حكاية “الوردة الدمشقية”.. (جزء ٣)
وعطرها وزينتها وماء وردها وزهوراتها ومنبتها ورحلاتها لكل بلاد الدني…
و شلومو آخ عطرو اد واردو جوري ادمشقو..
وسلام معطر بالورد الجوري الدمشقي…
و هلأ صار لازم نتعرف عالوردة الدمشقية.. الوردة بالوصف ( معلش رح استخدم مصطلحات خاصة بالنبات) .. هي من_ مملكة : النبات _ نطاق : حقيقيات النوى _ شعبة : مستورات البذور _ طائفة : ثنائيات الفلقة _ رتبة : الورديات _ فصيلة : الورد (روزاسيه) _جنس : ورد( روز) _ النوع : دمشقي ( داماسكينا) _ الاسم العلمي : روزا داماسكينا_
يعني بكلام بسيط هي شجرة صغيرة طولها بحدود ٢ م.. متعددة السوق ومستقيمة.. فيها أبر معكوفة (أشواك حادة) متماثلة وأوبارها (جذورها) قاسية.. وأوراقها بيضاوية مركبة مسننة مشطية وجهها العلوي أجرد والسفلي فيه أوبار قليلة وفيها أذينات ( زوايا) بعنق الورقة وبتطلع بشكل متبادل عالفروع وبيوصل عددها من ٣_٧ أزواح بطول ٣،٥_ ٥ سم وعرض ٣سم وحامل الزهرة ( الأزرار) فيه أشواك خشنة ولون الوردة ( زهري_ وردي_ بنفسجي) وتكوين الوردة بالأساس بيعتمد الهندسة الهرمزية المقدسة والنسبة الذهبية ١،٦١٨ يعني بتطلع البتلات من المركز الى اللانهاية وباتزان وتناسب أطوال البتلات .. وملمس بتلاتها ناعم متل النسيج الحريري.. وهي عطرة جداَ بتطلع بشكل عناقيد وبتفتح بفصل الربيع (نيسان_ حزيران).. و الشجرة الوحدة فيها ٣٥٠ _٣٠٠ برعم بالمناطق الجافة والبعلية.. أما بالمناطق المروية بيكون عدد البراعم ١٥٠٠_ ٢٠٠٠ برعم وعدد بتلات الوردة ٣٠_ ٤٠ بتلة ووزن الزهرة ٢_٢،٥غ.. و ثمارها شكلها كبسولية حمراء وبرتقالية اللون وطبعا في طرق كتيرة لإكثارها بالعقًل الساقية وبالترقيد و التطعيم بالقلم وبالبذور وزراعة الأنسجة…
والورد الجوري من الأشجار المعمرة المتساقطة الأوراق والمائلة للتسلق.. وهي من مجموعة الورد القديم ومن أقدم مجموعات نباتات الزينة.. وعموما يعتبر نبات بري طبيعي موجود بكل انحاء العالم ما عدا المناطق الاستوائية والصحراوية واكتر انتشار جغرافي للجوري هو حوض المتوسط و أوروبا .. وهو موجود حسب الحفريات من ٣٥ مليون سنة .. اتعرفوا عليه الناس من آلاف السنين واهتموا فيه وصاروا بعصور لاحقة يزرعوه بجنينات بيوتهن وحدائقهن وحاراتهن ومناطقهن وبساتين قراهن… وللجوري ألوان وأشكال وانواع واصناف.. واهم نوع هو الوردة الدمشقية الفريدة ولونها البنفسجي.. وألوان الجوري الأساسية : الأحمر والأبيض الوردي والأبيض والأصفر وباقي الألوان والأصناف اتهجنت بالاعتماد عالوردة الدمشقية كنواة أساسية لاستنباط وتهجين الأصناف الحديثة لسهولة زراعتها وتكيفها مع الظروف حتى بالأرض البور.. ولانها الأصل الوراثي المقاوم للجفاف وارتفاع الحرارة والكلس وبتتحمل تغيرات الطقس من البرودة الشديدة للتجمد والانخفاض ل ما دون الصفر ..
