فندق المنظر الجميل
الشاميون على اختلاف مشاربهم يميلون الى ادخال التحسينات على الفاظهم لاعطاء المعنى بشكل لائق ومقبول انطلاقا من ان( الكلمه المنيحه طالعه والرديه طالعه ) وينفرون من الكلمات النابية ويعيبون على جيرانهم البيارتة ( اهل بيروت ) استخدام ماهب ودب من الشتائم عند غضبهم .
وعلى سبيل المثال لا الحصر يصفون المتخلف عقليا بالمبارك بقولهم ( عنه على البركه ) وكان الايمان ببركة حموده المتخلف المسالم في حيينا مئذنة الشحم ان النساء يتسابقن الى اكرامه وسؤاله عن جنس المولود لدى فلانة الحامل فيصفن حموده قليلا ثم يجيب مبتسما (شبي )اي ذكر فيبشرونها فأن اصاب هلل الجميع بأن حموده قد بشرهم بذلك وان اخطأ فالامر يذهب في غياهب النسيان …… ولايسمون الاعرج اعرجا فيلطفونها بقولهم فلان (بياخد من رجله ) فيدرك السامع المعنى …. وكذالك بمن فقد البصر باحدى عينيه فيقال فيه ( عينو كريمه ) وادري ما علاقة الكرم بفقدان البصر .
وعلى عادة النساء بأسداء النصح حرصا على السمعه وخشية المستقبل فتهمس في اذن صديقتها منتقدة سلوك احد ابنائها بأنه يسكر ويعربد( الله يعفو عنا ) كما سمعت من ابناء الحارة عنه وهي تتخوف ان احدا لن يرضى تزويجه مستقبلا , فتجيبها الام بكل فخر واعتزاز ( المعتر .. معطر ) …. وتردف بدعائها له ( الله يمحي كاساته ) ….
واما عند ذكر المصائب والكوارث فلزم ان تسبقها جملة دعائية للسامع تخفف من وقعها فمع ذكر الحريق تسبقها عبارة ( الله لايحرقلك قلب على غالي ) او( كش بره وبعيد ) او ( بعيد من ئبالي ) ( الله لايورجيك شي تكرهو) …..
وعند ذكر الجن واذاهم للناس فالجميع يردد ( دستور من خاطرهم , دستور ياسيادنا , دستور يا ملايكة الله )ووجب على كل سيدة ان تحفظ وتردد دعاء تنبيه الجان اذا ارادت سكب الماء الساخن في مجلى المطبخ فتقف وتردد ياملايكة الله لاتآزونا ومامنآزيكم , ايمو ولادكم لحضانكم ولا تئولو ما النالكن ) وتتنظر برهة ثم تسكب الماء , حتى لاتتعرض لاذاهم كما تعرضت فلانة وفلانه والقائمة تطول ……
وكذلك عند ذكر الأولياء والمشايخ من أهل الخطوة واهل وأهل ألطريقه وأهل الحظوة عند رب العالمين فهذا( قدس الله سره ) وذاك ( دستور من خاطره ) ( وشي لله يا سيدنا ) ..
والشام أم المشايخ والأولياء , فالسروجي بطاح الجملوالشيخ رسلان حامي البر والشام …….وكثير غيرهم ممن ( يفكون المربوط ) ويحلون عقدة من طالت عنوستها , الى من يضربون المندل ويبطلون مفعول السحر فكلهم ( دستور من خاطرهم .
وانسحب ما سبق على الدولة التي يسكن أهلها في الشام وتصهرهم ويتخلقون بأخلاق أهلها , فيتدمشقون بكل طيبة ويسر , فقاموا بتجميل بعض أسماء المناطق لتصبح لائقة ومقبولة , فحارة الزط( التي تمتد من شارع اليهود الذي سمي الأمين لاحقا , نسبة للسيد محسن الأمين ) إلى الشاغور والدقاقين , عدل إلى حارة الإصلاح ……….وحي المزابل في الضفة الأخرى من العمارة , تحول إلى الشرف الأعلى ونهر عيشه عدل تأدبا إلى حي السيدة عائشة .
وجرت عمليات تجميل للمآكل تساعد الفقراء على اعتبار فقرهم منة عليهم , فالبدائل متاحة لهم وينعمون بخيراتها
لما كان الزيت رخيصا والسمن غال :
كول زيت وعارك الحيط
ولما كان الرز للاغنياء والبرغل للفقراء :
البرغل بسامير الركب
ولما كانت لحوم الضأن مرتفعة الأسعار :
إن فاتك الضاني عليك بالحمصاني
ومن لايطال لفقره الا الخبز :
خبز الحاف بيعرض الكتاف
وهلم دواليك…
……
وما اردت الوصول اليه هو ذلك المكان المتوضع على الزاوية اليسرى عندما تلج الى البزوريه من مدحت باشا , فعلى الرصيف الايمن والايسر للشارع تقف الطنابر وروث بغالها يملا الارض والحمالون يفترشون الارصفة ومنهم من يتناولون طعامهم فرادى وجماعات ومنهم من خلع حذائه البلاستيكي وتمدد في قيلولة , فاختلطت رائحة الاقدام المتعرقة برائحة روث البهائم واختلطت اصوات اجراس البغال بأصوات الباعة المتجولين …………والانكى … من هذا وذاك ان تلك الزاوية فوق المحلات تظهر منها شرفة بطول متر واحد وعرض نصف متر بلوحة كتب عليها ……
فندق المنظر الجميل
اليس هذا كثير؟