ناظم رمزي الرسام والخطاط والفوتوغرافي والمصمم والطباعي الأول
رحيل ناظم رمزي آخر سلالة الفن الموسوعي..الرسام والخطاط والفوتوغرافي والمصمم والطباعي الأول
في مناسبة لم يتذكرها، وبكاميرا (بوكس) بدائية ، انطلقت عام 1946 رحلة ناظم رمزي عاشق الضوء والظل، مع الفوتوغراف ..رحلة تجلت بصور اقل ما يقال عنها انها الوثيقة البصرية الاولى للوطن ، مسحت عين رمزي الثالثة أماكن منسية وملامحا لشخوص ما كانت تتخيل ان تقتنصها عدسة كاميرا يوما.
يقول رمزي ” كنت حريصا على تصوير وجوه واشكال الناس الذين احببتهم طوال حياتي، وتصوير ذلك الحس الإنساني والشعري الغامض الذي يتصل بطريقة عيشهم وعملهم”.
ليس غريبا ان يهدي كتابه الاول (الى وطني).. فهو مصور شاعر ينشد للوطن تشكيلات من ظل وضوء، وكأنه يجسد بامتياز مقولة اورسن ويلز عندما تكون الكاميرا عيناً في رأس شاعر.
موسوعة فنية هكذا وصفه مجايله الموسوعي الاخر محمد سعيد الصكار، فهو الرسام والخطاط والفوتوغرافي ، والاهم الطباعي الرائد الذي كان اول من ادخل فنون الطباعة الحديثة في العراق.
http://www.almooftah.com/vb/showthread.php…
العراق يودع سيد الضوء والحرف.. ناظم رمزي
بغداد- كهرمانة نيوز 9 / 09 / 2013
رحل فجر يوم الاحد الثامن من ايلول / سبتمبر 2013 الفنان العراقي الكبير ناظم رمزي في مدينة لندن التي اغترب فيها منذ سنوات طويلة، عن عمر يناهز الـ 86 عاما، والراحل يعد من اشهر الشخصيات العراقية في تطوير فن الطباعة وحروف الطبع والفوتوغراف والفن التشكيلي في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي وظل متواصلا في اعماله في العراق على الرغم من غربته، كما اسهم في في توثيق حياة الفنانين العراقيين والحياة الاجتماعية العراقية ووثق لكل مكونات الشعب العراقي. وقد نعاه صديقه الفنان فيصل لعيبي على صفحته على الفيس بوك بالقول انه يعد واحدا من رواد التنوير والمدنية في العراق، وخاطبه قائلا : ستبقى بصماتك على اديم الثقافة العراقية المعاصرة علامات مضيئة للقادمين ياأبا خالد الرائع والكريم.
وناظم رمزي (المولود عام 1927) في بغداد من عائلة كردية تنحدر من محافظة السليمانية، عرف بروعة فنه في تصميم المطبوع العراقي وجهوده المميزة في التصوير الفوتوغرافي الذي برع فيه، غادر العراق وتعرض بيته للسرقة وتعرضت اعماله للنهب، وعن ذلك يقول : بلغني وانا في لندن عام 1998 ان احد ابناء مسؤول كبير في الدولة قد استولى على دارنا في المنصور مستعملا وثائق مزورة راجع بواسطتها دائرة الطابو بغية بيعه.. وعلى اثر اتصال هاتفي من الجيران حول هذا الامر تمكنا وبمساعدة بعض الاصدقاء من احباط المحاولة،ولكن بعد ان تم نهب محتويات الدار وكافة الاجهزة والافلام الخاصة التي كنت قد صورتها للفنانين والاثار وللواقع الاجتماعي في العراق , اضافة الى مكتبتي التي تربو على الالف كتاب ومجلة وموسوعة، سمعت ان قسما منها قد بيع على ارصفة الشوارع، حتى اوراقي ووثائقي الشخصية لم يعد لها وجود.
يقول عنه محمد سعيد الصكار : ناظم رمزي، لا يوحي هذا الاسم المبارك بأي انتماء عرقي أو ديني أو طائفي؛ بل ربما كان أقرب لأن يكون إسماً مسيحياً،لكنه لم يكن كذلك؛ فقد كان عراقياً كردياً مسلماً، لم يكن همه من يكون سوى رمزي؛ وبهذا الإسم دخل دفاتر عدة تواريخ كان له فيها الحضور البهي. فهو المصور الفوتوغرافي المرهف، والرسام الذي يبدع بصمت وبدون استعلاء، ورسام الكاريكاتير الحاذق، ومؤسس أكبر دار عصرية للطباعة في العراق، ومصمم الكتب والمجلات والملصقات والإعلانات، والخطاط، ومصمم الحروف الطباعية، والباحث الدؤوب عن الجمال في كل ما مارسه من فنون، والأجمل من كل ذلك، ما كان له من علاقات حميمة بمثقفي تلك المرحلة ولحقها من أدباء وفنانين ومعماريين ورسامين وخطاطين، وكانت كل ممارساته تتسم بالريادة والتجديد، وكان لشخصه الودود المتواضع، ذلك الحضور الأنيق في ذاكرة كل من تعرّف عليه.
