وأعماله مقتناة في داخل سورية وخارجها، وأهمها موجود في القصر الجمهوري في لبنان، والخارجية الروسية. مجلة قلم رصاص الثقافية التقت الفنان أحمد الصوفي، وكان هذا الحوار:
ـ إلى أي المدارس الفنية تنتمي أعمالك؟
عموماً أنا فنان أحب التجريب في اللوحة. لكن أغلب أعمالي تنتمي إلى التعبيرية في الفن. والتجريد في أحيان أخرى، والفن هو مرآة الروح والمجتمع والثقافة التي يحملها الفنان، لذلك كانت التعبيرية أقرب لي مع موسيقى التجريد التي لها عمقها الروحي واختزالاتها التي تعطي حيز حرية أكبر للفنان للانفلات من قيود العقل الذي يكبل أحيانا جموح الفنان الروحي.
ـ بمن تأثرت من الفنانين، وأي التجارب تشدك أكثر من غيرها؟
الفنان هو خلاصة كل ما يراه ويكتسبه، عموماً تأثرت في بداياتي بالمدرسة التعبيرية الألمانية. وبعض الفنانين كفان غوغ. بيكاسو . مونش . وسورياً كان لأساتذتنا في الدراسة دوراً في هذا التأثير كالمبدعين فاتح المدرس. نذير نبعة نزار صابور.
ـ يرى البعض أن المعارض الفنية ليست سوى لقاء مع الأصدقاء بينما يغيب الفن بمعناه العميق، ما رأيك؟
صحيح بالغالب، للأسف.. فخلال الحرب التي عاشتها سورية انكفأ الكثير من والفنانين لأسباب مختلفة، ومنهم من هاجر خارج سورية، وتقدمت إلى الواجهة مجموعة من الأسماء التي تبوأت المشهد التشكيلي للأسف من الصفوف المتأخرة موهبة وإنتاجاً، طبعاً لا أعمم حتى لا أظلم البعض.. وهذا أعطى صورة قاتمة، فجمهور اللوحة أصبح بعض الأصدقاء وأقارب هؤلاء الذين يلتقطون بعض الصور ويلقون التحيات فقط.. وبعدها ينسحب كل شخص إلى عالمه.. ويبقى المعرض خاوياً طول فترة العرض.
ـ لا يخفى على أحد من المتابعين للمشهد الفني غياب النقد التشكيلي ما هو سبب الغياب برأيك؟
في أوروبا تاريخياً واكبت حركة النقد ظهور الحركات الفنية ومدارسها، وكان لها نقادها ومنظروها وظهرت مدارس للنقد. عندنا يوجد بعض الكتاب الذين يكتبون مايسمونه نقداً لكن هي بالأغلب انطباعات ومديح. وترزق من الكتابة، ويعود ذلك إلى تخلف ثقافي عام أولاً، تظهر نتائجه على الأرض، القضية الأخرى، أننا شعب متعود على المجاملات والمراءات، كما أننا في النقد التشكيلي نكتب إنشاءً أدبياً أقرب للخاطرة منه للوحة. فنقد اللوحة له معاييره وطرقه وفلسفته ومن لايمتلك هذه الأدوات لا يستطيع أن يقدم نقداً متكاملاً..
ـ هناك تذمر دائم من المؤسسة الثقافية الفنية الرسمية، لماذا؟
برأيي التسلط على الثقافة والفن من قبل مؤسسات رسمية تعرقل حركة تطوره، وهذا ينطبق على كل مناحي الثقافة من المسرح إلى السينما إلى الموسيقى والفن التشكيلي.
عدا عن تغلغل الفساد والمحسوبيات في مفاصل هذه المؤسسات. فتقدم الدعم لمن له علاقات أو واسطات…وهي حتى في الأنشطة التي تقوم بها تقوم على مبدأ الشللية التي هي محسوبة أو قرببة من هذا أو ذاك من القائمين عليها.
ثم أن المؤسسة لاترسم البرامج والخطط للنهوض بالفن أياً كان مجاله واختصاصه، هي حالة فوضى متكاملة..مما يزرع حالة عدم رضا عنها.
ـ تحول الفن إلى سلعة تجارية وعلاقات الفنان هي التي تزيد فرصه وليس مستواه الفني. لماذا وصلنا إلى هنا؟
أن يييع الفنان لوحاته هو ضرورة للاستمرار في العمل وتطوير مشروعه. إلا أن الفن عندنا مرتبط ببعض العقليات التي تراه مكملاً للديكور وليس مكملاً ثقافياً.
