كتب : سامر إلياس سعيد
تاريخ الخبر : 02/04/2019
عصمت شاهين دوسكي :
* أشعر بالألم عدم الاهتمام بالأدب والأدباء .
* المرأة والوطن يتحدان في الموقف والصورة والواقعية .
* الرسالة الشعرية تتجاوز حدودها وقيودها .
* روايتي بشأن مأساة الموصل رسالة مهمة إلى العالم .من يتابع مسيرة الناقد والشاعر والروائي عصمت شاهين الدوسكي في ميدان الأدب يلمس مسيرا حافلا مزدانا بالعناوين التي تنوعت اتجاهاته في شتى محاور الإبداع ويدرك تماما أن سفينة الدوسكي تتجه في اغلب بحور الأدب لترسو في ميناء شعري تارة أو عند نقد أدبي أو مرفأ يزدان بالرواية كعنوان ووجهة أخرى واللقاء مع شخصية أدبية بحجم الدوسكي ستفرز لقاءا مهما يتناول اتجاهات الأدب العراقي خصوصا بنكهة كردية لها رؤيتها تجاه قرض الشعر باللغة المذكورة مع أن تعدد المحطات والأمكنة لها أيضا تأثير فاصل في رحلة عصمت شاهين الدوسكي يتحدث عنها في سياق الحوار التالي :
* لنبدأ أولا من الاتجاهات المتنوعة التي تدور فيها بوصلتك الأدبية ما بين الرواية والشعر والعناوين المختلفة في الميدان الأدبي فأيهما يترجم أعماقك بصورة جلية ؟
– إلى جانب ما ذكرته بشأن الرواية والقصيدة فانا أيضا كتبت النقد الأدبي لكنني أود الإشارة إلى أنني أرى أن الشعر هو الأكثر رواجا لدي ويترجم أفكاري بشكل نفسي وفكري عميق أما عن المقالة التي اكتبها فهي عالم واسع أجد فيها حيز من الحرية للتعبير عن أفكاري مثلما هي الرواية هذا الجنس الأدبي ذو العالم الأوسع ومع ذلك فعموم تلك الأجناس الأدبية تبدو ذو فرص متفاوتة للتعبير عن الأفكار والأحداث وللأديب مطلق الحرية في بثها من خلالها ..
* لكن ألا ترى أن القصيدة باتت تجد انحسارا في نسبة متلقيها أو من يتابعها عبر الجمهور الأدبي بالمقارنة مع ما تحظى به على سبيل المثال الرواية في هذا الزمن الراهن ؟
– ثق بان الشعر لا يموت لكن أزاء ما ذكرته وبحسب رأيي الشخصي فانا أجد أن الشعراء هم من يسعون للارتقاء بالقصيدة مثلما هم أيضا وراء ضعف هذا المنفذ الإبداعي لكن إلى جانب هذا الأمر لابد من الإشارة إلى أن ركيزة الشعر هي الكتابة بإحساس فعندما تكتب قصيدة بإحساس فهذا الشعور يصل للمتلقي سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة وحينما يفتقد الشعر للروح أو المشاعر فيبقى مجرد كلمات أو صورة جامدة فحسب ، لذلك أرى أن يكون الشاعر مخلصا ووفيا للشعر ويعطي أقصى ما لديه من فكر ورؤية وتوجيه وإرشاد وإصلاح لان هنا الشاعر يحمل رسالة مهمة وليست محددة بمكان أو زمان معين لان الرسالة الشعرية الإنسانية تتجاوز حدودها وقيودها ولا تنحصر بأي لغة في ذات الوقت ..
* إجابتك السابقة تحيلني لسؤال بشأن الفئة التي يوجه لها الشاعر عصمت شاهين مرساته الشعرية فهل أنت كاتب للنخبة ؟
– دائما أَسأل حول كوني اكتب لفئة معينة أم لجهة أم لموقف معين؟ لكن عموما من يقرا لي يجدني شاعرا إنسانيا بالدرجة الأولى لذلك احدد كلمات قصائدي في الإنسانية وانثر بذوري اليانعة في بساتين أولهما المرآة والأخرى الوطن فانا أرى تلك البساتين توأمين لكل منهما عالمه الخاص حيث يتحدان في الموقف والصورة والواقعية ..
