من هو أفضل مخرج عاش على كوكب الأرض؟ لابد أن لديك أجوبتك الخاصة على هذا السؤال كأحد العاشقين للأفلام. لكن بالنسبة للمشاهدين الاعتياديين، فإن اسم ألفرد هتشكوك يمثل المعنى الحقيقي للمخرج السينمائي، ليس فقط لأنه ساهم في السينما الناطقة ربما أكثر من أي مخرج آخر، بل أيضاً لأن شخصيته باتت رمزاً ثقافياً يسهل على الناس التعرف عليها حول العالم.
عند التحدث عن أفلام هتشكوك، لا يمكننا تجاهل أشياء مثل مكغافين والشقراوات والجريمة، الخ.
إنها العلامات التي تمتاز بها أفلام هتشكوك عن أي سينما أخرى…
مكغافين
مكغافين هي أداة سردية تُسيّر التشويق، وهي شيء يلاحقه أبطال الأفلام طوال مدة القصة لكن الجمهور لا يعرف السبب وراء أهميته. إنه أمر مستخدم بكثرة في الأفلام والتلفاز والأدب، لكن هتشكوك عمل على إشاعة المصطلح بأفلامه المثيرة والمشوقة. إليكم الطريقة التي شرح بها هذا المصطلح للمخرج الفرنسي فرانسوا تروفو وبأوضح وسيلة ممكنة:
قد يكون اسم اسكتلندي، مأخوذ من قصة عن رجلين في قطار. يقول الأول “ما هذا الطرد الموجود على رف الأمتعة؟” فيجيب الثاني “أو، إنه مكغافين.” فيسأل الأول ” ما هو المكغافين؟” يجيب الثاني “إنه أداة تُستخدم لاصطياد الأسود في المرتفعات الاسكتلندية.” فيقول الأول “لكن الأسود لا تعيش في المرتفعات الاسكتلندية.” فيجيب الثاني “إذن فهو ليس مكغافين!” عندها تكتشف بأن مكغافين ليس بشيء ملموس على الإطلاق.
إن الاستخدام الملحوظ للمكغافين في أفلام هتشكوك يشمل أسراراً عسكرية في فيلم The 38 Steps والنغمة في The Lady Vanishes واليورانيوم في Notorious والأسرار الحكومية في North by Northwest. ومن الاستخدامات الكلاسيكية لهذا المصطلح أيضاً هو تمثال الصقر في The Maltese Falcon والحقيبة المتوهجة في Kiss Me Deadly وPulp Fiction، وكلمة “روزبد” في Citizen Kane.
الظهور السريع
عرف هتشكوك منذ بداية مسيرته كيف يسوّق لنفسه، فقام بالظهور بنفسه لأول مرة في فيلمه الصامت The Lodger عام 1927، ومن وقتها أصبح ظهوره الخاطف أحد الأمور الممتعة التي يحصل عليها جمهوره من أفلامه. لكن أصعب وأروع ظهور خاطف له كان في فيلم Lifeboat، ولأن قصة الفيلم كلها تدور على متن قارب، فلا يوجد هناك متسع لأي ظهور سريع للمخرج.
بيد أن هتش خرج بفكرة عبقرية تكمن بطباعة صورته على دعاية دواء لتخفيف الوزن يقرأها أحد الناجين. أما في أفلامه اللاحقة، تعمّد هتشكوك بتأخير ظهوره لأنه بات قلقاً بأن يلتهي الجمهور بمحاولة اكتشاف مكان ظهوره الخاطف.
الشقراوات
ليس فقط “السادة يفضلون الشقراوات.” هتشكوك أيضاً يحبهم. انظر إلى النجمات اللواتي استخدمهن، انغرد بيرغمان وجوان فونتين وغرايس كيلي وكيم نوفاك وتيبي هيدرن، كلهن شقراوات. عندما يسأله الناس عن سبب ولعه باستخدام الشقراء كبطلة رئيسة في أفلامه، كان هتش يجيب: “الشقراء تُمثّل الضحية المثالية. إنهن مثل الثلج الطاهر الذي يُظهر آثار الأقدام الملطخة بالدماء.”
