مهرجان بيروت للصورة يُعطينا مفتاح اللغة الضوئية..
ويعيد لعاصمة الثقافة أمجادها..
بقيادة ربان سفينتها الفنان رمزي حيدر..
– بقلم المصور: فريد ظفور..
- سنمضي قدوماً ..فلا تسألوننا إنتظار..بعد أخذ القرار..لنزرع حباً في كل عاصمة ودار..تخونني دموعي لتغسل وجهي مثل الصغار ..وتترك بصمة فرح بقلبي..فهل حقاً دموعي تشارك بإدارة الحوار لتعبر عن فرحة الإنتصار بإنطلاق مارد الضوء من قممه ليتحدى كل إعتذار..ويرمي هدوء اللقاء بسهم الفرح دون إصطبار ..لآن الحكايا فصلٌ قصير ..وبين الواقع والحلم يرفع الستار ..فأرجوكم فكوا عناق الأيادي..لنصفق معاً بفرح وحب للفوتوغرافيا فقد أطلقت صافرات قطار المهرجان..
- يعتبر الإيقاع الموسيقي الضوئي والتدرجات اللونية الأحادية واللونية هي مصدر الإلهام الأول للفنان رمزي حيدر..فقد تتلمذ في مدينة الضوء والثقافة العاصمة بيروت وتعلم الفن الضوئي وشرب لبن الفن من ضرع الصحافة وخاض الحروب وتحمل وزرها في كثير من الساحة التي نشب فيه نزاعات ..وكانت أصوات الصحافة والفن الفوتوغرافي مصدر إلهام له..مثل أصوات الطيور وتغريد البلابل وصوت حفيف الأشجار وخرير المياه وأصوات تلاطم أمواج شاطيء بيروت..ومن معين مدينة الفن والثقافة والآداب بيروت إرتشف الفن البصري وكانت تلك الثقافات مرتكزاً لأصول الفن الضوئي ولكن سيظل الكابتن رمزي حيدر السيد والقائد للفن الفوتوغرافي بمهرجان متفرد عربياً ..لأنه يشدو دائماً بلحن الحب للفوتوغرافيا..بل وستظل قلوب طيور محبي الفن الضوئي تعزف موسيقى المحبة والسلام والأمل بمستقبل فني بصري أفضل ..رغم أنف ضجيج وصحب موسيقى صقور الحرب..لأن الساعات القادمة ستعلن رفع ستارة مسرح مهرجان بيروت للصورة..وستكون حياة للحلم وأخرى للواقع..لأن المهرجان يجمع بين الماضي والحاضر والمستقبل في بوتقة واحدة..لأن الصورة كائن حي ديناميكي متحرك ومتغير مثل كل الكائنات الحية..ولأن بيروت مدينة قوية البنية والبدن تتحمل الصعاب والتغرب ولديها المناعة الكافية ضد الأمراض المعدية..ولديه القدرة على التكيف والتأقلم والإندماج والإنصهار ببيئات ومحيطات وأجواء وثقافات متنوعة..ويحق لها الريادة والتصدي لكل جديد وجميل..لتتبناه وترعاه لأنها تحمل إرثاً تاريخياً وحضارياً ..وسيكون المهرجان حواراً بين القلم والعدسة..بين الصحافة والصورة..والمهرجان ليس تقليدياً فاللوحات الضوئية لاتتجاور هادئة ساكنة على جدران وستندات العرض ولكن تتحاور وتتحادث فيما بينها وتختصر مسافات الفراغ والزمن الذي يفصلها والإطار ات التي تحدها لتكّون وحدة جدلية فتصبح وكأنها شريط سنمائي من اللون والحركة يدور على إمتداد جدران قاعات العرض وبذلك يجري حواراً بين الفنانين العارضين وبين المتلقين ..ضمن فن ضوئي آسر ووفق منظر بصري تشكيلي خاص يعطي للصورة لمسة من الغنائية والسحرية الجمالية المعزوفة على سلم التدرجات اللونية..بحيث تتحول التلقائية إلى نوع من التوظيف الفني العميق..كيف لا وقد إنعكست حصيلة تجارب الكثير من المصورين المخضرمين..ورؤاهم وخبراتهم الفنية بعمل فني متكامل أغنى المشهد الفني البصري وساهم في رفع شأو ثقافة الصورة الفوتوغرافية..