* انطلقت صرختك الأولى في العالم من دهوك وكتبت أولى كلماتك بالكردية قبل أن تتوارى كلمات قصائدك بزهو اللغة العربية فهل للكتابة بأكثر من لغة فاصل إبداعي يضاف للمسيرة الأدبية الحافلة ؟
– بالتأكيد استهللت حياتي الأدبية بالكتابة باللغة الكردية وتحديدا في بغداد حيث نشرت جريدة العراق بملحقها الصادر باللغة الكردية باشكو عيراق مجموعة من قصائدي فضلا عن صحف مثل هاوكاري وئه فرو وغيرها واشعر بالأسف لأنني فقدت ذلك الأرشيف الجميل الذي احتفظت به على مدى عقود بسبب احتراقها على اثر تدمير منزلي في مدينة الموصل بسبب القصف وكانت أغلب قصائدي تنشر تحت عنوان ” خانم – سيدتي ” ولاشك في أن للمدن والمحطات التي عشت فيها تأثيرا على كتابة بأكثر من لغة ومثلما ذكرت فانا ولدت في دهوك وبالتحديد في محلة الشيخ محمد وقبل أن أتجاوز السادسة من عمري كنت لا أتقن العربية تماما مما جعل مدير المدرسة التي حاول ذوي تسجيلي فيها يمانع خصوصا بعد انتقالي لمدينة الموصل رغم انه رضخ لتسجيلي على مضض في مدرسة الوثبة فركزت منذ نعومة أظافري على تعلم اللغة العربية وكنت اجمع مبلغا متواضعا قدره 10 فلوس يوميا كان يخصصه لي والدي (رحمه الله ) فأجمعه أسبوعيا ليكون خميرة جولة في شارع النجفي المعروف كونه شارع المكتبات في مدينة الموصل لأطلق رحلتي الأولى في الغوص بمتون الكتب فبدأت اقرأ لكتاب مصريين أمثال المنفلوطي والعقاد وطه حسين ونجيب محفوظ ومن ثم بدأت اتجه للأدب الغربي فقرات لكتاب عالميين مثل آرسطو وغوتا وسارتر وفان كوخ و إجاثا كريستي ودستوفسكي كما كنت اقرأ من الأدب الكردي عبد الله كوران ولطيف هلمت وبدرخان سندي وغيرهم وهذه الفترة كانت تقع في الثمانينات وكانت وراء بلورة شخصيتي الأدبية وأسهمت في بداياتي الكتابية قصص قصيرة وومضات فكرية و خواطر ساهم في صقلها وإبداء الملاحظات أزاءها صديقي الفنان التشكيلي سالم كرد الذي يقيم حاليا في السويد حتى شجعني للنشر فنشرت أولى محاولاتي في الثمانينات ومن خلال جريدة الحدباء الموصلية إضافة لجريدة الراصد البغدادية ومجلة ألف باء وواصلت مشوار الكتابة ونشرت في صحف وجرائد محلية وعربية حتى التحقت بجريدة العراق للعمل في الجريدة المذكورة بصفة مصحح لغوي هذه المهمة أسهمت في بلورة مشواري الأدبي والولوج الحقيقي لمضمار الأدب حيث قمت بنشر ( 3 ) كتب في هذه الفترة حيث سبقهما صدور مجموعتي الشعرية التي حملت عنوان (وستبقى العيون تسافر ) عام 1989 ومن ثم صدر لي كتاب (عيون في الادب الكردي المعاصر) عام 2000 والتالي صدر عام 2002 بعنوان (نوارس الوفاء) عن دار الثقافة والنشر الكوردية كما صدر لي قبلهما وبالتحديد عام 1999 كتاب (بحر الغربة ) في المغرب..
* تحتل المهرجانات الخاصة باكتشاف الشعراء لاسيما بمسميات منها شاعر المليون أو أمير الشعراء وغيرها من البرامج التي تبثها الفضائيات فهل تعتقد أن هذه المحاولات ترمي لإبراز الشعر للواجهة ؟
– نعم اتفق معك في أن هذه المهرجانات تمثل دعما للشعر وترفد الديمومة للشعراء فهي تسلط الضوء على المواهب الشعرية في مختلف أنحاء العالم كما أن هذه المحافل لها قدرتها على تأكيد المواجهة بين الشاعر والمتلقي أو الناقد وهذه المواجهة لها أهميتها البارزة في إبراز نقاط القوة والضعف لدى الشاعر ،وعموما فان هذه المحافل توفر المجال الأوسع للفكر والثقافة والآراء ويمنح الواقعية لصور ونتاج الشاعر الشعرية والأدبية ..
* لنبتعد عن محور الشعر ونتجه إلى ميدان الرواية وبالتحديد روايتك التي عنيت بمأساة الموصل خصوصا بمحنتها مع الإرهاب فهل تحدثنا عنها ؟
– الرواية مهمة جدا في هذا الجانب لاسيما حينما تتوفر الفرصة بترجمة روايتي ( الإرهاب ودمار الحدباء ) أو تجسيدها لفيلم وثائقي فهي قصة واقعية ، فلو عرضت مثل هذه الرواية على اتحاد أدباء الموصل أو مواطنين عاشوا ذات المأساة فحتما لا أجد تأثيرها بالشكل الذي لو تعرض فيه الرواية على ناس غرباء أو بعيدين عن المأساة عالميين ذو فكر إنساني شمولي واعتبرها وثيقة مهمة لو تيسر للعالم أن يطلع عليها..
