http://www.almooftah.com/wp-admin/post.php…
الحقوقي السوري بابنيان أول شهيد للعدالة**
الموت مع العدل ولا الحياة والعار مع الخسة
والظلم
طبيعي لانه بكل بساطة سوري مثلك
واذا زرت مجلس النواب الامريكي وشاهدت لوحة جدارية اسمها بابنيان مكتوب عليها مؤلف لاكثر من ستة وخمسون مؤلفا في الحقوق كانت اساس التشريعات الحقوقية العالمية فلربما تصيبك اغماءة خاصة اذا كنت تعرف للمرة الاولى ان هذا العملاق هو مواطنك
ولنبدأ ملحمة جديدة هي ملحمة الحقوقي السوري بابنيان
ان تأثير الحضارة السوريةفي كل مناحي الحياة الرومانية دفع الشاعر والكاتب الروماني جوفينال للاعتراف في القرن الثاني الميلادي بالقول: منذ زمن بعيد ونهر العاصي السوري يصب ماءه في نهر التيبر جالباً معه لغته وعاداته وعوده وقيثارته بأوتارها المائلة
و لعل من اهم تاثيرات الحضارة السورية في العالم خلال العصر الروماني منجزاتها في التشريع والحقوق فمع مطلع القرن الثالث الميلادي سوف تصبح بيروت مركزاً لمدرسة الحقوق والتي بقيت حتى منتصف القرن السادس أشهر مدرسة من مدارس الولايات في الامبراطورية الرومانية ويشير الباحثون إلى أن مؤسس هذه المدرسة هو الإمبراطور سبتيم سفير او سبتيموس سيفيريوس 193 ـــ 211 م ثم تعهدها خلفاؤه السوريون من بعده ونتيجة لريـــادة هذه المدرســـة المشرقية أطلق الإمبراطور جوستنيان على بيروت اسم أم القوانين ومرضعتها
وطبعاً، نحن هنا ليس أمام منجز حضاري لزمن معين وعصر معين.. ولا بد أن ننظر بشكل شمولي ضمن دائرة الحقوق حيث أن المشرق العربي شهد أولى الشرائع والقوانين.. من لبت عشتار إلى أور نمو إلى حمورابي إلى القوانين الآشورية وصولاً إلى مدرسة بيروت للحقوق التي كانت نواة الفكر القانوني
يقول بول كولينيت: في بيروت كان يتم إعداد الحقوق الرومانية الجديدة.. وإلى جماعة من الفنيقيين السوريين هم عائلة سبتموس سفيروس ومستشاروه، لا تزال الحقوق الرومانية الجديدة مدينة ببلوغها أوج الكمال ففي فترة حكم السلالة السورية لعرش روما (193 ـــ 235 م) يبدو أنه تم تطوير الشرع الروماني ونقله من الطور الابتدائي إلى مرحلة متقدمة عبر مؤلفات الفقهاء السوريين الخمسة والذي أحاط بعضهم بالامبراطور سبتيم سفير كمستشارين له مثل بابنيان وألبيان. وبالإضافة إلى هذين الفقيهين كان هناك غايوس وبولس وموديستنوس والجدير ذكره هنا هو أنهم كتبوا مؤلفاتهم الحقوقية باللاتينية وهذا ما جعل بعض المؤرخين يطلق عليهم اسم الفقهاء الرومانيين، وهذا ما انسحب على التشريع الذي وضعوه فأطلق عليه اسم التشريع الروماني تبين الأبحاث أن ما قدمه هؤلاء الفقهاء السوريين للتشريع الروماني يتعدى الـــ 80 % منه، وهذا ما دفع بعض الباحثين للقول: في القرن الثالث الميلادي كانت سورية تعكس على العالم تقاليدها الحقوقية التي تعد مصدر الحقوق الرومانية وأصلها
ويمكننا استعراض مؤلفات هؤلاء الفقهاء
الفقيه غايوس: 130 ـــ 180 ماعتبرت مؤلفاته مرجعاً يلتزم به القضاة، بنتيجة الموقف الايجابي للامبراطور فالنتين منها، وهذا ما أضفى عليها صفة رسمية وقد اعتبر المؤرخون الرومان مؤلفاته القانونية، مصدراً أساسياً لمدونات الامبراطور جوستنيان وتشمل مؤلفات غايوس على أربعة أجزاء تبحث في الأصول والأشكال وحقوق الأسرة والميراث والملكية. والجدير ذكره هنا هو أن هذه المدونات اعتمدت /لأهميتها/ كمادة تدريبية في المعاهد والجامعات الأوروبية
