(نشر الللقاء في جريدة صوت بخديدا العدد 109 نيسان 2013)
• ما هو الفرق بين الرسام والفنان الرسام؟
هناك فرق كبير بين الرسام والفنان المبدع الرسام. يبقى الرسم حرفة أو صنعة لا يتعدى حدود الكسب المادي والربح بعيداً عن الإحساس والمشاعر فقط الحرفية في نقل الأشياء والأشكال حسب الطلب حال الحداد والنجار والحرف الأخرى. أما الرسام الفنان يعني الخلق والابتكار والإبداع وخلق الأشياء والأشكال من لا شيء يتعدى حدود الماديات يدخل في عمق الأحاسيس والمشاعر والخلجات النفسية والذاتية وبعد في الرؤية أي ينظر إلى الأشياء في عين مختلفة ومتميزة بإحساس ذاتي وجمال عالي. بمعنى أن الفنان الرسام يرسم بمشاعرهِ بما يمتلكها من أحزان وأفراح. آي بدمهِ فيخرج العمل الفني أي اللوحة عملاً فيه إبداعاً متميزاً ذاته من خلال وضع اللون واللمسة وحركة يدهِ بتلقائية مدروسة باختصار شديد يكون هذا الفنان الرسام.
• ماذا عن الحداثة الفنية؟
هذا سؤال جداً وجيه وكثيراً ما ناقشته ودرسته مع نفسي وسألت نفسي هل هناك فن حديث أي مدارس حديثة كالرمزية والسريالية والتجريدية وغيرها والتي جاء بها القرن العشرين. فالجواب وهذه وجهة نظرية الشخصية يمكن أن أكون مخطئاً من البعض ومقبولاً من الآخرين. إلا أن من خلال قراءتي للتاريخ القديم وأنت قرأت أيضاً حضارة الشرق وخاصة وادي الرافدين والمصرية. وهذه تعود إلى آلاف السنين ماذا لاحظتم في تلك الأعمال المنحوتة أو المرسومة. أعمال واقعية أو أعمال ذات مغزى والغاز ورموز. فأنا أقول بأنها أعمال ذات مغزى ورموز وتجريد عن الواقع ومثال ذلك الأعمال الأشورية كالثور المجنح فيه من الرمزية والسريالية والتجريدية وكذلك الأعمال المصرية فإذا لا شيء جديداً أو حديث إلا أن تكنولوجيا صناعة الألوان الزيتية والقماش وطريقة العمل والأسلوب الذي استخدمه كل فنان أعطاه طابعاً جديداً وخاصاً، وخاصة بعد الثورة الصناعية أواسط القرن التاسع عشر ومن هنا أطلق مفهوم الحداثة الفنية ومفهومي يكون كل عملاً فيه إبداعاً إن كان سريالياً أم تكعيبياً أو رمزياً يكون حداثة لان كل فنان يمثل العصر الذي يعيش فيه.
• إلى أي مدرسة تنتمي؟
بطبيعتي لا أجيد أن أكون أسيراً لأي مدرسة أو قانون فني بل يكون قانوني الخاص أي العب بمساحة اللوحة حسب ما أريدُ ووفق رؤيتي والزاوية التي أراها مناسبة لإسقاط ما املك من طاقة روحية ذاتية وإرهاصاتي على اللوحة بعدما أصبح لدي مفهوماً عن الدراسة الأكاديمية لتكنولوجيا عمل اللوحة وفرج الألوان. أي التمرد على قانون الرسم لإضافة عليه شيء جديد. على سبيل المثال وليس الحصر درسنا أكاديمياً بأن الألوان الزيتية لا تمزج مع الألوان المائية فالأولى تخلط بدهن الكتان والتربنتين والمائية بالماء فلا يختلط الماء مع الزيت. كما شاهدتم لوحاتي الزيتية مستخدماً المادتين معاً بطريقة أو أخرى وهذا جاء نتيجة ممارستي اليومية مع الألوان والمائية مع الباستيل. فبعض الفنانين الذين شاهدوا اللوحات لهم يستطيعوا أن يميزون الزيتية والمائية. وهذا الأسلوب أو الطريقة البناء إن كانت مستخدمة من قبل أولاً. وهذا الأسلوب استخدمهُ في جميع المدارس المتعارف عليها. إلا أن نحن الفنانون الشرقيون نتميز عن الغرب بعراقة الحضارة والتاريخ والموروثات التراثية والشعبية والحنين الذي يعترينا يبقى الواقع اقرب إلى المتلقي والفنان للتعبير عن الأشياء.
• ما نوع الفرش التي تستخدمها، وهل للفرشاة تأثير على جودة اللوحة وردائتها؟
هذا السؤال فيه شقان الأول استغرب من هذا السؤال لان الفرشة ما هي إلاّ أداة يحركها إحساس ومشاعر الفنان والفرشاة ليست الوحيدة لإنتاج العمل الفني فمثلاً أنا أستطيع أن أرسم اللوحة باستخدام أصابع اليد أو سكين الرسم ومواد أخرى. وهذا جواب على الشق الثاني من السؤال فالفرشاة هي أحد الأدوات وليست الأداة الوحيدة للعمل الفني.
• ما هو رأيك بمستوى الحركة التشكيلية في قره قوش حصراً؟
سؤال جداً جميل وخاصة هذا السؤال مرتبط بتاريخي الفني منذ أن كنت طالباً في معهد الفنون الجميلة وكلية الفنون فتركت قلمي جانباً لأعيد بعض الذكريات مع زملائي الطلبة من قره قوش ومع أساتذتي الذين كان لهم لفضل الكبير ما أنا عليه الآن. فكثير من الفنانين المبدعين الآن في قره قوش كانوا زملاءً لي في المعهد في الثمانينات في جميع المجالات كالمسرح والموسيقى والتشكيل أمثال: أستاذ حنا والزميل عامر أيوب، وإخلاص متي وجميل ولوثر ايشو وأستاذ ثابت وغيرهم الكثير. وأساتذتنا المدرسين كالفنان الرائد الأستاذ شابا عطاالله والأستاذ ريكاردوس يوسف وغيرهم الكثير الذين ساهموا في نهوض الحركة التشكيلية خاصة والفنون عامة في قره قوش. وهؤلاء المبدعين في قره قوش خلقوا شعباً ذات ثقافة فنية عالية وذات حسن جمالي عال للأعمال الفنية. فأصبحت أكثر الحركات الفنية المتميزة في محافظة نينوى.
• أين أنت من رواد الفن التشكيلي العراقي؟
أنا وأنتَ نعلم بالوضع الحالي للعراق وما مر به منذ عام 2003 وقبل هذا العام كان الفنانون يلتقون في المحافل الفنية من خلال المشاركة في المعارض الفنية في المحافظة أو المحافظات الأخرى وخاصة بغداد وكانت اللقاءات دائماً مستمرة خلال العام فكل فنان استطاع أن يثبت وجوده، على سبيل المثال كنتُ سنوياً أشارك في المعرض السنوي لمديريات النشاط المدرسي الذي يقام في بغداد فكنتُ التقي مع أساتذتي الرواد والفنانين ونتبادل المعلومات الفنية والاطلاع على أعمال بعضنا البعض ونستمع إلى ملاحظات الآخرين. للآسف بعد 2003 بدأ الوضع الأمني غير مستقراً مما أدى إلى هجرة كثير من المبدعين والزملاء الفنانين والرواد إلى خارج القطر وبدأت الحركة الفنية بشكل عام من الانحصار وفقدنا كثير من الفنانين الرواد وأصبح شبه انقطاع تواصل الفنانين لانعدام المعارض والمشاركات. والحمد لله الآن بدأنا نستعيد العافية ودليل على ذلك معرضي الأخير في قره قوش وقبل هذا في بغداد حيث شاركتُ في عيد الصحافة العراقية، وحصلتُ على المرتبة الثانية في هذا المهرجان القطري.
• هل تستطيع أو بمقدورك أن تنتقد الفنانين العالميين أمثال بيكاسو ودافنشي وأنجلو وغيرهم، أو تضيف… الخ؟
كيف نستطيع أن ننتقد هؤلاء العظام وهم مؤسسي النهضة الفنية، وأصبحت أعمالهم الفنية تدرس في المعاهد والجامعات وأصبحوا مدارس نقتدي بها وهم الآباء الروحيين للفن. أما الشق الثاني من السؤال فهؤلاء العظام من الفنانين أعمالهم معروفة عالمياً فتزيين بها المتاحف وكتب الدراسة فلا تغطى بغربال. ومن الضعف أن ينسب الفنان أعمال بمجرد التغيير البسيط في اللوحة على سبيل المثال كلوحة لينواردو دافنشي (العشاء الرباني الأخير) وسبق وأن رسمتها عدة مرات ومنها لوحة موجودة في قره قوش. لا استطيع أن انسبها لنفسي فهذا يصغر الفنان ويجعلهُ أمام نقد من قبل زملائه من الفنانين، وباختصار من مدح نفسه ذمَّها.