فنانة الكاريكاتير رشا مهدي: الكاريكاتير عبارة عن رأي مرسوم
درست فى كلية الفنون الجميله ونشرت رسوماتها في العديد من الصحف والمجلات، وأسست الأستوديو الخاص بها لتقدم فيه أعمالها الفنية في مجال الكاريكاتير الذي ظل لفترات طويلة حكرا على الرجل. رشا مهدي أول رسامة مصرية للكاريكاتير السياسي تؤكد لـ عربيات أن الكاريكاتير فن يعبر عن رأي مرسوم وليس مجرد فكاهة، نصحبكم معها في هذا اللقاء عن مسيرتها.
التخطيط للاحتراف
تخرجت رشا مهدي من كلية الفنون الجميلة قسم جرافيكس ورسوم متحركة، ومن هنا تفتحت آفاقها على عوالم الفن المختلفة التي كانت تثيرشغفها منذ الصغر، فكانت والدتها تشجعها على التعبير عما يجول بداخلي من أفكار وأحلام بواسطة الفرشاة والألوان قبل أن تصقل موهبتها بالدراسة، وتلمس تفاعل الآخرين مع رسومها المتحركة التي كانت تثير ضحك من يشاهدها، ومن هنا فكرت بالاتجاه نحو رسم الكاريكاتير الذي يسخر من السلبيات الموجودة في محيطها، ووجدت أن الكاريكاتير هو الفن الذي يمكنها التعبير من خلاله عن ما تريد، وفي القالب الذى يستهويها.
إنطلاقة بجوار الكاتب أنيس منصور
وعن أهم المحطات التي صاحبت التحول من الرسوم المتحركة إلى الكاريكاتير، تقول: “بعد إتمام دراستي الجامعية، عملت كمصممة جرافيكس لمدة ثلاث سنوات، وقدمني ملحق جريدة الأهرام الذي كان يصدر بإسم أيامنا الحلوة كأول رسامة للكاريكاتير في مصر، وكان المسؤولين آنذاك تعجبهم أعمالي فخصصوا لي مساحة 3 رسومات تنشر تحت مقالة الكاتب أنيس منصور، واعتبرتها نقلة هامة في حياتي خاصة وأنهم احتفوا بي كوني أول فتاة ترسم كاريكاتير سياسي على الرغم من ظهور بعض الاسماء التى رسمت الكاريكاتير ووقعت بأسماء نسائية لنكتشف بعد ذلك أنهم فنانين رجال يحاولون جذب الأنظار، كما أن هناك من حاول إحباطي بتوقعاتهم أنني لن استمر، مما دفعني لمواجهة التحدي، وقررت التخصص والاحتراف على نطاق أوسع”.
الكاريكاتير قديماً تم استخدامه لهزيمة الخوف
وتضيف: “فن الكاريكاتير من الفنون الساخرة، وله فلسفة ونظرة مختلفة للأمور، فعلى سبيل المثال قديما كان الإنسان البدائي يخاف من الحيوانات وكان يعبر عن خوفه بشكل غير مباشر فرسم الحيوانات المفترسة على حوائط الكهوف بشكل ساخر ليهزم الخوف بداخله، ويجبر نفسه على المواجهة، وفي ذلك نوع من الإلتفاف على الحقيقة التى لا نستطيع أن نواجهها بشكل مباشر، فنعبر عنها كاريكاتوريا بشكل ساخر، وصادم، وقد يكون مؤلما ومعبرا أكثر من التعبير عن الحقيقة بطريقة مباشرة”.
تأسيس أول رابطة إلكترونية لفنانات الكاريكاتير في العالم العربي
ومن مرحلة إثبات الحضور إلى الانتشار، تقول رشا مهدي: “ملحق أيامنا الحلوة ساهم بشكل كبير بالتعريف بي، وبعدها احترفت وقدمت أعمالي من خلال مجلات عديدة كمجلة كل الناس، وهو وهي، وجريدة نهضة مصر، ومجلة جمال وأعمال، وحاليا أرسم الكاريكاتير على صفحات الموقع البحرينى بوابة المرأة، وفي مجلة الاقتصاد الإسلامى بلندن، كما أسست استوديو خاص أقدم فيه كل ما يتعلق بفنون الكاريكاتير والرسوم المتحركة، وشاركت بأعمالي في العديد من المعارض الدولية لفنون الكاريكاتير كالمغرب ولبنان والكويت. وسعيت لإنشاء أول رابطة الكترونية تجمع فنانات الكاريكاتير في العالم العربي، وكانت فكرة ثرية للغاية إذ جمعت صفحات خاصة لـ 13 فنانة عربية، هن معظم رسامات الكاريكاتير العربيات، ويعطي الموقع مكانة خاصة للفنانة الفلسطينية أمية جحا كأول رسامة كاريكاتير عربية”… وتضيف: “الإنترنت يتيح التواصل مع شخصيات لها نفس الميول والأفكار، فكان الموقع وسيلة للتعارف والتحاور والاحتكاك واكتساب الخبرات، وبالفعل تواصلت مع معظم الفنانات اللاتي أبدين حماسهن لجمع شمل الرسامات وتقديمهن للصحافة العربية كخطوة أولى عن طريق الموقع الالكتروني، وتشجيع الموهوبات في هذا المجال واللاتي، وأفكر أيضا في أن تكون هذه الرابطة نواة لإقامة معارض جماعية للفنانات”.
أوجدت شخصية الهدهد لاستطلاع المشهد السياسي
وعن الشخصيات الأبرز في أعمالها، تقول: “في بداية احترافي الرسم أوجدت شخصية عديلة، وهى امرأة شعبية تطرح أمثال شعبية ساخرة، كما أنها (فضولية) تتدخل فيما لا يعنيها، وابتكرت شخصية هدهد واستخدمته في الكاريكاتير السياسي، وهو طائر يستطلع المشهد السياسي ويعلق عليه، بالإضافة إلى شخصية كحيلة وهي بنت بدوية تساهم في إيصال المعلومات للأطفال بطريقة محببة وظريفة”.
النكتة المكتوبة أضعف عناصر الكاريكاتير
الفكرة لا النكتة هي أول مراحل صناعة الكاريكاتير عند رشا المهدي، وعن ذلك تقول: “الغالبية لديهم فهم خاطيء عن الكاريكاتير معتبرين أنه النكته التي –للمفارقه- تعد أضعف أنواع الفنون، ففنان الكاريكاتير الحقيقي لو رسم الكاريكاتير ثم تجاهل التعليق يُفترض أن يصل لنفس التأثير والنتيجة، لأن الأصل في العمل هو الرسم، ولذلك الكاريكاتير الذي لا يصحبه تعليق هو الأقوى. وفي المعتاد الفكرة تأتي من إنفعالي بحدث أو موقف قد لا يلفت انتباه أشخاص أخريين، خاصة وأنني مغرمة بالتفاصيل، وقد أقضي ساعات مثلا أطيل خلالها النظر أو أراقب شيئا ما حتى أخرج بفكرة، وأهم عنصر هنا لتوليد الأفكار هو الخيال الواسع ومهارة التلاعب بالرموز”.
أما القوالب الفنية التي تميل لها، فتقول: “أعتبر أن قيمة الكاريكاتير الحقيقية تبرز في الكاريكاتير السياسي، لكني أقوم كذلك برسم البورتريهات المعبرة، وأحب كثيرا فكرة الكاريكاتير الإنساني الغير مرتبط بحدث، لأنه يعيش لفترة طويلة، وغالباً انفعالي بفكرة ما يحدد القالب الذي ستوضع فيه”.
سقف حرية رسام الكاريكاتير الذكر أعلى من الأنثى في العالم العربي
وعن الفارق بين رؤية فنان الكاريكاتير الذكر قياساً بالأنثى، تقول: “الرؤية مختلفة وبالتالي طريقة التعبير مختلفة، فالرجل بشكل عام أكثر جرأة في التعبير عن المرأة لأننا نعيش في مجتمع له تقاليده وتابوهاته، ومن هنا تأتي الرقابة الذاتية التي تدفعني للإلتزام ببعض الخطوط الحمراء التي لا أستطيع أن أتخطاها وخاصة تلك المتعلقة بالتقاليد أو الأمور المستحدثة فمثلا الفياجرا عبر عنها الكثير من فناني الكاريكاتير ولكنني لم أجرؤ على الاقتراب من هذه المنطقة، والواقع أن الخطوط الحمراء تجعلني أحياناً أعيش الصراع بين ضرورة مراعاة النظرة المجتمعية وشخصية الفنان الحر بداخلي”.