السفاح على مركبه البحري
شهداء السادس من أيار
غادر عاليه في الخامس من شهر أيار 1916 قطار محمل بكوكبة من المثقفين والمناضلين تحت حراسة شديدة، ولما وصل القطار مدينة رياق، التقى بقطار محمل بعائلاتهم إلى المنفى في أراضي الأناضول، وكان مشهد اللقاء والوداع مؤلماً مريراً، وقد افترق القطاران بعد ذلك إلى دمشق وحلب، ولما وصل قطار الشهداء محطة البرامكة، منع الجنود الناس من مشاهدتهم، ثم نقلوهم إلى دائرة الشرطة.
أنيرت ساحة المرجة في الساعة الثالثة من صباح يوم 6 أيار بالأنوار الكهربائية، كما أمرت السلطة العسكرية صاحب مقهى زهرة دمشق بإنارة المصابيح لتسطع بنورها على الساحة، ووقف جمال باشا على شرفة بناية أحمد عزت العابد ليراقب عملية الإعدام، وقد تم إعدام سبعة من الشهداء وهم حسب ترتيب التسلسل في إعدامهم:
الشهيد البطل
شفيق المؤيد العظم
– شفيق بن أحمد المؤيد العظم: ولد في دمشق 1857، وتلقى تعليمه الأول في كتاتيبها، ثم تابع تعليمه في بيروت وعمل فيها، وكان معاون مدير في قلم الدفاتر في سورية، ومترجماً في القصر السلطاني، ثم مندوباً للدولة في صندوق الدين التركي، وكان عضواً بارزاً في مجلس النواب، وله فيه وقائع مشهورة ضد زعماء جمعية الاتحاد والترقي. كان شاعراً وأديباً وكاتباً مجيداً وموهوباً وكان مثقفاً ثقافة عميقة، ويعد مرجعاً كبيراً في علم الاقتصاد والمال. ساهم العظم في تأسيس عدد من الأحزاب والجمعيات السياسية القومية منها: حزب الإخاء العربي العثماني، الحزب الحر المعتدل، حزب الحرية، حزب الائتلاف، ونشط بشدة لنشر أفكار القومية والسعي لاستقلال العرب، فكان ذلك سبباً في إعدامه.
الشهيد البطل
عبد الوهاب الإنكليزي
– عبد الوهاب بن أحمد الانكليزي: ولد في قرية المليحة بـغوطة دمشق عام 1878، ولقب بالمليحي، أما اسم بالإنكليزي لأن جده الرابع كان عصبي المزاج، وكان يقال له: «إنك مثل البارود الإنكليزي» فغلبت عليه هذه الكنية، تعلم في دمشق، ودرس الحقوق في الأستانة،عين قائم مقام في إحدى مناطق ولاية حلب، ومفتشاً للإدارة الملكية في بيروت وبروسة، كما عمل في المحاماة، ويعد كاتباً أديباً من الطراز الأول في اللغة التركية، له العديد من المقالات في السياسة والاجتماع والتاريخ، كان يتقن اللغة التركية والفرنسية والإنكليزية إضافة إلى لغته الأم العربية. قال عنه طلعت باشا الاتحادي المشهور ووزير الداخلية: «لو كان عند تركيا عشرة رجال من عيارك لعدت من أرقى دول العالم»، واقترح عليه الهروب قبل محاكمته فرفض.
الشهيد البطل
الأمير عمر الجزائري
– الأمير عمر عبد القادر الجزائري: وهو حفيد الأمير عبد القادر الجزائري الشهير، ولد في دمشق 1871، وقد شنق بالرغم من أنه كان بعيداً عن السياسة، استدعاه جمال باشا إلى القدس، وحوله إلى ديوان الحكم العرفي بتهمة أنه كان واسطة التعارف بين شكري العسلي وعبد الوهاب الانكليزي وقنصل فرنسا، وفي 14 آذار سجن جمال باشا الأمير علي الجزائري شقيق الفقيد وأوقفه مع ولده حتى يتم تنفيذ الحكم، وبعد إعدامه صادر جمال باشا أملاكه ومنها قصره في دمر، وقد جعله السفاح مستوصفاً للضباط.
