حكمت داوود مصمم أزياء باب الحارة: المكتبة العربية فقيرة في مراجع الأزياء
كل من شاهدا المسلسل السوري الشهير باب الحارة يدرك أن ملابس الشخصيات معبرة عن مضامينها وعن المرحلة التاريخية التي تعكسها أحداث المسلسل في البيئة الشامية؛ فأردنا في عربيات أن نتعرف عن قرب على مصممها وهو الفنان السوري حكمت داوود، الذي دخل إلى عالم تصميم الأزياء الدرامية منذ حوالي 20 عاماً عبر مسلسل “هجرة القلوب إلى القلوب”، وبعدها انطلق للمشاركة بتصميم الملابس في مسلسلات عدة منها “كوم الحجر” و “ليالي الصالحية” و “البيئة الحلبية”، وهو من المصممين الذين تستهويهم مسلسلات البيئة الشامية وأمثالها لأنها تمنحة فرصة الابتكار والتجديد في الملابس والمضامين المتعلقة بها داخل العمل الدرامي. تجدر الإشارة إلى أن مدينة “القامشلي” السورية والتي تبعد عن دمشق قرابة 1000كم، لها تأثير كبير في حياة حكمت داوود الفنية باعتبارها موطن ولادته وملهمته. وكان لـ عربيات معه هذا الحوار…
ما السر في تحولك من دراسة الفلسفة إلى دراسة الأزياء؟
استفدت من الفلسفة في سبر أغوار فلسفة الأزياء المتنوعة، فالأزياء أيضاً فلسفة في الكثير من الجوانب، واختلاف أزياء العالم وتنوعها وحب معرفة علاقة الناس والطبيعة والبيئة بالأزياء هي فلسفة أيضاً تدفعك للبحث والاكتشاف والمعرفة وربط ماهية الأزياء بشعوب وتقاليد وأفكار العالم.
هل أثر التنوع البشري ببلدتك (القامشلي) في توجهاتك الفنية ومهاراتك في تصميم الملابس؟
نعم، فمدينتي الصغيرة الجميلة هي متحف مصغر يجمع أقدم حضارات بشرية عرفتها المنطقة كونها مركزاً للكثير من الشعوب عبر التاريخ وهذا التنوع الحضاري كان يترجم بشكل علني في شوارع المدينة التي عشت فيها عبر ملابس الناس المختلفة الشبيهة بمهرجان لوني أو لوحة تشكيلية تعبر شوارع المدينة، لكلٍ زيه الجميل الذي يدل على تاريخه وانتمائه، وهذا ما دفعني للبحث ومحاولة معرفة سبب اختلاف هذه الأزياء بين ملابس جيراننا وملابس أمي.
ماذا عن الجديد لديك هذا العام؟
أنهيت الجزء السابع من مسلسل باب الحارة، والآن أقوم على تصميم أزياء مسلسل بقعة ضوء 11.. وتجدر الإشارة إلى أنني قد مثلت في الجزء السابع من باب الحارة ـإضافة لتصميم الأزياءـ دوراً أتمنى أن ينال إعجاب الجمهور.
أيهما أكثر متعة وتحدياً بالنسبة لك، مسلسلات البيئة الشامية، أم المسلسلات ذات المحتوى المعاصلا؟
لكل مسلسل نكهته الخاصة، وبالنسبة لي أستمتع بكل الأعمال التي تعطيني مساحة في إضافة معنى خاص للأزياء تناسب الشخصية المكتوبة وتعبر عنها وعن حالتها الاجتماعية والطبقية، وأن تصل للمشاهد من خلال النظرة الأولى، فالأعمال البيئية والتاريخية لا شك تعطيك هذه المساحة أكثر؛ وبناء شخصيات في الأعمال البيئية والتاريخية أكثر تحدياً، والتحدي هنا يكمن في أن تخلق عدة أشكال وأنماط.