- إن القيم الجمالية بذاتها ليست فناً للفن وإن توفرت بالعمل الفني تكسبها قيماً أخرى ويرتبط بها تحقيق القيم الإجتماعية والخلقية ..وعليه يجب أن يكون توازن بين الأمل واليأس الإنساني..وهذا يشعرنا بالسعادة والمتعة عند مشاركتنا في التجربة الفنية وكأنه إحساس بالإنتصار على أخطار الفناء والهلاك التي تحيق بوجودنا البشري..ولذلك تصبح وظيفة الفن والأدب إجتماعية ومعرفية..ومهما جهدت الآليات التي تقصد إلى تهميش دور الفنان والمصور والصورة ..لأن الفن الضوئي له دوره وله وجوده بطريق مباشر وغير مباشر..في التغييرات الإجتماعية والسياسية..أي أن للصورة ولمهرجانها دور حيوي بمحض وجوده..وذلك السعي قد يتخذ في المدى القريب أو البعيد ..وفيما نأمل كمصورين وصحفيين مشاركين بأشكال إجتماعية مختلفة تحددها ظروف اللحظة المتغيرة الإقتصادية والإجتماعية والفنية والثقافية..فلا تقوم المجتمعات بدون دور للأدب والفن..والتاريخ ممارسة ثقافية فنية ذات خصوصية لإرتباطها بالجماعة الإنسانية ..وعندما تنسى ماضيها تصبخ في أضعف حالاتها..وتنعدم ثقتها بنفسها ويغشاها شعور بالدونية تجاه الآخر ويصبح سلوكها كسلوك المهزوم دون معركة..أما الإنسان الذي يعرف نفسه..فيتصرف تجاه الآخر على نحو من الثقة بالنفس التي تميز سلوك من يعرف لأن المعرفة هي السبيل إلى العمل ولعل هذه الحقيقة التي تقترب من البديهة هي سبب تصدى الأستاذ رمزي حيدر وفريقه لإقامة مهرجان بيروت للصورة..ولأن الذات الثقافية البصرية الضوئية لأي جماعة إنسانية هي محصلة خبراتها في رحلتها عبر الزمن ..فمن من المصورين والمصورات في ستينات وثمانينات القرن الماضي لا يتذكر الزمن الجميل أيام مجموعة كتب عن التصوير للأستاذ المصري عبد الفتاح رياض وفي سورية نادي فن التصوير الضوئي وأيضاً أعداد مجلة فن التصوير اللبنانية الورقية التي أسسها الفنان زهير سعادة ومعه الأستاذ صالح الرفاعي ونبيل إسماعيل ..والخ وبعدها في بدايات القرن الحالي دور دول مجلس الخليخ في التصدى لرفع شأن ثقافة الصورة الفنية وإقامة جوائز سنوية لها..وأيضاً في العراق والإردن وفلسطين وفي مصر وتونس والمغرب وليبيا والجزائر..حتى بدأنا نلاحظ نشاط دار الذاكرة ونشاط الفنان الأستاذ رمزي حيدر ..وهكذا حتى بدأت فكرة مهرجان بيروت للصورة التي سينطلق شعاعها الفني وتبدأ صافرة بدايتها في الرابع من أيلول للعام 2019م..ولا يظنن أحد أن هذه دعوة للإنكفاء على الذات الفنية أو الهروب إلى كهوف التاريخ ومغاور التراث ..إنما هي دعوة للتأمل في تجربتهم الحضارية والإستئناس بها في صياغة الحاضر والمستقبل ..ليكون في كل عاصمة عربية أكثر من مهرجان يجمع الشمل ويلاقح التجارب الفنية والثقافية ويقيم ويوثق عرى الصداقة البصرية التشكيلية بين المصورين العرب والأجانب في بوتقة ثقافة الفن الضوئي..ومع كل التقدير لحسن نية هذه الأصوات أو تلك فكل الشكر للجهود الجبارة المبذولة لبناء صرح حضاري وحجر في مدماك الفن الضوئي..فإن أهمية مهرجان بيروت للصورة تتطلب وقفات مع الذات ومع الآخر لمراجعة ملامحه وتأكيدات على وجوب تضافر الجهود وتكاملها لخروج حقيقي بإتجاه الشمس المعرفية الضوئية واللحاق بركب الثقافة البصرية..ومتابعة نشاطات ومعارض وتطورات الفن بشتى أصقاع المعمورة لكي نستفيد ونفيد ..من الكم المعرفي ومن عصر المعلومات وعصر الصورة الرقمية التي إحتلت العالم..