تعد كريمة عبود رائدة التصوير الفوتوغرافي النسوي وهي أول مصورة فلسطينية وعربية، حذقت فن التصوير، لتساهم في توثيق الحضارة الفلسطينية قبل الحرب وقبل الاحتلال الصهيوني.
ظل اسمها مجهولا منذ 61 سنة أو يزيد، لتقبر معه أعمال مصورة مبدعة كادت تنسى، لو لم تكتشف أعمالها سنة 2006 بفضل الباحث الفلسطيني أحمد مروات، صور من الأبيض والأسود، جسدت بعمق، تراثا غنيا وثقافة تأبى الاندثاررغم الحصار والنكبات.
كريمة عبود: رائدة التصوير النسوي في فلسطين
في سنة 2013، قام الباحث الفلسطيني مروان فرحات بنشر كتاب بعنوان ” كريمة عبود، رائدة التصوير النسوي في فلسطين”، بتعاون من القس الدكتور متري الراهب والدكتور عصام نصار. حيث ضم هذا الكتاب إلى جانب مجموعة دراسات حول اكتشاف أول امرأة فلسطينية تمتهن التصوير الفوتوغرافي، مجموعة من ألبومات الصور التي التقطتها كريمة عبود في بدايات القرن العشرين، والتي تضم صورها الشخصية وصور مدن فلسطينية وصور نساء وأطفال وعائلات تقليدية.
هذا الإنجاز ساهم في بروز شخصية نسوية كانت رائدة في مجال التصوير الذي كان يقتصر على عنصر الرجال آنذاك وحتى في السنوات الأخيرة. كما كشف الستار عن عالم المرأة الفلسطينية قبل النكبة والحروب وبعيدا عن كل صور سوداوية مظلمة.
من هي كريمة عبود؟
نشأتها
كريمة عبود ابنة القس الفلسطيني سعيد عبود، تنحدر من عائلة ذات جذور لبنانية تعود إلى بلدة الخيام الجنوبية، نزحت إلى مدينة الناصرة شمالي فلسطين في أواسط القرن التاسع عشر، أين ولدت كريمة في الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1896. كان لها حظ في التعليم، فقد درست المرحلة الابتدائية ، ثم انتقلت إلى القدس لتكمل المرحلة الثانوية و لتنهي مشوار الدراسة الأكاديمية في بيت لحم.
رحلة كريمة عبود التعليمية، تبرز أن المرأة كان لها قيمة بارزة ومكانة عالية في تاريخ فلسطين الحديث. فهي امرأة مثقفة ومتعلمة وموهوبة في آن.
من هديّة الى عشق للتصوير الفوتوغرافي
بدأت مغامرة التصوير ورحلة مصورتنا في مجال التصوير الفوتوغرافي، حين قدّم لها والدها القس سعيد عبود آلة تصوير. بدأت تلتقط الصور للأماكن التاريخية والمناظر الطبيعية في فلسطين ومن ثمة احترفت مهنة التصوير مع أحد المصورين الأرمن في القدس. لتطلق فيما بعد العنان لهوايتها في هذا الفن وتنطلق في ممارسة المهنة منذ سنة 1913.
أول امرأة تفتتح استوديو للتصوير الفوتوغرافي
بعد احترافها لمهنة التصوير الفوتوغرافي الذي كان يقتصر على عنصر الرجال، افتتحت كريمة عبود أول استديو خصصته لتصوير النساء في بيت لحم، وقد طورت مجال عملها بافتتاح محلا لتلوين الصور وإكسابها لمعانا وبريقا آخّاذا.
لم تكن بدايات كريمة عبود مع التصوير الفوتوغرافي سهلة، خاصة في مجتمع تقليدي رافض لهذا العنصر الدخيل الذي اعتبره محضورا. فالصورة لم تكن ذات أهمية بالغة آنذاك ولم تكن تحظى بالاهتمام الذي عرفته في القرن العشرين.
رغم ذلك كانت المرأة الفلسطينية التقليدية حاضرة بتلقائية وبصورة مشرقة بزيها التقليدي، وحليها وشطوتها وغطاء رأسها التلحمي (نسبة إلى بيت لحم) والناصري (نسبة الى مدينة الناصرة) الذي يبرز عمق الحضارة الفلسطينية وثراءها وهويتها رغم محاولات الاحتلال الصهيوني محوها.
اضافة الى المدن الفلسطينية، مثل مدينة الناصرة بأسواقها وبنايتها ومناظرها الطبيعية، ومدينة حيفا و بيت لحم بمعالمها الشامخة كقبة راحيل وطبريا وشواطئها الملهمة وجوامعها وكنائسها.
42 سنة في مهنة التصوير الفوتوغرافي
قضت كريمة عبود مايقارب 42 سنة مع التصوير الفوتوغرافي، كرست حياتها لمهنتها واستطاعت من خلالها توثيق أبعاد من التراث المعماري والطبيعي لفلسطين التاريخية وأبعاد من تراثها الزاخر وتفاصيل من حياة أهلها. اضفت على أعمالها بصمة نسوية وطبعتها بحس مرهف في انتقاء المواضيع وشغف بالعنصر الجمالي استثمرت حذقها لتقنيات صنعتها لابرازه.
في عام 1955، توفيت كريمة عبود لتترك وراءها ارثا بالغ الأهمية، لم يعلن عنه إلا في سنة 2006 من قبل إسرائيلي يجمع المقتنيات القديمة شكك في مصدرها. ثم اكتشفه أحمد مروات فجمع هذا المخزون الثمين من مئات الصور التي تجسد مرحلة مفصلية من التاريخ الفلسطيني الحديث. ولكن ظلت كريمة عبود مجهولة لدى الكثيرين الى أن احتفل محرك البحث جوجل في السنة الفارطة بعيد ميلادها ال123.