والحرارة الملائمة لنموها هي ١٥_ ٢٧ درجة مئوية وبتتحسن مواصفات ازهارها لمن بيكون الفرق بين حرارة الليل والنهار ما بتتعدى ال ٥ درجات…
وطبعا الإنتاج الزهري بيزيد بالمناطق المعتدلة وخاصة بالربيع و الصيف نتيجة ارتفاع الشدة الضوئية وطول ساعات النهار لأنو الوردة الدمشقية بتحب الإضاءة المباشرة للشمس على الأقل فوق ال ٦ ساعات باليوم وتحتاج لتربة متوسطة القوام وجيدة التهوية وغنية بالمواد المغذية ( طبعا بالزراعة المروية).. مع انها بتتحمل الكلس والتربة القلوية أكثر من غيرها من الورود ونسبة الزيوت العطرية فيها بتكون أعلى بالزراعة البعلية من الزراعة المروية.. لأنو كلما زاد ارتفاع منطقة وجود الوردة كلما زادت نسب الزيت العطري فيها لانه مادة فينولية بتزداد بفعل الاشعة فوق البنفسجية…
وفي شغلة وحدة مابتحبها الوردة الجورية هي الرياح القوية الشديدة اللافحة… وطبعا للوردة الجورية عموما أنواع كتيرة انعرف منها ١٣٥ نوع بكل أنحاء العالم والوردة الدمشقية أهم وأندر الأنواع وهي الوحيدة المستخدمة لاستخراج زيت الورد العطري..
ومن الأنواع القريبة نوعا ما للوردة الدمشقية :_وردة النسرين (روزا سانينا) _ الورد السبيعي _ الورد السلطاني (روزا انتلوليا) _الورد الجوري المتسلق النفنوف _ الجوري الشجري _الجوري القزمي _ الجوري الفرنسي روزا. جاليسا _والجوري الصيني _والجوري الهجين من الدمشقي : آراداماسكينا ميل… و آراكاتالينا… و آرا جًاليسا….
أما الوردة الجورية الدمشقية البلدية فهي فريدة من نوعها بالعالم وبتمثل الزهرة الوطنية في سوريا (يعني سفيرتنا للعالم) .. وريحتها عطرة جداً ونفاذة وقوية بتمتاز بنعومتها وعذوبتها وهالشي خلاها من أهم الازهار النفيسة والثمينة ومن أهم زهور الشرق والعالم.. وهي من الزراعات المهمة اقتصادياً بسبب احتواء أزهارها على زيت عطر الورد الغني بالفيتامين C والمكون من زيت روز جَام ومركبات الجيرانيول والسيترونيلوم بالإضافة لأكتر من ٣٠٠ مركب كيميائي لهيك تعتبر الوردة الدمشقية من أعقد التركيبات الكيميائية…واللي زيتها بيشكل الأساس بتركيب أغلى العطور بالعالم… وفيها فوائد عالية القيمة طبية وغذائية وتجميلية.. فيه مواد قابضة للانسجة لمنع النزيف والسيلان.. يستخدم لمعالجة حصى الكلى والرمل.. . ومعالجة السعال وأمراض الفم واللثة والحلق ونزيف الرئتين.. ويعالج الغثيان وعدم انتظام خفقان القلب وارتفاع ضغط الدم وضبط اختلال الهرمونات وهو مهديء للاعصاب و مطهر ومعقم ومعطر وبيخلص البشرة من مشاكلها وبيقضي عالكلف والنمش و البثور و حب الشباب وبيساعد على إزالة التجاعيد (سمعتوا يا جماعة عمر ال١٧) وبيعطيها نضارة وحيوية وبياثر عالغدد الصم عند الإنسان وبيقوي الشعر.. ولسه الو فوائد عجيبة مافي مجال لتعدادها…( بس شفتوا ليش عم يتخانقوا عليها دول العالم)… والسوريين بيصنعوا من الوردة الدمشقية عدد من الصناعات المهمة.. فبيستخرجوا زيتها عن طريق التقطير بالكلكة (وهي اختراع قديم جدا ومهمتها الأساسية تقطير الكحول والعرق وزيوت الورد العطرية)..(بالقرن ال ١١ م اخترع العالم والكيميائي العراقي جابر ابن حيان اول جهاز تقطير لاستخراج زيت الورد .. اسمه الامبيق او المقطرة…
وبنفس القرن اجا بعده ابن سينا واخترع نفس الجهاز او طوره أو قلده وشهره باسمه..!!!!)..
