..غسان القيّم…
………………………..
عرفتنا النصوص الكتابية المكتشفة في أوغاريت على العائلة الملكية الحاكمة والمعلومات التي قدمتها هذه النصوص عن ملكة أوغاريتية كانت ذات أهمية بالغة وكيف لعب الزواج السياسي في فترة البرونز الحديث بين 1500-1200 ق.م .
دوراً هاماً في الدبلوماسية الدولية آنذاك.. فملكات أوغاريت كن غالباً من اصل أجنبي!.. نذكر منهم « إيلي نيجال» ابنة الملك الحثي وأيضاً» احت ملكو» إحدى أهم الملكات الشهيرات في أوغاريت التي ذاع صيتها..
وبحثنا يتناول رقيماً فخارياً مكتشفاً يعتبر غالباً غائباً من الوثائق المكتشفة في أوغاريت التي تتميز بطبيعتها المختصرة وهو يقدم معلومة ثمينة تتعلق بجهاز عرس أميرة أمورو التي تزوجت من ملك أوغاريت “نقيمبا”..
لقد كان هذا الجهاز ضخماً قامت « أحت ملكو» بتوثيقه في نص كتابي لتبين الوضع الاجتماعي للمنتفعة السعيدة به التي كانت بلا شك أكثر الملكات ذكراً في نصوص أوغاريت المكتشفة.. ليس فقط في الوثائق المكتوبة في ظل حكم زوجها الملك» نقماد الرابع» بل أيضاً في ظل حكم ابنها الملك»عميشتمرو الثالث»..
«فأحت ملكو» حكمت مدة طويلة وتدخلت في نزاعات هامة كرحيل اثنين من ابنائها إلى المنفى لكي تحمي ابنها الأثير الملك» عميشتمرو الثاني» ذائع الصيت الذي حكم أوغاريت لمدة ثلاثون عاماً..
ونعود إلى نص جهاز العرس الذي يعتبر الجرد الوحيد لهذا النمط من النصوص المكتشفة في أوغاريت تجد فيه قائمة طويلة بالأملاك العائدة للملكة «احت ملكو» بحسب ترتيب معرّف تقريباً من حلي وأوان منزلية ثمينة من ذهب وفضة وألبسة ومفروشات وأدوات برونزية وزيوت عطرية وعلب مساحيق تجميل» والنص معروض في المتحف الوطني بدمشق في قاعة رأس الشمرة وقد اكتشف في قصر أوغاريت الملكي..
وقبل جرد جهاز عرس الملكة لا بد من التوقف عند وصف شعري أدبي لأحد النصوص الاوغاريتية يتناول أسطورة الملك» كرت» تصف الجمال المثالي لملكة في لغة شاعرية رائعة انها ابنة ملك أودوم» دام حواري» التي ستتزوج «كرت» تقول الأسطورة:
« زهرة ذرتيك بكرك
التي تشبه بجمال عشتروت
وبؤبؤاها فصان من اللازورد
وأجفانها أقداح من المرمر»
هذا الوصف يناسب ملكة من ملكات أوغاريت فالصور المجازية التي اختارها الكاتب للوصف تستند إلى المواد الثمينة» الالباستر» واللازورد اللتين كان يعتبران في الشرق القديم رمز الجمال والكمال الذي يراد وصفه يشبه باللازورد..
ونظراً لضخامة جهاز الملكة( احت ملكو) لا نستطيع ذكره هنا بشكل كامل سوف نذكر أولاً الأشياء المصنوعة من الذهب والأحجار الكريمة مع ذكر قيمة كل قطعة كما هي مدونة في النص الأوغاريتي.. ثم يقوم كاتب النص بتعداد أنواع الأنسجة والملابس ومصادرها ويأتي بعد ذلك الاثاث وقد حددت قيمة كل قطعة بالمثقال وأخيراً يأتي على علب الزينة المصنوعة من العاج إلى جانب المواقد البرونزية والممالح والاوعية المليئة بالزيت الحلو مع قطع القماش المخصصة للمقاعد.. وتشكل مجموعة هذه الأملاك مظهراً نفعياً كما تمثل رأس مال ذا قيمة لا تنافس. وفيما يلي جرد جهاز الملكة احت ملكو..
– 4 أزواج من القلادات الذهبية مع أحجارها الكريمة تزن 172 ثقلاً
– زوجان من حلقات الأرجل والأساور الذهبية تزن 168 ثقلاً.
– زوجان من زنانير ذهبية تزن 40 ثقلاً
– طاسة واحدة كأس واحد.. حوض واحد من الذهب تزن 80 ثقلاً
– طاسات من الفضة تزن 107 ثقلاً
– 20 ثوباً ناعماً حورياً- إضافة إلى 20 ثوباً عمودياً و50 قطعة نسيج..
– 10 قطع من الكتان- إضافة إلى 10 عباءات من الكتان و50 قطعة نسيج للمقاعد مصنوعة من الصوف الأزرق..
– أسرة ملبسة بالعاج مع مناضدها ومقعد واحد من الابنوس الملبس بالعاج مع منضدة واحدة ملبسة بالذهب ومرصعة باللازورد.
– 7 شمعدانات من البرونز تزن 170 ثقلا
-ملقطان من البرونز يزنان 260 ثقلاً
– علب من البرونز منهما اثنتان ملبستان من الداخل بالذهب..
– 4 أخشاب ملبسة بالفضة
– مجمرات من البرونز تزن 1002 ثقلاً
– قارورات مليئة بزيوت عطرية
-20 علبة مساحيق تجميل من العاج
– 4 ممالح من العاج
– 4 قطع نسيج للمقاعد وقد بلغ مجموع تعداد جهاز العرس/ 53/ بضاعة ممهورة بختم الملك..
وهكذا نرى بأن المرأة في أوغاريت احترمت كأم وزوجة وأخت وملكة وكان لها دورها الهام والكبير في إدارة شؤون المملكة.. هذا الاهتمام المتنوع للمرأة أن دل على شيء إنما يدل على مكانتها العظيمة التي احتلتها في مجتمع حضاري غني بعناصره المختلفة منذ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عام..
..عاشق أوغاريت ..غسان القيّم….
..قي الإعادة إفادة..