتهم، ولابد من حبهم على أي حال، وأن المرء إذا فعل الخير سيتم اتهامه بأن له دوافع أنانية خفية، وأن عليه فعل الخير على أي حال، بجانب أن النجاح دائماً ما يعطي للمرء أصدقاءً مزيفين وأعداءً حقيقيين، ولكن على المرء النجاح على أي حال”.
ومن بين الوصايا التي ذكرها كوفي “الخير الذي ستفعله اليوم سوف ينسى غداً.. افعل الخير على أي حال، والصدق والصراحة يجعلانك عرضة للانتقادات.. كن صادقاً على أي حال، وإن أعظم الرجال والنساء الذين يحملون أعظم الأفكار يمكن أن يوقفهم الرجال والنساء الذين يملكون أصغر العقول.. احمل أفكاراً عظيمة على أي حال، والناس يحبون المستشعفين لكنهم يتبعون المستكبرين.. جاهد من أجل المستضعفين على أي حال”.
الوصايا الثلاث الأخيرة، “ما قد تقضي سنوات في بناءه قد ينهار بين ليلة وضحاها.. ابن على أي حال، والناس في أمسّ الحاجة للمساعدة ورغم ذلك يهاجمونك إذا ما ساعدتهم.. ساعد الناس على أي حال، وإذا أعطيت العالم أفضل ما لديك سيرد عليك البعض بالإساءة.. أعط العالم أفضل ما لديك على أي حال”.
يقول البعض إنّه مات أثناء تأليف كتاب حول كيفية تخليص العالم من الجريمة، غير أنّ كتابه الذي سبق وفاته “العادة الثامنة” أو “اكتشف صوتك وساعد الآخرين على اكتشاف أصواتهم”، حقق نجاحاً مبهراً ويعتبر تكملة للعادات السبع، حيث أيقن أن تطورات العصر لا يكفيها العادات السبع السابقة، فنشر الكتاب المُكمّل الذي يدور حول تطوير الذات عن طريق البحث عن صوت إيجابي داخلنا.
قام كوفي الذي يعد واحداً من أفضل المعلمين في التاريخ، في ٢٠٠٨ بتأسيس وإطلاق خدمة إلكترونية هدفها تطوير الذات، بعنوان “مجتمع كوفي على الشبكة” ليقبل عليها الملايين ويحصلون على دورات تطوير الذات وكيفية أن يكونوا أناساً صالحين في المجتمع.
يَعتبر كوفي نفسه الأب والزوج والجد نظراً لكثرة عدد أحفاده الذين وصلوا إلى ما يقرب من ٥٠ حفيداً، وله تسعة أبناء من زوجته ساندرا.
أرسى كوفي قاعدة شهيرة كان يشرحها دوماً لتلاميذه “١٠-٩٠” التي تعتبر أن ١٠٪ من حياتنا تتشكل من الأحداث التي ليس لنا أي دخل فيها وخارجة عن إرادتنا، أما الـ٩٠٪ فهي ترتبط بردود أفعالنا التي نتخذها بعد ذلك.