الفقيه بابنيان: 140م ولد في مدينة حمص السورية عام 150م، ودرس القانون في معهد بيروت الذي سمي الأم المرضعة للحقوق وأصبح استاذ القانون فيه فبلغت شهرته روما لقّب بأمير الفقهاء، عمل مستشاراً للإمبراطور سبتيم سيفير، ودرّس مؤلفه «الأسئلة والأجوبة» في مدارس الحقوق الرومانية. ومن الأحداث التي تؤكد إنسانيته وتصالحه مع نفسه وأصالته، انه بعد مقتل جيتا على يد كركلا أخيه، غضب الرأي العام ومجلس الشيوخ على كركلا القاتل من أجل العرش،فما كان من الإمبراطور القاتل /كركلا/ الا أن يطلب من بابنيان الفقيه أن يوجد له مخرجاً وتبرئتة من فعلته بقتل أخيه، غير أن بابنيان يرفض ويقول لكركلا: إن ارتكاب جريمة القتل أيسر من تبرئة المجرم منها، واتهام البريء القتيل بعد مقتله هو قتل آخر وجرم ثان وهذا الموقف أدى إلى أن يدفع بابنيان حياته ثمناً له، بأمر من كركلا. علماً أن الأخير تتلمذ في يفاعته على يد بابنيان
والجدير ذكره في هذا المجال أن الإمبراطور اسكندر سفيروس /آخر أباطرة السلالة السورية في روما/ (222 ـــ 235)م أحاط نفسه بالفقهاء السوريين ألبيان، موديستينوس، وبولس، وفي عهده بنيت أول كنيسة وأعاد الحجر الأسود المقدس إلى حمص، وأقام بدلاً منه ثلاثة تماثيل نصفية
لزارادشت وابراهيم والمسيح
ولتبيان أهمية ما قدمه الفقهاء السوريين للتشريع الروماني تنبغي الاشارة إلى أن الإمبراطور تيودور الثاني، أصدر مرسوماً بتاريخ 426م، عرف بقانون المرافعات حيث صنّف الفقهاء إلى صنفين وحظر على القضاة اعتماد سواهم في جميع الأحكام التي يصدرونها
الصنف الأول: ويشمل الفقهاء السوريين الخمسة
الصنف الثاني: ويشمل الفقهاء الذين اعتمدهم الفقهاء السوريين الخمسة
وقد جاء في المرسوم الإمبراطوري أنه إذا اختلف القضاة على رأي ولم يجمعوا عليه فعلى القاضي أن يأخذ برأي الأكثرية، وإذا تساوت الآراء فعليه أن يأخذ برأي الجانب الذي فيه بابنيان
كما أن ما يسمى بمدونات جوستنيان في القانون، استمدت موادها بشكل رئيسي من مواد الفقهاء السوريين الخمسة، ومدرسة بيروت الحقوقية بحيث تشكّل نسبة ثمانين بالمئة منها
علماً أن ما يسمى بمدونات جوستنيان في القانون تتألف من خمسين كتاباً، وقد تضمنت حوالي 2462 فقرة قانونية أخذت من الفقيه ألبيان لوحده. وشكلت اكتمال الشرع الروماني. وتعتبر هذه المجموعة أساس الحقوق الشرعية في القرون الوسطى والعصور الحديثة
وقد أصبحت هذه المجموعة المصدر الرئيس الذي استمدت منه الدول الأوروبية الحديثة قوانينها، ولاسيما، فرنسا، ألمانيا، ايطاليا، اسبانيا
ويعتقد أن الفقهاء الخمسة كانوا رواقيين، وهذا ما يبعث على الاعتقاد من أن روحيتهم المشرقية الرواقية* ساهمت في تخليص التشريع الروماني من القسوة والفظاظة
*
الفلسفة الرواقية إحدى فلسفات القسم الثالث بين المدارس الفلسفية القديمة (322-100)ق.م أي بعد أرسطو وهي مذهب بدأه زينون الفينيقي وتابعه فلاسفة آخرون على ثلاث مراحل عدد منهم سوريين أخرهم الإمبراطور ماركوس أوريليوس وللمذهب آراء في النطق وما وراء الطبيعة ولكن الأخلاق هدفه الأسمى وليس للموضوعات الأخرى من قيمة إلا بقدر ما تتعلق بالأخلاق
اعداد
د. اعتدال معروف القاق
د. نزار حسيب القاق
المراجع
مقاربة فكريةتاريخية للبعد الانساني في الحضارة السورية د.بشار خليف
أعطى للعالم القوانين التشريعية الّتي يعُمل بها حتّى اليوم
إنّه الحقوقي السوريّ الأول ..بابنيان
بابنيان عظيم سوري.. من حِمص
هذه البقعة من الأرض والّتي تُدعى سوريّا خرج منها من أعطى للعالم التشريعات والقوانين الّتي تُعدّ مصدر الحقوق حتى يومنا هذا .
المدهش أنّ قلّة قليلة من السوريّين تعلم ذلك، في الوقت الذي يتباهى الغرب بما قدّمته سوريّا للبشرية
لهؤلاء الذين في المغترب، على وجه التحديد من هم في العاصمة الإيطالية روما، هناك أمام دار العدل يقف تمثال شامخ، وهو ليس بشخصية رومانية بل سوريّة، هذه الشخصية السوريّة هي أيضاً موضوع جداريه معنونه باسمه موجودة اليوم أمام مبنى الكونغرس الأمريكي تكريماً لدوره القانوني الكبير وقد كُتب عليها:
“مؤلف لأكثر من ستّة وخمسين مؤلفاً في الحقوق كانت أساس التشريعات الحقوقية العالمية”.