كون الذين يمتلكون المال أغلبهم محدثي نعمة لا تهمهم أي قيمة فكرية للعمل..أيضاً هناك بعض الصالات قد وُجدت كواجهات لأحد ما أو لتبييض أموال مما كرس العقلية التجارية التي أساءت للفن والفنان الحقيقي، كما تدخل المحسوبيات والعلاقات بتبني أشباه المواهب الذين كُرسوا كممثلين للمشهد التشكيلي السوري بكل أسف.
ـ نسمع عن ملتقيات فنيه عربية ودولية تترافق مع ضجة إعلامية لكننا لا نرى أي نتائج لها على الواقع، ما السبب؟
الملتقيات هي فرصة للفنانين للاندماج والاطلاع على تجارب آخرين في دول أخرى، والتعرف بثقافتهم وأين وصلوا في هذه التجربة، والمفرو ض أنها تساهم في إغناء الحركة التشكيلية. إلا أن ما يحدث وخصوصاً في السنوات الأخيرة مؤسف، إذ باتت هذه الملتقيات أبواب نصب واحتيال على الفنان، وخصوصاً المبتدئ، أو شبه الموهوب، الذي يرغب بإضافة نشاط إلى سيرته الذاتية.. فيطلبون منه مبالغاً مالية مقابل الاشتراك، وهذا نوع من الابتزاز والتصب. طبعاً يقومون بالدعاية والضجة الإعلامية حولها. لكنها لا تساوي أي قيمة فنية أو ثقافية لذلك تنتهي تأثيراتها بانتهاء الفعالية.
ـ ما تأثير الحرب التي تشهدها سورية على المشهد التشكيلي وعلى أعمالك بشكل خاص؟
الحرب التي عشناها ومازلنا نعيشها بأسلوب مباشر وغير مباشر للأسف، أثرت نفسياً وثقافياً وروحياً على الجميع…وخصوصاً على العامل في حقول الإبداع.
لكن تجسيد الحالة التي نعيشها بالأغلب هي طرح غير مباشر، ودعوه للحياة ومحاولة للفرح. طبعاً كرست الحرب آلاف المواضيع التي يمكن أن تعالج لكن برأيي تحتاج إلى وقت لتنضج وتقدم بشكل لائق… فكل الأعمال التي قدمت عن الحرب كانت فاشلة وخصوصاً السينمائية.
أما عن تجربتي، فقد حولت الحرب في مرحلة ألواني إلى أبيض وأسود حتى لو كانت معالجة الفكرة أو الموضوع غير مباشرة، ولها علاقة بالحالات الإنسانية أو في بعض الأحيان هي دعوة للفرح من خلال مرحلة ألوان ومهرجان ألوان للفرح. عموماً لازال لدينا سنوات طويلة لنتمكن من رؤية الحرب بمنظور آخر وعقل أكثر كثافة وأقل تشنجاً.
ـ هل من طريقة لإعادة الاهتمام بالفن وإحياء اللوحة التشكيلية؟
في المؤسسات الرسمية ليس لدي أي تفاؤل، فالفن اهتمام وتربية من المدرسة إلى البيت. عندنا مازالوا يتعاملون مع دروس الفن على أنها دروس فراغ. وبرأيي هي حركة مجتمع متكاملة..الفن فائض رفاهية عند المتلقي فحركة الاقتصاد والراحة المادية هي مقدمة لكل ما هو بنية فوقية في المجتمع ومنها الفن، إضافة إلى وجوب تبني بعض القطاعات الخاصة لنواحي ثقافية ودعمها وتشجيعها كما في أوروبا أو أمريكا، وغيرها من الدول المتقدمة.
كما إن تغيير سياسة البلد الثقافية ووضع أشخاص لا ينتمون إلى عقلية الشلل والفساد، بتصوري يمكن أن تساهم بحانب مهم..
كلمة أخيرة..
برأيي إن وظيفة الفن هو أن يكثف الحياة أكثر مما تستطيع باقي الأشياء فعله، وخيال الفنان الذي يفكك الأشياء ويعيد صياغة وترتيب الشكل يمكنه من إيجاد أثر واضح في أعماق النفس البشرية..
أخيراً أتوجه بالشكر الجزيل لمجلة قلم رصاص الثقافية لإتاحة الفرصة لي، وتقديمي لمتابعيها وقرائها. والشكر الكبير للصحفي الأستاذ فراس الهكار. لكم محبتي.
من أعمال الفنان: