-
ناقد تصويرفوتوغرافي. ولد عام ١٩٥٤. انهى الدكتوراه في الفنون والتصميم من جامعة تسوكوبا. شارك في معارض تصوير شهيرة، وعمل في لجنة تحكيم مسابقات التصوير الفوتوغرافي. من أعماله (مرحباً بكم في متحف التصوير) الذي حاز على جائزة النقد الأدبي والفنون لسنتوري، (عصر التصوير الفني)، الفائز بجائزة مهداة من قبل التجمع السنوي للصور باليابان.
- معرض تصوير فوتوغرافي”توهوكو في عيون المصورين اليابانيين“ (صور)
- [23/05/2013
التركيز على الحياة والطبيعة بمنطقة توهوكو
بدأ معرض التصوير الفوتوغرافي، ”توهوكو- في عيون المصورين اليابانيين“، يجوب انحاء العالم برعاية مؤسسة اليابان Japan Foundation، منذ شهر مارس/ أذار من عام ٢٠١٢، بدءا من بكين في الصين ومروراً بروما في إيطاليا، حيث يضم هذا المعرض الذي أقوم برعايته شخصياً، نحو ١٢٠ صورة لـ ١٩ مصور مختلف. وتوفر هذه الصور مجتمعة نظرة شاملة عن منطقة توهوكو من حيث المكان، التاريخ، المناظر الطبيعية، التقاليد الشعبية، والحياة اليومية في تلك البقعة الرائعة الواقعة في الشمال الشرقي لجزيرة هونشو أكبر جزر اليابان.
ويضم هذا المعرض أعمالاً فردية لتسعة مصورين بجانب مجموعة أعمال للتصوير تشمل السادة شيبا تايسوكي، كوجيما ايتشيرو، هاجا هيديو، نايتو ماساتوشي، أوشيما هيروشي، لين مايكي، تاتسوكي مسارو ماسارو، تسودا ناو، هاتاكياما ناويا، ومجموعة سينداي. وتغطي الأعمال المعروضة، التي تتضمن صوراً من أربعينات القرن الماضي حتى يومنا هذا، مجموعة كبيرة ومتشعبة من المواضيع المتعلقة بتوهوكو. حيث تركز أعمال شيبا وكوجيما، على سبيل المثال، على الحياة الريفية ما بين الخمسينات والستينات من القرن الفارط، في حين أن هاجا، نايتو، وتتاتسوكي وثّقوا المهرجانات والطقوس الشعبية الدينية في المنطقة. أوشيما وهاتاكياما، من جانبهم، مزجوا بين تاريخهم الشخصي والمناظر الطبيعية لبلداتهم، أما لين فقد ركز من جانبه على جمال البيئة والطبيعية لتوهوكو. يتضمن المعرض أيضاً صور تسودا، الذي يهتم بتتبع نسب الروح اليابانية كما وردت في آثار وتحف حقبة ما قبل عصر جومون. وأخيراً، مجموعة سينداي، برئاسة ايتو تورو، والتي تعرض سلسلة من الصور الفوتوغرافية التقطت لـ ”مشاهد مجهولة“ في سينداي، محافظة مياجي. كما تكشف الصور في المعرض بوضوح جوانباً مختلفة لمنطقة توهوكو والتي لم يدركها غالبية الناس حتى وقتنا هذا.
تجنب صور الكارثة
قد لا يكون من المفاجئ معرفة كون الدافع الأساسي للمعرض هو الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان في ١١ مارس/ آذار ٢٠١١ والذي بلغت قوته ٩ درجات علي مقياس ريختر. فقد عانى العديد من الناس من المآسي وشهدت أجزاء ساحل توهوكو المطل على المحيط الهادئ دماراً شديداً وغير مسبوق جراء أمواج التسونامي العاتية التي تولدت نتيجة الهزات العنيفة بسبب الزلزال، حيث تجاوز مجموع عدد القتلى والمفقودين ٢٠ ألف شخص، وعلاوة على ذلك، أجبر العديد من السكان الذين يعيشون بالقرب من محطة الطاقة النووية فوكوشيما دايتشي على مغادرة واخلاء منازلهم بعد وقوع الكارثة التي أدت الي انقطاع التيار الكهربائي لنظام التبريد في المفاعل النووي مما زاد من خطورة الموقف. ومنذ ١١ مارس/ اذار، اعتبرت محافظات توهوكو الأكثر تضرراً ومعاناة من الكارثة الطبيعية والنووية (ايواتى، مياجي، وفوكوشيما) في عين وسائل الإعلام باستمرار وبصفة أكثر من أي وقت مضى. ولكن على الرغم من صدور كل تلك التقارير المفصلة حول الكارثة وجهود الإنعاش وإعادة الإعمار، الاّ أنه لم يصور إلا القليل فيما يخص تاريخ وحياة أهل هذه المنطقة.