إنّه بابنيان، الحقوقي السوريّ وشهيد العدالة التي أرسى قوانينها. اسمه Aemilius Papinianus إميليوس بابينوس (بابنيان)،وُلِد في العام 140 للميلاد في حِمص السوريّة و درس الحقوق في بيروت التي كانت تُعتبر حينها (الأُمّ المُرضِعة للحقوق)، وقد بقيت حتى منتصف القرن السادس مِن أشهر مدارس الحقوق في الإمبراطورية الرومانية
شغل عدّة مناصب هامة في عهد الإمبراطور Septimius Severus سبتيموس سيفيريوس زوج السوريّة التي حكمت روما لاحقاً جوليا دومنا Julia Domna وقد كان مقرّباً من هذا الإمبراطور الذي ستشاء الأقدار أن يقوم ابنه بقتل ايميليوس وإنهاء حياته
لكن قبل أن يغيّب الموت هذا الحقوقي قدّم للعالم تشاريع صاغت لاحقاً قوانينهم، حيث كان ضمن “الفقهاء السوريّين الخمسة” اللّذين صاغت تشاريعهم80% بالمائة من مدونات جوستنيان في القانون والّتي تتألف من خمسين كتاباً، مؤلف من 2462 فقرة قانونية تُعد المصدر الرئيسي الّذي استمدت منه الدّول الأوربّية الحديثة قوانينها كـفرنسا واسبانيا والمانيا وايطاليا .
تلك القوانين التي صاغها الحقوقيّون السوريّون ومن بينهم “بابنيان” ساهمت في تخليص التشريع الروماني من فظاظته وقسوته، بعد أن أسبغوا روحهم *الرّواقية المشرقيّة على مجمل ما شرّعوا.
الجدير بالذكر أنَّ بانيان وغيره من المشرّعين السوريّين في ذلك الزمان صاغوا قوانينهم و مؤلّفاتهم القانونيّة بالّلغة اللاتينية، الأمر الذي جعلهم يصنّفون تاريخياً تحت اسم:الفُقهاء الرومانيين، الاسم انسحب كذلك على القوانين التي وضعوها، ليطلق اسم” التشريع الروماني”لمجموعة القوانين الّتي ساهم السوريون بنسبة كبيرة في محتواها، لكن التاريخ حفظ الجميل لأولئك كسوريّين، وقال المؤرّخون في ذلك: “في القرن الثالث الميلادي كانت سوريّا تعكس على العالم تقاليدها الحقوقيّة الّتي تعد مصدر الحقوق” .
ألف بابنيان “19” مؤلف في المناقشات القانونية و”37″ مؤلفاً في المسائل القانونية. أما كُتبه فله عدّة كتب أشهرها “الأسئلة” و “الأجوبة” وقد كان الكتاب الأخير مقرّراً دراسياً في مدارس الحقوق الرّومانية ومن كتبه الذائعة الصيت أيضاً كتاب “الفتاوى” .
قيل فيه بِإنّ التراث العظيم الذي تركه، لم يتركه أي روماني فقيه آخر”.
أدخل بانيان لوحده ما لا يقل عن 596 فقرة من كتاباته في “موجز جستنيان القانوني” وذُكر اسمه فيه 153 مرة .
النهاية جاءت بعد صراع كراكلّا و غيتا أولاد الامبراطور سبتيموس و جوليا دومنا الذي انتهى بمقتل غيتا على يد أخيه كراكلّا .جاء كراكلّا إلى المشرّع”بابنيان” طالباً منه صوغ رسالة يتلمّس فيها الأعذار لفعلته التي ارتكبها و يجد فيها مخرجاً لما قام به أمام مجلس الشيوخ، الأمر الّذي رفضه “بابنيان” !
في تلك الأزمنة وقف رجل العدالة”بانيان” رافضاً طلب الإمبراطور كراكلّا قائلاً جملته الشهيرة الّتي ترن في أروقة المحاكم حتى يومنا هذا:
“إن ارتكاب جريمة قتل أهون من تسويغ هذا القتل”
فما كان من الإمبراطور إلّا أن أمر بقتل “بانيان” بالبلطة فانتهره لاستعمال البلطة بدلاً من السيف، فكان له ذلك، لتنتهي حياته دفاعاً عن العدالة التي لم يكتفي بسنّ القوانين اللازمة لها بل آمن فيها وعمل بِها حتى آخر أيام حياته .
يقول المؤرّخ جيبّون في مقتله: “لقد كان إعدام بابنيان محزناً بوصفه كارثة عامة” .
ونقول نحن الباحثون السوريّون إن الكارثة العامة أن لا نعرف رجل العدالة السوريّ هذا، ونفتخر به كمشرّع القوانين الأول الّتي يعمل بها العالم حتى اليوم .