كثيرات من قدمنّ دور الأم على شاشة السينما ولكن قليلات منهن فقط أجدنّ تجسيده وأقنعن الجمهور بصدق مشاعرهن وحنانهن الأصيل، ومن تلك الفنانات الراحلة فردوس محمد ، التي ورغم تجسيدها هذا الدور إلا أن القدر لم يمنحها الولد وأصابها بالعقم فعاشت عاقرًا حتى رحيلها.
ولدت فردوس محمد في حي المغربلين في مدينة القاهرة يوم 5 أيار/مايو العام 1906، وقد أصيبت باليُتم وهي صغيرة فتولى تربيتها أحد أقاربها وهو مؤسس جريدة (المؤيد)، الشيخ علي يوسف، والتحقت بمدرسة إنجليزية في حي الحلمية، وتعلمت القراءة والكتابة والتدبير المنزلي.
ظهرت موهبتها في التمثيل مبكرًا، فانضمت إلى فرقة أولاد عكاشة المسرحية وقدمت معها للمرة الأولى مسرحية “إحسان بك” العام 1927، كما انضمت إلى فرق إسماعيل ياسين وعبدالعزيز خليل ورمسيس وفاطمة رشدي.
وفي منتصف الثلاثينات بدأ مشوارها السينمائي مع محمد عبد الوهاب في “دموع الحب” ثم قدمت دور الزوجة أمام نجيب الريحاني في “سلامة في خير”، واشتهرت بتقديم شخصية الأم بأنماط مختلفة؛ فهي الأم الفلاحة في “ليلى بنت الريف” مع يوسف وهبي و”الطريق المسدود” مع فاتن حمامة، والأم الشعبية في “فاطمة” مع أم كلثوم، والأم الثرية في “قمر 14” مع كاميليا، والأم من الطبقة الوسطى في “المنزل رقم 13” مع عماد حمدي، والأم الفقيرة في “رد قلبي” مع مريم فخر الدين و”صراع في الميناء” مع عمر الشريف، والأم الصعيدية في “شباب امرأة” مع تحية كاريوكا.
كما اشتهرت في بعض الأحيان بدور المربية الحنون، مثل “القلب له واحد” مع صباح و”غزل البنات” مع ليلى مراد و”حبيب الروح” مع أنور وجدي و”صوت من الماضي” مع أحمد رمزي و”الملاك الصغير” مع زبيدة ثروت و”أين عمري” مع ماجدة الصباحي.
تزوجت فردوس محمد في بداية حياتها ولكنها انفصلت عن زوجها بعد فترة قصيرة، وخلال عملها في فرقة فوزي منيب تزوجت عن طريق المصادفة من زميلها الممثل والمونولوجست محمد إدريس؛ حتى تتمكن من السفر مع الفرقة إلى فلسطين لتقديم عروضها هناك، وللتغلب على شرط تزوج المصريات إذا أردن السفر خارج البلاد.
وبعد انتهاء العرض في فلسطين صرّح لها زوجها بحبه وطلب منها الارتباط فعليًا، فوافقت على استمرار الزواج واحتفلت الفرقة بزفافهما، وقد استمر زواجهما لمدة 15 عاما حتى وفاة إدريس.
عاشت فردوس محمد بعد ذلك وحيدة، حتى توفيت في 22 أيلول/سبتمبر العام 1961 عن عمر ناهز 55 عامًا بعد رحلة عذاب طويلة مع مرض السرطان.