وحسب الذين يعرفونه وكتبوا عنه فهو : فنان متعدد المواهب، رسام، خطاط، مصمم ومن اشهر المصورين الفوتوغرافيين في العراق. ينحدر من مدينة السليمانية , وانه كان يمتلك مطبعة رمزي التي تقع على طريق معسكر الرشيد،والتي هي أفضل المطابع العراقية , وتتكون من ثلاثة أقسام هي : الورشة الفنية ويديرها ناظم رمزي، ويعمل معه في التصميم والإخراج فنانون تشكيليون معروفون مثل صالح الجميعي وهاشم سمرجي،ويلتقي فيها اغلب الفنانين التشكيلين الكبار مثل إسماعيل فتاح الترك، وأدباء وشعراء كان على رأسهم شفيق الكمالي الذي يرأس تحرير مجلة ” آفاق عربية ” التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام وتطبع في مطبعة رمزي، والقسم الآخر المالي بإشراف المحامي مهدي علي زيني، والمسئول التنفيذي النحات مكي حسين مكي،ثم المطبعة بإدارة احد أفضل الطباعين في العراق مريوش.
وفي الكتاب الذي اصدره وحمل عنوان (من الذاكرة)، يقول جاسم المطير : في بدء سطور ذكرياته أن فكرة كتابتها تبلورت عنده عام 1986 ثم سافر إلى لندن، مهاجرا من بغداد المحببة لديه بعمق شديد، منشغلا في أول إقامته فيها بمتابعة نشاطه الفني والطباعي وقد زرته شخصيا في الأستوديو، الذي أسسه هناك مرتين في عامين متعاقبين في نهاية الثمانينات وجدته فيهما منكبا على انجاز عملين مهمين : الأول هو انجاز كتاب مصور عن العراق، تتوفر عندي نسخة منه استعارها، ذات يوم، الفنان التشكيلي المقيم في لاهاي ( فاضل نعمة ) وعندما أعاده لي وصفه بقوله ( انه كتاب فني متميز في تصوير دفق الحياة العامة للإنسان العراقي ). بالفعل لم يكن هذا الكتاب مجرد صفحات مصورة، بل كان توثيقا فوتوغرافيا كفؤا لنماذج مصغرة عن مجتمع متعدد الأعراق مسكون بظلم الفقر والمرض وبيروقراطية العهود الحاكمة المتعاقبة.
ويضيف المطير : كانت طفولة ناظم رمزي، كما بدا لي، من أولى صفحات كتابه، طفلا متمردا على بعض عادات والده، الموظف في وزارة الداخلية برتبة مدير ناحية. كان (الأمر) الأبوي يستفزه، لكنه يلتزم (الصمت) في البيت احتراما وتقديرا للعلاقة العائلية. ذلك (الصمت) ينعكس عليه في أستوديو العمل، فهو ينجز الكثير والوفير من الأعمال الفنية بـ(صمت) حتى أني وجدت في بيته ببغداد ولندن وفرة من اللوحات مكومة بعضها فوق بعض من أرضية غرف البيت حتى سقفها تحتاج إلى كثرة من المعارض كي تتوفر رؤيتها للآخرين من الفنانين والنقاد. كذلك نجد (صمته) خارج البيت علامة من علامات إصغائه لكلام (الآخر) مادحا له أو ناقدا لأعماله، ارتبط مع عدد من أصدقائه في المحلة والمدرسة حتى نشأ من (الصمت) في سلوكه وأعماقه نوع من التحدي والتمرد، كأنما أصبح منذ طفولته كيانا مستقلا، يريد دائما ضمان استقلاليته في اتخاذ القرار. كان والده بالضد من هوايته الأولى (الرسم) لكن (الابن) ضاعف قدرته الإبداعية بالرسم سرا، في (ليل البيت ) وفي (خارج البيت) في إعلانات الصحف. التحدي دفعه، أيضا، منذ الطفولة إلى نوع بدائي من الاستقلال المالي عن والده، فراح متوجها بالتغلب على حاجته المالية لشراء مواد وقرطاسية الرسم، بابتداع وسائل كفيلة بتحقيق غاياته. نجح في ذلك حين أوجدت طفولة التحدي والمغامرة والمشاكسة واقعا حيا، وعمليا، وجادا.
اما المعماري خالد السلطاني فقال عنه : نعرف بان “رمزي” (وهو اسم الفنان الثاني الذي غلب اسمه الاول، وبه يُعرف ويناديه، تحبباً، جميع اصدقائه ومعارفه)، يمتلك ارشيفا مهما ونادرا للقطات صوّرت العراق ابان نصف قرن تقريبا من تاريخه، بدأت من نهاية الاربعينات وحتى التسعينات، وهي لقطات نادرة لامكنة تغيرت معالمها ولرجال عاشوا وعملوا على اثراء منتج المشهد الثقافي بارض مابين النهرين، انها في الاخير لقطات ذاكرة العراق التى لا تنسى، والتى “إجتهد” غير قليلين في تغييبها واقصائها، لكنها ستظل، وبفضل جهد كثر، بضمنهم عدسة فنه المميز عصية على المحو والنسيان. ولئن كان البعض الان كما في السابق، لم يقدّر ولا يعير اهمية لطبيعة الثروة المعرفية التى تمثلها تلك الصور للعراق ولتاريخه.. ولمستقبله ايضاً، فان ذلك يدخل في باب الجهل والتجهيل الذي ابتلى به البلد على مدى عقود كثيره. وسيأتي يوم، عاجلا ام آجلا، يقرّ به العراقيون، ولا سيما الباحثيين والمصوريين على وجه التحديد، بالدينّ الذي “لرمزي” عليهم.
كما قال عنه الفنان والناقد الفوتوغرافي فؤاد شاكر: ناظم رمزي يشكل حلقة من أهم الحلقات في فن الفوتوغراف حيث عمل رمزي على حياة الإنسان والمهن حاملا كاميراته إلى الهم الإنساني الكبير وصور أغلب مفردات الحياة العراقية من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق وحقق في هذا الجرد التصويري صورا رائعة عن حياة الإنسان.
ليس لنا في الاخير سوى القول : ليرحمك الله ايها الرجل الكبير والفنان المبدع، ولتخلد روحك الى السلام