الشهيد البطل
شكري العسلي
– شكري بن علي العسلي: ولد بدمشق 1868 وكان عضواً في مجلس الأعيان ومفتشاً سلطانياً، تلقى تعليمه الأول في المدرسة البطريركية ثم في المدرسة البستانية، قبل أن يتابع تعليمه في المدرسة الكلية الأمريكية في بيروت، وأتم دراسته العليا في المدرسة الملكية في الأستانة، وعمل إدارياً في حكومة دمشق. انتخب عضواً في مجلس المبعوثان وعرف بخطاباته دفاعاً عن الأمة العربية ومعارضة التتريك، ولا سيما معارضته بيع الأراضي العربية بفلسطين لليهود بوساطة جاويد بك وزير المالية التركي، حيث أسقط ذلك المشروع في البرلمان التركي، بعدها حقد عليه الاتحاديون وكانوا لا يجرؤون على التعرض له لما يتمتع به من حصانة برلمانية، كان أديباً وروائياً وصحفياً لامعاً.
الشهيد البطل
رفيق رزق سلوم
– رفيق بن موسى رزق سلوم: ولد في حمص عام 1891، درس في حمص وبيروت والأستانة، مؤلف كتاب «حياة البلاد في علم الاقتصاد»، وكتاب «حقوق الدولة»، وجاء في 800 صفحة ولم يطبعه، وألف رواية سماها «أمراض العصر الجديد»، وكان حقوقياً مارس الصحافة وتدريس اللغات الأجنبية (الروسية- اليونانية- التركية)، كان عضواً في الجمعية القحطانية، كما ساهم بتأسيس جمعية العهد، وكانت جريمته كتابة الشعر الحماسي لتهييج أبناء وطنه ودعوتهم للمطالبة بالاستقلال، وكان في عمر الخامسة والعشرين عندما استشهد.
الشهيد البطل
الشيخ عبد الحميد الزهراوي
– الشيخ عبد الحميد الزهراوي: ولد في حمص 1855، ، ودرس في كتاتيب حمص ثم في المدرسة الرشيدية، ومدرسة المعارف، كان طالباً متفوقاً فاق أقرانه وتقدم رفاقه وأترابه في الدرس والتحصيل، وتابع تحصيله العلمي في الآستانة والقاهرة، عمل في الصحافة، وأصدر جريدة المنير في حمص، ولكن السلطات العثمانية ما لبثت أن أوقفت هذه الصحيفة، فسافر الزهراوي إلى الآستانة وعمل هنالك في صحيفة معلومات، انتخب سنة 1908 في مجلس الأعيان (المبعوثان)، وترأس المؤتمر العربي في باريس سنة 1913، وقد تعرض مراراً للملاحقة من السلطات العثمانية. عند إعدامه انقطع الحبل به، فرفع من جديد، وشد من رجليه شداً قوياً حتى قضى نحبه ودفن في مقبرة باب الصغير.
الشهيد البطل
رشدي الشمعة
– رشدي بن أحمد الشمعة: ولد بدمشق 1856، وهو وجيه دمشقي مشهور بمكارم الأخلاق، درس في اسطنبول الأدب والقانون، وشغل منصب رئيس كتاب مجلس إدارة الولاية والمدعي العام للمجلس، انتخب نائباً عن دمشق في مجلس الأعيان (المبعوثان)، وهناك دعا لمكافحة سياسية التتريك والدفاع عن الثقافة العربية، وهو كاتب وشاعر معروف، كانت خلاصة قرار الاتهام الموجه لرشدي الشمعة هي: «كان قد ألقى في دور التمثيل محاضرات تشجع الانفراد العربي واستقلاله، وكان مشتركاً في تشكيلات الجمعية اللامركزية».
الشهيد البطل
رشدي الشمعة
الشهيد البطل
الشيخ عبد الحميد الزهراوي