“الدخان”: استعادة البطل الخاسر
16 يونيو 2019
العمل من إخراج إسلام سعيد وتمثيل كلّ من خالد حبيب، وحسن ربيع، وريما علاء، وشيماء حمادة وآخرين. ويتناول شخصية شاب مدمن يتذكّر أحداث حياته آخذاً مسافة وهمية منها، ويجد أن مشكلاته شديدة التعقيد في الواقع، بينما لها حلول في خياله.
بطل المسرحية شابٌ يُدعى حمدي درسَ الفلسفة واضطر إلى أن يُصبح رب أسرة ينفق عليها بعد موت والده. وفي لحظة من النزق والتعب، ينزلق إلى تعاطي الأفيون هرباً من واقعه، ثم يدخل في سجالات عبثية مع أخته ووالدته وزوجته عن الدين والفن والفلسفة. يقول: “أنا دون كيشوت القرن العشرين”.
كتب رومان هذه المسرحية عام 1962 ولم ينشرها حتى 1968. وهي، وإن سبقت هزيمة 67، لكنها جاءت محمّلة بلغة الهزيمة والهرب من الحقيقة وعدم القدرة على مواجهة الواقع، كما لو أنها تقرأ واقع الإنسان العربي في ظلّ أنظمة اجتماعية وسياسية تسحقه، ومن خلال ذلك يرى أن الهزيمة حتمية.
يقول مخرج العرض إسلام سعيد في حديث إلى “العربي الجديد”، إن المسرحية “تتناول بعضاً من أفراد الطبقة الوسطى الذين نالوا ثقافة عالية في ظروف بالغة الصعوبة، ثم سُحقوا تحت وطأة نظامهم الاجتماعي القاسي، كما يطرح النص أزمة التسلُّط والسيطرة على مصيرنا من قبل عوامل خارجية”، ويضيف: “لم أغيّر كثيراً في النص، لكني استبعدت بعض الشخصيات وأضفت شخصية ذُكرت في النص الأصلي مرّةً واحدة، هي الطبيب النفسي الذي يعالج البطل الأساسي”.
وكان الكاتب مصطفى عبّود قد أصدر كتاباً بعنوان “تشريح القهر”، وهو دراسة في مسرح ميخائيل رومان وتكاد تكون الوحيدة التي تتقصّى هذه التجربة، وفيها يرى أن الصراع في معظم مسرحيات رومان هو نفسه، إذ ثمّة فردٌ وهناك قوى خارجية تريد أن تقهره، وغالباً ما يكون هذا الفرد شاباً متعلّماً لا يستطيع مواجهة الجهل من حوله أو تُلقي الحياة على كتفيه أحمالها فيرزح تحتها وينهار.
غير أن ذلك لا يخلو ممّا يشبه الخطبة المتفائلة في النهاية التي تبشّر بأن الخلاص لا بد آت، لأن مسرح رومان لن يمر محمّلاً بالبؤس والهزيمة مع بدايات الحكم الناصري، إذ يتوقّع الناس الرخاء والعدالة، فهوجم في الصحافة ومُنعت بعض أعماله، وكأن مَخرَجه الدرامي كان في تلك النهايات الخطابية التي تتّسق مع خطاب السلطة، وإن بدت نهايات غريبة عن الصراع الدائر في المسرحية.
يقول عبود إن النهايات المتفائلة عند رومان التي تميل إلى التبشير، تبدو ضعيفة وغير مقنعة، هذا إذا لم تكن زائفة وملفَّقة. بينما كتب رومان في “مجلة المسرح” (عدد يونيو/ حزيران 1967): “لا أطلب إلّا مسرحاً شجاعاً مفتوح العينين والقلب، مُقبلاً على الحياة كما يراها وكما ينبغي أن تكون”.