في أجزاء مسلسل باب الحارة السابقة، ما أصعب التصاميم التي واجهتك؟ ولأي الشخصيات كانت؟
باب الحارة حالة جميلة فيما يخص الأزياء فتنوع الشخصيات خلال سبعة أجزاء أعطتني الخبرة الجيدة في تناول معاني الأزياء وليس شكلها، فرسم شخصيات مثل البخيل واللئيم والشهم والعكيد وإلى ما هنالك من صفات حاولت أن أترجمها إلى قيمة معنوية تصل للمشاهد من خلال أولى الحلقات وهذا ما أعمل عليه دوماً.
المكتبة العربية فقيرة في توثيق التراث الملبسي
كيف تقارن بين تجربتك في مسلسل باب الحارة وتجربتك في مسلسلات أخرى مثل ضيعة ضايعة، من حيث القيمة واكتساب الخبرة وشخصية المخرج؟
في باب الحارة وضيعة ضايعة والكثير من الأعمال التي عملت فيها كنت محظوظاً بتعاون الفريق الفني، وأنا حين أعمل على شخصية ما أتناقش أيضا مع الممثل، وقد يعطيني أفكاراً تكون غائبة عني من خلال قراءته للشخصية وبالنهاية فهذا الأسلوب من التعاون من النص للكادر الفني للممثل هو ما يضفي على العمل الفني النجاح.
طبيعة عملك تقتضي معرفة قوية بالأزياء عبر التاريخ.. من أين تستقي هذه المعرفة؟
الصعوبات تكمن في ندرة المصادر المحلية والعربية التي تتعلق بالأزياء فالمكتبة العربية فقيرة جداً في هذا المنحى، ولا أدخر جهداً في اقتناء كتب تتعلق بتاريخ الأزياء من خلال الإنترنت والمصادر الأجنبية، وأحاول دوماً تجميع ما يلقى اهتمامي وأطبعها بكتاب يختص بزي كل شعب حتى صار عندي مكتبة جميلة تختص بتاريخ أزياء شعوب العالم هو بالنهاية جهد شخصي نتج من محبتي للمهنة واحترامي لها.
في بلادي بقعة دم تغرق فيها كل سفن النجاة
أنت شاهد على مسار الدراما السورية.. ما تقييمك لها في الوقت الحاضر؟
الدراما الناجحة دوماً هي التي تتناول هموم وآلام الناس فهي بالنهاية انعكاس لواقع نعيشه. وحالياً هناك إشكالية في تناول هذه المسألة كون الجرح أكبر من أن تخيطه مبضع الجراح. في بلادي هناك بقعة دم تغرق فيها كل سفن النجاة، لذلك فالدراما السورية مهما تناولت مواضيع الأزمة ستكون بعيدة عن مشاعر أم فقدت طفلها أو زوجها أو أب فقد ابنه في هذه الحرب القذرة، هي إشكالية قد يكون الحديث عنها صعب بصعوبة الدوامة الهائلة التي نمر بها كبلد.
لك تجربة بالعمل مع طاقم مسلسل “طاش ما طاش”، فكيف تقيّم الدراما الخليجية؟
طاش ما طاش عمل كوميدي جميل، في بداياته كان العمل يعتمد على الشكل الخارجي للممثل ثم تناول الكثير من الهم الخليجي فاقترب من الناس، والكوميديا السوداء -إذا صح التعبير- أكثر قرباً للناس.
باقي مهاراتك الفنية كالتصوير والرسم، ما مساحتها في نشاطاتك اليومية؟
ــ الرسم والتصوير تأخذ مساحة جيدة يومية في حياتي ولا أضيع وقتاً بدون عمل، دوماً عندي ما أقوم به فالكاميرا الفوتوغرافية لا تفارقني كذلك الريشة لا أبتعد عنها وعندي الكثير من المشاركات في المعارض المقامة سواء في سوريا أو لبنان ومؤخراً في تركيا حيث شاركت إلى جانب أكثر من 250 فنان من حول العالم في معرض أقيم في مدينة ديار بكر كان له صدى جميل في مسيرة الفنون التشكيلة التي أحب.