من قبل مصطفى رعدون وحسين محمد على منشور من ٨ ديسمبر ٢٠١٧.
صندوق الدنيا
كنت في التاسعة من العمر ، عندما نزل من الطريق الترابي امام اطلال المسرح الروماني (القصر ) ، رجل كهل يحمل صندوقا مزخرفا على ظهره ، وله قشاطات يتجند بها ليتمكن من حمل الصندوق بسهولة ، وهو ينادي باعلى صوته بلحن عذب وصوت شجي :(تعا تفرج يا سلام ،،،على عجايب الزمان ،،،،تعا تفرج تعا شوف ،،، تعا تفرج عالمكشوف ،،،،هيي سعدا الزناتي ،،، وهادا دياب بن غانم ،،،،تعا تفرج يا حباب ،، عالى حكايات الاحباب ،، تاعا تفرج عالى الهمس عالى الحلوة عبلة عبس وعالى عنتر بن شداد ،، وهوي كاسر باب الحبس ،،،،،دسست يدي في جيب شالحي ابو زنار للخلف ، وجيب وحيد ، فلم اجد فرنكا اتفرج به على عجايبا غرايبا ، واحترت برهة فقد اشتريت بفرنكي منذ قليل نوكة من ام الستة من عند الدكنجي عبد المجيد النعسان ، واكلتها كلها ، وكانت خرجيتي في اليوم فرنكا واحدا ، ماذا اعمل ? لم اتردد ،واسرعت الى شد جمام القش الذي نسجته امي منذ فترة من تحت الصندوق ، وكانت ارغفة الخبز ملفوفة بميزر كبير ، وسحبت منها رغيفا كبيرا ،وانا استرق النظر :هل رآني أحد ، واسرعت خلف حامل الصندوق ، حتى لحقت به عند دار بيت خطاب ، واعطيته الرغيف وطلبت الفرجة على الصندوق ، فما كان منه الا ان فرش حمالته ام اربع ارجل المطوية ، وثبت عليها الصندوق ،واشارلي ان اضع وجهي على احدى الدوائر ، وكان قد وصل ولدان آخران ، وضع كل منا وجهه على طاقةمن طوق الصندوق ، وبدأ هو بتدوير منويل في يده ، لتتقلب الصور علينا اشكال الوان ،بوجوه جميلة ، والوان خلابة ، وبدأ يكرر اهزوجته في المناداة ،تعا تفرج يا سلام ،،،، على عجايب الزمان ،،،،تعا اتفرج يا حباب ،،،،الخ ، كان لديه كيس يحمله معه ليضع به الخبز الذي يجمعه من اجور المتفرجين الذين ليس لديهم مصاري مثلي ،وكان يوزع ابتسامته يمنة ويسرةعلينا ، وتفرجنا بشغف لا مثيل له ، برهة من الوقت ، حتى اقفل الصور علينا وهو يقول: خلص فرنكك يا حباب ،،،،، وعدت بخطئ وئيدة الى البيت وانا استرجع في مخيلتي الصور الجميلة التي رأيتها ، وحكيت لاخوتي عن تفاصيلها ، وقد لاقت اعجابي أيما إعجاب ، كانت فرحتي كبيرة فقد تفرجت برغيف تنور على صندوق الدنيا .
-مصطفى رعدون-
الجمعة/8/12/2017/–