ولعل ”توهوكو- في عيون المصورين اليابانيين “ محاولة لرأب تلك الفجوة القائمة بين الحياة غير العادية للناس في أعقاب كارثة الزلزال المدمر والتسونامي وبين حياتهم اليومية قبل الكارثة. وعند اختيار صور المعرض، كان من الواضح أنه كان من الممكن ادراج صور التقطت للكارثة في أعقاب ضربات أمواج تسونامي العاتية ١١ مارس/ آذار ٢٠٠١. لكننا اتخذنا قراراً واعياً ومسؤولاً بعدم عرض أي صورة لها صلة بالكارثة. والسبب، كما تطرقنا إليه من قبل، هو شيوع مثل تلك الصور في وسائل الإعلام المطبوعة والإنترنت. ولذلك، استنتجنا أنه لا يوجد هناك أي سبب مقنع ليشمل المعرض مثل تلك الصور المؤلمة. والسبب الآخر هو أن المعرض يركز على الجوانب التاريخية لتوهوكو، أي بتعبير آخر، العناصر التي تشكل تاريخ المنطقة.
عادات وتقاليد عصر جومون مازالت حية
برزت فكرة وجوب التأكيد على أهمية بقايا ثقافة عصرجومون التي لا تزال آثارها ظاهرة بقوة في الحياة الثقافية والجانب الروحي لتوهوكو. هذه الثقافة التي ازدهرت في الفترة الممتدة منذ حوالي ١٠٥٠٠ عام إلى ٣٠٠ عام قبل الميلاد، وذلك قبل ظهور المستوطنات الثابتة في الأرخبيل الياباني. ورغم كون هذا المجتمع مجتمع صيادين وجامعي ثمار، إلا أنه عزز وحافظ على روح ثقافية غنية، وذلك يمكن أن نراه في فخار جومون المميز بأشكال تأتي على شكل حبل. وكانت توهوكو المنطقة التي وضعت ثقافة جومون فيها أعمق جذور لها في اليابان. وفي وقت لاحق أصبحت توهوكو تحت سيطرة الحكومة المركزية، حيث كان ينظر إليها على أنها منطقة تقليدية متخلفة. ومع ذلك فلم تنقرض العادات والتقاليد الثقافية للجومون هناك، بل وجدت صياغتها في صناعة الفخار في المنطقة والاحتفالات الدينية إلى أن أصبحت جزءاً أصيلاً من حياة الناس في تلك المنطقة.
كما تعطي الصور في المعرض للمشاهد لمحة عن مختلف السبل التي برزت من خلالها روح الجومون في توهوكو. هذه السبل لا تظهر فقط في صور الاحتفالات والشعائر الدينية الشعبية التي التقطها هاجا ونايتو، بل أيضاً في صور أوشيما وهاتاكياما للحياة اليومية، وضمن أعمال لين وتسودا المتميزة بمناظر طبيعية جميلة وغامضة التي لابُد وانها لفتت بدون شك من انتباه شعوب الجومون القديمة. سيما وأنّه يشعر المرء عبر تلك الصور، بالعادات والتقاليد النابضة بالحياة والتي تعيش في توهوكو. وربما هذا جانب من جوانب الحياة هناك والذي أدركته مرة أخرى أثناء عملية تجميع الصور للمعرض.
ثقافة غنية تزدهر على مشارف المنطقة
إذا توقفت لحظة للتفكير، فإن اسم توهوكو- ويعني حرفياً ”الشمال الشرقي“ وهو اسم مفعم جداّ بالإيحاء لأنه يعّبر عن كيفية انعزال المنطقة بشكل أو بآخر عن الحياة السياسية والثقافية السائدة بوسط اليابان. ولربما يحق لي القول هنا بأن توهوكو أكثر من مجرد منطقة معينة بحد ذاتها ، بل تتمتع أيضاً بمفهوم عالمي نوعاً ما. حيث إن ”توهوكو“ بالنسبة للأوروبيين هي روسيا، في حين أنها للروس تعني سيبيريا وقد أصبحت الآن المناطق الوسطى من العالم أكثر تجانساً وانسجاماً نتيجة للعولمة، وأعتقد أن مناطق هامشية مثل توهوكو قد تحيي مجدداً هذا النوع من الثقافة الغنية التي توفر فرصاً للتفاعل والتكامل مع الطبيعة.
ولعل مثل هذا المشروع من المشاريع المؤثرة جداً بالنسبة لي شخصياً كياباني من مواليد محافظة مياجي وقاطن بحي سنداي بمياجينو. ولحسن الحظ فأن والدتي وأختي الكبرى لم يتضررن من كارثة ١١ مارس/آذار، كما أن منزل عائلتنا لم يصبه الكثير من الضرر. لكن الخطر كان قريباً جداً، حيث وصلت موجات التسونامي إلى بضعة كيلومترات على مقربة من منزلنا. وقد فقد احد المصورين في المعرض السيد هاتاكياما ناويا، منزل عائلته وأقاربه جراء كارثة أمواج التسونامي المدمرة. ومع وجود هذا النوع من الصعوبات، يواصل الفنانين التقاط الصور وتجميع اعمالهم. وإني لآمل صادقاً من كل قلبي ومن خلال هذا العمل أن يشعر الكثير من الناس بالطاقة الخلاقة والزخم الهائل لمنطقة ”توهوكو“ القابعة حتى الآن تحت الردم والركام.
(المقالة الأصلية باللغة اليابانية بقلم ايزاوارو كوتارو وبمساهمة من مؤسسة اليابان، الترجمة من الإنكليزية)