معالم شهيرة
عندما تشاهد أفلام المخرج هتشكوك، فأنت تسافر حول أمريكا. يأخذك هتش إلى مجموعة من أشهر المعالم في الولايات المتحدة. لطالما أحب هتش تصوير المشهد الختامي في تلك الأماكن، مثل مشهد القتال الختامي على جسد “تمثال الحرية” في فيلم Saboteur، أو مشهد المزاد في مبنى “الأمم المتحدة” والمشهد الحاسم على “جبل راشمور” في North by Northwest.
حتى أن عنوان هذا الفيلم كان The Man in Lincoln’s Nose قبل أن يتم تغييره. كما أنه أخذنا خارج الولايات المتحدة في The Man Who Knew too Much، وتحديداً إلى قاعة ألبرت الملكية في لندن، وإلى الريفيرا الفرنسية في To Catch a Thief.
الشرير الجذّاب
“كلما ازداد الشرير شراً، كلما ازدادت قيمة الفيلم.” لم تفتقر أفلام هتشكوك أبداً للأشرار الجذّابين. من شخصية غاري غرانت في Suspicion إلى روبيرت ووكر في Strangers on a Train، ومن العم تشارلي في Shadow of a Doubt إلى جريمة ربطة العنق في Frenzy.
الفكرة الأساسية هنا أنهم لا يختلفون عن الأشخاص الخيريين ولا يمكنك التفريق بينهم، وجاذبيتهم تعد من أفضل الحيل التي يستخدمونها للتقرب من ضحاياهم.
الجريمة
الجريمة تلبس رداء الفن في أفلام هتشكوك، وأشهر مثال على ذلك هو مشهد الاستحمام، حيث اعتمد المخرج على تقنياته السينمائية، وأفزع أبدان الجمهور دون عرضه لنقطة دمٍ واحدة. مثال مشهور آخر هو فيلم Rope، ارتكب المجرمان فعلتهما على أنها ممارسة فكرية يريدان إثبات علوهما الاجتماعي عبر تنفيذ “الجريمة المثالية”.
ثمة طرق عديدة لقتل الناس في أفلام هتشكوك، وأفضل شيء فيها أنه لم يصورها بصورة عنيفة كما هو الحال في باقي الأفلام، فهو مهتم لتبعات هذه الجريمة أكثر من الجرم نفسه.
موسيقى بيرنارد هيرمان
تعاون بيرنارد هيرمان مع هتشكوك هو من أفضل الشراكات السينمائية على الإطلاق دون شك. لا يمكنك حتى تصوّر أفلام مثل Psycho وVertigo من دون الموسيقى العبقرية التي ألّفها بيرنارد هيرمان.
موسيقاه لفيلم Vertigo ربما تكون من الأفضل في القرن العشرين ومشهد الاستحمام لن يكون بنفس التأثير المرعب دون الموسيقى المخيفة التي وضعها. لا يوجد موسيقى في فيلم The Birds، لكن المؤثرات الصوتية التي أشرف عليها بيرنارد هيرمان تبقى مروّعة.
أزياء إديث هيد
من أكثر الخصائص المتجاهلة في أفلام هتشكوك هي تعاونه مع إديث هيد والذي دام أكثر من تعاونه مع هيرمان. إنها واحدة من أعظم مصممات الأزياء، حيث فازت بثمان جوائز أوسكار لأفضل تصميم أزياء من أصل 35 ترشيحاً.
ونظراً لأن هتشكوك على دراية واسعة بالأزياء، فهو كان محظوظاً بعثوره على مصممة يمكنها العمل مع ممثليه الوسيمين وممثلاته الفاتنات. من أشهر الأزياء التي صممتها إديث هيد في أفلام هتشكوك هو الفستان الذي ارتدته غريس كيلي في فيلم Rear Window، وزي كيم نوفاك في Vertigo.