………………………………………………………………………..
لماذا يريدون لسورية الدمار؟!
2015-12-10
د. علي القيّم
……………………
لماذا يريدون تدمير سورية؟!.. لماذا شعبها يقتل ويهجّر؟!… هل لأن تاريخها مثوى النجوم، وموئل الحضارات والعلوم؟! هل لأن أرضها أنبتت أول المساكن والعلاقات الإنسانية، وأول قصيدة حب؟! هل لأن شعبها أنتج أول حبّة قمح، وأقدم أبجدية.. هل لأنها قدّمت للبشرية أول نوطة موسيقية، وأول مدرسة لتعليم الموسيقا، وأول قرية في تاريخ البشرية… هل لأن سيدنا إبراهيم، قال على أرضها أن الإله ليس إلهاً للطبيعة أو السماء، بل هو إله أخلاقي، والعدل والاستقامة أساسيان بالنسبة له.. هل لأن أرضها كانت موطن الديانة المسيحية، ومنطلق الفتح الإسلامي إلى أقاصي المعمورة… هل لأن حكاية تطور البشرية تبدأ من سورية.
لماذا هذه الأفعال الهمجية؟! هل لأن أهلها خرجوا منذ العصر الحجري الوسيط من المغاور والملاجئ إلى السهول ووديان الأنهار، وقاموا بعمليات الاستقرار والبناء، ومارسوا الفنون والمعتقدات الأولى، وجسّدوا أول وحدة حضارية للمشرق القديم.. هل لأنهم صنعوا الفخّار، ونقلوا البشر من حياة الصيد والالتقاط إلى ممارسة الزراعة وتدجين الحيوانات، وحوّلوا الإنسان من مستهلك سلبي لثروات الطبيعة، إلى منتج إيجابي لتلك الثروات… هل لأن شعبها صنع الأدوات الأولى، وطوَّر الفنون، واستخدم لأول مرة الدولاب البطيء ثم السريع، وأحدث ابتكارات لا تحصى في مجالات الصناعة والتجارة والعمران والكتابات والقوانين والمدارس قبل أي منطقة في العالم..
لماذا هذا الحقد اللئيم؟! هل لأن شعبها الأبي الكريم، كان وما زال منذ القدم، يحمل في كيانه طبيعة إنسانية، كليّة تقرّب بينه وبين أخيه، مهما اختلفت أفكاره ومعتقداته وآراؤه الجانبية.. هل لأن الفعل الحضاري على أرض سورية، كان عبر التاريخ، يؤكد أن العقد أقوى من أي سلاح، منذ أن فكّر إنسانها في صناعة وتطوير الفأس اليدوية، من حجر الصوّان إلى صناعة الفخّار، وإقامة المنزل الدائري وتطويره إلى المنزل المستطيل، إلى تشكُّل نواة القرى والمدن الأولى، ووضع الأسس الأولى لبناء الحضارة الإنسانية في منطلقها الأول الذي يمكن الإنسان من القيام بالفعل الحضاري والثقافي الخلاق، وكان في فعله هذا حريصاً على إجراء مصالحة بين التقنية والثقافة، بتغليب القيم على التقنيات.. هل لأن الإنجاز الحضاري للإنسان السوري، عبر التاريخ، كانت القيم فيه فاعلة وقوية وكليّة.. هل لأن هذا الفعل كان تأثيره قوياً وفاعلاً على حضارات وفنون العالم أجمع.. منذ البداية فهم الإنسان السوري، أن هناك فسحة بين حياة الطبيعة، وحياة الحضارة، وهذه الفسحة تملؤها القيم، وبهذه القيم النبيلة، تمكّن الإنسان السوري من صنع فردوسه الأرضي على أساس من معرفة الحقيقة التي تمهّد الطريق.. طريق البشرية، أمام تحقيق الخير، وإبداع الجمال.
لماذا هذه الكراهية لسورية؟! هل لأن شعبها عرف عبر التاريخ، كيف يمجّد العقل، الذي يقوده إلى الحلم وسعة الصدر وحسن الثقة، وضبط النفس وحب الناس، والابتعاد عن فعل الشر.. هل لأن أدبيات شعبها تطالب دائماً بمجالسة العقلاء، أعداء كانوا أم أصدقاء، فالعقل يقع على العقل، والعقل يقود إلى العلم والحلم والأمل والتسامح والمحبة والإخاء.
نقول لمن يحاول تدمير سورية مدفوعاً بهجمة بربرية لا حدود لها.. هناك دائماً تحد واستجابة، وسورية عبر تاريخها العريق، تعرضت سابقاً لهجمات بربرية عديدة، وكانت دائماً تعرف جيداً كيف تصدّ وتبعد عنها الهجمات والتحديات.. لقد كان فعل إنسانها يخلق قواعد حضارية أقوى بكثير من التحدي، يحول الحزن إلى فرح، والخراب إلى بناء، واليأس إلى آمال واعدة، والأحلام إلى حقيقة لا أحلى ولا أجمل..