وبيصنعوا كمان ماء الورد (ماء الحياة بالحكايات الشعبية) ومن البتلات بيعملوا مربى وشراب الورد.. ومن البراعم المجففة زهورات..
وهي من أهم المحاصيل ببعض مناطق الغوطة و بمنطقة القلمون وحرمون وجبل الشيخ.. (الارتفاع من ١٤٠٠ ١٨٠٠ م.) ومعدل امطار من( ١٢٥ ٨٠٠ ملم)… و بتنتشر زراعتها بقرية المراح قلدون(حالما سابقا) والقسطل.. السحل.. المشرفة.. الجراجير.. يبرود..عسال الورد.. سرغايا… ويقدر عدد الشجيرآت ب ١٤٠٠٠ شجرة… وبحلب بمنطقة النيرب مساحة مزروعة ( ٢٠٠٠ دونم) .. وبجبل الشيخ بقرية عرنة..
فزراعة الوردة الدمشقية وتقطيرها مهنة متوارثة بين العائلات بمناطق تواجدها إلى جانب ازهار الياسمين والمسك والبنفسج والنرجس وزهر الليمون والنارنج والسوسن والخزامى..
انتقلت الوردة الدمشقية قديماَ من دمشق لمعظم العالم القديم بواسطة اليونانيين والاغريق والرومان وقدماء المصريين عبر طرق التجارة والقوافل القديمة.. طريق الحرير و الطريق الملوكي…. الخ
وبالعصور الوسطى انتقلت لأوروبا أثناء حروب الفرنجة( الحروب الصليبية) بالقرن ١٣ على بلاد الشام عن طريق روبن دوبر لفرنسا ومنها لأوروبا.. وهون في حكاية لطيفة رح احكيلكن اياها :..
قال لمن اجا الكونت الفرنسي تيبو الرابع (المعروف بحبه وولعه بالورد) على دمشق.. شاف الوردة الدمشقية وعشقها واتولع فيها فأخد معه بذور منها عافرنسا وحاول يزرعها بكل الوسائل.. ما مشي الحال وفشل بزراعتها.. ولشدة عشقه للوردة وتولعه فيها ما قدر ينساها.. فرجع مرة تانية عا دمشق ورجع أخد بذور وحاول يزرعها كمان فشل وما عرف يزرعها.. فقام حدا من أهل الشام وزرعلوا قلام وغراس وبدور بقصايص (طبعا قصايص هي جرار فخار).. وعلموا كيف ينقلها عالارض وشروط حياتها وكيف يعتني فيها.. ورجع هالكونت عا فرنسا حامل معه قصايص الوردة الدمشقية وزرعها ونشرها بكل مكان…
استنوا لسه ما خلصت الحكاية… قال بعد كم مية سنة خف الاهتمام بالورد الدمشقية.. لحد القرن الماضي.. وكتب القدر للوردة انو ترجع عا موطنها الأصلي عن طريق وزير التربية الفرنسي بعام ١٩٦٧ م. اللي قرر يرد الأمانة لدمشق.. فأرسل قصيص مزروعة فيه وردة دمشقية حفيدة هديك السلالة اللي اخذها الكونت تيبو معه عافرنسا… ووصلت لعنا.. وهي مزروعة بمدخل المتحف الوطني بدمشق.. مابعرف اذا بعدها موجودة؟؟؟
طبعا انتقلت الوردة الدمشقية مع الياسمين الشامي والسوسن والمسك للأندلس عن طريق السوريين اللي وصلوا لاسبانيا بزمن عبدالرحمن الداخل.. وفي رسوم للوردة الدمشقية على بلاط قصر الحمراء بالأندلس.. ووصلت للمغرب العربي (المغرب وتونس) ولتركيا وبلغاريا وايران والهند عن طريق القوافل والحج.. وحاليا بتشكل الوردة مصدر اقتصادي هام بهالدول..