* وككاتب لك هذا الفاصل الأدبي في استعراض ما مرت به مدينة الموصل فهل تعتقد أن محنة المدينة عولجت بشكل واسع من قبل نوافذ الأدب ؟
– للأسف لم يلب الأدب هذا الأمر فأي أدب يكون مطوقا ولا يجد الدعم المناسب فيبقى رهن بيئته فلذلك كل أنواع الأدب من شعر ورواية أو نقد إذا انطلقت واجتازت حدودها فحتما سيكون تأثيرها مهما وأقوى بشكل إنساني وعالمي ..
* عالج الأدب العراقي خصوصا للأعوام التي أعقبت عام 2003 ظاهرة الالتزام بالمكونات الأخرى في البلد فما هو حضور تلك المكونات فيما تكتبه ؟
-لاشك في أن الأديب لا يتوجب عليه التقوقع بدائرة ضيقة وعلى ذكر السؤال استذكر محاورة جمعتني بأحد الكتاب في مقر اتحاد أدباء دهوك حينما قال لي بأنني لست أديبا كرديا وإنما أديبا عربيا يشبهني بقامات لا أحد يصل إليها مثل القامات الكبرى الجواهري واحمد شوقي لكنني أجبته بما معناه بأنك تعيش داخل قوقعة وفي عنق زجاجة حين أنا أعيـــــــــــش عالما واسعا لا حدود له فلهذا أفضل أن أكون أديبا إنسانيا على أن التزم فئة معينة ولغة معينة مثلا من ضمن عناوين كتبي تجد الرؤية النقدية الخاصة بقصائد الشاعر إبراهيم يلدا الذي يعد شاعر القضية الآشورية وحمل عنوان (الرؤيا الإبراهيمية بين الموت والميلاد) الذي صدر في أمريكا وكذلك عدة مجموعات نقدية عن الأدب الكوردي منها طبعت ومنها ما زالت على الرف مثل مخطوط كتابي فرحة السلام من عيون الشعر الكلاسيكي الكوردي ، ومخطوط كتابي ” الاقتراب والاغتراب ” عن الأدب الكوردي المعاصر وغيره من المخطوطات الجاهزة الشعرية والنقدية ..
* وعلى ذكر كـــــــتابك النقدي فأي المدارس النقدية التي تميل للكتابة في حدودها ؟
– النقد الأدبي الخاص بي يتركز بشكل كبير على الواقعية دون أن يكون بعيدا عن الرومانسية والخيالية والرمزية فعندما اكتب عن منجز أدبي خاص بكاتب ما أقرا له عدة قراءات ومن ثم احلل شخصيته الأدبية ونصه سواء كان شعريا أو مسرحيا أو قصصيا أو تشكيليا أو أي مجال أدبي وفني آخر ومن ثم أعطي وجهة نظري الأدبية والنقدية فيما كتبه ..
* لديك إصدار أو أكثر طبع في المغرب مما يدفعني للتساؤل بشأن شعبيتك في هذا البلد الأفريــــــــــقي العربي البعيد نسبيا عنا ؟
– اشعر بالألم بشأن عدم اهتمامنا بالأدب أو الأدباء عموما فبادرت منظمات إنسانية للإسهام بالتعريف بأدبنا من خلال ما قدمته منظمة التآخي لحقوق الإنسان بالإشراف على طبع روايتي واذكر أن الباحث في الشؤون الشرق أوسطية ” سردار علي سنجاري ” ساهم مشكورا بطبع الرواية ” الإرهاب ودمار الحدباء ” فلذلك لابد للوزارات والجهات المعنية من أن تبادر بالاهتمام بالكتاب والأدباء فلحد الآن لم تبادر وزارة الثقافة بطبع أي كتاب لي فيما هنالك عدة كتب لي صدرت في أمريكا والمغرب وتونس وسوريا إضافة للرواية التي أشرت إليها حـــيث صدرت بمدينة دهوك وهذا ما يشعرني بان الأدب في بلدي لا أهمية له والأدباء الحقيقيون الأصلاء أما منفيون أو مقيدون وهم في الأصل مبــدعين والظاهر إن القشور أهم من الجــــواهر في هذا الزمن ..
أصدقائي كثر في المغرب وأنا على تواصل مع الجميع وقد صدر لي ديوان شعر ” يحر الغربة ” في طنجة عام 1999م قامت بطبعه أستاذة مغربية وقد الفت كتابا أدبيا نقديا عن أدباء المغرب عنوانه ” إيقاعات وألوان ” لمحبتي واعتزازي لأهل المغرب يضم ” 22 ” أديبا وفنانا تشكيليا مغربيا وانتظر مؤسسة ثقافية مغربية أو شخصية مغربية عربية عالمية لطبعه لعدم إمكاني تحمل كلفة الطبع والنشر .. وأنا أعتز بجميع الأصدقاء في المغرب وفي كل دول العالم .