وعرف العرب الوردة الدمشقية بعد دخولهم لبلاد الشام والاندلس وسموها الوردة المحمدية….
و بالتراث الإسلامي انذ كرت الوردة الدمشقية بكتير من الكتب الطبية القديمة متل : _القانون والزرع في الطب لابن سينا.. _الجامع لمفردات الأدوية لابن بيطار.. _الفلاحة النبطية ترجمة ابن الوحشية النبطي بالقرن الرابع هجري (هو حول الزراعة والاكل الشعبي ببابل و منطقة الفرات)… _كتاب فضائل الورد على النرجس لابن طيفور.. _وكتاب نهاية الارب في فنون الأدب لشهاب الدين النوري.. وطبعا انذكرت الوردة بالأدب والشعر والأمثال والمجالس…
وبالعصور الوسطى شعلت حرب باسم حرب الورد.. وظهرت الوردة ضمن الرسومات الفنية اللي تم إنجازها مع زهور منوعة بأيقونات السيدة العذراء..
بالقرن ال ١٦ م استخدم الورد للمقايضة بالسعر نتيجة غلاء الورد.. وازدهرت زراعته بهولندا اللي كانت تصدره بسفن عصر النهضة..
و بالقرن ال١٧ ذكرها شكسبير بوحدة من مسرحياته قال : ” جميلة كجمال وردة دمشق” لعدم وجود منافس لها بالجمال والعظمة…
و بالقرن ال ١٩ احتضنت جوزفين زوجة نابليون الورود ودللتها وخصصتلها حديقة غرب باريس (شاتو دي مالمايسون).. واستوحى الفنان الرسام بيير جوزيف اودوت من حديقة جوزفين مجموعة الرسومات واللوحات المائية (لي روز) اللي تعتبر أفضل الرسوم النباتية….
وبعام ١٨١٨ م. تم نشر اول قاموس خاص بلغة الزهور بباريس وأشار مؤلفي هالقاموس على انو منبع معاني الورود بمعظمها جاي من الشرق الأوسط متل الوردة الدمشقية والنرجس والياسمين والمسك… وكمان انذكرت الوردة الدمشقية بمجموعة التصنيف باسم روزا داماسكينا.. روز دي دويستو… وردة الشرق..
وبعصور أقدم انذكرت الوردة الشامية بكتاب قانون الدواء ( بيل اوف ميديسن).. بعهد الملك ادوارد الأول عام ١٣٠٦ وهو اول ملك استخدم الوردة الدمشقية كرمز لعرشه.. ومن بعده صارت الوردة الدمشقية اللي اجتازت المانش ودخلت للقصر الملكي البريطاني رمز وشعار اساسي للعائلة المالكة و لكتير من العائلات والجيوش البريطانية..
ورسمها الفنان تشارلز روبرتسون بالقرن ال١٩ بلوحة رائعة موجودة بمتحف الماناف بلندن..
وطبعا اكتشفوا أقدم منبت للورود موجود على جدار كاتدرائية هيل سهايم بالمانيا عمره ١٠٠٠ سنة..
و حكاية الوردة الدمشقية ما انتهت لسه.. ومارح تنتهى لحتى نثبت هويتها السورية الأصيلة..
عشتوا يا ورود سوريا.. و حييتوا..
وتحيا وردتنا الدمشقية..
وتحيا سوريا…